اكتشف السرقة وكتب عنها في صفحته في الفيسبوك الكاتب العراقي المتنور المختص في التراث الاسلامي رشيد خيون : يا بؤس الثقافة والجوائز خالد عزب المصري والعامل في المكتبة المصرية يفوز كتابه … فقه العمران .. بجائزة مؤسسة الفكر العربي بيروت بينما الرجل سارق وسرق فصل من كتاب الباحث العراقي ميخائيل عواد
عنوان المادة: خالد عزب المصري يسطو على كتاب ميخائيل عواد
اسم الكاتب: زيد بن رفاعة
إن السَّرقة الأدبية، التي نسميها بسرقة الحروف، مِن أفظع أنواع السَّرقات، لأنها تجمع بين عدة مسروقات: العلم والضمير والجهد والمال، وإذا قلت كيف المال؟ أقول: لأن السَّارق يسترزق بها. كنت أبحث عن شخصية زين الدين الآمدي، الذي عاش في القرن السادس وبداية الثامن الهجريين، وكنت قد قرأت في كتاب الباحث والمحقق الفذ العراقي ميخائيل عواد، المتوفى السنة 1995، المسمى “صورة مشرقة مِن حضارة بغداد في العصر العباسي”، ففيه فصول عن الحضارة الإسلامية الزاهرة ببغداد آنذاك، وكان فيه فصلاً عن كتابة العميان تحت عنوان “في بغداد استنبطت الكتابة البارزة للعميان”، وكان هذا الفصل مقالاً نشره عواد تحت عنوان “العرب أول مَن اخترع الكتابة البارزة للعميان” في مجلة أهل النَّفط، العام 1954، ثم نشره في كتابه هذا.
وقلت أبحث قليلاً في عالم الانترنت لعلي أجد شيئاً آخر عن الآمدي، وإذا اعثر على مقال لخالد عزب تحت عنوان: “الآمدي مستنبط الكتابة البارزة للعميان”، فلفت نظري العنوان وتذكرت ما كتبه ميخائيل عواد، ذلك الرَّجل الذي كان صوفياً تقياً في الأمانة العلمية، ويعيش في متاحف ومكتبات المخطوطات، كي يستخرج منها ما يُذكر بأمجاد علمية وأدبية للعرب المسلمين وهو المسيحي العراقي.
ففتحت كتاب ميخائيل عواد والفصل الخاص بكتابة العميان، وأخذت أقرأ في الكتاب وأقرأ في مقال أو (بحث) خالد عزب، وإذا به أخذ نص الفصل من الألف إلى الياء بدون أي إضافة أو نقيصة أو إشارة أو تعليق. وهناك أنقل شيئا من المقدمة والوسط والخاتمة، لأن نقل المادتين من المنتحل عزب والمنتحل منه العلامة عواد تجعلنا أمام مادة واحدة مكررة لا أكثر.
ورد في مستهل فصل كتاب عواد نصاً: “يذكر التاريخ الحديث، أن رجلاً فرنسيًّا اسمه برايل
(Braille)
كان أعمى لا يُبصر، استنبط في سنة 1829م – أي منذ نحو مائة وخمسين سنة- الأسلوب المنسوب إليه لتعليم العميان القراءة والكتابة، وقد خُلَّد اسمه وشرَّف قومه الفرنسيين بهذا الاستنباط الخطير الذي أخذت به أمم العالم في تعليم العميان. ولكن من يدري أن رجلاً عربيًّا، كان أعمى أيضًا لا يُبصر، اسمه زين الدين علي بن أحمد الآمدي العابر عاش في حدود سنة سبعمائة للهجرة – أي قبل نحو سبعمائة سنة- كان السابق في هذا المضمار، وإليه يرجع دون سواه الفضل كله في ابتداع الكتابة البارزة للعميان”(حضارة بغداد في العصر العباسي، 97- 98).
