شاديا – دلوعة السينما المصرية

شاديا أو كما كانوا وما زالوا يسمونها (دلوعة السينما المصرية) ,أو كما غلب عليها لقب عنوان فيلم لها مع عبد الحليم حافظ (معبودة الجماهير),,أو لنرجع ونقول شاديا , وهو الاسم الفني لها, أما أسمها الحقيقي (فاطمة شاكر), يوم جنازتها عندما خرجت من المسجد ودعها أغلب المشيعين والمشيعات بأسم فاطمة قائلين(مع السلامه يا حجه فاطمه) ولدت في حي الحلمية بالقاهرة سنة 1934م , أمها تركية أما والدها كان مهندسا زراعيا مصريا,وكان مهتما بالفن كمستمع وذويق , واستغرب كيف غيرت اسمها من فاطمة إلى شاديا طالما أنها من عائلة محبة للفن وقد سبقتها إليه شقيقتها…الخ, أو من الممكن أن يكون سبب تغيير الاسم هو الهروب من نظرة المجتمع في ذلك الوقت للفن وللمغنين, فنحن العرب نستمتع بالنظر للفنانات ولكننا لا نحب أن يدخل بناتنا عالم الفن, عالم الطرب والرقص والغناء, يعني كما يقول المثل (إفيه ونفسي فيه) , فمراكزنا الاجتماعية مهددة بسوء السمعة إذا ما دخلت نساءنا عالم الفن والذي لا يختلف بنظرهم عن عالم الدعارة بل هو الدعارة نفسها, لذلك كانت الفنانات تغير من أسمائهن لتجنب العائلة نظرة المجتمع الدونية لهن, ومن الممكن أن التغييرمن فاطمة إلى شاديا بسبب أن طبيعة الاسم الأصلي لها ليس فنيا بل يغلب عليه الطابع الديني والبلدي والذي منه, أكثر من الطابع الفني ولهذا تم تغيير أسمها إلى شاديا ليتناسب مع الوسط الفني يومَ ما دخلت بهذا الوسط, وحين خرجت من الوسط الفني اكتشفت شاديا أن اسمها لا يناسبها مع تاريخه المشوب فعادت إلى أسم فاطمة ليناسب وسطها الجديد أو لنقل وسطها الأصلي الذي ولدت به, كانت تنتصر مرة لشاديا الفنانة ومرة لفاطمة أو الحجة فاطمة, وهذا هو المؤكد من خلال ما ذكرناه سابقا عن سبب التغيير, عاشت نصف عمرها باسم شاديا والنصف الآخر باسم الحجة فاطمة.
أول فيلم أسندَ لها به دور البطولة كان مع الراحل محمد فوزي الملحن والمغني المعروف سنة 1947, وكان اسم الفيلم(العقل في إجازة) وكانت بجد ممثلة استثنائية,ثم بعد الخمسينيات التقت مع كمال الشناوي ومثلت معه 25 فيلما حتى أنها اشتهرت معه بهذه الأدوار الثنائية مثل الثنائي(توم وجيري),فكانت الناس لا تستطيع في ذلك الوقت أن تشاهد شاديا على شاشة السينما دون أن يكون معها عماد حمدي, وكان آخر عمل سينمائي لها هو (لا تسني من أنا) سنة 1984.
