دكاكين المخابرات العراقية

يبدو ان عددا من المرجعيات الدينية بدات تدخل على خط المواجهة مع الحكومة التي مازالت تثير حفيظة كل من تابع ادائها السياسي والاجتماعي.

فمنذ عدة اشهر لاتخلو خطب الجمعة من حث الناس على معرفة هوية وصدق مرشحيهم كما افتت بعض هذه المراجع بعدم اعادة انتخاب من هم في السلطة الان.

لاشك ان هذا الامر يثلج الصدر،وبتحفظ، بعد ان كسر قاعدة تجنب رجل الدين الدخول في متاهات السياسة وكانها بعبع تلوح به الدولة لاخافة من تراوده نفسه من رجال الدين بالدخول الى هذا العالم.

وفي موقف صريح تماما من هذه الحكومة ماقاله احمد الصافي ممثل المرجعية في خطبة الجمعة الماضية حيث تطرق الى خطورة تعدد اجهزة الاستخبارات والتي بلغ عددها،كما يقول ، 6 اجهزة ترتبط بشكل او باخر مع السلطة التنفيذية.

لنتمعن بالخبر ونرى التخبط الحقيقي الذي تعيشه هذه الحكومة التي لاتعرف من السياسة الا اسمها ومن الادارة الا رشف القهوة في كافتيريا البرطمان او التراشق ” بالقنادر”.

قال احمد الصافي في خطبة صلاة الجمعة في الحضرة الحسينية إن “ما حدث يوم أمس من تفجيرات واقتحام لبعض الوزارات يؤشر إلى وجود تهديد حقيقي فالبلاد تشهد تأرجحا أمنيا منذ عشر سنوات، كما ان استمرار التفجيرات يعني استمرار وجود الخلل في الأجهزة الأمنية”، متسائلا عن “المصلحة من تعدد تلك الأجهزة وعدم ترتيبها الأثر الواضح على الواقع الأمني”، فهناك أكثر من 6 أجهزة معلوماتية استخبارية في العراق توصل المعلومة للجهات التنفيذية ولكن الأخيرة لا تأخذ بها وهو ما يؤدي إلى حدوث تفجيرات”.

وأوضح الصافي ان “طرق التفجير أصبحت أشرس من سابقاتها وهذا يعني ان الشخص المنفذ متمكن ولا يهتز عندما ينفذ تلك العمليات وهو مؤشر خطير يدل على وجود تداعيات أمنية بشكل أخطر مما هي عليه الآن”.

وشدد الصافي على ضرورة “إيجاد الحلول الجذرية والحقيقية في عمل الأجهزة الأمنية من جميع النواحي بدءا من اختيار الأشخاص وولائهم للبلد والتدريب والطرق المتبعة في رصد ومكافحة العمليات الإرهابية”، متسائلا “من المسؤول عن هذه الدماء وما هي المعالجات لهذا الملف الشائك والمعقد؟”.

الذي يهمنا في كل ماقاله الصافي هو وجود 6 اجهزة مخابراتية ترتبط مع السلطة التنفيذية.

يخيل لاولاد الملحة ان كل ملياردير ،وما اكثرهم في هذه الحكومة، او كل من يقود ميليشيات مسلحة سعى ونجح في مسعاه بتشكيل جهاز مخابرات خاص به عمليا ومرتبط بالسلطة التنفيذية صوريا.

ويشطح الخيال ببعض هؤلاء الاولاد بعيدا ليتصوروا سعي اصحاب الكروش الدولارية الى البحث في سوق المخابرات عن دكان يبيع الاجهزة المخابراتية مع افرادها وضمن المواصفات العالمية مبتعدين عن شراء الماركات الصينية او الروسية مقبلين على الماركة الامريكية حسنة السمعة.

وجود 6 اجهزة مخابراتية لايعني الا معنى واحدا وهو وجود 6حكومات كل منها يعمل على طريقته الخاصة في استحداث وسائل قتل جديدة للابرياء.

لقد تيقن الارهابيون من هذه الحقيقة واستغلوها ابشع استغلال وبنجاح باهر وماكان من استهداف وزارة العدل يوم الخميس الماضي الا مثالا ساطعا على ذلك.

ليس جديدا القول ان هذه الاجهزة وبالتضامن مع السلطة التنفيذية لايهمها ابدا ارواح الابرياء ولاتكترث بسيل الدماء الذي يسيل غزيرا منذ 10 سنوات .. المهم ان يظل اعلى مسؤول في هذه السلطة على الكرسي.

فاصل مخابراتي: لدينا 6 دكاكين للمخابرات ولكننا لا ندري من من هذه الاجهزة هو المسؤول الحقيقي عن امن المواطنين؟

سؤال بطران مو؟.تواصل مع محمد الرديني فيسبوك

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.