داعش لم تــُحطـّم آثار آشور …!!
لا تبتأسوا أيها المحزونون بمجزرة داعش الجديدة .. منذ مئات السنين و نحن في مجزرة تلـو الأخرى ، مجزرة تـلد مجزرة .. حتى أدمنـّـاها و صارت جزءً من تركيبتنا الثقافية و الفكريــة و السوكيـّة ..!
–
عندما أرى مجزرة داعش ( ألآثاريـّة ) بعيون المستقبل ، كأنـّي أرى معاولهم تهوي على جماجم شيوخ الـعُـهر الديني اللذين أستحضروا في عقولهم و نِتاجهم الفقهي و الفكري كلّ نصوص الموت و القتل و الذبح و الكراهية و التكفير و الـفـُرقـة و التشرذم ، و حَـقـنوها في دماء المسلمين … بدلاً عن نصوص الوحدة و المحبّة و الرحمة و الحياة ..! منذُ مجزرة كربلاء الى المجازر الفكرية والـفقهية التي حصدت فـكر و حياة أبن رشد و أبن عربي و الرازي و أبن الراوندي و المعتزلـة و الحلاّج … الى مجازر الذبح ( الحلال ) في أسواق بغداد و طُرقاتها والتي حصدت حياة البسطاء و الفقراء و الأبرياء ..!
–
الشيعة المسلمون ذُبحوا ، و السنـّة المسلمون ذُبحوا .. الكل يذبح الكل ، كلـّما سنحت لـهُ الفرصة و كـلـّما توفرت بيدهِ أدوات الذبح .. هذا لا ينام دون أن يشرب كأساً مُـترعـة من دم ذاك .. و ذاك لا يحيا ألاً بـلعق دم هذا .. لا يهم التخريجة الفقهية للذبح .. بل المهم ترسيخ ثقافـة شُـرب الـدم ، الذي كان مُحرّما يوماً ما كما أتذكـّر ..! و كأن الأسلام لم يقل يوماً ( أنا أرسلناك رحمة للعالمين ) ولا قال ( أن الله كان بكم رؤوفـاً رحيما ) ولا ( ما يفتحُ الله للناس من رحمة فلا مُـمسكُّ لها و ما يُمسِك فلا مُرسلَ لـهُ مِن بعده ) ولا ( ولو شاء ربـّك لجعل الناسَ أمـّة واحدة ) ولا قال ( مَن شاء فليؤمن و مَن شاء فليكفـر ) .. نسخوا آيات الرحمة و المحبـّة و الحرّية ، بآيات القتل و الكراهية و العبودية .. فاستحالت حياة المسلمين الى صراع من أجل فـناء الآخـر ..!
–
ما فعلـتهُ داعش في آثارنا الآشورية ليس هدماً ( لأصنامـنا ) التاريخية .. بل هو هـدم لأصنامهم الحقيقية التي عبدوها و يعبدوها من دون الله .. جاء مُـحمّد لـهدم الآلـهة المزيـّـفة العديدة .. لـيوّحد المسلمين باتجاه آلـه واحد لا شريك لـه .. طاوعـهُ المسلمون بادئ الأمـر، و بعدهُ عادوا فأنـتجوا آلـهة جديدة منحوها مفاتيح بوّابـة الوصول الى الله .. فتحوّلـت المفاتيح و حامليها الى مقدّسات لا يأتيها الباطل من بين أيديها و لِحاها ..!
–
الـغزوة الجديدة لـداعش على تاريخنا و تراثـنا ، ستفتح بوابات السماء على مَصاريعها للأجيال القادمـة من المسلمين كي يروا الله الحقيقي دون مكاتب سكرتارية تـفرز العدو مِن الصديق .. و تـُـفلـتر المؤمن مِن الكافر .. و تعزل المُوالـي عن المُـعادي … الله وحده قادر و كـفيل بسبر أغوار القلوب .. وهو وحده مَن يُـقـرّر و يـفرز فريق الجنــّة عن فـريق الـنار ..!
–
بقدر ما نزف القلب دماً على مشهد مجزرة الآثـار … بـقدَر ما شعرتُ أنها بشارة الخلاص للمسلمين من الأصنام البشرية التي أطاعوها و عبدوها مِن دون الله ..!
هيـثم الـقيـّم