الرجاء القراءة بهدوء والابتعاد علن التعليقات الخارجة عن أصول الحوار
قرأت معظم التعليقات في المنشور السابق وأحببت أن أعلق تعليقاً واحداً أتمنى أن يساهم في عقلنة النقاش:
بداية، لابد من التأكيد على أن تسييس التاريخ لايقل خطورة عن تسييس الدين، فكلاهما يقود إلى الفاشية.
1- يعتمد الاخوة الاكراد الذين يتصدون لموضوع التاريخ القديم، سواء علموا بذلك أم لم يعلموا، على نظرية الحق التاريخي التي ابتدعها المؤرخون الصهاينة، والتي تقوم على فكرة تقول إن حق اليهود في فلسطين هو حق تاريخي، فهم يريدون إحياء إسرائيل القديمة المتخيلة، وقد لجأوا إلى هذه البدعة لأنهم لا يملكون حقوقاً واقعية عملية في فلسطين حين ظهرت العقيدة الصهيونية، وفي فترة لاحقة تبنى البعثيون هذه النظرية وحالوا تطبيقها على شعوب المنطقة .
إن نظرية الحق التاريخي تستدعي جملة من الممارسات ليس أقلها:
* التطهير العرقي، فالحق التاريخي يقترن عادة بحقيقة أن الارض التي يجري تحديدها كنطاق لذلك الحق تكون مسكونة بشعب أو شعوب أخرى لا تمتلك هذا الحق، ولاعادة الحق التاريخي إلى أصحابه فلابد من إجلاء الدخلاد الغرباء عن هذه الارض..
**تزوير النصوص والثائق التاريخية، فالحق التاريخي حن يصطدم بالحقائق العلمية والواقعية يبدأ بالبحث في النصوص التاريخية، وحين لا يجد يلجأ إلى التزوير والتحوير والقراءة المغلوطة والتجيير.. وهذا ما فعله المؤرخون الصهاينة الذي اضطروا لتزوير النقوش الاثرية أو التلاعب بها وبالوثائق التاريخية.
***الزعم بأن الميتانيين والحوريين والسومريين والحثيين والكاسيين أكراد يشبه كثيراً زعم البعثيين أن السومريين والاكاديين والاشوريين عرب، فكلا الزعمين يعتمد نظرية الأمة الخالدة، وتبني أكراد لهذه النظرية يعادل في لا عقلانيته تبني قوميين عرب لهذه النظرية، وبالتالي فهي نظرية بعثية مقلوبة، على اعتبار أن البعثيين كان يقولون إن جميع الشعوب التي يطلق عليها اسم الشعوب السامية، هي في الحقيقة شعوب عربية، والآن يأتي بعض الاكراد الذين يتصدون للتاريخ القديم ليقولوا إن جميع الشعوب التي لا تصنف على أنها سامية في المنطقة هي حكماً شعوب كردية..
****طبعا هذه المزاعم والمزاعم المضادة، ستقود إلى ردود أفعال على الارض وستفتتح تاريخا سيكتب بالدم لعقود قادمة. لأن الاعتداء على حقوق الغير بزعم الحقوق التاريخية سيقابل بدفاع عن النفس وربما باعتداء مضاد.. فمن سيقنع أهل حلب أو الرقة أو دير الزور بأن يصمتوا أمام محاولات إجلائهم عن أرضهم والزعم بأن هذه الارض ممنوحة بحق تاريخي مجهول النسب والمصدر لشعب آخر؟!
2- وعليه فأنا أفترض بأن الأكراد ليسوا بحاجة إلى نظرية الحق التاريخي، لأنهم يمتلكون الحق الواقعي العملي، فمن شأن النظر بعقلانية إلى الوجود الكردي في المنطقة أن يجنبنا حلبة الصراع الايديولوجي التاريخي، التي لن تبقي ولن تذر أحدا في المنطقة، فثمة متسع للجميع.
3- ليس بخاف على أحد أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية تريد لشعوب المنطقة أن يتحولوا إلى وقود لحرب طويلة الامد، وهم يدفعون الاكراد في هذه المرحلة إلى الواجهة ليخوضوا بهم ومن خلالهم حروبا لها غايات ومقاصد لا علاقة لها بطموحات الاكراد المشروعة لنيل حقوقهم.