سَئِمْتُ التَّمَنِي فِي أَحْضَانِ الشِّتَاءِ،
حَيِّثُ تَتَرَاكَمُ الأوْرَاقُ عَلَى جُثَّةِ التَّارِيخِ،
وَتَعْبَثُ فِي الحَقِيقَةِ رِيَاحُ الطُّغَاةِ،
ثُمَّ تُدْفَنُ الهَزِيمَةُ فِي مَقَابِرٍ سَودَاءِ،
حَيثُ تُعْبَدُ الشَّيَاطِينْ،
وَتُغْفَرُ كُلُّ ذُنُوبِ السَّلاَطِينْ،
وَتَتَنَكَّرُ فِي صَمْتٍ،
لِعَبِيدِهَا الزَّرْقَاءْ،
سَئِمْتُ الطُرُقَاتِ الضَيِّقَةِ،
وَسَئِمْتُ فِيهَا الاِنْتِظَارْ،
سَئِمْتُ الشُّرُوقُ الضَّبَابِي،
دُونَ أَنْ يَأْتِي النَهَارْ،
سَئِمْتُ اَصْوَاتَ الرِيَاحِ وَالعَوَاصِفِ،
وَفَشَلٌ، يَتْلُوهُ فَشَلٌ، تَتْلُوهُ نَكْبَةٌ،
ثُمَّ اِنْكِسَارْ..
سَئِمْتُ الدَّمَارْ،
وَسَئِمْتُ الرُّوتِينَ الغَاشِمَ،
وَسَئِمْتُ الاِنْتِظَارْ،
سَئِمْتُ الوقُوفَ عَلَى مَفَارِقِ الطُرُقِ،
والإمْعَانُ فِي أَقَلَّهَا، وَأَصْغَرِهَا،
وَأَفْقَرِهَا بِالأخْطَارْ،
فِي الطُّرُقَاتِ الضَّيقَةِ،
نُعْلِنُ الصَّمْتَ فِي أَنْفُسِنَا،
تَتَكَسْرُ أَجْنِحَةُ الهَوَى فِينَا،
يَنْدَثِرُ الحُبُ،
رُغْمَ أُنُوفِ العَاشِقِينَ،
نَبْحَثُ لِأَنْفُسِنَا عَنْ عُنْوَانْ،
تَضِيقُ بِنَا الأَنْفَاسُ،
لِتُسَجِّلَ.. شَرِيطُ حُزْنٍ،
بِلاَ مُوسِيقَى أُو أَلْوَانْ،
فِي الطُّرُقَاتِ الضَّيقَةِ،
تَكَادُ دُمُوعُنَا أَنْ تَحْترقْ،
تَكَادُ أَنْ تَنْتَحِرُ قَبْلَ الأوَانْ،
نَبْنِي أحْلاَمً لِيسَتْ فِي الوُجُودْ،
نُحَدِّثُ أنْفُسِنَا عَنْ مَعْنَى الظَلاَمْ،
وُتَحْتَضِرُ فِي ذَاكِرَتِنَا،
أَعْوَاماً تَقْتُلُ فِي سِرِّهَا أَعْوَامْ،
حَتَى تَنْغَرِسُ فِي أَعْمَقِنَا شَوكَةً أُخْرَى،
لِنَصْرُخْ فِي كِبْرِيَاءْ، مُرٍّ مَذَاقُهُ،
مُرٍّ مَرَاقُهُ، وُمُرَّةٌ فِهَا الاشْجَانْ،
فِي الطُّرُقَاتِ الضَيِّقَةِ حَيِّثُ تُدْفَنُ الأسْرَارْ،
تَغْضَبُ مِنْ هَمَسَاتِنَا الذِّئَابْ،
يُقَهْقِهُ الأوغَادُ فِي وَجْهِنَا،
وَتَسْخَرُ مِنْ عَذَابَاتِنَا الأقْدَارْ،
سَئِمْتُ الاِنْتِظَارْ..
عَلَى بَوابَةِ الاِنْتِظَارْ،
كُنَّا اطْفَالً نَلْعَبُ فِي الشَّوَارِعِ،
كَبُرْنَا وَرَاحَتْ هِي بِنَا تَلْعَبُ،
وَرَاحَتْ أُمْسِيَاتُنَا، وُعَلاَقَتُنَا،
وَ أَفْكَارُنَا، أَشْيَاءً مُخِيفَةً،
لِنَاظِرِهَا تُرْعِبُ،
أَهُوَ دَيْنٌ يَا تُرَى؟
أَمْ مِنَ الدَيْنِ لَعَمْرِي هُوَ أَصْعَبُ،
خَسِرّتُ كُلُ شِيءٍ،
حَتَى سَئِمْتُ الخَسَارَةْ،
سَئِمْتُ لَونَ المَاءِ وَالنَّظَارَةْ،
وَالطَرِيقُ المُؤدِّيَة فِي كُلِّ الاحْوَالِ،
لِتِلْكَ العِمَارَةْ..
سَئِمْتُ الاِنْتِظَارْ.. فِي مَحَطَّةِ الاِنْتِظَارْ،
وَسَئِمْتُ السُؤالَ كُلَّ يَومٍ،
عَنْ مَعْنَى الرُوحِ بِإصْرَارْ،
وَهَلْ هِيَ طِفْلَةٌ يَتِيمَةٌ عَلَى مَائِدَةِ اللِّئَامِ،
وَطِفْلَةٌ مُبَاحَةٌ فِي سَرِيرِ الفُجَّارْ،
أَمْ هِيَ حُزْنٌ دَائِمُ الآهَاتِ،
وَدَائِمُ الدَّمْعِ، وَدَائِمُ الأشْعَارْ،
أَمْ هِيَ غَابَةٌ مَقْطُوعَةَ الأوصَالِ،
وَمَحْرُوقَةُ الأشْجَارْ،
سَئِمْتُ الاِنْتِظَارْ..
سَئِمْتُ الوقُوفَ عَلَى حَافَةِ المَذَابِحِ،
سَئِمْتُ الجُلُوسَ عَلَى شُعْلَةٍ مِنْ نَارْ،
سَئِمْتُ جَلْسَةَ المَقَاهِي،
وَ سَئِمْتُ السُكْرَ فِي المَلاَهِي،
وَ سَئِمْتُ الذَهَابَ كُلُ يَومٍ،
فِي نَفْسِ المِشْوَارْ،
سَئِمْتُ الاِنْتِظَارْ.. عَلَى أَبْوابِ الجَحِيمْ،
جان برو