دور إيران التخريبي في المنطقة أصبح هدفاً استراتيجياً لأميركا

للأسف تغيرت السياسة الأميركية تجاه  منطقة الشرق الاوسط في عهد الرئيس أوباما, وأصبح لأميركا سياستان واحدة مع بلدان الشرق الوسط وسياسة اخرى مع بقية دول العالم.

  طبعاً السياسة الاميركية الثابتة والمبنية على المصالح المتبادلة والتي تأتي بالنفع على الطرفين, نلاحظها في كل من اوروبا واليابان وكوريا الجنوبية, حيث استثمرت اميركا اموالها و دماء ابنائها لتحرير هذه البلدان من الحروب التي ابتلت بها, ثم وضعت لها البرامج التنموية اللازمة, مثل برنامج مارشال الشهير, وكانت نتيجبة هذه الاستثمارات تعاون مشترك مفيد ومربح للطرفين, للبلدان التي تم الاستثمار بها من جهة ولاميركا ذاتها من جهة اخرى, وكلنا نعرف مدى التقدم العلمي والاقتصادي الذي حدث في اوروبا واليابان وكورية الجنوبية بفضل الاستثمارات الاميركية فيها.

  حاولت اميركا ان تتبع نفس هذه الطريقة في كل من باكستان وأفغانستان والعراق وليبيا والصومال, ولكن للأسف شعوب الشرق الأوسط يختلفون عن بقية شعوب العالم, وعلى ما يبدو ان التقدم والتحضر والازدهار ليس من اولوياتهم, وإنما لديهم اولويات اخرى وهي التبعية والعبودية لرجال الدين الذين يعبدون لهم الطريق الى الجنة حيث الحور والغلمان.

  وللاستفاضة بموضوع خيبة امل اميركا في الشرق الأوسط راجعو مقالنا:”هل ستحجر اميركا على الشرق الاوسط؟”.

  طبعاً اميركا دولة عظمى, ومن المعروف بأن الدولة العظمى لا تخسر أبداً, وهي دائما تربح في كل الاحوال وكل الظروف, فإذا لم تربح اميركا منك عن طريق المنفعة المشتركة و التعاون معك في مجال الاقتصاد والتقدم العلمي, فهي يمكنها ان تربح منك ايضاً بطريقة اخرى اذا قررت ان تعاندها وترفض التعاون معها, فتتركك وتحجر عليك, لكي تتفكك داخليا عن طريق ما يسمى بحروب الجيل الثالث, وهذا ما يحصل الان في كل من سوريا والعراق ومصر والسودان وليبيا والصومال وإيران والحبل على الجرار, … والاطراف المتصارعة في حروب الجيل الثالث تحتاج الى منتجات وسلع, منها الاسلحة والغذاء والدواء وإعادة الإعمار ومن ثم إعادة الهدم ,,,, الخ وهكذا دواليك,  وأيضاً هناك الكثير من مختلف السلع التي تحتاجها في ظروف الصراعات الداخلية, وبذلك تستفيد اميركا من بيعك مثل هذه السلع.

  إذا, من هنا نستنتج بأن لدى الدول في العالم خياران لا ثالث لهما, اما ان تختار الطريق الحضاري للتعاون حسب المعايير الدولية والاقتصاد التنافسي الحر ومعايير حقوق الانسان, او ان تختار معاييرها الخاصة المخالفة للمعايير الدولية,  وعندها يكون مصير مثل هذه الدول هو ان تقضي على نفسها من خلال حروب الجيل الثالث, وتصبح دول فاشلة, وتسير على هذا الطريق الآن كل من سوريا ومصر وليبيا والعراق وايران والسودان… الخ من هذه الدول الفاشلة.

  ما الذي يجعلنا نعتقد بأن اميركا تخلت عن سياستها المعتادة في التعاون البناء في الشرق الاوسط:

  أولا : كان بإمكان اميركا ان تسقط بشار الاسد بخمسة دقائق, وأما الفيتو الصيني والروسي فهو ليس له اي قيمة بالنسبة لأميركا, الا اذا كان يخدم سياستها ومصالحها, وقد قال وزير الخارجية الروسي لافروف مرات عديدة:” بأن أميركا كانت سعيدة لاستخدامنا حق الفيتو”!  ولكن اميركا لم تسقط نظام الاسد, وهي لم تفعل ذلك بسبب فشل سياستها في العراق وليبيا وغيرها من دول الشرق الاسط, والمذنب هنا ليست اميركا, وانما من ساهم بإفشال سياستها البناءة في الشرق الاوسط,  ونقصد هنا بشعوب الشرق الاوسط وديكتاتورياتها المتسلطة عليها.

  ثانيا: كان بإمكان اميركا ان تغض النظر عن تسليح الثوار السوريين والذين كادوا ان يسقطوا نظام المجرم بشار الاسد, ولكن بدل من ذلك وضعت حظراً على تسليحهم, وبالمقابل  غضت النظر عن المساعدات الايرانية والروسية له, وبذلك ساهمت ببعث الحياة من جديد ينظام الاسد, لتستمر حرب التفتيت الداخلية او ما يعرف بالجيل الثالث من الحروب.

