تحولت معركة الجمهوريين على الرئاسة في أميركا إلى مأساة ومهزلة. فالمرشح الأقوى لا يزال دونالد ترامب، الذي يطرح شعارات عنصرية غير مقبولة. وهذا ما يؤكد دومًا مزاج الناخب الأميركي المتأثر، مثل الفرنسي وبعض الغربيين الآخرين، بموجة الرعب التي تثيرها «داعش» في كل مكان. وهذا الوضع يترك هيلاري كلينتون الديمقراطية، حتى الآن، المرشحة الأقوى في حزبها وخارجه.
الاثنين الماضي كتب روبرت غيتس وزير الدفاع الأسبق مقالاً، نشرته «الشرق الأوسط»، حول الفراغ الهائل في المعركة الانتخابية. وقال إن أميركا في هذه المرحلة العاصفة في حاجة إلى رئيس مثل فرانكلين روزفلت ورونالد ريغان. الأول قادها في أدق أيام الحرب، والثاني في أحلك أيام التراجع.
جددت أميركا لروزفلت المقعد ثلاث مرات. ولم تستطع أن تكرر ذلك مع ريغان، لكنها اقترعت له مرتين بأكثرية ساحقة. فقد أثبت في حاكمية كاليفورنيا، ثم في ولايته الأولى في البيت الأبيض، أنه يمثل تطلعات الناخب الأميركي، العادي والنخبوي، واستطاع أن يجمع الناس حوله بعد انشقاق طويل. وكان سر ريغان في أنه خاطب الناس بلغتها، وخاطب الدول باللغة التي تفهمها، وخصوصًا الاتحاد السوفياتي. وبالمقارنة معه، يبدو أوباما اليوم رجلاً ضائعًا وبلا قرار. أما مرشحو حزبه فلا يبدون «رجال دولة» في مواجهة القضايا العالمية التي تواجهها واشنطن كعاصمة كبرى.
لا أدري لماذا لم يسمِ الوزير غيتس أيضًا بيل كلينتون بين الرؤساء، أو جورج بوش الأب، أو حتى جون كيندي، لكن لهذا الرجل الذي تبوأ أعلى المسؤوليات العسكرية، أسبابه التاريخية في جعل ريغان إلى جانب روزفلت في القرن الماضي. وفي مذكراته الراقية، كان قد انتقد ميوعة أوباما، وحمّله الكثير من مسؤولية وصول العالم والولايات المتحدة معًا إلى المأزق العالمي الذي نتخبط فيه جميعًا.
لعل سبب الاختيار أن روزفلت وريغان كانا أكثر من عمل بالحكمة والحزم معًا فيما يتعلق بموقع بلادهما. الأول مهَّد لها ربح الحرب العالمية، والثاني ربح الحرب الباردة بصموده. وحتى الآن خسر أوباما جميع الحروب ولم يربح سلامًا واحدًا في أي مكان. ولا ربح معاركه الداخلية مع الكونغرس الذي «دجّنه» ريغان. والبحث اليوم عن رئيس تاريخي آخر يبدو عملية عبثية يتقدمها ترامب على نحو مخجل.
* نقلا عن “الشرق الأوسط”