راهبة تعرضت للاغتصاب تروي مأساتها وتوجه نداء للبابا

بقلم ماري ديسبينزا-ناشطة اجتماعية: المصدر سي ان ان 2014

كاتبة المقال، ماري ديسبينزا، هي راهبة سابقة وممثل عن منظمة “شبكة الناجين من تحرش القساوسة” (سناب) في واشنطن ومؤلفة كتاب: “انقسام: طفل، وقس والكنيسة الكاثوليكية”.. ولا تعكس الآراء الواردة في المقالة، وجهة نظر “سي ان ان”  وإنما تعبّر فقط عن رأي كاتبتها.

“أخيرا تحدث صوت قوي ومهم في العالم، إنها الأمم المتحدة لقد تحدثت نيابة عن حقوق الأطفال ونددت بالفاتيكان والأساقفة على جرائم العنف والاغتصاب والتحرش الجنسي ضد الأطفال، وبنقل القساوسة المتحرشين من أبرشية لأخرى، والإحجام عن تقديم وثائق للمحاكمة وترسيخ ثقافة “مؤسسة السرية والعار.”

ما هو مخز بالفعل أن الكنيسة الكاثوليكية في حد ذاتها، ليست صوتا مهما أو قويا، لحماية “هؤلاء على الأقل”.. ومن العار أن يبدي الحبر الأعظم، البابا فرانسيس، حتى لحظتنا هذه، شفقة تجاه الفقراء والمضطهدين، دون أن يتطرق للقضية ككل.. وأعتقد أنه وقع في براثن دائرة الخزي، فمثله مثل أشقائه الأساقفة، يبدو أنه غير راغب في القول “كفى.. لن يتعرض أبدا أي من هؤلاء الأطفال للأذى في كنيستنا.”

وتعتبر وسائل الإعلام أن الكنيسة تعاني من “مجموعة مبادئ السرية”، فكيرستن ساندبيرغ، رئيسة لجنة حقوق الأطفال التابعة للأمم المتحدة، وضعتها على هذا النحو: “نعتقد بأن الأشياء البشعة يُصمت حيالها من قبل الحبر الأعظم نفسه والأبرشيات المحلية”، وأنا كضحية للاغتصاب والعنف على يد رجل دين وأنا صغيرة، أتفهم هذه السرية والتكتم.. لقد خرست والتزمت الصمت وأنا في سن السابعة، وأصبحت جزءا من هذه الشفرة السرية، التي لا يمكن لأحد اختراقها في دواخلي، لأن هناك دوما حلقات مفقودة.

لم أكن هناك لأتمتع بطفولتي.. وانقسمت إلى نصفين وتركت جانبا مني خلفي في سرية وعار.. واستغرق الأمر أكثر من نصف حياتي حتى أستجمع شتات نفسي. وأنا الآن أبلغ 52 عاما ومازالت أسيرة الكنيسة الكاثوليكية عندما سمحت للذكريات السرية بالخروج.

مغتصبي اسمه الأب جورج نيفيل روكر، ولقد وثقت به عندما طلب مني الزحف نحو حجره وهو جالس يشاهد فيلما.. اغتصبني فيما والدتي في غرفة الطعام المجاورة.

المأساة، وكما لغيري، أن والدتي توفيت قبل أن امتلك الشجاعة الكافية لإبلاغها بذاك اليوم المريع.. فلقد افتقدنا الحميمية والحب في حواراتنا لأنني كنت منغلقة وبعيدة.. الاغتصاب سلبني وعائلتي الكثير من ما هو مهم، مثل الحقيقة والصدق فيما بيننا.

في سن 18 عاما، التحقت بدير ماري للقلب المقدس في كاليفورنيا، وظللت راهبة لمدة 15 عاما، فصلت نفسي عن غزو الأب روكر المدمر لجسدي وجوهري، وهذا ما أتاح لي التشبث بالرب والمودة تجاه الراهبات الأخريات.. بكل بساطة هكذا قضيت نصف وقتي في حضرة الكنيسة الكاثوليكية حتى اليوم الذي أفقت فيه على مأسة طفلة صغيرة، هي ما كنت عليه أنا.

