سيّارة الجيب الأحمر

 لاحظ الزوج أنّ زوجته منذ يومين بدات ” تزوم وتعوم” “وتقلب خلقتها على الفاضي” ..ولم يعرف المسكين لها سببًا ، فما يذكر أنّه أزعلها بشيء أو مسّ شعورها المُرهَف بسوء .
فهشّ وبشّ وحاول أن يعرف السبب الحقيقيّ ، فلا بدَّ من سبب ، فليست فيه المرّة الاولى التي تفعلها ست البيت لتحصِّل شيئًا.
وبعد استدراج قليل فتحت ” المستورة” فاها قائلة :
” أبوها ليس بافضل من أبي ، بل بالعكس فقد كان أبي عنوانًا ورمزًا ، وليست هي بأفضل منّي أو أجمل ، حتّى يشتري لها زوجها جيبًا أحمر جديدًا من الوكالة ، في حين أسوق أنا سيّارة أكل الدهر عليها وشرب منذ خمس سنوات”
أنظر اليها منفوشةً كما ديك الحَبَش ، تمشي على رؤوس أصابعها وكأن الأرض لا تحملها !!!
ويروح المسكين يشرح لها ويُفسّر ويُبرّر : أنّها ليست أفضل منك ولا أجمل ولكنّ الامر مُتعلّق بالميزانيّات والمدخولات والوضع الاقتصاديّ ، فزوج المحروسة راحيل يقبض راتبًا كبيرًا يفوق راتبي وراتبك بكثير ، ناهيك عن المدخولات الأخرى من تأجير المحالّ التجاريّة.
وتُبرطم الزوجة ولا تريد أن تفهم!..تريد جيبًا أحمر أو ليلكيًّا لا يقلّ سعرًا عن جيب راحيل ، بل يَفقه سعرًا وجمالًا وقوّة خيل.
وتنفَضُّ المحاولات والمُحادثات بالقطيعة ، فتترك “المحروسة” البيت الى بيت اهلها………………….. وما زالت هناك.
قد حدثت هذه القصّة على أرض الواقع وقد تحدُث، فالتشبّه بالغير أضحى مرضًا ، ومحاولاتنا ألّا نكون نحن أنفسنا بل نكون الغير والافضل دون النّزول الى أرض الواقع ، يضعنا في مأزق ويضعنا في وضع نستدين به ونتورّط. فالسعادة الحقيقيّة ما كانت مرّة بالسيّارة والجيب والفيلا بقدر ما كانت بالقناعة والمحبّة ومخافة الربّ وقبول وتقبّل الواقع والتعايُش مع الموجود ، ولا بأس أحيانًا من أن نحلم ، على ان يكون الحلم ” على قدّ فراشنا” ، وبمقدورنا ببعض الجِدّ والنشاط ان نُحقّقه.
قديمًا قالت جدّتي : ” من يتسلّق الى أعلى قد يسقط ويكسر عنقه”
دعونا نصعد بقدر طاقتنا ..
دعونا نحلم بقدر امكانياتنا ..
دعونا ان لا نتشبّه إلّا بمن هو قريب منّا ومن أوضاعنا وظروفنا ، وإلا فقد نفرط عقد العائلة ، ونضيع في متاهات الدّيون والقروض السّوداء والعيش النكد.

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.