ورد في (بحث) خالد عزب نصاً: “يذكر التاريخ الحديث، أن رجلاً فرنسيًّا اسمه “لويس برايل” كان أعمى لا يبصر، استنبط في سنة 1829م أي منذ نحو مائة وخمسين سنة الأسلوب المنسوب إليه لتعليم العميان القراءة والكتابة، وقد خُلِّد اسمه وشرفه الفرنسيون بهذا الاستنباط الخطير، الذي أخذت به أمم العالم في تعليم العميان. ولكن من يدري أن رجلاً عربيًّا، كان أعمى أيضًا لا يبصر، اسمه “زين الدين علي بن أحمد الآمدي العابر” عاش في حدود سنة سبعمائة للهجرة أي قبل نحو سبعمائة سنة كان السابق في هذا المضمار، وإليه يرجع – دون سواه – الفضل كله في ابتداع الكتابة البارزة للعميان”(عزب، الآمدي مستنبط الكتابة البارزة للعميان، الجمعة 4 يوليو 2008 موقع أون إسلام، الأمة اليوم- علوم على الرابط:
www.onislam.net/arabic/…/132412-2008-07-04-173927.html
وكان قد نشره العام 2001 في إسلام أون لاين).
ورد في منتصف كتاب العلامة عواد نصاً: “صَنَّف جملة كُتب، وله تعاليق في اللغة والفقه، وكان يتَّجر بالكتب، أما قصة استنباطه الكتابة البارزة الخاصَّة بالعميان. فهي أنه كان يُحرز كتبًا كثيرة جدًّا، وكان إذا طُلب منه كتابٌ، وكان يعلم أنه عنده، نهض إلى خزانة كُتبه واستخرجه من بينها، كأنه قد وضعه لساعته، وإن كان الكتاب عدة مجلدات، وطُلب منه الأول مثلاً أو الثاني أو الثالث أو غير ذلك، أخرجه بعينه وأتى به”.
ورد في (بحث) خالد عزب نصاً: “صَنَّف الآمدي جملة كتب في اللغة والفقه، وكان يتّجر بالكتب، أما قصة اكتشافه الكتابة البارزة الخاصة بالعميان فهي أنه كان يحرز كتبًا كثيرة جدًّا، وكان إذا طُلب منه كتاب، وكان يعلم أنه عنده، نهض إلى خزانة كتبه واستخرجه من بينها، كأنه قد وضعه لساعته، وإن كان الكتاب عدة مجلدات، وطُلب منه الأول مثلاً أو الثاني أو الثالث أو غير ذلك، أخرجه بعينه وأتى به”. نشهد لعزب أنه كلف نفسه وجعل عبارة عواد: “صنف جملة كُتب وله تعاليق في اللغة والفقه”: “صَنَّف الآمدي جملة كتب في اللغة والفقه”!
خاتمة فصل العلامة عواد نصاً: “وهذا الأسلوب هو بعينه الكتابة البارزة الخاصة بالعميان. وهو أمر يدُلُّ دلالة لامعة على عناية أولئك الأقدمين بأمورٍ يُظَنّ أنها من مبتكرات العصور الحديثة ومستنبطات المدنية الحاضرة”.
خاتمة (بحث) خالد عزب نصاً: “وهذا الأسلوب هو بعينه الكتابة البارزة الخاصة بالعميان؛ وهو أمر يدل دلالة قاطعة على عناية أولئك الأقدمين بأمور يُظَنّ أنها من مبتكرات العصور الحديثة ومستنبطات المدنية الحاضرة”. الشهادة أن عزب كلف نفسه وجعل لامعة قاطعة!
قلنا فصل العلامة ميخائيل عواد “في بغداد استنبطت الكتابة البارزة للعميان” انتحل كاملاً من كتابه “حضارة بغداد في العصر العباسي” من قِبل خالد عزب، وكان المسطو على كتابه ميخائيل عواد معروفاً، وكتبت عنه صحيفة “الزمان” ونشر عنه الأديب حميد المطبعي أكثر مِن مقال، فهو ولد في الموصل شغل مناصب عدة في مراحل وحقب زمنية منها مدير للمكتب الخاص في وزارة الخارجية. وارتبط بعلاقات وثيقة مع المستشرقين الذين زاروا العراق ويحتفظ في مكتبته برسائل ومخطوطات تعود اليهم، ومن بين هؤلاء الأمريكي برنارد لويس والنمساوي كوتشالك.