كانت امرأة استثنائية في كل شيء ما عدا الحب والزواج وهذه اعتقد متلازمة مثل متلازمة أستوكهولم تلازم أغلبية الفنانين والمشاهير والنجوم , لم تكن محظوظة بنظري عاطفيا فقد أحبت بصباها وهي بسن ال19 عام ضابطا مصريا من الكلية الحربية توفى في حرب ال 48 قبل أن يتزوجا وبعد إعلان خطبتهما, مما تسبب لها بنكسة وصدمة عاطفية قبل أن تبدأ مشوارها الطويل مع الفن, وهذا قبل معرفتها ب عماد حمدي الذي كان يكبرها بربع قرن تقريبا, الفنان الشهير, وزواجهما واشتراكهما سنة 1953 بفيلم ( أقوى من الحب) شكل ثنائيا رهيبا واستثنائيا, وعلى عادة الفنانين والمشاهير حيث لا يدوم بينهما الحب والعشرة والصداقة إلا في أعمالهما الفنية أما على أرض الواقع فأغلبية المشاهير فاشلون اجتماعيا ولا يدوم الزواج بينهما, فكلهم عن زواجهما وحبهما حدث ولا حرج عن كذا مرة ومرة تزوج هذا الفنان وهذه الفنانة, فأغلبهم لا تحصى عدد زيجاتهم وقصص غرامهم, وأسباب الفشل اغلبها يعود لفارق السن والغيرة والشك كما حدث مع شاديا وعماد حمدي حيث مع غيرة الرجل الشرقي الكبيرة لم يدم زواجهما لأكثر من 3 سنوات, وقصة حب فاشلة, وهذه صدمة أخرى أثرت في حياتها , وزواجها من صلاح ذو الفقار ومن ثم طلاقها , وقصة حب فاشلة بينها وبين فريد الاطرش.
من المستحيل ا يراها أي مصري له علاقة بالسياسة الا ويتذكر أغنيتها (يا حبيبتي يا مصر), غنت للهزيمة وغنت للنصر وغنت للحرب وغنت للسلم وأخيرا اختارت حياة دينية لكي تستطيع النوم فقد عانت كثيرا من هذه الظاهرة.
غنت بعد إصابتها بالاكتئاب الداخلي المنشأ أغنية ( خذ ب إيدي) وهي دينية, وكل المهتمين بالوسط الفني من داخله وخارجه لاحظوا علامات الاكتئاب عليها من خلال أغانيها الأخيرة ثم فجأة مثل قالب ثلج تحت أشعة الشمس اختفت شاديا من على الشاشة الصغيرة والكبيرة, حتى من المجلات الفنية ورحم الله الإمام الشعراوي ويسامحه ربه على عمايله في الفنانين, يعني هل كل انسان متدين ويصلي ويصوم يجب عليه أن يقطع صلته بالفن؟ لماذا هذا الدين يعادي الفن؟ أعتقد أن اعتزال الفنانات من المحتمل جدا بسبب إصرار متنفذين بأجهزة الدولة على استغلال الفنانات وابتزازهن جنسيا-والله أعلم- كان الشعراوي لا يجالس واحدا منهم إلا ويقنعه بترك الفن, حيث التقى به كثير من الفنانين واعتزلوا الفن بعد لقائه ومنهم من عاد وتراجع عن قراره بل اغلبهم تراجعوا عن قرار الاعتزال إلا شاديا كان قرارها جامدا من هنا نصرخ ونقول: يجب فصل الدين عن الفن كما نطالب بفصله عن السياسة , حاول سعد الدين وهبه الضغط عليها للعودة من خلال مهرجان يتم فيه تكريمها إلا أنها رفضت.
أبدعت شاديا في المسرح بامتياز رغم أنها لم تظهر على المسرح إلا مرة واحدة من خلال مسرحيتها الشهيرة(ريا وسكينه-1982)وفاجأة الناس في تلك الفترة إذ كيف بهذه المرأة أن تبدع غناء وتمثيلا ومن ثم على المسرح الكوميدي!!!, لن ننسى أغانيها ( قولوا لعين الشمس ما تحماشي-مخاصمني بقاله مده-وحياة عينيك وفداها عنيه-يا سلام على حبي وحبك- زينه والله زينه-ما اقدرش ما حبكش وحياتك ما اقدرش. آه يا اسمراني
شاديا المطربة وشاديا البنت الشقية وشاديا التائبة وشاديا صاحبة اغنية : يا حبيبتي يا مصر, وشاديا المسرحية,وشاديا المثيرة, كانت متميزة. ومن اروع أهل زمانها.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.