رفع الرقابة شرط من شروط التقدم

رفع الرقابة العامة عن كل شيء وعدم السماح للدولة بالتدخل بكل شيء إحدى أهم ميزات أو شروط التقدم نحو الإصلاح muf30والتطور والتمدن والتطوير, فلا يجوز للدولة أن تكمم الأفواه وأن تغلق الأفواه سواء أكان عن طريق الضغوطات الأمنية أو عن طريق إغراق المتطورين بالديون أو بملء جيوبهم بالأموال كحالة من حالات إسكاتهم نهائيا , فمعظم الدول العربية تراقب الناس مراقبة مكثفة من كل النواح ومن كل الاتجاهات, فلا تسمح لهم بالتغيير في أسلوب حياتهم ولا تسمح لهم بالتقدم للأمام,وعن طريق فرض الرقابة تجبر الناس على الصمت وعلى الخنوع , وحتى نتقدم ونتطور يجب على الدولة أن ترفع الرقابة عن كل شيء.

ها هنا في الأردن نشعر بأننا مراقبون,ونحس بذلك, فالدولة تراقبك, والجيران يراقبونك,وزوجتك تراقبك,وكل خطواتك محسوبة عليك بالسنتمتر المربع,وكل الناس تتدخل بك, فإذا اشتريت شيئا من السوق يسألك البائع لماذا تريده, وإذا تحركت في داخل بيتك يسألك أبوك :ماذا تفعل, وتسألك أمك, ويسألك أخوك ويسألك الجيران, وإذا لقيك صديقك في السوق وأنت تحمل كيسا فيه بضاعة يسألك:شوهاظا(هذا) اللي معك,ووين رايح,ومن أين أتيت وإلى أين ستذهب,وماذا طبخت, هنا الرقابة على هذا النوع لا يمكن للدولة أن تقول للناس راقبوا جهاد أو فلان أو علان, ولكن هكذا اعتدنا وهكذا تربينا, تربينا على أساس أن الكل يشاركك حياتك والكل يتدخل بك أينما ذهبت وأينما توجهت, لذلك نحن نشق طريقا وعرة في التقدم أو نحو التقدم, هنا الكل يراقبك بحجة أنهم يخافون عليك, فأنا مثلا جيراني وأقاربي يتدخلون بما أنشره على الفيس بوك بحجة أنهم يخافون عليّ ويريدون حمايتي من نفسي, وإذا مررت هنا بالسوق فورا يخرج لك رجلا ممتطيا حذاءه وهو يسألك:شو لوين رايح؟شو فيه؟شو في مافيه,شو أخبارها؟شو إعلومها معك؟كيف الدنيا, شوعامل؟شواللي صار إمبارح(البارحه) هنا اعتاد الناس على التدخل بك, حتى لو دخلت مسجدا للصلاة أو كنيسة للصلاة يلقاك الناس وهم يقولون لك:شو جاي على الصلاه؟إمبارح ما شفتكيش بالصلاه؟شو وين كاين؟وين بدك إتروح,؟؟وهذه أسألة كلها على السنة الناس, وإذا مرت امرأة في الطريق الكل يراقبها حتى تغيب عن الأنظار, ومن ثم يسألون: هذي بنت مين,من وين جايه؟ووين رايحه؟ وشو لابسه؟وشو حاطه على وجهها, وإذا مررت أنت بالطريق وكنت في مشوار إلى السوق وكان جارك يجلس أمنام بيته, يغضب منك وينزعج إذا لم تخبره إلى أين هي وجهتك, وكأنه يدير حركة الملاحة في الطرق, فالمراقبون الذين يراقبون حركة الملاحة في الطرق وفي الشوارع كثيرون جدا, وإذا خطبت لأبنك عروس ولم تخبر قبل ذلك جيرانك ومعارفك بأسبوع على الأقل ينزعجون منك ويقولون: سبعه ما أهمله ولا قال غير هسع لما تم كل شيء, هنا الرقابة تمارس أيضا على ملابس المرأة أكثر شيء وعلى الكُتّاب وعلى الصحفيين وعلى كل شيء, والناس تتدخل بكل شيء, يمارسون الرقابة على ملابس المرأة في الوقت الذي تموت فيه المرأة من الجوع,المرأة والرجل وبعض فئات المجتمع, هنالك مشاكل ضخمة ومعقدة مثل الفساد والبطالة ولا أحد يراقبها, آه من أمة تركز وتراقب شعر المرأة وأرجل المرأة وطول المرأة وصدر المرأة وتثور ثائرتها إذا ظهر شعر المرأة أو عنق المرأة ولا تثور ثائرتها للجوع الذي كاد أن يفتك بكل الناس.

هنا الناس تراقبك والدولة تراقبك, وزملائك الموظفون يراقبونك في العمل, حتى وإن دخلت المرحاض يرسلون عيونهم خلفك, وإذا خرجت من المرحاض يراقبونك ماذا ستفعل أول ما تخرج من المرحاض, وإذا دخلت مطعما الكل يراقبك كيف تأكل وكيف تشرب وماذا تشرب وماذا تأكل , الكل يتجسس عليك وحتى إن أغلقت عليك باب بيتك الكل يتدخل بك, والكل يوجه لك الأسئلة, هنا الرقابة صارمة ومجحفة وأنانية والكل يتدخل بك وبطريقة حياتك ولا يمكن أن تتركك الناس ولشأنك, يتدخلون بك على الفوته وعلى الطلعه, هذا شيء مقرف ويجعلونك تكره الحياة, لذلك لا يمكن أن نتقدم أو نتطور إذا ما رفعنا الرقابة عن الناس وتمكنا من تثقيف المجتمع بالخصوصيات فلكل إنسان خصوصيته, ولكل بيت أسرار, ولكن الكل يدخل بيتك كرها أو طوعا ويحاولون الكشف عن أسرارك الغامضة أو غير الغامضة, الدولة تراقب الناس والناس ترتقب الدولة, وهذا واقف لهذا على أقل حركة والكل مستعد للهجوم عليك إذا اكتشفوا أنك تحاول تطوير نفسك أو تحديث نفسك, يمنعونك من التطور من خلال أساليبهم التي تعتمد على الجهل, يظنون بتدخلهم بك أنهم يتدخلون بك لمصلحتك ولا يدرون أنهم يعيقون عجلة التقدم والتطور ويضعون العصا بين عجلات التقدم, الكل هنا يفتش عنك ليعرف عنك أكثر التجسس والتدخل بالأمور الخاصة طريقة حياة, ولا أحد يدعك تقيم علاقة مع الله كما تريد أنت, الكل هنا يمارس القمع من خلال الرقابة على كل شيء.,أتمنى أن يمشي أحدنا في الشارع من غير أن يراقبه أحد,أتمنى أن تمشي أي امرأة في الشارع من غير أن تراقبها آلاف الأعين…..يا ناس يا شر كفايه قر.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in ربيع سوريا, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.