رحمتك يا رب

الفقير حين يموت يحفرون له قبران, الأول له والثاني لأحلامه, نحن نعيش على طول الأيام ونحن نحلم بأحلامنا أن تتحقق, كل شيء يولد معنا صغير جدا ويكبر معنا إلا أحلامنا تولد معنا كبيرة ومن ثم تبدأ تصغر مع مرور الأيام حتى أننا في النهاية لا نراها بالعين المجردة وأحيانا تصبح بحجم عقلة الإصبع, حلمنا البارحة بسقوط المطر وحينما سقط المطر, تزحلقت السيارات والمركبات الصغيرة والكبيرة وفقدنا كثيرا من الغوالي على قلوبنا , صرنا نقول: شو هذي الدنيا الغريبة نحلم بالمطر لنغرق به أو تتزحلق به مركباتنا, بعد سقوط المطر سقطت في حارتنا شجرة الكينا الطويلة والعريضة الدائرة فانقطعت الكهرباء عن منازلنا, اتصلت بشركة الكهرباء وأخبرتهم عن الأسلاك المقطوعة, قالوا حاضر نحن في طريقنا إليك ولم يأت منهم أحد, عاودت الاتصال بهم وقلت لهم متى ستأتون؟ قالوا اصبر قليلا فقلت لهم: عملتلكوا إبريق شاي وبرد سأعاود تسخينه ريثما تأتوا, سخنت الإبريق وبقيت جالسا أمامه طويلا ومن ثم برد وعاودت تسخينه ومنذ 10 ساعات وأنا أقوم بتسخين إبريق الشاي كل نصف ساعة أو ربع ساعة, أهل حارتنا قالوا: ع اليوم إنها ما شتت الدنيا, احنا بدنا كهربه, ياخذوا الشتاء ويعطونا الكهربه, قالها فعلا جاري الذي يعالج طفلة من وعكة صحية بالقلب حيث يحتاج إلى جهاز طبي يعمل على الكهرباء كان قد توقف مع سقوط المطر وانقطاع التيار الكهربائي علما أن جاري هذا مؤمن جدا وصلى لله كثيرا لكي ينزل المطر, شفتوا قديش وكيف أحلامنا نحن البؤساء؟, ونحلم بأن نجد عملا وحين نجد عملا لا نجد من يعمل معنا, نحلم بالزرع أن يعود للحياة وحين تنبت مزروعاتنا يأكلها الصقيع قبل أن نأكلها نحن, يأكلنا الندم ونحن أحياء ويأكلنا البرد والصقيع والحر في أرض الأتعاب, وأحيانا بعد أن تنضج تأكلها الغربان أو التُّجار الحيتان حين يشترونها بثمنٍ بخس, يعني احنا شعب على كل الجهات ماكلين هوى, احنا مثل طائر البطريق يعتبر طائرا لكنه لا يطير… يعيش في المحيط المتجمد و لا يملك فروا … إذا وقف على الشاطئ تأكله الفقمة … إذا نزل في الماء يأكله القرش و إذا ضاع على الجليد يأكله الدب … هذا الكائن الغريب مثل الإنسان الذي يعيش في أرض الأتعاب, كلنا متعبون من هذه الحياة حتى الأغنياء, والذي لا يعذبه الفقر يعذبه المرض وهنالك من يعذبه المرض والفقر معا, ومن لم يمت جلطة قلبية يمت جلطة دماغية ومن لم يمت دهسا يمت قتلا بالرصاص إما عن طريق الخطأ وإما عامدا متعمدا, وهنالك من يتحرشون بنا أو بغيرنا من أجل زجنا في المتاعب والمشاكل, لنا في هذا العالم ضيق شديد ولا يمكن أن نخلص من الضيق إلا بالإيمان الحقيقي وتسليم أمرنا إلى رب العالمين فهو وحده القادر على تخليص الإنسان من أرض الأتعاب أرض الخطايا والزناة واللصوص والحرامية والمجرمون والسرسرية, هذه الأرض يحكمها الأوغاد ألأشرار أما الطيبون فهم خارج دائرة الحكم
أحلامنا تدفن معنا حين نموت وتنسى الناس ذكرنا ولا أحد يتذكر محاسننا كل الناس تنتبه فقط إلى مساوئنا, حتى الفقير حين يموت لا يسمع أحد بموته, أما الأغنياء فكل الناس تسمع بخبر موتهم وموت مواشيهم من أبقار وحمير وثيران , ومع ذلك لا أحد مستثنى من أرض الخطاة والأتعاب, هنالك من يملك ثروات طائلة ويحلم بطفل أو طفلة تقول له كلمة بابا أو ماما أو أخي أو أمي أو أبي أو داد, هنالك أثرياء مصابون بالضغط العصبي أو ضغط الدم يتمنون طعاما مالحا ولكن صحتهم لا تسمح لهم, هنالك أثرياء مصابون بالسكري يتمنون قطعة حلوى ولكن صحتهم لا تسمح لهم بذلك, وهنالك فقراء أيضا معذبون بالفقر وبسوء الصحة, الله يعاقبنا على أعمالنا الشريرة والحل الوحيد باللجوء إلى الله والاستغفار وطلب الرحمة, المطلوب منا أن نوكل أمرنا إلى الله وأن لا نعتمد لا على قوتنا ولا على ذكائنا ولا على خبرتنا, الله وحده وبالصلاة إليه هو المنجي الوحيد لنا لكي يخلصنا من الشر الذي في داخلنا, الإنسان مكتوب عليه أن يجاهد أولا وأخيرا ضد شهواته ونزواته هو, أنا كنت إنسان شهواني بعض الشيء ولكن حين أتذكر الله أطلب منه أن يخلصني من شهواتي لكي أنتصر على نفسي لأن الخوف يأكلني حيا والندم يأكلني والفقر يأكلني ونزواتي تأكلني وتعذبني والخلاص الوحيد باللجوء إلى الله وطلب الرحمة منه, يا رب ارحمنا أحياء وأمواتا ولا تدخلنا في تجربة ونجنا من الشرير ومن الشر الذي في داخلنا يا رب هذه أرض العذاب والخطاة والمعركة الجهادية صعبة علينا كلنا الفقير والغني والقوي والضعيف لأنه وحدك أنت الغني وأنت القوي ونحن فقراء وضعفاء النفس والقوة والإرادة, أرض كلها خطاة وكلها أتعاب ولا أحد مستريح من أتعابه أو من الأشياء التي تتعبه على هذه الأرض