بعد مناورات امتدت من شرق مضيق هرمز حتى الأجزاء الجنوبية من خليج عدن، تستعد إيران لاستئناف «المفاوضات الممددة» مع الغرب في 15 من الشهر الحالي. وكعادته في ممارسة التغطية عن النيات والأهداف تحدث الرئيس حسن روحاني، عما يثلج قلب الغرب وأعصابه، موجها «تهديدا» إلى المتشددين في الداخل بضرورة فك عزلة إيران الدولية وتحرير الاقتصاد من الاحتكار والفساد.
الرئيس الإيراني يعرف، كما يعرف الكثيرون، أن مشاكل إيران الاقتصادية كبيرة ومتأججة، وزاد من حدتها تدهور أسعار النفط. إيران بين معتدلين ومحافظين، يتهمون المملكة العربية السعودية بأنها وراء هذا المخطط، ولم يتردد قادة الحرس الثوري في توجيه هذه الاتهامات للمملكة، خصوصا أن انخفاض سعر النفط تزامن مع تنشيط المخططات الإيرانية، وهي مكلفة جدا إن كان في العراق أو سوريا أو اليمن أو في جزء من لبنان. وفي ظل هذا الغضب الإيراني غير المتحكم به، لم تسلم البحرين من تصريحات أصدرها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مطالبا بإطلاق سراح الشيخ علي سلمان الذي دعا إلى إسقاط النظام هناك.
تريد إيران العودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي من موقع القوة، وأيضا عبر تسويق عبارات الأمل التي يصوغ روحاني إطلاقها، ففي كلمته يوم الأحد الماضي أمام 1500 اقتصادي قال: «يجب أن يكون هناك خيار لتقديم بعض التنازلات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، لأن قيم النظام ليست مرتبطة بأجهزة الطرد المركزي، ولأن الشفافية تجاه المجتمع الدولي ووقف تخصيب غير الضروري من اليورانيوم ليست تنازلات بشأن القيم».
الشفافية تجاه المجتمع الدولي ستكون مسؤولية كبيرة على كاهل روحاني، فهو ليس متأكدا ما إذا كان المعسكر المتشدد سيسمح له بتطبيقها أم لا. هذا المعسكر أكد عدم الرغبة في الانسحاب من المفاوضات، بل وضع اللوم على «انهيار محتمل» في المستقبل للمفاوضات على الغرب، في حين أن الأكثر اعتدالا داخل إيران لاحظ تقدما في المفاوضات وأن اتفاقا محتملا مع الغرب لا يزال في متناول اليد على مدى الأشهر القليلة المقبلة.
حاول روحاني يوم الأحد الماضي الاستنجاد بالشعب الإيراني عندما حذر من أنه في بعض الحالات فإن اللوبي السياسي المحلي «أقوى مما نظن»، وعلى هذا رد عليه مباشرة يوم الاثنين الماضي الجنرال محمد رضا نقدي، قائد ميليشيا «الباسيج»، بأن روحاني «ثوري مزور».
وفي ما يتعلق بالمفاوضات النووية، فإن التصريحات التي يدلي بها المحافظون تعكس رغبة المرشد الأعلى للثورة في إفهام الرأي العام الإيراني بأن محاولات جادة تبذل لتحسين وضع إيران الدولي والاقتصادي من خلال دعم الوفد المفاوض للتوصل إلى اتفاق يلبي الشروط الإيرانية، أو على الأقل لتحقيق الاستفادة القصوى من المحادثات. وعلى هذا الأساس فإن المحافظين سيستمرون بتقييد حدود المناورة للوفد المفاوض بحيث سيصعب عليه تقديم تنازلات إضافية مطلوبة بحلول شهر يوليو (تموز) 2015.
