نحن في القرن الحادي والعشرين ، وقد وصلنا الى قمة الحضارة والمدنية وشرائع القوانين التي تخدم البشرية ، وفي مستوى راق من العلوم والتكنلوجيا .
لا زال امام البشر مسيرة طويلة لكشف الاسرار الغامضة وحل الالغاز ، والتقدم في عالم تشخيص الامراض وصناعة الادوية ضد الامراض المستعصية وامراض الشيخوخة والزهايمر وغيرها . العلم يتقدم بخطوات سريعة نحو الرقي والتكنلوجيا والالكترونيات وتشرع القوانين وتُبنى الجامعات ومراكز البحوث ، وكلها تهدف لخدمة الانسان كونه اغلى راس مال على الارض .
تنهض دول العالم ، وتنظم الى منظمة الامم المتحدة التي تحاول قدر امكانها الحفاظ على السلم والتقدم ، وتقديم الخدمات الانسانية لسكان الارض عبر المنظمات العديدة مثل اليونسكو ومنظمة الغذاء والزراعة والصليب الاحمر الدول وغيرها .
اما منظمة داعش ، فهي معروفة عالميا انها منظمة ارهابية ضد البشرية ، تغتصب الارض وتظطهد الانسان ، وتحلل قتله بكل سهولة بفتوى من رجل أمي لا يفقه من الحياة سوى حفظه لبعض آيات التحريض على القتل والعنف استقاها من القرآن ، يحلل بها استباحة الحرمات وقتل اغلى ما خلق الله وهو الانسان ، بسبب ايمانه بمعتقد او دين او مذهب لا يتوافق مع مذهب تلك العصابة الداعشية .
لقد جمع ابو ابكر البغدادي وهو خريج السجون ، ومحكوم بالارهاب والقتل، طائفة من الارهابيين والمجرمين التي تؤمن بالفكر التكفيري ، وبمساعدة دولية وبطرق سرية لا تعلن يتم امداده بالسلاح والمعدات والاموال والوقود والعتاد ، وكل ما يحتاجه لتكوين عصابات قتالية مدربة في دول اقليمية معروفة في تشجيعها للارهاب، وتدريب الارهابيين وارسالهم لدول الجوارلتنفيذ اهداف سياسية واقتصادية وتخريبية .
نجحت داعش، ونجح البغدادي بعد اكمال عدته وعتاده وتدريب رجاله ، واستلام الدعم المادي والسياسي والمالي واعداد الخطط في دوائر المخابرات الاسرائيلية والامبريالية والعربية الرجعية في غزو سوريا، ثم انتقاله لشمال العراق واحتلال الموصل بعد دفع ثمن الخيانة لقادة الجيش العراقي المسؤليين عن المنطقة الشمالية ، احتل الموصل بكل سهولة دون ان يطلق رصاصة واحدة بخطة مدبرة ومحكمة تنبعث منها رائحة الخيانة والعمالة بشكل مفضوح .
بعد احتلال الموصل والاستيلاء على اسلحة ومعدات الجيش التي تكفي التصدي لدولة كاملة ، تمددت قواته بسيارات البيكب السعودية حاملة الرشاشات الاحادية ومدافع الهاون وقاذافات ال آر بي جي نحو محافظتي صلاح الدين وديالى ثم اتجهت الى اجزاء من كركوك واستولت عليها بسهولة غريبة .
ان خطة داعش والمتحالفين معها من بقايا البعثيين وبعض العشائر السنية الحاقدة على تصرفات المالكي وجيشه وميليشياته هي اسقاط نظام الحكم في العاصمة بغداد .
ولاشغال الجيش في معارك عديدة ، وتوزيعه في مناطق متفرقة كثيرة وعدم تمركزه ضد منطقة معينة كي يقل تاثير ضغطه العسكري وتشتيت قواه وسلاحه ، اندفعت داعش بخطة عسكرية ذكية ، فأغلقت سدة الفلوجة بعد احتلال مدينة الرمادي والفلوجة ، واغرقت الاراضي من الفلوجة نزولا الى ابي غريب لوضع حاجز مائي يمنع اقتراب الجيش من الفلوجة من اتجاه ابي غريب . ثم حركت مجاميع مسلحة سريعة الحركة في الكر والفر لمشاغلة الجيش والقوات الامنية ، وتشتيت قدراتهم وطوقت بغداد من شمالها وجنوبها وغربها ، فتقدمت بأتجاه سامراء والضلوعية والدجيل والتاجي شمالا ، كما تقدمت للمشاغلة من مناطق ابي غريب والزيدان وعامرية الفلوجة غربا ، ومن المسيب وجرف الصخر واطراف الحلة جنوبا ، محاولة بذلك التقدم نحو بغداد لأختراقها من عدة محاور واسقاط الحكومة المركزية فيها . وتحاول الان تهديد مطار بغداد واطلاق الاشاعات الكاذبة عبر الفضائيات الموالية لها حول استهداف المطار الدولي من الرضوانية ، لوقف الرحلات الجوية الدولية واعاقة حركة النقل الجوي للمسافرين والامدادات العسكرية والتجارية .
