بين عامي 1919 _1920 كانت ثروته تقدر ب 5 ملايين دولار , نصف مليون منها حصل عليها أجراً لحفل موسيقي واحد , أنه ( إغناسي جان باديروسكي ) رئيس وزراء بولونيا ووزير خارجيتها وعازف البيانو الأشهر والأعلى أجراً في زمانه
ولد في بولونيا عام 1860 وبعد ولادته بأشهر توفيت والدته , أخذه أبوه للعيش في سكن مختلف ولكن سرعان ما إندلع عصيان يناير 1863 في بولونيا فأعتقل والده عندها كفلته عمته , وحين أطلق سراح والده أخذه وسافرا الى وارشو وهناك بدأت حياتهما الجديده حيث تزوج الأب من جديد وألحق إبنه بمدرسة لتعلم الموسيقى ومنذ عمر السادسه كان الولد بارعاً في عزف البيانو
بعد تخرجه من الكونسورفاتوار تم تعيينه مشرفاً موسيقياً في احدى مدارس الموسيقى وفيها التقى بزوجته الأولى التي كانت احدى تلميذاته , تزوجها وبعد عام واحد ولدت له ابنه لكنها بقيت تنزف وماتت بعد الولاده بأسابيع فصدمته حكاية موتها وأعادته الى مشاعر فقدانه لأمه , لكنه كان قوياً فأمن لطفله حياة مستقره مع عائلة بعض أقربائه وقرر أن يهب حياته للفن
سافر الى ألمانيا وإلتحق بأحد معاهدها الفنيه لدراسة التأليف الموسيقي ومن هناك بدأت نجاحاته الفنيه تتلاحق , وأستضافت كل مدن اوربا حفلاته الموسيقيه وبدأت ثروته بالإتساع وكان رجلاً كريماً جداً يتبرع بأموال طائله في مناسبات إجتماعيه مختلفه
عام 1896 تبرع باديروسكي بمبلغ 10 آلاف دولار لإنشاء صندوق ائتماني لتشجيع الملحنين البولونيين المولودين في الولايات المتحده . قام الصندوق بتغطية مسابقة كل 3 سنوات تسمى : جائزة باديروسكي . كما بدأ باديروسكي صندوقاً مماثلاً في لايبزيغ في عام 1898
كذلك تبرع بسخاء للجمعيات الخيرية ورعى صيانة الآثار التي من بينها قوس واشنطن في نيويورك في عام 1892. و تقاسم ثروته بسخاء مع مواطنيه وكذلك مع مواطني العديد من البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم . وقدم الكثير من التبرعات للمعاهد والمؤسسات من بينها: مؤسسة الموسيقيين الأميركيين الشباب ، وطلاب جامعة ستانفورد (1896) وصندوق مساعدة وزارة الخزانة الباريسية (1909) وصندوق المنح الدراسية للمدرسة الابتدائية (1924) و طلاب معهد موسكو ومعهد بطرسبرغ (1899) والمنتجعات الصحية في جبال الألب (1928)
دعم بادروسكي بسخاء العاطلين عن العمل (على سبيل المثال في سويسرا في عام 1937) والموسيقيين العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة (1932) . كما دعم صندوق التأمين للموسيقيين في لندن (1933) وقدم مساعدة للمثقفين اليهود في باريس عام 1933 وقدم الدعم المالي للأيتام ومركز الأمومة في نيويورك . وتم بناء العديد من قاعات الحفلات الموسيقية والمعالم الأثرية بمشاركته المالية . ومن بين الآثار التي رعاها باديروسكي كانت في ديبوسي وكولون و باريس ونصب ليشت في فايمار ونصب بيتهوفن في بون ونصب شوبان في ( زيلازوا وولا ) مسقط رأس الملحن ونصب كوسكيوشكو في شيكاغو وقوس واشنطن في نيويورك والعديد العديد غيرها
