سيل جارف في أدب الأطفال

سيل جارف في أدب الأطفالblack-white-girls-196x196
زهير دعيم
الى عدّة سنوات خلت, تساءلتُ وتساءل الكثير من المربّين والاهل :ما هذه القلّة في الإنتاج الأدبي للأطفال؟ لماذا كلّ هذه السنوات العجاف الطويلة وعلى مرّ الايام لم يفطن العربي بشكل جدّي بالطفولة ؟ولماذا ظلّ الطفل العربي في الظل لا يلقى اهتمامًا من الأدباء والقصصيين ، في حين راح الغرب يُطرّز القصص والمسرحيات ، ويدبج المقالات العلمية ذات الصلة الوثيقة بالطفولة ، فقد كان الطفل عندهم محورًا والكل يدور حوله. أليس هو الذي سيدير الكون بعد عدّة عقود من الزمن ؟ فلماذا لا نوظّف فيه طاقاتنا وأفكارنا وأموالنا؟!
وصليّنا وتضرّعنا الى الله أن يغيّر ويبدّل من عقلية كُتّابنا ، فيلتفتون ولو قليلا لهذا الملاك البريء ,، الذي احبّه وما زال ، المْ يقل ” دعوا الأطفال يأتون إليّ “.
ولم يطل الوقت فقد منّ الله علينا بوابل ٍ من الكُتّاب والكاتبات الذين اغرقوا “السّوق “
بالقصص وأشباه القصص والحكايات التي لها اوّل ما لها آخر …!!!نعم غرق السوق وراحت كلّ معلّمة لها في التعليم تجربة سنتين في الحضانة، راحت تخطّ قصصًا مقطوعة موصولة، وتدفع بها مجّاناً إلى دارٍ للنشر ، فتخرج بعد ايام الى السوق وقد أضحت صاحبتها كاتبة وأديبة …كذا في يوم وليلة ولد مئات الكاتبات والكُتّاب.
قد تكون الحُلّة جميلة امّا المضمون فحدّث ولا حرج. لا اريد ان اكون قاسيًا، فالأمر لا ينسلخ على الكلّ وان كان ينسلخ على السّواد الاعظم، فقصة الاطفال تحتاج الى إبداع وأي إبداع،وتحتاج الى اهتمام لا يقلّ عن الاهتمام بالكبار، فنفسيّة الاطفال شفّافة رهيفة تتأثر بكلّ غبار او غضن .
نعم امتلأ السوق وعجّ بالعشرات بل بالمئات من الاصدارات ، والاسماء ما هبّ ودبّ، الصغير والكبير والشماليّ والجنوبي وكل الجهات ، الكلّ يُدلي بدلوه ، والكل يطمع الى
لقب كاتب او كاتبة .
لا اتجنّى والربّ يعلم ، ولكنني مُستاء وأكاد انفلق غيظًا. فقد قرأت قصصًا لم تحمل من القصص الا اسمها فلا مضمون ولا هدف ولا رؤيا ولا إثارة….خربشة لا أكثر تخجل جدتي ان تحكيها.
انّي اتحدّى ومستعدّ ان اذكر العشرات!!!
ما ذا دهى دور النشر حتّى باتت تُخرج من فرنها خبزًا من الشعير؟
لقد بات الامر مُقلقًا ، ووجب ان نضع حدّا لهذه الظاهرة المقيتة ، فالقصص الهادفة ضاعت بين مئات القصص السخيفة .
فكّرت مليًّا وجدّيًا ان اترك انا وغيري ممن كتبوا واستحوذوا على القبول والتقدير ، فكرنا ان نترك هذا الميدان لحديدان!!!.
ان السؤال الاكبر هو كيف يجد هؤلاء الطريق الى دور النشر في حين ان الذين يجيدون هذا الفن يقفون على الرصيف؟
اننا يتامى , فلا مؤسسات حكومية تهتم وتلتفت ، وان التفتت قيّدتك بالف قيد وقيد ومجّانا والحجة الميزانيات شحيحة .
لا انكر ان بعض المؤسسات مدّت يد العون ، ولكن هذه اليد كانت وما زالت قصيرة ، بطيئة , مُتثائبة, نعسى.
صرخة أطلقها علّها تطلق من ظلام درجي الكثير من قصص الاطفال الهادفة فتفكّ أسرها وتُريح ضميري.
ويبقى السؤال ,، ما هو الحل ّ هيّا نفكّر …هل هو بلجنة واعية من الادباء تدرس كلّ قصة قبل أن تصل الى دور النشر فتوافق او تمانع أم بأمر آخر يحفظ ماء وجه أدب الأطفال؟!!!.

زهير دعيم (مفكر حر)؟

About زهير دعيم

زهير دعيم زهير عزيز دعيم كاتب وشاعر ، ولد في عبلّين في 1954|224. انهى دراسته الثانويّة في المدرسة البلديّة "أ" في حيفا. يحمل اللقب الاول في التربية واللاهوت ، وحاصل على شهادة الماجستير الفخرية في الأدب العربي من الجامعة التطبيقيّة في ميونيخ الالمانيّة. عمل في سلك التدريس لأكثر من ثلاثة عقود ونصف . حاز على الجائزة الاولى للمسرحيات من المجلس الشعبيّ للآداب والفنون عن مسرحيته " الحطّاب الباسل " سنة 1987 . نشر وينشر القصص والمقالات الاجتماعية والرّوحيّة وقصص الأطفال في الكثير من الصحف المحليّة والعالمية والمواقع الالكترونية.عمل محرّرًا في الكثير من الصحف المحلّية.فازت معظم قصصه للاطفال بالمراكز الاولى في مسيرة الكتاب. صدر له : 1. نغم المحبّة – مجموعة خواطر وقصص – 1978 حيفا 2. كأس وقنديل – مجموعة قصصيّة –1989 حيفا 3. الجسر – مجموعة قصصيّة حيفا 1990 4. هدير الشلال الآتي – شعر 1992 5. الوجه الآخَر للقمر مجموعة قصصيّة 1994 6. موكب الزمن - شعر 2001 7. الحبّ أقوى – قصّة للأطفال 2002 ( مُترجمة للانجليزيّة ) 8. الحطاب الباسل- 2002 9. أمل على الطّريق -شعر الناصرة 2002 10. كيف نجا صوصو – قصة للأطفال (مُترجمة للانجليزيّة ) 11. العطاء أغبط من الأخذ –قصة للأطفال 2005 12. عيد الأمّ –للأطفال 2005 13. الخيار الأفضل – للشبيبة -2006 14. الظلم لن يدوم – للشبيبة 2006 15. الجار ولو جار – للأطفال 16. بابا نويل ومحمود الصّغير – للأطفال 2008 17. الرّاعي الصّالح –للأطفال 2008 18. يوم جديد – للأطفال 2008 19. الفستان الليلكيّ – للأطفال 2009 20. غفران وعاصي – للاطفال 2009 21. غندورة الطيّبة – للأطفال 2010
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.