الشخصية البارزة من أهم مواصفاتها أنها شخصية لا تطيق الاعتدال ولا تحب الوسطية ولا تميل إلى لغة الحوار والتفاهم مع الطرف الآخرولو كان ذلك تقريبا لوجهات النظر,وكلما كان الإنسان ضعيفا كلما كان منطقيا يحاول تقريب وجهات النظر بينه وبين الطرف الآخر ,وكلما كان الإنسان قويا كلما كان مغرورا بتصرفاته وغير معتدل على الإطلاق لأنها تشعرُ بأنها مرغوبة من قِبلِ كل الناس وقد أفردتُ قبل ذلك مقالا تحدثتُ فيه عن شخصية محمد الجميلة ذات الوجه الجميل وتحدثت عن صفات تلك الشخصية من حيث الوفاء والالتزام وعدم كل ذلك في الشخصية ذات المظهر الجميل لأن العرض والطلب يزدادان بقوة على الشخصية الجميلة أو ذات الوجه الجميل واليوم سنتحدث عن مفهوم آخر لا يقل روعة وجمالا عن تلك الشخصية ألا وهي الشخصية البارزة في محمد(ص).
لا أحد يعرف بالضبط لماذا مثلا كانت تصرفات محمد(صلعم) مخالفة لتعاليمه التي كان يعلمها لرفاقه أو لصحابته إن صح التعبير,فهو مثلا سن لنفسه ما لم يسنه لغيره وخصوصاً في الزواج حيث لم يقف عند عددٍ معينٍ من النساء وإنما الموت هو الذي حدد له كم يتزوج من النساء ولو عاش أكثر لتزوج أكثر ,ولكن هل تعرفوا ما هي الأسباب التي جعلته يتصرف بهذا التصرف؟.
السبب هو الشخصية البارزة المشهورة والناجحة فكلما ازدادت الشخصية بروزا كلما ازدادت مغالاة في تصرفاتها فالشخصية البارزة من أهم الأشياء التي تُميزها عن غيرها هو أنها لا تعرف الاعتدال أو الوسطية أو العقلانية,وأغلب المشاهير في العالم والشخصيات البارزة والاعتبارية جدا تصرفاتهم جميعاً غير منطقية وغرورهم ليس له حدود وطموحاتهم تبقى من غير حدود ويحاولون جعل أوهامهم حقيقة ويستغلون سذاجة الناس وبساطتهم وقدراتهم العقلية المحدودة وهذا الشيء قد أثر على سلوك محمد(ص) تأثيرا واضحاً فكلما كان محمد يزدادُ نجاحا كلما كان يزداد في تصرفاته تطرفا وغلواً بعيدا بحيث نستطيع أن نقول عنه بأنه شخصية متطرفة في كل شيء في الجنس وفي القتل وفي غير ذلك حتى أنه أمر ابنه بالتبني بأن يطلق زوجته ليتزوجها وهذا السلوك لا تقف وراءه شخصية طبيعية عادية فلو كانت شخصية محمد غير بارزة لَما تصرف ولَما سلك هذا السلوك الذي نعتبره نحن بعرفنا سلوكا متطرفاً والذي يقف خلف هذا التطرف هو الشخصية البارزة والناجحة التي لا تعرف كللا ولا مللا ولا حدودا ولا وسطية وهذا مثل الدولة القوية التي لا تعرف الوسطية بل العنجهية والتمرد على الاتفاقيات ومعاملة نفسها معاملة خاصة,وجميع المشاهير في العالم تكاد أن تكون شخصيتهم من هذا النوع مع الغرور والانتفاخ في الشخصية وكثرة التهور وشدة التطرف, فالشخصية البارزة المشهورة والناجحة تقع دائما ضحية لنجاحها بحيث تغدو الشخصية مُغرراً بها تغريرا كبيرا ومن ثم هي التي تُغرر بنفسها أكثر فتقع فريسة لنجاحها.
