نظم: رُوبِينْ دَارِيُّو*
ترجمة: الدكتور لحسن الكيري**
اَلْأَمِيرَةُ فِي حُزْنٍ… مَا الَّذِي أَصَابَ الْأَمِيرَةَ؟
الزَّفَرَاتُ تَنْفَلِتُ مِنْ فَمِهَا وَ كَأَنَّهَا أَسِيرَةٌ،
لَقَدْ فَقَدَتِ البَسْمَةَ، لَقَدْ اسْتَحَالَ لَوْنُهَا.
اَلأَمِيرَةُ شَاحِبَةٌ فِي مَقْعَدِهَا الذَّهَبِي،
مَلْمَسُ آلَتِهَا الوَتَرِيَّةِ الرَّنَّانُ أَبْكَمُ
وَ فِي كُوبٍ، تَذْبُلُ زَهْرَةٌ طَوَاهَا النِّسْيَانُ.
***
أُبَّهَةُ الطَّوَاوِيسِ تُعَمِّرُ الْحَدِيقَةَ
اَلسَّيِّدَةُ ثَرْثَارَةٌ، تَقُولُ أَشْيَاءَ تَافِهَةً،
وَ بِلِبَاسِهِ الْأَحْمَرِ يَسْتَدِيرُ الْمُهَرِّجُ عَلَى قَدَمٍ وَاحِدَةٍ.
اَلْأَمِيرَةُ لَا تَضْحَكُ، اَلْأَمِيرَةُ لَا تَشْعُرُ،
اَلْأَمِيرَةُ تُطَارِدُ فِي سَمَاءِ الشَّرْقِ
طَائِرَ السُّنُونُو الْجَوَّالَ فِي وَهْمٍ مُبْهَمٍ.
***
لَعَلَّهَا تُفَكِّرُ فِي أَمِيرِ جُولْكُونْدَا أَوِ الصِّينِ،
أَوْ فِي ذَاكَ الَّذِي أَوْقَفَ عَرَبَتَهَا الْأَرْجَنْتِينِيَّةَ
كَيْ يَرَى فِي عَيْنَيْهَا عُذُوبَةَ النُّورِ؟
أَوْ فِي مَلِكِ الْجُزُرِ ذَاتِ الْأَزْهَارِ الْفَوَّاحَةِ،
أَوْ فِي مَنْ هُوَ سَيِّدُ الْمَاسِ الْوَضَّاحِ،
أَوْ فِي سَيِّدِ لَآلِئِ هُرْمُزَ الْمُخْتَالِ؟
***
أَيْ! اَلْأَمِيرَةُ الْمِسْكِينَةُ ذَاتُ الْفَمِ الزَّهْرِيِّ،
تُرِيدُ أَنْ تَصِيرَ طَائِرَ سُنُونُو، تُرِيدُ أَنْ تَصِيرَ فَرَاشَةً،
كَيْ تَمْلِكَ جَنَاحَيْنِ رَشِيقَيْنِ لِلطَّيَرَانِ تَحْتَ السَّمَاءِ.
تُرِيدُ أَنْ تَرْتَقِي إِلَى الشَّمْسِ عَبْر سُلَّمٍ بَرَّاقٍ مِنْ شُعَاعٍ،
تُرِيدُ أَنْ تُلْقِي التَّحِيَّةَ عَلَى الزَّنَابِقِ بِأَبْيَاتِ مَايُو الشِّعْرِيَّةِ،
أَوْ تُرِيدُ أَنْ تَتِيهَ فِي الرِّيَاحِ فَوْقَ رَعْدِ الْبَحْرِ.
***
لَمْ تَعُدْ تُرِيدُ الْقَصْرَ قَطُّ، وَ لَا حَجَرَ الْفِضَّةِ،
وَ لَا الصَّقْرَ الْمَسْحُورَ، وَ لَا الْمُهَرِّجَ الْقِرْمِزِيَّ اللَّوْنِ،
وَ لَا طُيُورَ الْبَجَعِ الْمُتَنَاسِقَةَ فِي الْبُحَيْرَةِ اللَّازَوَرْدِيَّةِ.
لَقَدْ حَزِنَتِ الْأَزْهَارُ عَلَى زَهْرَةِ الْقَصْرِ،
يَاسَمِينُ الشَّرْقِ، نِلُومْبُو الشَّمَالِ،
أَضَالِيَا الْغَرْبِ وَ وُرُودُ الجَنُوبِ.
