شاهنده عبد الحميد مقلد أمرأة مصرية شجاعة

شاهنده عبد الحميد مقلد

شاهنده عبد الحميد مقلد

شاهنده عبد الحميد مقلد

أمرأة مصرية شجاعة ومفعمة بحب مصر ومتميزة في الحنان والرقة

اعداد عادل حبه

المناضلة شاهندة عبد الحميد مقلد.. سيدة ذات خصوصيات فريدة. ولدت في عام 1938 في قرية كمشيش من أب ضابط وطني. اختارت منذ نصف قرن مناصرة فقراء الفلاحين ضد قوي الظلم والفساد والقمع، حيث تروي شاهندة قائلة” لن انسي ابدا ما كتبه أبي في الاوتوجراف الخاص بي، إذ قال …ابنتي العزيزة. اتقي الله في كل كبيرة وصغيرة. لا تفعلي سرا ما تخشينه علنا ودافعي عن رأيك حتى الموت…. قائم مقام عبد الحميد مقلد”.
كان والد شاهنده القائم قام عبد الحميد مقلد ضابطا وطني الاعتقاد وفدي الانتماء. وكانت الأسرة ذات ثراء يكفي لكي نصفها بأنها من أغنياء الفلاحين. فجدها لأبيها هو الشيخ علي مقلد عمدة كمشيش. وجدها لأمها البكباشي محمد خالد الضابط في سلاح الحدود. الأم متعلمة، والأب القائم قام مثقف على عادة ضباط هذا الزمان، يقرأ كثيرا ويتحدث في السياسة دون خوف. ولا يخفي الأب احترامه لحزب الوفد وسياساته، وهو عاشق للموسيقي وعازف ممتاز علي العود. وبسبب “وفديته” تعرض للمطاردة على الدوام في فترات ابتعاد الوفد عن الحكم. وهكذا تعين على الضابط الوفدي أن ينقل من مكان سيئ إلي مكان أسوأ مصطحبا معه زوجته وابناءه الستة بين أسوان – منفلوط-اسيوط- الفيوم – قنا – دير مواس- طلخا وبلدات أخرى وصل عددها إلي أربع عشرة. وقامت حكومة الوفد بنقل الضابط العاشق للوفد كمأمور لمركز سمنود مسقط رأس النحاس باشا.
حصلت شاهنده علي شهادة المدرسة الاعدادية، ولكنها لم تكمل الدراسة. توفي الأب وهي في سن السادسة عشر عاما. وبعد وفاة والدها فقدت الزهو بأنها «بنت البيه المأمور». وعندما الغي النحاس باشا معاهدة 1936، شاركت في المظاهرات بحماس . وكانت تلاحظ أنه عندما تندلع اية مظاهرة يقوم والدها “البيه المأمور” برفع سماعة التليفون لكي لا يتلقى اية اوامر بفضها. ويتفتح إدراك شاهنده ويزداد وعيها أثناء حرب فلسطين عام 1948 (ولدت في عام 1938). وعندما قامت ثورة 23، تحرر الأب بعض الشيء من قيود الوظيفة ووجه برقية إلي محمد نجيب يقول فيها «مادام الدستور رائدكم، وصالح الأمة مقصدكم فإلى الإمام والله يرعاكم. بكباشي عبد الحميد مقلد….مأمور مركز سمنود». وعندما خاضت الثورة معركة الإصلاح الزراعي، كان الأب أول من ايدها من ضباط البوليس، فنقل مأموراً لمركز طلخا حيث تهيمن عليه أعتى الأسر الاقطاعية (البدراوي باشا وسراج الدين باشا). ويظل الضابط الثائر على علاقة بكمشيش فهي بلدته، لكنها ايضا بلدة أسرة كبار الاقطاعيين من عائلة الفقي. واستنادا إلي علاقة الفقي بأنور السادات، فقد استطاعت الاستيلاء على مساحات كبيرة من الأرض من الإصلاح الزراعي عبر عقود بيع وهمية ومزورة. وبدأت المعارك بين الفلاحين المتمسكين بالأرض وعائلة الفقي، وكان «البيه المأمور» مع الفلاحين ووصل الأمر إلى إنه كان يهرب لهم السلاح في سيارته الحكومية لكي يردوا علي ترويع عائلة الفقي لهم. وفي أحيان كثيرة كان يستخدم شاهندة في تهريب الذخيرة والسلاح. وكالعادة لجأ الاقطاعيون إلى السادات الذي رتب نقل المأمور إلي بني سويف وفي محاولة لتبرير النقل منحوه ترقية.