عام 1899 تزوج زوجته الثانية البارونة دي روزن (1856 -1934) ومنذ العام 1913 استقر باديروسكي في الولايات المتحدة . عشية الحرب العالمية الأولى وفي ذروة الشهرة اشترى باديروسكي عقارا مساحته 2000 فدان ( رانشو سان إغناسيو) وقام بزراعتها بالعنب وأسس فيها شركة لصناعة النبيذ هي من أشهر مصانع النبيذ في سان فرانسيكو حتى اليوم
خلال الحرب العالمية الأولى أصبح باديروسكي عضواً نشطاً في اللجنة الوطنية البولندية في باريس والتي تم قبولها من قبل الحلفاء كممثل للقوات تحاول إنشاء دولة بولندا , وأصبح المتحدث باسم تلك المنظمة ، وسرعان ما شكل أيضا منظمات اجتماعية وسياسية أخرى من بينها صندوق الإغاثة البولندي في لندن وألف من أجل دعم ريعه سمفونية : بي ماينر بولونيا
حرض المهاجرين للانضمام إلى القوات المسلحة البولندية في فرنسا وتحدث مع الأمريكيين مباشرة في الخطب العامة والراديو وناشدهم أن يتذكروا مصير أمته . ونظم جدولاً زمنياً للمظاهرات العامة وجمع التبرعات والاجتماعات
عشية دخول الولايات المتحدة الحرب العالميه الأولى تحدث باديروسكي الى مستشار الرئيس وودرو ويلسون وقدّم له مذكرة حول القضية البولندية . وبعد أسبوعين تحدث ويلسون أمام الكونجرس وأصدر بياناً نص على توحيد بولونيا , وأصبحت قضية بولونيا واحده من نقاط ويلسون الشهيره ال 14 وهي مباديء مفاوضات السلام لإنهاء الحرب العالمية الأولى
بعد اعلان بولونيا دولة موحده بنهاية الحرب تم تعيين باديروسكي رئيساً للوزراء وزيراً للخارجيه . في عام 1922 تقاعد من السياسة وعاد إلى حياته الموسيقية وسجل فيها نجاحاً كبيراً , حفل عودته الأول باع 20 ألف تذكرة
إنتقل للحياة في سويسرا بعد الإنقلاب الذي وقع في بولونيا عام 1926 وأصبح ناشطاً في صفوف المعارضه حتى عام 1936
بحلول عام 1936 بعد عامين من وفاة زوجته وافق باديروسكي على الظهور في فيلم يعرض موهبته وفنه على الشاشة . عرض الفيلم في بريطانيا باسم سوناتا ضوء القمر في عام 1937 وأعيد توزيعه في الولايات المتحده عدة مرات حتى عام 1943
بعد الحرب الدفاعية البولندية عام 1939 عاد باديروسكي إلى الحياة العامة . عام 1940 أصبح رئيس المجلس الوطني لبولندا وهذا المجلس هو برلمان بولندي في المنفى في لندن . طلب مساعدة أمريكا وتحدث إلى الشعب الأمريكي مباشرة عبر الإذاعة وفي أواخر عام 1940 عبر المحيط الأطلسي مرة أخرى للدفاع شخصياً عن قضية مساعدة أوروبا وهزيمة النازية
عام 1941 شهد إشادة واسعه بعمله الفني والإنساني مع احتفال المدن الأمريكية بالذكرى السنوية الخمسين لزيارته الأولى للولايات المتحده وخلال إحتفال ( أسبوع باديروسكي ) عزفت الفرق الأمريكيه مؤلفاته في أكثر من 6 آلاف حفله سمفونيه تكريماً له
أثناء زيارته هذه للولايات المتحده أصيب بإلتهاب رئوي أدى الى وفاته عن عمر 80 عاماً ودفن في الولايات المتحده الأمريكيه مدة 51 عام الى أن قررت الحكومه البولونيه إعادة جثمانه الى وطنه حيث جرى له تشييع رسمي مهيب ودفن في كاتدرائية سان جونز
أما قلبه فقد بقي في الولايات المتحده الأمريكيه حفظ داخل منحوتة برونزيه فخمه تم وضعها في الضريح الوطني لسيدة تشيستوشوا بالقرب من دولستاون / بنسلفانيا