****
مِسْكِينَةٌ هِيَ الْأَمِيرَةُ ذَاتُ الْعَيْنَيْنِ الزَّرْقَاوَيْنِ،
إِنَّهَا أَسِيرَةٌ دَاخِلَ ذَهَبِهَا، أَسِيرَةٌ فِي أَثْوَابِهَا الْخَيْزُرَانِيَّةِ،
دَاخِلَ قَفَصٍ رُخَامِي، بِالْقَصْرِ الْمَلَكِي؛
قَصْرٌ فَخْمٌ يَحْرُسُهُ حُرَّاسٌ،
يَحْرُسُهُ مِئَةُ رَجُلٍ أَسْوَدَ بِطَبَرَاتِهِمِ الْمِئَةِ،
وَ سُلُوقِيُّ لَا يَنَامُ وَ تِنِّينٌ عِمْلَاقٌ.
***
آهٍ، مَنْ كَانَتْ هِيبْسِبِّيلَا الَّتِي غَادَرَتْ كْرِيسَالِيدَا!
(اَلْأَمِيرَةُ فِي حُزْنٍ، اَلْأَمِيرَةُ شَاحِبَةُ اللَّوْنِ)،
يَا لَهَا مِنْ نَظْرَةٍ مُوَشَّاةٍ بِالذَّهَبِ وَ الْوَرْدِ وَ الْعَاجِ!
مَنْ سَيَطِيرُ إِلَى أَرْضٍ حَيْثُ يُوجَدُ أَمِيرٌ،
– اَلْأَمِيرَةُ شَاحِبَةُ اللَّوْنِ، اَلْأَمِيرَةُ فِي حُزْنٍ -،
أَكْثَرُ إِشْرَاقًا مِنَ الْفَجْرِ، وَ أَجْمَلُ مِنْ أَبْرِيلَ!
***
-“اُصْمُتِي، اُصْمُتِي، تَقُولُ الْجِنِّيَّةُ الْعَرَّابَةُ-؛
عَلَى فَرَسِهِ الْمُجَنَّحِ سَيَسِيرُ إِلَى هَا هُنَا،
وَ فِي حِزَامِهُ السَّيْفُ، وَ فِي يَدِهِ الْبَازُ،
ذَلِكَ الْفَارِسُ السَّعِيدُ الَّذِي يَعْشَقُكِ دُونَ أَنْ يَرَاكِ،
وَ الَّذِي يَصِلُ مِنْ بَعِيدٍ، هَازِمًا لِلْمَوْتِ،
مِنْ أَجْلِ أَنْ يُشْعِلَ شَفَتَيْكِ بِقُبْلَةِ حُبٍّ”.
*القصيدة في الأصل الإسباني:
Sonatina
La princesa esta triste… ¿Qué tendrá la princesa?
Los suspiros se escapan de su boca de fresa,
que ha perdido la risa, que ha perdido el color.
La princesa está pálida en su silla de oro,
está mudo el teclado de su clave sonoro,
y en un vaso, olvidada, se desmaya una flor.
***
El jardín puebla el triunfo de los pavos reales.
Parlanchina, la dueña dice cosas banales,
y vestido de rojo piruetea el bufón.
La princesa no ríe, la princesa no siente;
la princesa persigue por el cielo de Oriente
la libélula vaga de una vaga ilusión.
***
¿Piensa, acaso, en el príncipe de Golconda o de China,
o en el que ha detenido su carroza argentina
para ver de sus ojos la dulzura de luz?
¿O en el rey de las islas de las rosas fragantes,
o en el que es soberano de los claros diamantes,
o en el dueño orgulloso de las perlas de Ormuz?
***
¡Ay!, la pobre princesa de la boca de rosa
quiere ser golondrina, quiere ser mariposa,
tener alas ligeras, bajo el cielo volar;
ir al sol por la escala luminosa de un rayo,
saludar a los lirios con los versos de mayo
o perderse en el viento sobre el trueno del mar.
***
Ya no quiere el palacio, ni la rueca de plata,
ni el halcón encantado, ni el bufón escarlata,
ni los cisnes unánimes en el lago de azur.
Y están tristes las flores por la flor de la corte,
los jazmines de Oriente, los nelumbos del Norte,
de Occidente las dalias y las rosas del Sur.
***
¡Pobrecita princesa de los ojos azules!
