خواطر صينو – عربية: أرسلتهم يغرفون العلم

لم تجد الصين خيرا أو ضررا في إرسال طلابها إلى أميركا. إذا أردت أن تنافس يجب أن تنزل من منصة المتفرجين إلى حلقة السباق. هذا ما لم يفعله السوفيات لأسباب زائفة ودفعوا ثمن التعنت المتخلف؛ سقوط النظام برمَّته. أذكر أنه لسنين ظلَّت موسكو تهاجم واشنطن لأنها تحجب عنها «الجيل الرابع من الكومبيوتر» مما يعيق تقدُّمها في كل الحقول ويبقيها في الصفوف الخلفية. الحاذق الصيني لم يتوسل الجيل الرابع ولا السادس ولا السادس عشر. أرسل طلابه إلى
M.I.T
، يتعلمون على أستاذ أميركي ويجلسون إلى جانب تلميذ أميركي ويدخلون معا المختبر الأميركي.

لكي يتجنب دنغ كسياو بنغ الانهيار السوفياتي، استعان بفكر وتجربة اثنين من أشهر المفكِّرين الرأسماليين: لي كوان يو وميلتون فريدمان. لم يرَ في استشارة صيني من سنغافورة إهانة لميار صيني من الأرض الأم. معادلة آية في البساطة: واحد متقدم وواحد متأخر، وعلى الثاني أن يتعلم من الأول.

الصين التي تحتل المرتبة الثانية بين الأمم، لا تدين بذلك لأشعار الكتاب الأحمر والجثث التي بسطها ماو على مدى الصين، بل لبضعة علماء، جاء أحدهم إلى الحكم عام 1965 ومعدل دخل الفرد السنوي في بلاده 400 دولار. الآن، خمسون ألف دولار (50000 ألف دولار). كم هو في إيران؟ هل هناك شيء يسمى الدخل في كوريا الشمالية؟ كم كان في سوريا؟ كم هو في مصر؟

ليس هناك زعيم عالمي لم يطلب مشورة لي كوان يو، في شكل أو في آخر. حتى الرجل الممتلئ عجرفة علمية، طلب رأيه. حتى جاك شيراك، وضع خلفه سمعة فرنسا الثقافية، وقال للسنغافوري العجوز: هات نوِّرنا! خليفة بن زايد أيضا سأله: كيف يمكن للدول المتوسطة أن تفيد من تجربتك؟

في سوريا هتف نائب في مجلس الشعب مطالبا بأن يحكم السيد الرئيس جميع العالم من أجل أن تفيد جميع شعوب الأرض من خبرته في الحكم والإصلاح. المشورة الوحيدة التي طلبها بعض الزعماء العرب كانت من رجال القمع في نظام هتلر ورجال الأمن في برلين الشرقية وبوخارست.

موقف الصين في سوريا، بارد، جاف، وغير أخلاقي. وتبعيتها لموسكو بهذا الأسلوب المعلَن، تشبه اتباع بوليفيا (سابقا) لأميركا في موضوع إسرائيل. وكان يليق بالصين موقف آخر من الإنسان وقضاياه ومن الأمم وتفسخ مصائرها.

منقول عن الشرق الاوسط

 

About سمير عطا الله

كاتب صحفي لبناني الشرق الاوسط
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.