خلاف أيمن جابر ومنذر الأسد: حرب شوارع في اللاذقية

montherassadأسعد أحمد العلي: المدن

لم تكن ليلة الأحد/الاثنين عادية بالنسبة لقاطني حي الزراعة ذي الغالبية العلوية بالقرب من جامعة تشرين في اللاذقية، إذ اندلعت حرب حقيقة في هذه البقعة السكنية الصغيرة، أبطالها “شبيحة” يتبعون لمنذر الأسد، ابن عم الرئيس السوري، أحضروا عربات “دوشكا” وشنوا هجوماً مباغتاً عند الثالثة والنصف فجراً، مستهدفين البناء الذي يقطن فيه أيمن جابر وشقيقه محمد، أبرز رجال النظام، وقادة مليشيا “صقور الصحراء” و”فرقة مغاوير البحر” التابعة لها، والتي يشرف أيمن شخصياً على عملياتها.

الهجوم الخاطف الذي استمر أقل من عشرين دقيقة، وهُزم فيه بشكل سريع حرس أيمن جابر، لم يسفر عن ضحايا واقتصرت الخسائر على الماديات. لكن حالة من الرعب عاشها سكان المنطقة طوال ساعات، نظراً لاستمرار توتر الاجواء حتى شروق الشمس.

أحد قاطني الحي أكد لـ”المدن”، أن “استدعاء الشرطة كان شبه مستحيل، فالشرطة في هذه المواقف تأخذ موقف المتفرج، ولا تسجل حضوراً أو بحثاً يذكر حول الحادث”.

روايات كثيرة بدأت بالانتشار عن سبب هذا الخلاف، الذي يعتبر الأول من نوعه. فعلى الرغم من هشاشة علاقة آل الأسد مع المتعاونين معهم، وانتشار شائعات غير مثبته عن خلاف هنا أو اشتباك هناك، إلا أن الخلاف هذه المرة خرج للعلن. جهات نافذة، طلبت عدم تداول الحادثة في مواقع التواصل الاجتماعي، وأكدت على ضرورة التكتم على ما حصل، وسط تخوف الناس في الخوض في مثل هذه الأمور، نظراً لشراسة الطرفين المتصارعين.

مصادر مقربة من أيمن جابر أشارت إلى خلاف كبير بينه وبين منذر الأسد، بسبب نجل منذر؛ حافظ، نظراً لمحاولة الأخير قتل أيمن جابر لأسباب غير معروفة، واصرار جابر على النيل منه، ما دفع منذر لاخفاء ابنه في قرية القرداحة التي تنحدر منها عائلة الأسد وتعتبر حصنها الحصين.

ويعود سبب الحادث المباشر لرغبة منذر الأسد في توجيه تحذير لجابر بعدم التعرض له، والتوقف عن تضييع الوقت في البحث عن ولده، وإلا ستكون حياة شقيقه محمد جابر هي الثمن. رد جابر أتى سريعاً، فبعد نصف ساعة من الهجوم المباغت، قطع شبيحته بداية طريق القرداحة، لإيقاف أي موكب سيارات متجه إلى هناك، وضربها بأسلحة رشاشة لإحداث عطب فيها من دون التسبب في القتل. ونجحوا فعلاً في ضرب موكبين متجهين إلى القرداحة، الأمر الذي أدى لاستنفار بعض أبناء القرية وحملهم السلاح للوقوف بوجه “الغرباء” كما أسموهم. وارتفعت الأصوات بضرورة الرد عبر مهاجمة قرية الشبطلية مسقط رأس آل جابر، الذين حصنوا منطقتهم بشكل جيد جداً، استعداداً لأي حدث.

ليست هذه المرة الأولى التي تشهد فيها اللاذقية حوادث اطلاق نار خلال السنوات الخمس الماضية، لكن غالباً ما اقتصرت الأمور على بعض الشبيحة الصغار، ولم يصل للرؤوس الداعمة. فحيّ الزراعة يشهد تبادلاً لاطلاق نار وحرب شوارع مصغرة بين الحين والآخر، لأسباب يمكن أن تكون رهاناً أو لعبة قمار خسرها طرف معين.

ولعل الاشتباك الأشهر التي شهده حي مارتقلا بين فواز الأسد وابن خالته مروان ديب، بداية التسعينات، يشبه إلى حد كبير حادثة آل جابر وآل الأسد اليوم، لكن السبب وقتها يعود لخلاف حول تجارة المخدرات، ووصلت القصة لمستويات عليا قررت ايقاف موضوع “التشبيح” الذي اشتهرت به اللاذقية قبل أن تعرفه بقية المحافظات، لتعود الظاهرة من جديد وبقوة مع بداية الثورة السورية العام 2011.

يبقى الترقب والحذر سيّدا الموقف حالياً، خصوصاً وأن انباء تؤكد استدعاء محمد جابر ومنذر الأسد إلى دمشق لمحاولة حل الخلاف بين العائلتين. وعلى الرغم من خبرة النظام في دفن مثل هذه الأمور، يبقى لهذا الحادث وقعه على اللاذقية التي يشهد ريفها معارك حساسة جداً، ترجح الكفة فيها حتى الآن للفصائل المعارضة، التي شنت هجوماً معاكساً استعادت من خلاله مناطق حساسة اربكت النظام وحلفاءه بشكل كبير. وفي الوقت ذاته، يرزح وسط المدينة تحت ضغوط مليشيات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة، تتحكم في مفاصلها، ومن المتوقع أن تشتبك مع بعضها في أي وقت. ولعل الاشتباك بين آل الأسد وجابر، هو بداية فصول تفكك النظام من الداخل.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.