Está presa en sus oros, está presa en sus tules,
en la jaula de mármol del palacio real;
el palacio soberbio que vigilan los guardas,
que custodian cien negros con sus cien alabardas,
un lebrel que no duerme y un dragón colosal.
***
¡Oh, quién fuera hipsipila que dejó la crisálida!
(La princesa está triste, la princesa está pálida)
¡Oh visión adorada de oro, rosa y marfil!
¡Quién volara a la tierra donde un príncipe existe,
-la princesa está pálida, la princesa está triste-,
más brillante que el alba, más hermoso que abril!
***
-«Calla, calla, princesa – dice el hada madrina -;
en caballo, con alas, hacia acá se encamina,
en el cinto la espada y en la mano el azor,
el feliz caballero que te adora sin verte,
y que llega de lejos, vencedor de la Muerte,
a encenderte los labios con un beso de amor».
**هو فيليكس روبين غارثيا سارميينطو. ولد في ميطابا بنيكاراغوا، التي تٌسمى الآن مدينة داريو وتقع في إقليم ميتلالبان، في 18 من يناير من عام 1867، وتوفي في ليون في نيكاراغوا كذلك، في 6 من فبراير من عام 1916. وهو شاعر نيكاراغواياني إذن، إذ يعتبر الممثل الرئيسي للتيار الأدبي الحديث في اللغة الإسبانية. ظهر تأثير روبين داريو بقوةٍ في كتابة الشعر الإسباني في القرن العشرين. و يُطلق عليه أمير الأدب الإسباني أو الأب الروحي للشعر الإسباني الحديث. هو الابن الأول للسيد مانويل غارثيا و السيدة روسا سارميينطو، حيث تزوج والداه في مدينة ليون في 26 من أبريل سنة 1866. لكن أدت تصرفات السيد مانويل، الذي كان مولعا بشرب الخمر ومصاحبة النساء، إلى أن تتركه زوجته السيدة روسا وتهجر عش الزوجية و هي حامل بابنهما ولجأت إلى مدينة ميطابا حيث ولد فيلكس روبين هناك. بعد ذلك تم الصلح بينهما واستمر الزواج حتى أنجبت روسا ابنة أخرى من مانويل، وهي كانديدا روسا، لكنها توفت بعد عدة أيام من ولادتها. بدأت علاقتهما تنهار من جديد وهجرت روسا زوجها من جديد لتعيش مع ابنها عند إحدى خالاته وهي برناردا سارميينطو التي تعيش مع زوجها الكولونيل فيلكس راميريث مادريخيل في مدينة ليون. تعرفت روسا، والدة روبين، بعد ذلك على رجلٍ آخر و أقامت معه في مدينة سان ماركوس دي كولون في دولة هندوراس. على الرغم من أن لقب روبين الحقيقي بعد أن تم تعميده هو غارثيا، إلا أن عائلة الأب كانت تُعرف من قبل لأجيال طويله بلقب داريو. و يشرح لنا داريو ذلك بنفسه من خلال سيرته الذاتية حيث يقول: “حسبما سمعت من شيوخ هذه المدينة عن طفولتي، فإن والد جدى كان يُسمى بداريو. و فى كل أنحاء هذه المقاطعة كان يٌطلق عليه السيد داريو و على أولاده وبناته آل داريو. و بالتالى اختفى أي لقب آخر للعائلة، حتى إن والدة جدتي من أبى كان اسمها ريتا داريو، فبالتالي تصبح من العائلة قانونا. و كان أبى تاجرا و يوقع كل تعاملاته التجارية باسم مانويل داريو”. تنتقل طفولة روبين داريو بعد ذلك إلى مدينة ليون، حيث تَربّى هناك على يد خالته برناردا وزوجها فيلكس، حتى اعتبرهما والديه الحقيقيين منذ صغره، و بالفعل كان في بداية حياته يوقع أوراقه المدرسية باسم “فيلكس روبن راميريث”. و قد كان بالكاد يتواصل مع أمه التي تعيش في هندوراس، أو مع أبيه، الذي كان يناديه دائما بالعم مانويل. و نذكر من أهم أعماله: ” أغاني الحياة و الأمل” 1888؛ “نثر دنيوي وقصائد أخرى” 1896؛ “الورود الأندينية 1888؛ ” آلام” 1887؛ “القافلة تمر” 1903 و غيرها كثير كما هو معلوم. توفي هذا الشاعر العملاق سنة 1916 كما سبق و أشرنا إلى ذلك أعلاه.