  ثالثا: كان يأمل معظم العرب وخاصة السعودية والشعب السوري بأن تقوم اميركا بإسقاط نظام بشار الاسد, وبذلك تحصد عصفورين بحجر واحد! فمن جهة هي توجه ضربة قاسمة لنظام الولي الفقيه الايراني ومشاريعه النووية والاقليمية في المنطقة, ومن جهة ثانية تخلص الشعب السوري من الطاغية المجرم الذي حكمهم لاكثر من اربعين عام وتخلص المنطقة من شروره وجرائمه ؟… ولكن شئ من هذا لم يحدث والذي حدث هو ابرام صفقات مع كل من ايران لإيقاف برنامجها النووي ومع النظام السوري لتفكيك سلاحه الكيماوي.

  أي مما سبق نستنتج بأن ما يهم اميركا بالمنطقة ليس التعاون البناء معها من اجل مصالح شعوبها, ولكن ما يهمها هو شئ محدد وواضح, النووي الايراني لانه يمكن ان يشكل تهديد ما لمصالحها ومصالح حلفائها , وتجريد النظام السوري من السلاح الكيماوي لأن استخدامه مخالف للمواثيق الدولية.

  أما الدور التخريبي لايران ضد شعبها ومساهمتها بتفتيت المنطقة بحروب داخلية, فهذا لا يهم السياسة الاميركية الجديدة بالمنطقة, لا بل يصب في مصلحة استراتيجيتها الجديدة في المنطقة.
اما الدور التخريبي للمجرم بشار الاسد ضد سوريا وشعبها وضد المنطقة بشكل عام فهذا أيضاً لا يهم الإستراتيجية الاميركية الجديدة في المنطقة لا من قريب ولا من بعيد, وإنما يساهم بإستراتيجيتها الجديدة بالمنطقة.

من هنا نستنتج بأن اميركا حصلت على ربحها كاملاً عن بعد ومن دون ان تتدخل, ومن دون حتى ان تخسر فلساً واحدا او جندي واحد, وهذا ما تعلمته خاصة من تجربتها في العراق بعد ان استثمرت الكثير من المليارات والجنود هباءاً.

  رابعاً: لم يعد من مصلحة اميركا محاربة التنظيمات الارهابية الاسلامية في المنطقة لانها تعرف بان هذه التنظيمات من صناعة وتمويل الاجهزة الامنية في المنطقة, من اجهزة امنية ايرانية وباكستانية و خليجية و مصرية وسورية وسودانية… الخ من هذه الاجهزة المرتبطة بالانظمة الاستبدادية الشرق اوسطية, لا بل هذه التنظيمات الارهابية تصب في مصلحة الاستراتيجية الاميركية الجديدة في المنطقة وتشجيع الدمار الداخلي لهذه الدول , وكل ما يهمها من هذه التنظيمات هو إصطياد بعض الرؤوس الكبيرة والتي يمكن ان يشكلوا تهديدا لامنها بواسطة طائرات الدرون من دون طيار حتى ولو قتل بعض الابرياء في هذه الهجمات.

  وفي الختام نحن نأسف بأن المعارضة الرسمية السورية لم تختار التعاون مع اميركا من اجل اخراج بلدنا وشعبنا من محنته القاسية وانما اختارت الطريق الخاطئ بإستعداء اميركا, وهذا ما جعل اميركا تغض النظر عن تدخل ايران وحزب الله وروسيا في حرب المجرم بشار الاسد ضد الشعب السوري, مما أدى الى تدمير سوريا وتهجير وتشريد شعبها, والسؤال الذي نطرحه هنا متى تفهم المعارضة ابسط مبادئ السياسة العالمية ؟

  من الواضح بان المعارضة السورية هي معارضة فاشلة وهي خليط من الاسلاميين واليساريين والقوميين وهم ما زالو يؤمنون بنظرياتهم الايديولوجية و التي تعود الى العصر الحجري, ومن المؤكد بأن هذه المعارضة لا تفقه حتى المبادئ الاساسية في السياسة , هذا ناهيك عن المبادي الاساسية في الاقتصاد, وحتما ستفشل في قيادة بلدنا وشعبنا حتى بعد سقوط بشار الاسد ويا للأسف.

 مواضيع ذات صلة:

هل ستحجر اميركا على الشرق الاوسط؟

About طلال عبدالله الخوري

كاتب سوري مهتم بالحقوق المدنية للاقليات جعل من العلمانية, وحقوق الانسان, وتبني الاقتصاد التنافسي الحر هدف له يريد تحقيقه بوطنه سوريا. مهتم أيضابالاقتصاد والسياسة والتاريخ. دكتوراة :الرياضيات والالغوريثمات للتعرف على المعلومات بالصور الطبية ماستر : بالبرمجيات وقواعد المعطيات باكلريوس : هندسة الكترونية
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.