بالنسبة إلى المحافظين فإنهم ينظرون إلى المصلحة الوطنية الإيرانية من حيث الحقوق النووية للبلاد ورفع جميع العقوبات على الفور. هم انتقدوا طريقة سير المفاوضات، واعتبروا تمديدها تمديدا لنظام العقوبات. في المقابل فإن الفريق المعتدل برئاسة روحاني اعتبر التمديد انتصارا وطنيا.
آية الله علي خامنئي قال إنه لم يعارض التمديد للأسباب نفسها التي جعلته لا يرفض «مبدأ المفاوضات». ثم قال في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد الإعلان عن فترة تمديد إضافية، إنه نظرا للسياسة الداخلية الأميركية فإن المسؤولين الأميركيين بحاجة إلى المفاوضات النووية لتسجيل انتصار سياسي.. «لذلك، وعلى عكس الولايات المتحدة، فإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، فلا شيء سيتغير بالنسبة إلى إيران التي تمارس سياسة (الاقتصاد المقاوم)، الذي يبعد الآثار السلبية للعقوبات»!.. أما علي أكبر ولايتي، مستشاره للشؤون الدولية، فقال خلال لقائه مع أعضاء الجمعية الثقافية الكويتية في طهران في اليوم نفسه: «إن إيران لن تتنازل عن حقوقها النووية تحت أي ظرف من الظروف».
وكان روحاني قال الشهر الماضي «إن الوضع الذي تجد إيران نفسها فيه هو انتصار كبير، إذ لا أحد لديه شك في أن العقوبات يجب أن ترفع، وأجهزة الطرد المركزي لن تتوقف عن الدوران، وسوف تستمر عجلات حياة الناس تدور بسلاسة».
غير أن محمد جواد ظريف، وزير الخارجية، كان أكثر جرأة من روحاني عندما قال بعد انتهاء المرحلة السابقة من المفاوضات: «إذا كان من حوار حول البرنامج النووي فإنه سيكون حول مدى ونطاق التخصيب وليس تخصيب اليورانيوم في حد ذاته».
كان يمكن لكل هذا التفاؤل أن يجعل الوفد المفاوض الإيراني يستعد للجولة المقبلة كما في السابق، وما كان روحاني مضطرا لشن هجومه على كل أجنحة فريق المحافظين يوم الأحد الماضي، لو أن الصحافة الأميركية لم تنشر في بداية الشهر الماضي سلسلة من المقالات التي تشير إلى أن إدارة الرئيس أوباما بدأت تعيد ترتيب الأوضاع الإقليمية بحيث تمنح إيران نفوذا أكبر في منطقة الشرق الأوسط. وقد أثار هذا حفيظة قائد البحرية في الحرس الثوري الجنرال علي فضاوي، الذي فاخر في 4 ديسمبر (كانون الأول) الماضي بتراجع القوة الأميركية، وأعلن أنه «في صراع مستقبلي فإن إيران ستوفر الأمن في الخليج، وستكون أميركا في موقف بليد»، وأصر على أن «نفوذ إيران القائم على الطاقة تنامى رغم أن شرور (الشيطان الأكبر) لا تزال على حالها».
زادت حدة الحملات الإيرانية – وزارة الدفاع أصرت في مجموعة من البيانات على أن الأمة الإيرانية لا تزال ترى في الولايات المتحدة العدو رقم واحد للثورة الإسلامية – بعدما نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» تقريرا عن تحركات للبيت الأبيض فيه تلميح إلى أن واشنطن تهدف إلى إقامة «حالة من الانفراج» مع إيران. وكان الجنرال نقدي قال، قبل تلميح البيت الأبيض إلى مرحلة الانفراج مع إيران، إنه على المفاوضين الإيرانيين أن يعرفوا أنهم إذا ما وقّعوا على اتفاقية تلتزم الخطوط الحمراء التي وضعها خامنئي، أو غادروا قاعة المفاوضات من أجل منع الظلم، فإنهم سيكونون مدعومين من الأمة الإيرانية (25 نوفمبر الماضي).
