رمضانيّات و أولمبياد !

رعد الحافظ

يُصادف اليوم 20 يوليو , الأوّل من رمضان في بعض الدول الإسلاميّة / كلّ عام والجميع بخير وتقدّم وسلام .
بينما الجمعة القادمة 27 يوليو , ستُفتتح دورة الألعاب الاولمبيّة / في لندن .
وسيطغي على المشهد العلم الأولمبي الأبيض , ذو الحلقات الملوّنة المُمثّلة للقارات الخمس , وفكرة السلام والمساواة بين الجميع .
وسيبقى شعار الأولمبياد / أسرع أقوى أبعد , وهو نفسه شعار عروس الألعاب (الساحة والميدان ) , حاضراً بين المتنافسين من كلا الجنسين .
لندن هي المدينة الأولى في العالم التي تستضيف تلك الالعاب للمرّة الثالثة . فقد إستضافتها في الأولى 1908 , والثانية 1948 , والثالثة 2012 .
وهذا في ظنّي شرف تستحقهُ , كونها العاصمة الأهمّ في العالم .
وهي حتماً تُخبّيء للمتابعين ثمّة مفاجئات تعكس روح الإصرار والإبداع للشعب البريطاني .
بينما كان شعار العاملين والمُنظمين لهذهِ الدورة xxx , هو/ الإستدامة وملاعب صديقة للبيئة .
وسوف تسمعون ذلك من المدير الفني لحفل الإفتتاح / داني بويل .
ذلك الحفل المُرتقب الذي سيحمل إسم “جُزر العجائب” وسيّتم خلاله توجيه دعوة للحفاظ على البيئة .
نعم , البيئة والبناء والإنجاز الرياضي والإنساني عموماً ,هو الشغل الشاغل للمنظمين والمشاركين في هذا الحدث العالمي المهم .
الذي يشارك فيه 10 آلاف رياضي , من 250 دولة في العالم .
*****************
رمضان والأولمبياد
رمضان هذا العام ظهر كتهديد حقيقي لإنجازات الرياضيين العرب والمسلمين عموماً . ( على أساس هي دائماً في القمّة ) !
و حسناً فعل مفتي الجمهورية في مصر / علي جُمعة
http://www.aliwaa.com/Article.aspx?ArticleId=129755
فأصدر فتواه للرياضيين بجواز الإفطار خلال الأولمبياد وتعويض الصيام عند العودة الى الديار .
وما علينا من الفتاوي التكفيرية المضادة لهذهِ الفتوى المحترمة .
خصوصاً أنّ الفريق المصري لكرة القدم سيلتقي البرازيل يوم 26 الجاري يعني قبل الإفتتاح بيوم واحد .
وما زلنا نذكر بفرح تلك المباراة الرائعة , التي جمعت الفريقين في كأس القارات 2009 في جنوب أفريقيا وإنتهت بصعوبة للبرازيل 4 ــ 3
*************
تداعيات الصوم
أنا أعرف الصوم عن كثب وقد جربته كثيراً في شبابي , لذلك أتعاطف واُشفق على الصائمين .
خصوصاً الأطفال , لتأثيرهِ السلبي على نموهم , وبالطبع الكبار (من عمر والدتي ) , لأنّهم يُسرّع في أجلهم .
وذلك لفعلهِ ( الساحر ) على أجهزة الجسم جميعاً , خصوصاً الكلى !
في رمضانيات الأعوام السابقة , كنتُ أكتب أفكاري المتحرّرة للصائمين , كإمكانية شرب الماء فقط عند الضرورة وفي القيظ الشديد .
تطبيقاً للآية / ولا ترموا بأنفسكم الى التهلكة . أو الآية / لا يُكلّف الله نفساً إلاّ وِسعَها . أو بعض الآيات الأُخرى .
الشيء الأهم ( بعد الصحّة ) , الذي جلبتُ الإنتباه إليه , هو إقتصاد الإسرة في رمضان , وبصورة أعمّ وأشمل إقتصاد الدول الإسلاميّة عموماً .
ربّما تتذكرون الرقم المصري المشهور لرمضان 2010
حيث يقول ذلك الرقم / أنّ إستهلاك عموم الشعب المصري للطعام شهرياً 5 مليار جنيه / تُصبح ضعفها أيّ عشرة مليارات في رمضان .
أعدا أعدائي / التكاثر (الفئراني ) البشري , والسمنة المفرطة . ورمضان عندنا يوّفر للثانية أفضل بيئة ممكنة .
