سنترحم على إبن لادن ونقدس البغدادي!

هاني نقشبندي: إيلافhaninaqeshbandi
ندعو في كل صلاة، وقبلها وبعدها، ان تنتصر المعارضة السورية ويقضى على بشار الأسد والنظام. حتى الأطفال علمناهم أن يشربوا الحقد مع الحليب. أنا لست بعثيا، ولا علويا، ولا شيعيا او شيوعيا، بل رجل يفكر بعقله وهو يرى الدمار يحيط به، وأقول إن كان من يستحق أن ندعو عليه في سوريا فليس النظام وحده.
لقد عرفت شخصيا بعضا من اطراف المعارضة، المعتدلة، كما تقول عن نفسها. ولأن من عرفت كانوا أكثر خواءاً من شجرة جافة، فقد علمت انهم لن يقودوا سوريا إلى شيء سوى الدمار. وبعيدا عن تجربتي الشخصية، فقد رأينا من قبل ما فعلت المعارضة في العراق، وفي ليبيا واليمن. لذلك أقول أن من يدعم المعارضة السورية المسلحة يخطئ، ويخطئ كثيرا. أنا لا أحب النظام السوري، أنا لا أحب أي نظام سلطوي، لكني امقت جدا، معارضة لا ترى أبعد من أنفها!
لو كان الشعب السوري بكامله على خلاف مع نظامه، كما يقول الإعلام العربي كله، لسقط هذا النظام منذ اليوم الأول، أو لخوت سوريا من شعبها على يد النظام إن قاوم السقوط. نعم، فر مئات الآلاف من البلاد، لكن ليس بفعل النظام فقط بقدر ما هو فعل المتطرفين، والأهم.. فعل الفقر. فأكثر من هاجر اليوم، ما كان ليتردد في الهجرة حتى قبل ان تبدأ الثورة. ولو فتحت ابواب تلك الهجرة على مصراعيها، لفرغت أكثر الدول العربية من أهلها، لا سوريا وحدها.
تطربنا طبول الحرب أكثر مما تفعل المغاني، لذلك نطلب من الغرب ان يدخل فيضرب ويحطم. لا نفكر سوى بالدمار. جاهلين أننا نسكن في الجوار، ليس بعيدا عن سوريا. نتباكى اليوم على عراق الأمس الذي باركنا الإحتلال الأمريكي له، حتى أكمل تدميره. ثم وكأن شيئا لم يكن، نكرر المآساة ذاتها، فنطلب من الغرب ان يضرب سوريا. لكن الغرب كان أكثر حكمة من الرعونة الأمريكية. لا أقول أكثر اخلاقا بل أكثر حكمه. لأنه خائف على نفسه لا علينا. خائف على المنظومة العالمية ان تختل فينجرف العالم الى الهاوية. نحن لا نخاف من الهاوية، ولا نخاف حتى من السماء فيما نفعل بأنفسنا وغيرنا.
في سوريا اليوم، كل الأيادي ملطخة بالدماء. المعارضة والنظام. إن كان النظام السوري هو الخصم، فلماذا نجلس مع من ليس هو خصم لنا؟ نحن نتحدث مع موسكو لتتحدث هي مع دمشق، وطهران. ونستمع الى وعود وترهات من المعارضة ثم لا نلبث أن نقصف ونُقصف. مفاوضاتنا مع عدونا لا تعني أنه منتصر. فهو مثخن بالجراح، كما هو نحن. في حروب اليوم الضعيف قوي والقوي ضعيف. ولن يكون الجميع على قدر المساواة إلا على طاولة مفاوضات. إن فشلت علينا ان نعيد الكرة. إن فشلت مرة ثانية، علينا ان نعيد الكرة، إن فشلت مرة ثالثة، علينا أن نعيد ألف كرة. في لحظة ما، سنلتقي، ونتفق.
في السياسة، أخطر ما يمكن أن يحدث هو فراغ السلطة. لأن الفوضى ستعم. ومع الفوضى يظهر كل سوء. الفوضى السياسية خلقت القاعدة في أفغانستان. الفوضى السياسية خلقت داعش في العراق. وأخشى إن سقط النظام في سوريا، ان تخلق الفوضى من بعده تنظيما يجلعنا ندعو للبغدادي بالرحمة على المنابر، ونقيم التماثيل لإبن لادن في ساحاتنا العامة!

nakshabandih@hotmail.com

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.