ونعود إلي شاهنده وهي تلميذة في ثالثة اعدادي بمدرسة شبين الكوم. ففي هذه المدرسة التقت بمدرّسة يسارية هي «أبله وداد متري»، وهي مدرّسة يسارية تفيض حماساً وحيوية. شاهنده أحبت أبله وداد ، لكن همسات من زميلاتها تقول إن «أبله وداد شيوعية»، مما جعلت شاهنده تتعلق بها وتطاردها لتعرف ماهية الشيوعية. أبله وداد اعطتها كتاب “أصل العائلة”، لكنها لم تفهم حرفا من الكتاب المعقد، فأعطتها كتاباً آخراً أكثر تعقيدا. ولاحظ صلاح إبن عمتها ذلك فاعطاها كتاب الاقتصاد السياسي من تأليف ليونيتيف. واستطاعت أن تقرأ وتفهم. وهكذا أقتربت شاهنده من ابن عمتها صلاح حسين. تقول شاهنده في حديث لها مع أحد المراسلين” إن أول ما قرأت هو كتاب الصراع بين الصين وروسيا، وقرأت كتب حول الاشتراكية، كما قرأت كل الكتب اللي موجودة في السوق في الفترة دي…قرأت كتاب رأس المال لماركس وقرأت كتاب ما العمل للينين وقرأت كل الكتب دي، لكن كان أمامي حاجة واحدة إنها تبقى مرتبطة بالدين اللي هو أنا به، الدين الإسلامي..مش لازم كلمة شيوعي متدين، أنا مسلمة ولكن بأؤمن بالتغيير وأؤمن بالمعرفة”.
أما العمة، والدة صلاح، فلها حكاية تناقلتها الأسرة جيلا بعد جيل. فقد سافرت إلى القاهرة مع بعض الكبار لشراء جهازها وفساتينها استعداداً للزواج. وكانت القاهرة تغلي بثورة 1919. وجدت العمة اناساً يجمعون تبرعات لتمويل رحلة سعد زغلول والوفد المصري المرافق له لحضور مؤتمر الصلح. وتبرعت بكل ما لديها من نقود وعادت دون أن تشتري جهاز العرس. وكان صلاح كأمه يفيض حماسا وثورية، سافر إلى فلسطين عام 1948 ليحارب الصهيونية. ثم سافر إلى القنال عام 1951 ليحارب الانجليز. وفي عام 1956 شكل كتيبة من فلاحي كمشيش ليواجهوا العدوان الثلاثي. وعاش مع الفلاحين ليدافع عنهم ولينشر الوعي بحقوقهم في صفوفهم. تعلقت شاهنده بصلاح وكان يكبرها بعشر سنوات، وتزوجته رغم أنف الجميع. وبفضل «أبله وداد» اصبح صلاح وشاهندة ماركسيين على الطريقة الكمشيشية، اي يعيشان مع فلاحي كمشيش ويناضلان معهم يوما بعد يوم. والتهب النضال الفلاحي ضد عائلة الفقي ودوي الرصاص وسقط قتلى ثلاثة بلطجية استأجرتهم عائلة الفقي. ومرة أخرى يظهر السادات ويقرر اعتقال 27 فلاحا وأن ينفي صلاح والفقي إلى الاسكندرية. ولم تلتزم عائلة الفقي الصمت. فبعد shahinda6سلسلة من المعارك سقط زوجها صلاح حسين مضرجاً بدمائه بعد أن تم اغتياله سياسيا في 30 نيسان 1966

