داعش والمستقبل العربي

حقيقة بأن عبد الناصر أيقظ الإحساس العربي بالوحدة وبالكرامة.. ولكن هذا الإحساس لم يرتبط بتطرف إسلامي وما ’عرف wifabaghdadyبالصحوة الإسلامية إلا بعودة الخميني من فرنسا.. وتسلمه مقاليد الحكم في إيران.. وتنكّر الخميني لكل وعوده بالديمقراطية والإصلاح لفرنسا بعد العوده والوصول إلى السلطة.. وهو ما وثّقه المذيع أحمد منصور خلال لقائه مع الرئيس الإيراني المعزول بني صدر في برنامجه.

نظرت منظمات المعارضة لأنظمة الحكم في الدول العربية، بإعجاب إلى التجربة الإيرانية وقدرتها على الإطاحة بنظام الشاه الموالي لأميركا التي دعمت أنظمة ديكتاتوريه للحفاظ على مصالحها.. ولم توفر الثورة الإيرانية جهدا أو تمويلا في محاولة الوصول إلى هذه التنظيمات المعارضه عن طريق الدعم المالي وعن طريق الترويج لعودة الحكم الإسلامي للشعوب العربية الذي ومن المفروض أن ’يمثل الحرية والعدالة والإنعتاق من أنظمه مواليه للغرب وفاسده.. ولكن ما ساهم في تنفيذ أحلام المعارضات القومية والتي كانت وللأسف ما زالت بلا رؤية إستراتيجية لما بعد الإطاحة بمثل تلك الأنظمة.. هو الحرب ضد السوفيات في أفغانستان.. حين إستغلت اميركا الغزو السوفياتي بغباء شديد وعدم رؤية عميقة لما بعد إيقاظ هذا الشيطان وروّجت لفكر بن لادن الجهادي.. وفتحت لهم أبواب افغانستان مشرّعة للجهاد.. ولكن وبعد خروج السوفيات…. وبعد إنتصار طالبان ووجود القاعدة.. توجه الكثير من الجماعات الجهادية الوطنية إلى أفغانستان كملاذ آمن وموقع تخطيط ومعسكرات تدريب للقيام لاحقا بهجمات إرهابية ضد أنظمتها الحاكمة تحت عباءة الجهاد.. وهو بالتأكيد ما يقع إستراتيجيا في قلب فكر القاعدة لإستعادة الدولة الإسلامية والخلافة الإسلامية!

ركّزت القاعدة خلالها على توفير التدريب لهؤلاء المتمردين أمثال..”” الجماعة الإسلامية المقاتلة الليبية” و “الجماعة الإسلامية المسلحة الجزائرية” و “الجماعة الإسلامية المصرية”. ومجموعة القتال التونسية” في تونس، و “المجموعة الإسلامية المقاتلة المغربية” في المغرب، و “الحركة الإسلامية لأوزبكستان” في أوزبكستان، و “حركة تركستان الشرقية الإسلامية” في الصين، و”الجماعة الإسلامية” في إندونيسيا، و “جيش عدن أبين الإسلامي” في اليمن.””وبقيت أفغانستان مرتعا آمنا لكل هذه التنظيمات إلى أن أخرجتها القوات الأميركية وفرّقتها وقضت على القاعدة..ولكنها فشلت في القضاء على هذا الفكر.؟

معظم هذه التنظيمات عادت لتظهر بقوة وبعضها تحت أسماء جديدة لترتع في الساحة السورية وخلقها كقاعدة ثانية بعد أفغانستان…منها:

“”جيش المهاجرين والأنصار” والمكوّن من جماعة قوقازية شيشانية جاءت لسوريا منذ 2012 إختارت مؤخرا إسما جديدا لها هو “إمارة القوقاز في بلاد الشام”. جماعة جند الشام وتمثل أغلبية لبنانية.. جماعتان سعوديتان “كتيبة صقور العز” و “الكتيبة الخضراء”. تنظيم “أسود الخلافة المصري”.. كتيبة البتار الليبية وترتبط مع أنصار الشريعة في ليبيا.. الكتيبة المغربية المعروفة بإسم “”حركة شام الإسلام “”.. تجمعهم جميعا فكرة الجهاد والدولة والأمة!

