دعوة للشرك بالله

god1كان فيما مضى الشرك بالله جريمة يعاقب عليها الإسلام بالردة وبالكفر وبالزندقة كصفة تلتصق في شخص وعقل وقلب كل من يدعو مع الله إلهاً آخر, وكان يومها الحكمُ كله لله وحده لا شريك له ومن أُسس وقواعد الإسلام: (أنت تؤمن بالله وملائكته وكتبه) وأن لا تشرك مع الله إلها آخر, وهذا حتى الآن كله مفهوم ولو كنتُ أنا في ذلك الزمن لآمنتُ بهذه الدعوة في وسط مجتمع بدوي ليس فيه قوانين مدنية عصرية وليس فيه حياة عصرية, ولكن تعالوا معي لننظر إلى زمن المسيح: حيث أن المسيح ظهر في وسط مجتمع زراعي ومجتمع تتواجد فيه القوانين العصرية الرومانية حيث نظّمت الدولة الرومانية أصول المعاملات بين الناس وظهر هذا أيضا في المقاطعات وفي المدن التي تسيطر عليها الدولة الرومانية, وكان موسى قبل ذلك قد جاء بالناموس مما أدى عند ظهور المسيح أن يعترف بتلك الأنظمة والقوانين من خلال مقولته عندما سألوه عن الجزية للإمبراطور-;-أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله), من هنا ومن هذا المنطلق تعترف المسيحية بأن هنالك نظام آخر يحكم الناس غير النظام الإلهي ويجب احترام هذا القانون والسجود عند قدميه كما يعفّر المؤمن جبينه وهو يسجد تحت أقدام الله.

أما بالنسبة للإسلام فلم تكن هنالك في عهد محمد حياة عصرية لذلك أراد هو وأصحابه الذين خلفوه من بعده أن يُنظموا حياة الناس التجارية , أي الدينية والدنيوية مما أدى في الإسلام إلى ظهور سلطة(ثيوقراطية) لا يوجد فيها تمييز بين ما هو دنيوي وما هو ديني, فالدين يجب أن يكون مثل الديانة المسيحية مقتصرا على تعليم الناس وتربيتهم على المحبة وعلى التسامح وأن لا يتدخل الدين في الأمور الدنيوية مثل تنظيم حياة الناس وضبطها على إيقاع القوانين المدنية العصرية والتي هي ليست من صنع البشر بقدر ما هي من صُنع الظروف وما تفرضه طبيعة الحياة وتطوراتها وتجلياتها.

ونحن اليوم نقف على أبواب المجتمع المدني الحديث بكل مؤسساته الحكومية وغير الحكومية والشبه حكومية أو كما يقال عنها قطاعات الدولة الخاصة, ونحن من هذا المنطلق نطلب من الدين الإسلامي أن يقبل الشراكة معه في الحُكم وأن لا تقتصر العلمانية الإسلامية فقط لا غير على إبعاد الدين عن السياسة بل أيضا إبعاد الدين عن النقابات المهنية والأحزاب السياسية وإبعاده أيضا عن المؤسسة العسكرية , وأن لا يتدخل بقضايا المرأة وأن يبتعد الإسلام بكافة مؤسساته عن ما تفرضه طبيعة الحياة السياسية على المرأة من فِكر ومن تقنين وأن يترك الدين مؤسسة الزواج والعائلة(النواتية) لعلماء الاجتماع.

هذا ما نسميه بصراحة قبول الشِرك بالله, أي أن نقبل بالحياة العصرية وأن نقبل بالمؤسسات القانونية كشريكٍ لله في تنظيم حياتنا وتربية أولادنا وأن لا يبقى الدين مهيمنا على حياتنا الدنيوية يجب أن نمارس الحياة بما تمليه علينا طبيعة الظروف الحديثة للحياة العصرية, يجب أن نقبل اليوم بالشِرك بالله كمسلمين يجب أن يشترك مع الله في حكمنا كل ما هو عقلاني ومنطقي وأن تظهر في حياتنا الشعبية أخلاقاً جديدة تخص ملابس المرأة على اعتبار أن الأخلاق تختلف من مجتمع إلى مجتمع آخر وتختلف طبيعة الأخلاق من عصر إلى عصر , وأن نقبل بمساواة المرأة بالرَجل وبأن ترتدي ملابس عصرية تظهرُ فيها بكامل زينتها وأناقتها وأن يعتاد الرجل على قبول المرأة بمظاهر عصرية, إن الشرك بالله اليوم واجب علينا جميعا ويجب أن ندعو مع الله إلها آخر أو لنسميه قانونا آخر يحكم حياتنا.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.