في بلدة كمشيش. ويشعل استشهاده معركة تصفية الاقطاع. أما شاهنده فقد جعلت من كمشيش رمزاً للنضال الفلاحي. وتحول يوم اغتيال صلاح عيداً سنوياً يؤكد تواصل النضال الفلاحي. وهكذا مضت شاهنده لتجعل من ذكرى استشهاد زوجها صلاح عيد اليساريين، حيث تتمتلئ كمشيش بزائرين من شعراء ومسرحيين وموسيقى وأغاني وندوات. وفي خطاب لعبد الناصر في عيد أول مايو عام 1967 أشار إلى أن:”صلاح حسين استشهد بعد 14 سنة من الثورة …. وده معناه أن لسه فيه رجعية”. ويعلو صوت شاهنده ليجتذب الكثيرين. وتقرر لجنة تصفية الاقطاع استعادة الأرض المهربة وفرضت الحراسة على أملاك عائلة الفقي وتم القبض على كبارها. ووزعت الأرض على الفلاحين وصودر قصر الفقي وأصبح قصرا للثقافة ومركز اعلاميا. كما سلّمت شاهنده مفاتيح بيتها إلى لجنة من الفلاحين ليستخدمه الفلاحون متى شاءوا واسموه بيت الشعب. وتمتد سيرة كمشيش عابرة للقارات. ففي عام 1966 زار جون بول سارتر مصر، وطلب زيارة كمشيش وذهل من وعي الفلاحين. وصرح سارتر وهو يغادر مصر قائلا :” اغادركم وقد تأثرت بفلاحي كمشيش وعمال مصنع كيما”.
شهيد فلاحى كمشيش يحتفل بذكراه كل سنة. ويتحدث عنه أحد الفلاحين” صلاح حسين الشيوعى المناضل،عاد من حرب 1948 وهو مؤمن بان الحرب مع العدو و مقاومة الاستعمار لا تكفى فحسب لانتزاع الحرية والعدالة، لانه لابد من مواجهة إتباعهم فى الداخل. ولابد من حرب على الجبهتين “. هكذا تحدث عبد المجيد الخولى احد فلاحى كمشيش – والذى كان شاهد shahinda5عيان على نضال صلاح حسين فى كمشيش حيث استطاع

صلاح حسين ككادر شيوعى في تنظيم الفلاحين لاسترداد أرضهم ورد الظلم ومقاومة استعباد عائلة الفقى الذى مارسوا القهر والاستبداد ضد الفلاحين. وكانت رفيقة الدرب شاهنده مقلد تعمل يداً مع الفلاحين لتنظيم أنفسهم حتى أنهم بادروا إلى التسلح لمقاومة جبروت عائلة الفقى وللدفاع عن أنفسهم فى ظل سلطة تخلت عنهم حتى فى ظل العهد الناصرى.

وعلى إثر نكسة حزيران عام 1967، شكلت شاهنده كتيبة من 50 من فلاحي كمشيش، وسافرت معهم إلى بورسعيد. وبعد رحيل عبد الناصر جاء السادات، وقرر الانتقام من كمشيش، وحوصرت القرية وهُدم النصب التذكاري لصلاح حسين، وصدر قرار من وزير الداخلية بإبعاد 20 شخصا، منهم ثلاث نساء وعلى رأس الجميع شاهنده، إلى خارج القرية. ويبقي المبعدون مشتتين لمدة خمس سنوات حتى صدر حكم من محكمة القضاء الإداري بعدم دستورية قرار النفي. وفي عام 1975 وعقب المظاهرات الشهيرة اعتقلت شاهنده، ويتوالى الاعتقال ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة هربت شاهنده. وكرد على هروبها تم اعتقال ابنها الأكبر ناجي، ولكنها واصلت نضالها وهي هاربة.