كلها على علافة وثيقة بالقاعدة وفروعها بما يعني انهم جميعا على علاقة سواء بجبهة النصرة.. الممثل الرسمي للقاعدة…أو بداعش كأقوى تنظيمين إسلاميين حاليا يحملان الفكر الجهادي وإحياء العمل بالقوانين االتشريعية الإلهية لأنها الوحيدة الأصلح لمستقبل الأمة الإسلامية..

نستطيع تقسيم هذه الحركات إلى.. واحدة تستخدم سوريا كمركز للإعداد لحركة تمردية وإثارة الإرهاب في اوطانها ( كما حدث في السعودية قبل سنوات ) وهو ما أثار وأرعب الدول العربية.. ثم كتائب مقاتلين اخرى تتكون من مقاتلين مستقلين جاءوا من أقاصي العالم لمساعدة السوريين للقضاء على النظام الفاسد كما في:

“”الجهاديون السويديون الذين انتظموا تحت راية جماعة “مجلس شورى المجاهدين ” والبريطانيون الذين شكلوا كتيبة “راية التوحيد ” الهولنديون والفلمنكيون “دو بازيس” وشام الملاحم” والفرنسيون “فرقة الغرباء “”. وهو ما أرعب الدول الغربية؟؟؟؟ وهو ما عمل على إجماع إقليمي ودولي للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش سابقا ) بإعتباره تنظيما إرهابيا يهدد الأمن الإفليمي والدولي سواء بسواء…. ولكن وحتى هذه اللحظه بدون خطة عمل.. وإن كان بتنسيق أمني للحد من دخولها لبلدان أخرى مثل لبنان.. والأردن.. والسعودية.

العامل المشترك الموحّد الأعظم بين هذه التنظيمات.. هو راية الجهاد في سبيل الله..لإعتقادهم وإيمانهم بأن عالمية الدعوة وصلاحها للعالم كله هي مبررهم لنشرها سواء بالإقناع ام بالسيف..أي عن طريق الغزوات وما صاحبها من قتل وغنائم وهو ما نراه على الشاشات الفضية من جز أعناق. وإستيلاء على أموال السكان والبنوك.. ثم نصرة الإسلام والمسلمين بالقضاء على الأنظمة والحدود على أنه الطريق للدولة الإسلامية الواحدة وهو الحلم الذي ما يزال يدغدغ أحلام الطبقه الفقيره ذات التعليم المنخفض وقليلة الخبرة بالتطورات العالمية سوى التكنولوجيه منها… التي تؤمن بأن الخلافة أرقى ما وصلت إليه البشرية و أفضل ما ’يقتدى به لإصلاح الأوضاع الإقتصادية والسياسية والأمنية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ متناسين بان الخلفاء قتلوا بعضهم بعضا. وبأن آخر خلافة عثمانية تركت العالم العربي في ظلمات الجهل والجوع…

يعتقد البعض بأن الأسباب لظهور مثل هذه التنظيمات إضافة إلى نظرية المؤامرة التي تعشعش في العقل العربي…والتي تتحدث عن مخطط غربي لإعادة تقسيم المنطقة مرة أخرى في تقسيم طائفي جديد يتناسب مع مصالحها.. ما كتبه احد الصحفيين البارزين بأن أهم أسباب ظهور هذه التنظيمات.. هو.. “” غياب أي قوة حقيقية داخل منظومة الدول العربية المعنية يمكن أن تردعهم وتصدهم وتمنعهم من تنفيذ مخططاتهم “”

وهو ما يطرح السؤال التالي..

كبف لأي قوة في هذه الدول أن تردعهم عن الجهاد وهو أعلى قيمة للمسلم.. والطريق الأسرع لدخول الجنه؟؟؟؟ كيف لأي نظام عربي أن يتناسي مصالحه في البقاء على كرسي السلطة وهو ما يتوافق مع الدعوة الدينية لإطاعة أولي الأمر..؟؟؟ ما هي القوة الحقيقية التي تستطيع أن ’تشكك في صلاحية الخلافه.. أو حتى الإعتراف ب… لكم دينكم ولي دين؟؟؟

ظهور داعش.. والنصرة وأخواتها ليس بمفاجئا.. بل هو النتيجة الحتمية لأمرين..

الأول.. مساندة القوى الأميركية والغربية لأنظمه متعفنه ,, وفشلها في حل القضية الفلسطينية حلا عادلا يتوافق مع المواثيق الدولية ومع مواثيق حقوق الإنسان وحماية كرامة الإنسان الفلسطيني… وهو ما نتفق عليه جميعا..

