سبت النور و العجائب و الفرح

اليوم يتعظم جداً هذا الذى نزل إلى الجحيم كمن يصطاد الدرر من أعماق البحر.يرنم ترنيمة العبور الجديد.يسمع القابعون في الأسفل صوته فيبتهجون.الشعب الجالس هناك فى ظلمة أبصر نوراً عظيماً فتبع النور حتى وجد نفسه فى بيت النور السمائى.
الأرواح تتهلل لأن وجه الرب لم يحتجب عنهم.ظلوا يناشدونه المجئ لأنه وعدهم و ها هو قد جاء و لم يخذلهم.صار فتي الخلاص بين الآباء يترنم و يكرز ليعلمهم التسبحة الجديدة التى لا يعرفها سوى المكتوب إسمه في سفر الحياة. رأوا أسماءهم مكتوبة على صدره فإصطفوا خلفه لا يعرفون الطريق إلى أرض الأحياء و وجدوا الطريق الذى يقودهم.هذا الذى كان راعياً لغنم أبيه لم ينس أيضاً سكان الأسفل بل نزل إليهم و إقتنصهم.فى الأرض يعمل في القبر يعمل في الجحيم يعمل في الفردوس يعمل و في الملكوت يسكن.
المساكن التى لا يسكنها الفرح جاءها مفرح الأرض كلها و صار في الجحيم أهازيج الخلاص.تغيرت كل مفاهيم الجحيم حين وجد الراقدون روح المسيح تختطفهم إلى عالم الأرواح.لأنه بالجسد خلص الأرضيين و بالروح خلص أرواح الراقدين.
الذين ظهروا في المدينة المقدسة كانوا أول الكارزين بمخلصنا المنتصر على الموت.دخلوا بيوت الناس و تكلموا فصارت أورشليم في حيرة عظيمة بشأن هذا الذى مات و دفن و ختموا قبره و حسبوا أنهم تخلصوا منه.و إذا هو يمر بموكبه المبهر لتودع الأرواح أورشليم الأرضية متجهة صوب أورشليم السمائية هناك يدركون الفرق بين الموت و الحياة.
يوم الفرح و العجائب
الأمور العجيبة تتوالى.فهذا سبت العجائب.حين أبصرت الأرواح كل المتاريس القديمة تتهاوى.كل أختام الجحيم تنحل مثل الشمع.المدينة الحصينة سقطت قدام الجبار.لا أدرى كيف تسجن الأرواح ؟ ما نوع الأسوار التى تحتجز الأرواح؟ ما طبيعة المتاريس التي تغلق عليهم؟ سجن الأرواح يفوق خيال الأرضيين و تحرير الأبرار من ذاك السجن المنيع لا تستطيع الكلمات أن تصفه كيف كان أو كيف صار . لا نعرف ما معنى الظلمة عند الأرواح؟ هل كما ندركها بمفرداتنا البسيطة أنها الحرمان من نور المسيح أم أن للظلمة في الجحيم قساوة أكثر مما يدركه الفكر البسيط؟ شكل الظلمة أكثر من الشكل كما نتخيله؟ هناك كان للظلمة سلطان أيضاً.يقهر الساكنين فيها. للظلمة آلام أيضاً و نحن لا نعرف كيف تتألم الأرواح. للظلمة تصور غير تصورنا.و رغم كل هذا العالم الغامض الذى لا يدرك بمفرادتنا فإنه إلي تلك الظلمة و هذا السجن جاء المقتحم بغير تردد .آخذاً في يده إبليس و جنوده مقيداً إياهم في تلك الظلمة .أشهر بهم ظافراً كما يرفع الملك الغالب رؤوس أعداءه فوق أسنة الرماح. لهذا إستقبله المنتظرين على رجاء القيامة واثقون أنه وحده الغالب الذى جاء يحررهم من هذا السجن و تلك الظلمة.يومها كان يوم الفرح و العجائب.
سبت الملائكة و الأرواح
