دانيل هنان- دايلي تيليغراف – ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي
إحدى النساء استمعت إلى رجال مسلحين موالين للأسد بينما كانوا يعذبون زوجها حتى الموت في المسجد, وذلك بعد أن حولوا الصوت إلى سماعات الآذان بحيث سمعت كل البلدة صوته وهو يصرخ.
أخرى من حلب, أخبرت أنه إن لم يسلم زوجها نفسه للاعتقال, فإنها وبناتها سوف يغتصبن. وعندما عاد إلى البيت اغتصب هو وقتل أمام عينها.
الرعب الجاري في سوريا حرفيا خارج نطاق الخيال.
حاول أن ترسم صورة لما كتبته للتو وسوف ترى أن أفكارك سوف تجنح بعيدا جدا. الأمر نفسه صحيح بالنسبة للأرقام. 2.3 سوري هربوا من البلاد, وهناك 9.3 مليون آخرين شردوا في الداخل.
قبل عام مضى, معظم المراقبين كانوا يتوقعون سقوطا وشيكا للأسد ونهاية سريعة للقتال. ولكن ليس هناك أي واحد يفكر بتلك الطريقة الآن. جيل كامل من الأطفال السوريين يتربون الآن في الدول المحيطة.
الأمر لم يعد يتعلق بتزويدهم بالطعام والبطانيات بل تعدى ذلك لتوفير المدارس والملاعب والعيادات الطبية.
أمضيت الأيام الأربعة الماضية في مخيم على الحدود التركية مع فريق مكون من 50 برلمانيا من يمين الوسط من 12 دولة أوروبية, وهم أعضاء في التحالف الأوروبي للمحافظين والإصلاحيين.
حيث قمنا بتوزيع الألعاب والملابس كما أنشأنا ملعبا لكرة القدم وحالما انتهينا منه قدمنا مباراة افتتاحية فيه (حيث تقدم فريق المنفيين السوريين على المحافظين الأوروبيين 5-4).
جميع البرلمانيين سمعوا قصصا كتلك التي كتبتها, وصدقوني, سماع القصص من أفواههم ليس كقراءتها في الصحف. ردة فعلنا كانت أن هناك ما يجب القيام به, بحيث يكون كبيرا وحاسما يضع حدا للمأساة.
هذه المعادلة مفهومة ولكنها في غير محلها. يجب أن تتناسب السياسة العامة مع الهدف الذي نريد تحقيقه, وليس مع الغضب الذي نشعر به. كل لاجئ التقينا به كان يريد توجيه ضربة عسكرية ضد نظام الأسد, ومن الغريب أننا لم لم نقم بذلك. ولكن ذلك لا يعني أن التدخل العسكري الإنجلو أمريكي في سوريا سوف تكون نتائجه أفضل من الأضرار التي سوف يحققها.
ولكنني لست متأكدا من أن الأمر نفسه ينطبق على الدول المجاورة مثل قطر والسعودية الأردن والإمارات. هذه الدول تلقت عشرات المليارات من الدولارات كمساعدات عسكرية أمريكية, ويمكن أن تنشرها بصورة مناسبة – لفرض منطقة حظر طيران- دون أن يكون هناك أي تبعات سلبية يمكن أن تنشأ نتيجة التدخل الغربي. ومع ذلك فإن ذلك ليس من ضمن أهدافنا أيضا.
وجهة نظري تحديدا هي أن هناك أمور خارج سيطرتنا ومشاكل ليس لها حلول.
بينما كنا في المخيم التقينا مع قادة عسكريين وسياسيين من المعارضة السورية.
جميعهم كانوا مصممين على نقطة واحدة وهي أنه ليس هناك أي فرصة للوصول إلى تسوية دون الإطاحة بالأسد وأعوانه. لم يطالبوا بتفكيك أجهزة الدولة كاملة, كما قالوا إنه سوف يكون للبعثيين مكان في التوزيع الجديد للحكم. ولكن أولئك المحيطين بالرئيس يجب أن يرحلوا.
أفهم كيف يفكروا. إنهم يعيشون يوميا مع فصص كتلك التي سمعناها من اللاجئين. كيف لهم ألا يطالبوا بالعدالة ؟ وكيف يمكن أن لهم يجلسوا بطيب خاطر مع القتلة ؟
من وجهة نظر الأسد, فإن توجههم هذا يزيل أي حافز للحوار.
بغض النظر عن الوعود التي يمكن أن تقدم الآن, فإن المنفى سوف يعني عمرا كاملا من القتال لمحاولة محاكمته في لاهاي.
وهكذا فإن المذبحة سوف تستمر, حتى يستنفذ أحد الطرفين عسكريا. وسوف تنشر سوريا الفوضى والصراع السني الشيعي على امتداد المنطقة.
المئات قتلوا في لبنان نتيجة للتفجيرات وذلك مع استهداف الميليشيات المتصارعة بعضها في المساجد, كما أن مستوى القتل الطائفي في العراق يشهد أعلى معدل له منذ 2006.
يمكننا معالجة المصدومين نفسيا والمشوهين والمنفيين. ويمكننا تمويل الدول المجاورة. ويمكننا تقريب الفصائل من بعضها البعض. إننا – بريطانيا والغرب بشكل عام – قادرون على أن نقوم بكل هذه الأمور. ولكن ليس بوسعنا وقف الفظائع.
قبول ذلك ربما يكون أصعب شيء من بين كل تلك الأمور