كلمة روحاني يوم الأحد الماضي ستثير الكثير من الشكوك حوله. الجانب الإيراني المحافظ لا يريد أن يظهر أنه «يتعاون» مع الشيطان الأكبر. قالت إيران إنها ستزود العراق بأسلحة، وهذا يعني أن جنرالاتها سيلتقون بالجنرالات الأميركيين في العراق، إن كان للتنسيق أو للتدريب، مع العلم بأنه رغم النفي الأميركي حاليا فإن تنسيقا بين الدولتين قائم لمحاربة «داعش»، كما أنه من أجل إنجاح المفاوضات مع إيران يرفض الرئيس الأميركي التدخل في سوريا، رغم أن الخطر السوري هو الذي انتقل إلى العراق وفتته. الخطة الأميركية الآن استرجاع المناطق العراقية من «داعش» وإعادته إلى سوريا.
«حالة الانفراج» التي تطلع إليها البيت الأبيض قائمة فعلا من الجانب الأميركي، وقد حاول روحاني البناء عليها ليصبح الأقوى بعد خامنئي في إيران. لكن رغم تغيير الاستراتيجية الأميركية حتى الآن تجاه إيران، عبر السماح لها بتعزيز نفوذها في سوريا أو اليمن أو جزء من لبنان أو العراق، فإنه من المستبعد التوصل إلى اتفاق نووي حسب ما يريده الغرب، لأن أسعار النفط مستمرة في الانخفاض، وأي توقيع إيراني سيعتبر انتصارا لمن تتهمهم إيران بأنهم وراء خطة تخفيض الأسعار، ثم إن أوضاع الشرق الأوسط ستبقى متفجرة، والدول التي تسعى إيران لتثبيت نفوذها عليها، كالعراق وسوريا واليمن، رغم مغالاة الكثيرين، انهارت ولن تعود كما عرفناها.
ثم إن المشرعين الأميركيين وصفوا «تنازلات» أوباما لإيران بأنها سوء تقدير استراتيجي، وهؤلاء سينطلقون في عملهم بعد 5 أيام من استئناف المفاوضات بين إيران والغرب.
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
أحدث المقالات
المجزرة الأخيرة
Published by:آدم دانيال هومه** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **
Published by:سرسبيندار السنديكيف تفكك مجتمعا ما وتدمر حاضره ومستقبله؟
Published by:علي الكاشمباحث في اللغة والادب/ 78 وسامة الرجل في التراث
Published by:مفكر حردراسة موجزة عن ديوان (فصائد في قصيدة واحدة) للشاعر والأديب ميخائيل ممو.
Published by:آدم دانيال هومه** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا الإطاحة بالنظام الايراني ... غدت ضرورية غربية ودولية **
Published by:سرسبيندار السنديالحزب الشيوعي لايختلف عن الاحزاب الدينية الفاشية .. الداخل مفقود والخارج مولود
Published by:مفكر حر** كيف بلع نظام الملالي ... الطعم ألإسرائيلي **
Published by:سرسبيندار السندي** كيف يسخر ويضحك صبيان محمد الجدد ... على عقول ألمسلمين **
Published by:سرسبيندار السنديالمسيح في فكر الإسلام والعقيدة المسيحية
Published by:صباح ابراهيممن يوميات إمرأة حلبجية
Published by:مفكر حراسطورة الإسراء والمعراج
Published by:صباح ابراهيمالفيلم الألماني " حمى الأسرة"
Published by:طلال عبدالله الخوري** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
Published by:سرسبيندار السنديفيلم ايطالي عام 1959 عن تدمر والملكة العربية زنوبيا … علامة المصارع
Published by:مفكر حر** أمة الكُورد بين ألإسلام … والتخلف والتعصب والاوهام **
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/10
Published by:علي الكاشأفكار شاردة من هنا وهناك/51
Published by:مفكر حرقراءة متأنية في ديوان (قصائد منزوعة السلاح) للشاعر نينوس نيراري
Published by:آدم دانيال هومه** كيف رتبت أل سي اي ايه … لقاء الصحفي تايكر ببوتين ولماذا ألان **
Published by:سرسبيندار السندي** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
Published by:سرسبيندار السنديالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/8