في عام 2013، كشفت مطرانية لوس أنجلوس 12 ألف ملف لعشرات القساوسة المتهمين بالتحرش بأطفال، ووجدت بأن راعي أبريشيتنا في 1947، يشتبه بأن الأب روكر قام بـ”ملامسة” فتيات صغيرات. إنه الأسقف الذي لم يكن ينصت وعمل على نقل الأب روكر من مكان إلى آخر حتى تجريده عام 2002، عندما أصبح عبئا حقيقيا على الكاردينال روجر ماهوني.. لقد اتهمته نحو 33 امرأة بالتحرش بهن عندما كن صغيرات.. أنها خمسة عقود من التجاوزات والانتهاكات..

اعتقل أثناء رحلة بحرية متجهة إلى روسيا في 2002 بـ29 تهمة مختلفة بالتحرش بفتيات، إلا أن المحكمة العليا اسقطت التهم بدعوى أنها قديمة.

من السهل الاعتقاد بان أزمة اغتصاب والتحرش بالأطفال أمر من الماضي، والكنيسة الكاثوليكية تريد منا الإيمان بأن حقبة المآسي في تاريخها قد ولت.. لا ليس بعد.. فهي تعيش ليومنا هذا، وهناك من القساوسة من مازال يتحرش بالأطفال والتستر والتكتم على جرائهم مازالت قائمة، والأساقفة، وفي عدد من القضايا، يواصلون رفض تقديم معلومات للنظام القضائي الجنائي ما يؤدي لاصطدام تلك القضايا بحائط مسدود نظرا لامتلاك الكنيسة النفوذ القادر على إيقافها، فيما مازال أطفال يتعرضون للأذى ولا يتعافى الضحايا..

هذه الجرائم حدثت مرارا وتكرارا لعشرات الآلاف من الأطفال في السابق ومستمرة إلى يومنا هذا وستستمر في المستقبل ما لم يتحرك البابا والأساقفة على نحو قوي لتصبح سلامة الأطفال أولوية وفي المقدمة، وحماية القساوسة وصورة وهيبة ونفوذ الكنيسة الكاثوليكية، على قدر بعيد، في المقام الثاني.

على الحبر الأعظم اتخاذ قرارات تفرض على المطارنة التجريد الفوري وإعفاء للقساوسة المتحرشين بالأطفال، سابقا وفي الحاضر، وإفساح المجال أمام السلطات المدنية للتحقيق مع أي منهم في هذه التهم. هذا هو المنطق، فما من أي شيء آخر سيظهر للعالم بأن الكنيسة الكاثوليكية ملتزمة بالوعود التي قطعها لمعالجة المسألة.

عليه البدء من الداخل، وتقديم كافة السجلات التي هي بحوزة الفاتيكان حول الأساقفة والقساوسة المتهمين بهذه الجرائم، حيثما كانوا، كما أنه بحاجة لمعاقبة الأساقفة المتسترين على جرائم التحرش ويقفون عثرة أمام النظام القضائي الجنائي، وليس كما هو دارج حاليا بترفيعهم، فالكردينال ماهوني جرى تكريمه بظهور في قداس مع البابا فرانسيس عام 2013 ، رغم أنه مثبت أنه أحجم عن تقديم معلومات وعمل على نقل القساوسة داخل وخارج أبريشيته، لكنه على الأقل اعترف بـ”سذاجته” بشأن التأثير الدائم للتحرش على الضحايا والتقى بـ90 منهم، لكن أقوال وأفعال البابا، وحتى اللحظة، لا تظهر روح التفهم لذلك.

أي تغييرات إيجابية من الكنيسة الكاثوليكية لحماية الأطفال وإخضاعها للمحاسبة، تمت نتيجة العمل الدؤوب لـ”شبكة الناجين من تحرش القساوسة.” إنهم هؤلاء الرجال والنساء الشجعان من حكوا قصص تعرضهم للتحرش الجنسي دون المواربة خلف الإحساس بالعار. والآن على الفاتيكان التحرك، وكما حث تقرير الأمم المتحدة، للإثبات، بالأقوال وليس الأفعال، لوقف التحرش بالأطفال والتستر على الكنيسة.”    #الكنيسة #البابا_فرانسيس #استغلال_الجنسي #التحرش_الجنسي

 
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.