“سرايا المقاومة” لترهيب اللبنانيين…

nasrollah_لم يكتف “حزب الله” بإنشاء جيشه الخاص على حساب الجيش اللبناني الوطني، بل إنه بعد خسائره الكبيرة في سوريا يهم بتطوير ما يسمى “سرايا المقاومة” بالعبث في النسيج اللبناني المتنوّع ومحاولة استقطابه بالتلويح بفزاعة “داعش” وما يسمى “تكفيريين”. وإذا كانت ميليشيا الحزب الاساسية التي تستحوذ على سلاح غير شرعي لحماية الدولة داخل الدولة وتأمين تنفيذ وظيفته الخارجية كالتورّط في حرب سوريا قد جوّفت الدولة من مضمونها، ولا سيما أنها استخدمت في اللعبة السياسية الداخلية، فإن مباشرة “حزب الله” تنفيذ برنامج للتمدد الى الطوائف اللبنانية الأخرى، وخصوصاً المسيحيين والدروز، يمثل نقطة اللارجوع لإنهاء ما تبقى من كيان لبناني موحد، ويدفع بالشريحتين اللبنانيتين الى اختبار انقسامات خطيرة قد تصل الى حد الاحتراب الداخلي مجدداً. فاللعب على وتر ما يسمى تحالف الأقليات في مواجهة السنة في البلد سيعمّق الانقسام المسيحي، ويدفع بالواقع الدرزي الى منحنيات وجودية دقيقة، إذا ما تمكن “حزب الله” من تحقيق اختراق في جدار وليد جنبلاط “الممانع” حتى اللحظة، لمعرفته أن دفع الطائفة الى صدام مفتعل مع السنّة في لبنان وسوريا من شأنه تقويض وجود الطائفة برمتها. إن “حزب الله” يمارس سياسة شديدة الخطورة على التركيبة اللبنانية، ويعمل بلا كلل على تعميق الانقسامات بين اللبنانيين، وينخر في جسم الدولة من دون توقف، فيما نرى قيادات ضحلة هنا وهناك تنساق خلف حفنة من المال، وبعض النفوذ السطحي في دولة لم يعد لها وجود إلا في كتب التربية المدنية.

إن القادة المسيحيين الذين يعملون ضمن مشروع تجنيد شباب ريفي في ما يسمى “سرايا المقاومة”، يسهمون في ضرب الوجود المسيحي في المشرق العربي المبني على فكرة أن المسيحي جزء من النسيج العربي بمختلف فئاته، وليس طرفاً في صدام سني – شيعي نراه يتمدد ويا للأسف. أما الدروز فطليعة عربية، تنتهي لحظة استتباعها من هذا الطرف أو ذاك، ويصبح مصيرها على المحك من لبنان الى سوريا.
إن محاولات استقطاب شباب مسيحي ودرزي في إطار “سرايا المقاومة” هي اندفاع من “حزب الله” لوضع اليد على المسيحيين والدروز، واستخدامهم في حروبه الداخلية والخارجية على حد سواء.
نحن لا نخشى على الساحة الدرزية ما دام وليد جنبلاط واقفاً يمنع الانزلاق الخطير. لكننا نخشى على أمنه في لحظة تمثل ذروة محاولة استقطاب الدروز في سوريا ولبنان في حروب “حزب الله” والنظام في سوريا. كما أننا نخشى على الساحة المسيحية في ظل هذه الحالة الاندماجية بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” في لحظة يمكن الجنرال ميشال عون أن يشكل غطاء لتمدد “سرايا المقاومة” في مرحلة جديدة يراد بها ترهيب اللبنانيين.

About علي حماده

كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني النهار اللبنانية
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.