إنه سبت الملائكة.سبت الأرواح.كل هذا في السبت الذى لم يعرفه الناموسيين أو الفريسيين و الكتبة.سبت التسبيح و الترحيب بالبشر الغائب عن فردوس الله منذ السقوط.عبر موسى البحر الأحمر هناك سبح تسبحته الخالدة و أيضاً عبر البحر الأسود من الظلمة إلى الفردوس .فصارت لكلمات الروح معنى جديد حين سبح موسي قائلا قطعاً إنقطع ماء البحر و العمق العميق صار مسلكاً . و لم يكن هذه المرة العمق في البحر الأحمر بل في العمق العميق أى الجحيم الذى فيه صار المسيح باباً خرج به المأسورين و مسلكاً لأنه الطريق للخلاص هكذا عبر موسى و تعلم تسبحته القديمة بمفهوم سمائي جديد.أبونا إبراهيم رأى بعينيه نسله كرمل البحر كوعد الرب.رأى المسيح بعينيه و آمن أن نسله هذا الذى حوله لا يعد من الكثرة .نزل المسيح إلى البحر العميق و أخرج نسل إبراهيم إلى حضن إبراهيم.الملائكة لا تفارق الموكب.الملائكة بين الجسد في القبر و مع روح المسيح الصاعدة من الجحيم.الموكب مهيب و الحصاد ليس له قياس أو عدد.تتهلل الملائكة .فإذا كانت السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب فكم مقدار فرحها بعودة كل المسبيين من الجحيم؟ لقد كان سبتاً لا يوصف و هو مستمر حتى الآن.لكننا نقف مجدداً عاجزين عن وصف كيف تفرح الأرواح أو ما هى لغة الأرواح مع المسيح الرب و ملائكته. هل كانت كل روح تجد مشاعر الشكر تنساب منها إلى روح المسيح و تسمع منه تطويبها بلغة المسيح .كيف كانت تعبيرات صموئيل و يفتاح و داود و إشعياء و أرميا و سليمان و الأنبياء و كل جبابرة الإيمان عن ما إختزنوه من أشواق للقاء المنتظر.هل قالوا للمسيح كل شيء في لحظة؟ كيف تبادلت الأرواح التهنئة بالنجاة ؟ و كيف تعلمت الصلاة الجديدة لكى تطلب عنا؟ هل إختلفت تسبحة الملائكة لروح المسيح عن تسبحة الأرواح التي تحررت من الجحيم؟ أم توحدت اللغة السمائية؟ هل تتعلم الأرواح لغة السماء وقت إختطافها فلا تحتاج وقتاً أو جهداً لكى تعيش غذاءها الأبدى.إنه يوم عجيب تكثر فيه الأختام لأن أسرار الجحيم و الفردوس و الأرواح لا نعرف عنها الكثير .لهذا نشتاق إلى المسيح مخلص الجميع جسداً و نفساً و روحاً.و نشتاق إلى فردوسه حيث مجتمع الأبرار و المتنعمين.و نترجى أن لا نر الجحيم بظلمته الغامضة المخيفة بل تظل أفكارنا نحو المسيح الجالس في الأعالى .
سبت المصالحة
هذا ليس لقاء الأرواح بالمسيح فحسب بل بأبيه الصالح و الروح القدس.فالأرواح الآن منكشفة للثالوث الأقدس و الثالوث منكشف لها.فهل ركض الآب إليهم و عانقهم؟ كيف كان لقاء الآب مع روح المسيح الإنسانية المتحدة بلاهوته؟ حتماً كانت لغة اللاهوت بأقانيمه تختلف عن لغة جميع الأرواح لأنه رغم حياة المجد التى سننالها يبقي فرقاً بيننا و بين اللاهوت.سنتحد لكن بغير ذوبان في الثالوث .سنتحد في المجد لكن سيظل للكيان الثالوثى مجده الذى لا يعطيه لآخر. لكن لقاء الآب مع روح إبنه كان شبعاً أبدياً لجميع الأرواح.حين إستعلنت قدامهم أسرار الآب و الإبن هذه التي تنبأ الأنبياء عنها دون أن يدركوها و تعلموها دون أن يفهموها و ترجونها دون أن يستوعبونها.ها هم بعين الروح يبصرون أسرار المصالحة.من يجرؤ أن يتكلم عن هذا اللقاء إلا الذين شهدوه فى السماء .الأوائل هناك رأوه و سيعلموه لنا.و سنعيش كأننا رأيناه و نفرح نفس أفراحهم.هكذا نرجو فى المسيح يسوع و هكذا نؤمن و هكذا نحب.
#Oliver_the_writer

About Oliver

كاتب مصري قبطي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.