علي حماده
كم كان مخجلا خطاب وزير الخارجية عدنان منصور امام مجلس جامعة الدول العربية، وهو يدعو الى اعادة النظام في سوريا الى مقعده في الجامعة العربية، فيما كانت صواريخ الـ”سكود” تتهاوى فوق رؤوس السوريين، بمدفعية النظام وطائراته تدكّ حمص ومعظم المدن السورية، والامم المتحدة تعلن رسميا عن بلوغ عدد النازحين السوريين الى خارج بلادهم المليون.
لقد هوجم عدنان منصور، وحسنا فعل من تناولوا كلمته المخجلة. لكن من هاجموه حاذروا انتقاد مرجعيته التي كتبت له الكلمة وامرته بتلاوتها باسم لبنان، في عمل اظهر حقا ان حكومة لبنان هي اصلا حكومة “حزب الله” ونظام بشار الاسد، كما اظهرت ان الفريق الذي ينتمي اليه منصور، وبينه الرئيس نبيه بري، كان وسيبقى جزءا من هذه المرجعية، حليفا لها وتابعا لسياساتها. لقد كان اجدى برئيس الحكومة الذي اصدر بيانا يعلن فيه تمسكه بسياسة “النأي بالنفس” ان يتصدى لمنصور ومن وراءه علنا، بدل ان يستمر في توزيع الابتسامات والمواقف المفرغة من كل مضمون او صدق. وكم كان حريا حتى بقيادات ١٤ آذار ألا تقصر انتقاداتها على منصور و”حزب الله” بل ان تكون اكثر جرأة في التعامل مع رئيس حركة “امل” شاغل رئاسة مجلس النواب، بتسميته أحد اولياء منصور الذي لولاه لما تجرأ على تلاوة خطاب سيئ كالذي تلاه، وربما تبين بعد حين ان النص ارسل اليه جاهزا من عين التينة نفسها.
لا نقول هذا الكلام استهدافا لشخص بعينه. فالانتقاد والموقف السياسي المندد يفترض ان يكونا حقيقيين، والا يخضعا لاعتبارات لم نتبين جدواها بعد. ورأينا ان لا فرق في فريق ٨ آذار بين “حزب الله” وتابعيه ايا كانوا. والرئيس بري ليس استثناء.
اما بعد هذا الاداء “المسخ” في الجامعة العربية، فوحده لبنان هو الخاسر لان عجلة التاريخ العربي لا يوقفها منصور ولا من هم خلفه. فسوريا تكتب بالدم مستقبلها، وتقاتل نظام القتلة والمجرمين، وسوف تنتصر الثورة لا محالة، ولن يوقفها اداء سخيف كأداء وزير الخارجية، ولا مناورات اكثر سخفا كمناورات الثنائي الذي يقف خلفه، ولا حتى المواقف المفرغة كموقف رئيس الحكومة الصوري.
في مطلق الاحوال، وكما سبق لنا ان قلنا، فان معادلة الارض هي التي ستفرض نفسها، وتضحيات الشعب في مواجهة القتلة هي التي ستغير وجه سوريا الغد. وما بدء تسليح المعارضة بموافقة دولية سوى ثمرة التضحيات والنضال والتصميم على قتال حتى تحرير سوريا. وما الاعلان عن منح “الائتلاف المعارض” مقعد سوريا في الجامعة العربية سوى الدليل على ان الارض هي التي فرضت المعادلة في نهاية الامر.
قريباً، وقريبا جدا ستتغير الامور على الارض، فمعركة الربيع الكبرى صارت اقرب من أي وقت مضى، ويقيننا ان بشار لن يكون في دمشق بحلول الصيف.
منقول عن “النهار” اللبنانية