لقد نجحت داعش وعصاباتها في تشتيت القوات المسلحة في عدة جبهات ، وهذا السبب هو الذي يمنع تقدم القوات لتطهير المدن المحتلة . لقد تأخر كثيرا تطهير الرمادي سوى جزئيا ، وعجز الجيش عن اختراق الفلوجة وتطهيرها ، وقد اصبحت الان هي معقل مهم لداعش يهدد بغداد . كما لم يستطع الجيش برغم عدته وعتاده ونشاط طيران الجيش والقوة الجوية الفتية من التقدم لتطهير مركز مدينة تكريت ، وبقية مناطق ديالي وجبال حمرين والضلوعية ، ولازال القتال مستمرا كر وفر في جرف الصخر وما يحيط بها . فمتى يتم تطهير تلعفر والموصل والحويجة ، وقد انتقل القتال الان الى اطراف مدينة حديثة ، وسد الموصل بعد احتلال سنجار وزمار ؟
هل يعتقد الخليفة الداعشي انه سيقيم دولة الخلافة الاسلامية في العراق والمدن التي احتلتها عصابته ؟
من سيعترف بهذه الدولة المتخلفة بقوانينها وشريعتها التي تطالب الاقليات من الشعب الاصيل بخيارت كلها مرفوضة بين الدخول في الاسلام قسرا ، او دفع الجزية وهم صاغرون ، او الطرد من المدن او القتل بالسيف والرصاص .
دول العالم تتقدم في قوانينها وتشريعاتها ، والدولة الاسلامية تفرض قوانين ما قبل 1400 سنة مضت ، وتدعي انها شريعة الله ولابد من تنفيذها بالقوة والاكراه .
تحلل قطع الرؤوس ، وقطع الايدي والارجل ، ورجم وجلد النساء والرجال في الساحات والشوارع علنا . تخطف الناس وتقايضهم بفدية بالالاف الدولارات . تقتل الشيعة والشبك والايزيديين والمسيحيين ، تفجر الكنائس ومقامات الانبياء والمساجد وتهدم النصب التذكارية والتماثيل الاثرية . تمنع خلط الخيار والطماطة في كيس واحد لانه حرام شرعا . تفرض ختان الاناث من سن الرضاعة حتى 46 سنة من العمر .
تطالب من العوائل ان يقدموا بناتهم الباكرات والارامل والمطلقات الى رجال داعش لزواج النكاح اجبارا وتهدد من لم يتقدم باقسى العقوبات .
طردت داعش الاقليات من المسيحيين والشبك ولايزيديين من المناطق التي استولت عليها وسرقت ممتلكاتهم ومدخراتهم ، واغتصبت عقاراتهم ومساكنهم وضمتها الى ممتلكات الدولة الاسلامية . امرت باغلاق كليات القانون وتغييير مناهج الدراسة في الجامعات .
اي دولة اسلامية هذه في القرن الحادي والعشرين ، التي تريد ان تفرض نفسها وتتعايش مع العالم المتحضر وتعترف بها منظمة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والمنظمات الانسانية في العالم !!
هل تلتقي الدولة الاسلامية لداعش مع الحضارة الانسانية والمجتمع الدولي ؟
لولا السياسات الدولية الخبيثة ، ومصالح الدول الكبرى التي تدعي الديمقراطية وتتباكى على حقوق الانسان ولولا الرجعية العربية وحكام الخليج والبترودولار، ولولا الخونة العرب من قادة الجيش والسياسيين لما ظهرت داعش ولا دولتها الاسلامية الى الوجود واحتلت اراضي دولتين عضويين في الامم المتحدة وتحلم بالمزيد، والعالم المتحضر يتفرج ولا يتدخل سوى بالكلام الفارغ .
لننتظر ما سيحدث في قادم الايام .