ويعتبر من أبرز المنقبين في خزائن التراث والتاريخ العراقي، وتردده الى المجلس العلمي للأب أنستاس ماري الكرملي وتعلم منه الكثير، وأصدر 14 مؤلفا كلها تصب في موسوعة الحضارة والتراث والتاريخ، وأشهر مؤلفاته دير قني موطن الوزراء والكتاب الذي طبعه في بيروت العام 1939 وسعى الى اصدار المخطوطات التي كانت في حوزته في ثلاثة مجلدات تتعلق بالمستشرقين الذين زاروا العراق. هذا والحديث عن هذه الشخصية الفذة يطول.
أما خالد عزب فنجد له سيرة ذاتية موزعة على عدة مواقع، يكتب في أكثر من مكان، ويُدعى من قِبل العواصم لإلقاء محاضرات في التراث والعمران، وله مسؤولية في مكتبة الإ،سكندرية، ويُقدم نفسه بالدكتور والباحث، وتعالوا نقرأ ما جعل لنفسه من سيرة ذاتية: ليسانس آثار من كلية الآثار جامعة القاهرة . ماجستير في الآثار الإسلامية، نال درجة الدكتوراه من كلية الآثار – جامعة القاهرة، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. عضو جمعية إحياء التراث العلمي للحضارة الإسلامية. عضو جمعية الآثار والفنون الإسلامية عضو اتحاد كتاب مصر. عضو اتحاد الأثريين العرب. عمل مفتشاً للآثار الإسلامية بمنطقة آثار جنوب القاهرة بالمجلس الأعلى للآثار بمصر، ومشرفاً على مشروع إنقاذ وتطوير أسوار صلاح الدين بالقاهرة. عمل مفتشاً مرافقاً لبعثة مركز البحوث الأمريكي التي تقوم بترميم منزل أحمد كتخدا الرزاز بباب الوزير بالقاهرة.
ويقوم بأعمال الحفر الأثري للكشف عن أسوار صلاح الدين بالقاهرة. عمل محرراً للشؤون الثقافية والإسلامية بمكتب صحيفة “الشرق” القطرية. عمل بمشروع ترميم آثار رشيد عمل بمشروع ترميم آثار مدينة فوة. عمل بمشروع ترميم منازل رشيد الأثرية. شارك فى حفائر قلعة العبد رشيد. يعمل حاليا مديراً بالإنابة لمركز الخطوط في مكتبة الإسكندرية. ورئيس تحرير مجلة أبجديات – مركز الخطوط (مكتبة الإسكندرية). ومدير تحرير لمجلة” مشكاة” (المجلس الأعلى للآثار). يعمل محرراً للتراث بمكتب صحيفة “الحياة” اللندنية بالقاهرة. والآن مدير إدارة المشروعات الخاصة بمكتبة الإسكندرية.
ما شاء الله وتبارك. أجزم أن سارق الدرهم لحاجة يُعذر، لكن لا عُذر لسارق الحرف، وعلى وجه الخصوص فتحت أمامه كل هذا المجد الثقافي والعلمي! وأجزم أيضاً أن سارق نصاً لا يمكن أن يكون نزيهاً في بقية ما يكتب، لذا على المؤسسات التي يعمل فيها سُراق الحروف أن تراجع ما كتبوه لها وحققوه لها من مخطوطات، وما كشفوه لها من آثار. كان خالد عزب يتصور أن ميخائيل عواد مات وانتهى، وأن العراق نفسه ليس في موقف أن يفتش عن ممتلكاته في العلم والأدب، وكم كانت السرقة ساذجة أن تسطو على فصل كامل، وكم يظن أمثال خالد عزب أن القارئ ساذج لا يفرق بين ميخائيل عواد وخالد عزب!