إنتبهوا للإعلانات في رمضان وما يسبقه بشهر على الأقل / ستجدونها لشيئين لا غير / المسلسلات التلفازية / وأنواع الطعام والحلويات .
والمؤمنون حلوّيون كما هو معلوم , وأصحاب المتاجر يستغلون المناسبة .
وأغرب حالة أراها بين الصائمين الدائميين قبل رمضان / أنّ الكلّ متلهف للصوم , والكلّ خائف منه في نفس الوقت ويحكي عن الحرّ وطول فترة الصيام .
طيّب ألا يوجد شيخ ذكي يقترح تثبيت الصيام في الشتاء فقط ؟ أو حتى إلغاء التقويم القمري البائس ؟ فهو غلط علمياً وعملياً .
************
غرائب الصوم
الصائمون يُخالفون بعض الآيات والأحاديث دون قصد منهم .
هناك حديث نبوي يقول / نحنُ قوم لا نأكل حتى نجوع , وإذا أكلنا لا نشبع
أليس كذلك ؟ وهو لم يقل طبعاً ( ما عدا رمضان ) !
لاحظوا معي الإمعان في مخالفة هذا الحديث كلياً في رمضان .
في ساعة الإفطار يأكل الصائم حتى التخمة غالباً / وهذا سلوك عام تقريباً / يعني سقط نصف الحديث ( إذا أكلنا لا نشبع ) !
وفي السحور / المفروض الإنسان في سابع نومة , فجأةً يصحى كالمجنون يركض إلى الأكل ليملأ معدتهِ .
وهو ليس فقط غير جائع , بل في حالة كراهيّة للأكل , حتى لو كان روح الحياة .
وهكذا سقط النصف الثاني من الحديث , وبدمٍ بارد !
وطبعاً معهُ تسقط الساعة البايلوجيّة للإنسان .
وتسقط المعدة !
ويسقط النوم !
وعندما ينهض الصائم تعباً متكاسلاً / يسقط العمل والعلم , ويذهب البلد الى الجحيم !
*********
الخلاصة
نحنُ شعوب قليلة الإنجاز في الحضارة البشرية ,نستهلك منتجات الآخرين ونلعنهم لعناً شديدا .
أكبر إنجازاتنا تقريباً / قدرتنا على تجويع أنفسنا , ثم ترك العنان لها لأكل أضعاف مضاعفة من الحاجة الفعليّة .
والتفاخر بصنع أكبر طبق كنافة وأكبر صينيّة بقلاوة .
وطبعاً الأمراض حاضرة في الحالتين / التجويع الشديد , والشبع الأشّد .
ويقولون / الشعور بالفقير والجائع والمحتاج !
لو فكرنا بالتخلّي عن تطرّفنا سنكون قد فتحنا باب جديد نحو الواقعيّة والأمل .
الأولمبياد والتنافس فيه والفوز بالميداليات , ( ومثلهُ إمتحانات الطلاب ) يتطلب جهد جهيد وعمل وتخطيط , وتغذية مناسبة .
لكن المشايخ بالمرصاد , ليس فقط لإنجازات شبابنا في الأولمبياد , بل لكل حركة قد تقود الى تحريك الأمخخة الأُتتِ .
بالمناسبة / تفريق الجنسين في الأولمبياد دعى أحد الرياضيين الى الإعتراض عن تفريقه عن زوجته قائلاً / لكنّهم لم يفرقوا المثليين !
********
دعاء رمضان
اللهم أنر عقولنا وقلوبنا للعلم والعمل والبناء والنهوض .
اللهم إجعل الصيام والقيام والتكاثر الفئراني والسمنة والطعام , آخر همّنا
اللهم إزرع فينا فايروس المحبّة والسلام والوئام . وإقلع بدله فايروس الكراهيّة والطائفيّة والمؤامرة الكونيّة .
اللهم إنصر فرقنا ولا عبينا (حسب جهودهم) في أولمبياد لندن الجميل .
اللهم نسألكَ مزيداً من الميداليات الذهبيّة والفضيّة والبرونزيّة . { ولو ميدالية برونزية على الأقل للعراق / في الملاكمة أو رفع الأثقال }
وآخر دعوانا / اللهم إنصر الشعوب الثائرة على حُكامها الطغاة , وسارقي الثورات .. من المشايخ البغاة !

وكلّ عام وأنتم بخير !

تحياتي لكم
رعد الحافظ
20 يوليو 2012

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.