الثاني.. ترك الأنظمة الساحه لفقهاء الدين للترويج لكل مامن شأنه وضع العراقيل في طريق التنمية المجتمعية والفكر الحر للخروج من التقديس الشامل للتراث والأشخاص ووضع هذا التراث في سياق ظروفه تلك والإعلان بعدم صلاحيته لظروفنا الحاليه والواقع العالمي الذي نعيش فيه والذي وبسبب هذا التراث أصبحت المنطقه العربية خطرا على نفسها وعلى العالم وكل ما حولها..

عزيزي القارىء..

تهديد الدولة الإسلامية يمتد ليعبر القارات.. وخطرها لا يقتصر على المنطقة العربية وحدها.. خطرها في تشددها العقائدي والمستند إلى أيدلوجية كامنه في معظم العقول العربية… خطرها في أنها تضم بعضا من أفضل هذه العقول وهم خريجي المدارس الغربية.. خطرها في تعصبها الطائفي.. فما بالك بتعصبها ضد معتنقي الأديان الأخرى.. خطرها أنها قد تعمل على توحيد كل هذه التنظيمات الإسلامية.. الأمر الذي دعا إليه الظواهري مؤخرآ.. وربما ومن أجل هذه الوحدة يتنازل عن القياده في القاعدة ويقبل بالخضوع والولاء لها؟؟؟؟

..وهو ما سيكون وبالا على المنطقه برمتها إن حصل هذا التوحيد… لأنه سيضاعف من قدرتها العسكرية ومن قدرتها على إستقطاب شباب مسلم متعطش لفكرة الأمة الإسلامية..و’مسيّر بجهلة لا أفق لديهم..وماذا لو تبعته النصرة في هذا الولاء..؟

بهذه الوحدة ما الذي يمنع داعش من محاولة دخول السعودية.. خاصة ومع وجود أكثر من ثلاثة آلآف مقاتل سعودي في صفوفها حاليا كما يشاع.. وربما ضعفه في اليمن يقاتل تحت فرع القاعدة..والذي قد ’يقدّم الولاء في حال قدّم الظواهري الولاء أم لا؟

مالذي يمنع هذا التنظيم الإرهابي من القيام بعملية ثأر هوجاء لمسلمي الصين الذين حرّمت عليهم الحكومة الصينية الصيام.. خاصة ومع وجود تنظيم إسلامي معارض في إقليم شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمه بينهم؟

إن إدانة داعش وأخواتها.. “”الدولة الإسلامية “”.. من الحكومات العربية ليس بكاف على الإطلاق إن ماقاله القرضاوي ” بالتحذير من فتح باب الإجتهاد لأنه قد يؤدي إلى الفوضى.. لأن هذا الباب قاصرآ على رجال الحل والعقد فقط وهم العلماء الفقهاء المتخصصين “” ما هو إلا طريقة أخرى لتنصيب فقهاء الدين أمثاله لقيادة المجتمعات العربية.. وهو ما حصل سابقا… ما يجب ان يتم هو الإعلان الصريح والواضح من قبل الجميع برفض كل أشكال الإرهاب.. تحت أي مبرر وتحت أي غطاء وإدانة وتعرية هذا الفكر…

أعتقد بأن أسرع طريق للتخلص من هذا الفكر ومن هذه المنظمات يجب أن يبتدىء أولآ بلجم فقهاء الدين.. مترابطا مع إصلاحات جذرية على كل الأصعدة السياسية.. والإقتصادية..والتعليمية.. إصلاحات ترتبط بالمواثيق العالمية لحقوق الإنسان وتأسيس لديمقراطية حقيقية بلا تفسير ولا تأويل ولا ثقافة خاصة…. فنحن بشر مثل بقية خلق الله.

تحالف الدول العربية مع القوى الغربية للقضاء على الدولة الإسلامية… سيعمق الفجوة بين الأنظمة والشعوب.. وسيعمل على تعزيز ما ’تروّج له هذه التنظيمات الإرهابية.. وبالتالي ستحصل على تأييد ضمني لها من الشعوب. بما يجعل دخولها لأي دولة عربية أخرى ممكنا.. لهروب عناصر جيوشها.. تماما كما حدث في هروب الجنود العراقيين؟؟؟؟؟؟

بصيره للحقوق الإنسانية

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.