Published by:علي الكاشأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح( 18-19 )
Published by:حسن محموديأفكار شاردة من هنا وهناك/49
Published by:مفكر حرالانتخاب
Published by:مفكر حر" الاشياء البائسة" Poor Things
Published by:طلال عبدالله الخوريالأدب النسوي ما بين الإبداع والاستغلال
Published by:اسعد عبد الله عبد عليأفكار شاردة من هنا وهناك/48
Published by:مفكر حرالرب يفضح الأنبياء الكذبة
Published by:صباح ابراهيمأخطار تهدد الحياة على الأرض
Published by:صباح ابراهيمكأس عسل
Published by:عصمت شاهين دو سكيسليلة الآلهة
Published by:آدم دانيال هومهأفاعي السوء وباعة الكذب في مهب الريح ( 16, 17)
Published by:حسن محمودي** محنة العقل في الاديان ومعضلة كتبها … بالدليل والبرهان **
Published by:سرسبيندار السندي** لماذا قصف نظام الملالي الارعن … مدينة أربيل ألان **
Published by:سرسبيندار السندياوبنهايمر
Published by:طلال عبدالله الخوري** مَن سيُحاسب قادة حماس … على جرائمهم بحق غزة وأهلها **
Published by:سرسبيندار السندياسرار #الموساد عن #العراق - ج 1
Published by:صباح ابراهيمالمرأة بين الماضي والحاضر مسيرة كفاح وتنمية ونماذج معاصرة
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/4
Published by:علي الكاشالقاسم الأيمانيّ المشترك :
Published by:مفكر حرعام جديد..
Published by:مفكر حر** قصة مِيلادِ السيّد المَسِيحْ … العجيبة والفريدة **
Published by:سرسبيندار السندي#محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
Published by:محمد الماغوطأفكار شاردة من هنا وهناك/43
Published by:مفكر حرمن هو يسوع المسيح ؟ - يسوع المسيح يكشف لنا حقيقة الله-
Published by:مفكر حرالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
Published by:علي الكاشفاطمة الزهراء و غموض تاريخها
Published by:صباح ابراهيم#نزار_قباني: أيها المسيح العظيم هل تقبل دعوتي إلى العشاء .
Published by:نزار قباني** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
Published by:سرسبيندار السنديهل روح الله هو الله ام جبريل ؟
Published by:صباح ابراهيمأُمة فيها العجب
Published by:عصمت شاهين دو سكيتجاعيد وايجار واتهام
Published by:اسعد عبد الله عبد عليتقاسيم على أوتار الريح
Published by:آدم دانيال هومهالنظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/1
Published by:علي الكاشالدعاء على المسيحيّين
Published by:مفكر حرأحدث التعليقات
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on علماء النصارى كانوا يتسمون اسماء اسلامية
- س . السندي on فاطمة الزهراء و غموض تاريخها
- س . السندي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- س . السندي on سورة مريم اقتبست من شعر امية بن ابي الصلت
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- لينا on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on #محمد_الماغوط من الغباء ان ادافع عن وطن لا املك فية بيتنا
- Mohammad Al Kassab on ضحايا صدام حسين 7
- ابن الرافدين on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- قثيم بن سنحريب الفيروزي on ** أيا عُبَّاد الهلال … لنا لكم سؤال **
- مسلم on القرآن زور التوراة والإنجيل
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- قثم بن عبد الات القرشي on هدف حماس من (طوفان الأقصى) وهدف إسرائيل من اعلان حالة الحرب
- طوفان البدروسي on ** لماذا ورطت إيران قادة حماس … بطوفان الاقصى ألان **