ومحمد من الملاحظ على شخصيته في بداية حياته أنها كانت شخصية معتدلة في كل شيء وأولها الحالة الجنسية فقد كان مكتفيا بزوجة واحدة وهي خديجة أم المؤمنين ويقال من أن هذه الشخصية كانت متنصرة أي أن محمدا كان في بداية حياته متنصرا يدين بدين النصرانية,وإن لم يكن محمد(صلعم) لا يدين بدين النصرانية فإنني حسب قراءاتي بعلم النفس الكثيرة حول الشخصية وبناء الشخصية فإنني من هذا المنطلق أعتقد بأن محمدا كان في بداية حياته معتدلا في سلوكه متواضعا محبا للناس وللحرية الدينية وكان متزناً جدا وكان في المجتمع الذي يعيش به إنسانا طبيعيا مثله مثل كل الناس المحيطين به من كل جانب ومن كل النواح والذي جعل منه فجأة شخصية بارزة هو نجاحه في دعوته وإخضاع كل العالم المحيط به ومن حوله من قبائل كان ذلك يمثل بالنسبة له ولرفاقه نجاحا باهرا مما يؤثر على الشخصية ويجعلها تنطلق من المستوى رقم واحد إلى المستوى رقم عشرة وهكذا دواليك حيث كان كل نجاح يحققه يجعل منه شخصية ناجحة وبارزة في المجتمع لذلك من الملاحظ تاريخيا حسب دراستي المتواصلة للسيرة النبوية بأن محمدا كان نجاحه في كل عام يقوده إلى إن يرى نفسه وأن يُغرَّ هو شخصيا بنفسه كقولنا اليوم لأي شخص أنت مغرور بنفسك وهذا الغرور بالنفس هو الذي يقود الشخصية إلى الجحيم وإلى التمرد على ماضيه والانتقام لنفسه بأن يشبع غرورها ومبتغاها لذلك كلما تقدم محمدا شبرا واحدا للأمام كلما ازداد تطرفا في سلوكه العام والخاص وخصوصا في شرعنة النظام الإسلامي ككل وفي عدد النساء اللائي تزوج بهن وهو على قيد الحياة,حتى غدا في الآونة الأخيرة شخصية غريبة عن الناس والمجتمع وجعلته شخصيته يشعرُ بالاغتراب الفكري والعاطفي ويعيش منعزلا انعزالا فكريا ويرى نفسه شخصا مثل السوبر مان لذلك وصف نفسه بأنه خير رجل على الأرض وقاده حماسه الديني إلى أن يرى نفسه بأنه أول من يفتح أبواب الجنة وبأن دينه خاتما للرسالات النبوية وعدّ نفسه رجلا ليس قبله رجل وليس بعده رجل ولم تخلق أنثى رجلا مثله أي أنه أصبح أسطورة واقعية,وكل ما تقرءونه عن محمد وتعتبرونه غريبا وغير منطقي إنما مرده إلى الشخصية البارزة وعليكم أن تلاحظوا ملاحظة مدهشة وهي أن تلك التصرفات المغالى به جدا إنما صدرت عنه في السنين الأخيرة من حياته بحيث أصبح شخصية بارزة وكل تصرفاته المنطقية كانت قبل أن يصبح شخصية بارزة,وما أقوله ليس تلفيقا ولا اتهاما ولكن يبقى قولي وجهت نظر حول الشخصية البارزة.
وكان موت محمد منجاة له من التطرف أكثر في سلوكه ولو عاش وشهد فتوحات عسكرية في حياته لازداد تطرفا في سلوكه ولكن موته كان بالنسبة له أكثر فائدة للإسلام من حياته وهذا اجتهادي حول تلك الشخصية البارزة ولكي تقتنعوا بكلامي أكثر ادرسوا كافة الشخصيات البارزة التي جاءت بعد محمد وحتى التي جاءت قبله وادرسوا جميعا سلوكيات الشخصيات البارزة في هذا العصر ولاحظوا معي كيف أن الشخصية كلما أصبحت بارزة كلما أصبحت متطرفة ولا تقبل لا الوسطية ولا الاعتدال في تصرفاتها وترى نفسها بأنها سوبر وبأنها تستحق أكثر من الذي هي عليه وكلما نجح الإنسان أكثر في حياته وكلما برزت شخصيته أكثر كلما ازداد غلوا ومغالاة وغرورا وتطرفا.
إن للشخصية المعتدلة مزايا كثيرة منها الاستقامة في السلوك وعدم الخروج على تعاليم وعادات وأعراف المجتمع الذي تعيش فيه لذلك كان محمدا في بداية دعوته مستقيما نوعا ما ولا يتعارض مع المجتمع المكي في كثيرٍ من المعتقدات والعادات وكان يرى أن الدين حرية شخصية(لكم دينكم ولي دين) ولكنه بعد ذلك أصبح يهدد ويقتل كل من يعترض طريقه والسبب في ذلك أن شخصيته انطلقت من مستوى الشخصية المعتدلة إلى مستوى الشخصية البارزة فأخذته تلك الشخصية بعيدا جدا إلى عوالم غير واقعية أبداً فأصبحت غير مستقيمة وتقتل كل من يعترض طريقها وهذا هو الغرور بحد ذاته,ومثلا شخصية المتنبي هي شخصية فيها كثير من المبالغة حتى هو شخصيا كان مبالغا جدا في رؤيته لنفسه لذلك نستطيع أن نقول عن هذه الشخصية بأنها شخصية متطرفة جدا وغير مستقيمة ولا تعرف ميزة من مزايا الاعتدال وكذلك معظم المشاهير حيث سلوكيات الشخصية البارزة تنطلق أولا من الإرادة ولا تنطلق من منطلقات منطقية.
فمحمد (ص) كانت كل تصرفاته في السنين الأخيرة من حياته تنطلق من دوافع إرادته وليس من دوافع منطقية أو عقلانية فإرادته كانت تُحتم عليه أن يُلبي رغباته وخصوصا إشباعها ولم يكن يهمه إن كان ذلك منطقيا أم غير منطقي,ولاحظوا معي كل الشخصيات البارزة على مدار التاريخ لها نفس المعنى ونفس السلوك,ومن المعروف عن الشخصية التي تصبح بارزة بأن أول شيء تكسبه هو عدوان المقربين منها لأنها تتعالى عليهم وتتطرف في السلوك فتصبح شخصية غريبة عن أرض الواقع تتصرف بما تمليه عليها إرادتها القوية من تخيلات ذهنية أو ذُهانية فتصبح عُصابية.