شاهنده في وسط الفلاحين ومع معاناتهم

شاهنده في وسط الفلاحين ومع معاناتهم

ومع تأسيس حزب التجمع شاركت شاهنده في نشاطه ومعها فلاحو كمشيش . وتصبح شاهنده أول أمينة للحزب في المنوفية. وواصلت شاهنده معارك الفلاحين في صفوف

اتحاد الفلاحين ومعاركها في صفوف حزب التجمع. وعملت كمرشح في الحملات البرلمانية. ولا تزال تمارس نضالها الدؤوب من أجل حقوق الفلاحين وحقوق الفئات الشعبية الأخرى. وصدر ضدها أخيرا حكم بتغريمها 10 آلاف جنيه في دعوى السب والقذف المقامة من عائلة الفقي الذين وصفتهم بالاقطاعيين في كتابها «من أوراق شاهنده مقلد». إلا أنها قررت عقب صدور الحكم كتابة الجزء الثاني لتطلق عليه من «أوراق كمشيش» ليصدر موثقا وقاطع الدلالة في عرض تاريخ تلك القرية التي واجهت الاقطاع، مؤكدة أن كل إنسان له موقف وتقول: منذ بداية حياتي أخترت طريقي.
ورغم تجاوزها العقد السابع من عمرها، إلا أن شاهنده مازالت على صمودها وصلابتها في مواقفها. فكلما زادت عليها المحن، ازدادت قوة وكبرياء حتى إنها واجهت بصمود وقوة خبر مقتل نجلها «وسيم» في روسيا في السنوات الأخيرة ، تماماً كما واجهت من قبل استشهاد زوجها المناضل السياسي صلاح حسين بكل صلابة وقوة. هذه الجريمة التي لم توضخ التحقيقات الجنائية في روسيا دوافعها حتي الآن.. إنها امرأة مصرية من معدن خاص، مازالت ترفض الظلم بكل أشكاله. ولأنها لا تحب الرياء، فعندما عرضت عليها محافظة المنوفية اطلاق اسمها على قرية كمشيش التي واجهت الاقطاع وسيطرة الأغنياء على الفقراء من الفلاحين والاساءة لهم، رفضت لأنها ترى أن كمشيش بلد النضال والحرية، وأنها أولى باسمها الذي يحفظه تاريخها النضالي في مواجهة الاقطاع. حصلت شاهنده مقلد والفلاحون علي 4 مقاعد من أصل عشرة في الاتحاد القومي لتوزع

المغدور وسيم صلاح الدين وأمه شاهنده

المغدور وسيم صلاح الدين وأمه شاهنده

الأرض

التي صادرتها الدولة من الاقطاعيين على الفلاحين والتي وزعوها من قبل على 199 منتفعا ليهربوا من مصادرة الدولة لها وفقا لقانون الإصلاح الزراعي لتناضل من داخل كمشيش من خلال فضحها لممارسات الاقطاع إلى أن فرضت الحراسة على أموالهم.
وعلى طريقة المصريين، راح أهل الفن والأدب يتغنون بشاهنده ومآثرها، حيث غنى لها الشاعر زين العابدين فؤاد ليصور قصة كمشيش ، قصة صراع الفلاحين مع الإقطاع… قصة صراع من يسلب مع من استلبت أرضه ، انها قصة مقاومة فلاحي وفلاحات كمشيش ضد اقطاعين تصوروا أنهم يمتلكون الأرض ومن عليها !.. وهى ذاتها القصص التي كنا نسمع عنها في تعذيب وجلد الفلاحين وسلب أرضهم.
“كمشيش بتنفض من ترابها الموت
الدم ناشع، م الجدور، للصوت
الأرض أرض الفلاحين ولا حد قد الفلاحين “
إنها الحكايات نفسها التى عادت مرة اخرى فى قرى مصر وبمعاونة السلطة التنفيذية ممثلة فى شرطة تنفيذ الأحكام وقانونيا فى إصدار قانون الإصلاح الزراعي الجديد فى عام 1992 والذي تم تطبيقه فى عام 1996 ومازال – يطبق فى قرى عديدة التهبت بتوترات واحتجاجات فلاحية رأينا فيها سلب الاراضى من الفلاحين. لقد عادت ذات القصص مرة اخرى الى الواقع فلم تعد ذكريات نسمعها من الإباء والأجداد حول ظلم الإقطاع عادت قرى كمشيش وبهوت وسراندو مرشاق وغيرها من القرى فى بر مصر .
مازالت شاهنده ورغم تقدم السن مشرقة وملئ عينيها الامل. ” شاهنده مقلد ” لم تنكسر، ومازالت كما كانت منذ الستينات والى يومنا من اجمل نساء مصر وأكثرهم نقاء وتفانى فى حب مصر – مصر الفلاحين الغلابة مصر العمال -. ولهذا قال عنها فواد نجم:
“النيل عطشان يا صبايا للحب والحنين والشط لا ناي ولا نسمة ولا نور ولا عود ياسمين.. يا شاهنده وخبرينا يا أم الصوت الحزين.. يا أم العيون جناين يرمح فيها الهجين.. إيش لون سجن القناطر وإيش لون السجانين… وإيش لون الصحبة معاكي نوار البساتين.. كل المحابيس يا بهية وعيونك زنازين… وغيطانك الوسيعة ضاقت على الفلاحين”.
إن شاهنده مقلد التي تحولت إلى قصيدة فى شعر أحمد فؤاد نجم ونجمة فى قلوب فلاحي كمشيش، استمرت فى النضال بعد اغتيال زوجها وترشحت أكثر من مرة للانتخابات فى عقر دار الرئيس الراحل أنو السادات وسُجنت مرات عديدة حين كانت أبواب السجون مشرَّعة لمَن يطالب بحقه أو بزرعه وبتراب الأرض. وكانت شاهنده مقلد رفضت أن تنزع عنها ثيابها السوداء حداداً على زوجها ولكنها نزعتها فقط حين وصلها خبر اغتيال السادات وكانت آنذاك وراء قضبان السجن.
ورغم كل ما عانوه فلاحي كمشيش – مازالوا على المبدأ صامدين – يحتفلون كل عام بذكرى استشهاد صلاح حسين وتكون الذكرى يوما لتجمع فلاحين من شتى المواقع ليس

شاهنده ما زالت تقاوم تكميم الأفواه في محيط الاتحادية بتاريخ 7/12/2012

شاهنده ما زالت تقاوم تكميم الأفواه في محيط الاتحادية بتاريخ 7/12/2012

لتخليد ذكرى صلاح حسين فحسب ولكن للنقاش حول قضاياهم وهمومهم – محاولين ابداع السبل لصد هجمات الإقطاع الذى عاد بمساندة الدولة من جديد. ومازلت شاهندة مقلد

تعانى وتكابد من قضايا ترفع ضدها وضد فلاحين آخرين لا لشىء سوى دفع ثمن نضالها ضد الإقطاع فى كمشيش وفى مواقع أخرى هى وآخرين من فلاحى كمشيش وغيرها من المواقع ، سواء كانوا فلاحين او ناشطين من اليسار او المجتمع المدني وفى مختلف الإشكال الجبهوية سواء كانت لجنة الدفاع عن منتفعى الاصلاح الزراعى او جبهة النضال الفلاحى او مركز ومنظمات حقوقية وسياسية مهتمة بقضايا الفلاح المصرى.

شاهنده مقلد مع سلام وياسمين عادل حبه في دمشق في منتصف الثمانينيات

شاهنده مقلد مع سلام وياسمين عادل حبه في دمشق في منتصف الثمانينيات

لقد ألتقينا بهذه السيدة الفاضلة عند زيارتها دمشق في الثمانينيات، وكان برفقتها الفنان

فؤاد التهامي. حديثها معنا كان بسيطاً في عباراته، ولكنه ينفذ بسرعة إلى شغاف القلب. فهمها هو نفس هم الشيوعيين والديمقراطيين العراقيين الذين فرضت عليهم “جمهورية الخوف” الهجرة . ولذا كان التواصل معها في الفكر والوجدان سلساً وبدون عقبات. كانت تفيض بالحماس والأمل، وتستمع باعجاب وتعاطف إلى قصص العراقيين الرهيبة ومعاناتهم من قبل ديكتاتورهم. إن ذكرى تلك السويعات مع “ماما شاهنده” مازالت كشريط سينمائي في ذاكرتنا. لها العزم والقوة وتحقيق إرادتها خدمة لشعب أرض الكنانة ولفلاحي مصر.
2/6 /2014

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.