خالد بن الوليد ويونان العاشق
جهاد علاونة
كان خالد بن الوليد أصلع الرأس,عظيم الجثة,وكان رجلا مزواجا أي كثير الزواج والطلاق,مات عن عُمرٍ يناهز على الرابعة والخمسين جراء إصابته بالطاعون,لم يهزم خالد بن الوليد ولا في أي معركة لا في الجاهلية ولا في الإسلام,ويعتبر بحق ظاهرة عجيبة من ظواهر قادة الجيوش المشهورين عالميا وتاريخيا,انتصر على جيوش مُدربة على أعلى المستويات بينما كانت جيوش خالد من الحفاة العراة من غير المتدربين على فنون القتال, قال عنه المسيحيون في ذلك الوقت بأن غضب الرب قد حل عليه لكثرة ما نزل بالنصارى من ذبحٍ وتقتيل في بلاد السريان وفارس أثناء فتحه للعراق ولبلاد الشام, والذين سقطوا في مرض الطاعون قُُدروا بالآلاف من المسلمين , ولم يكن أحد يعرف كم هم عدد أبناء خالد بن الوليد ولكنهم قُدروا تقديرا واستقر الرأي على أن خالداً ترك وراءه أربعين ولدا من صلبه لم يعش منهما إلا ثلاثة وكانت كُنيته(أبو سليمان) أما الباقي فقد ماتوا جميعهم بالطاعون الذي فتك بالعرب الفاتحين لبلاد الشام في منطقة عمواس في شمال الأردن حاليا وهي نفس المنطقة الجغرافية التي يعيش بها كاتبُ هذه السطور وقبور الصحابة الذين ماتوا بالطاعون لا تبعد عن منزلي سوى مسيرة عشرة دقائق في السيارة, قتلَ مالك بن نويرة ودخل بزوجة مالك قبل إتمام عدتها,كان على خلافٍ دائمٍ مع عمر بن الخطاب حول مركزية الحكم إذ كان عمر بن الخطاب منذ أن تزوج خالد بزوجة مالك بن نويرة (ليلى) وغدره بالقبيلة التي قتلت عمه(الفاكه) يحثُ رسول الله على عزله وأثناء زواجه من زوجة مالك حثَ أبا بكرٍ الخليفة الثاني للمسلمين بأن يعزل خالد بن الوليد عن قيادة جيوش الفتح والنهب والسلب ليولي مكانه (أبو عُبيدة عامر بن الجراح), وحين مات أبو بكرٍ وتولى عمر بن الخطاب الخلافة كان أول قرارٍ استصدره هو عزل خالد بن الوليد عن قيادة الجيوش الإسلامية,وكان هذا أثناء معركة اليرموك.
ولم يكن خلاف عمر بن الخطاب مع أبي بكرٍ إلا حول مركزية الحكم حيث كان أبو بكرٍ الصديق يعطي كامل الصلاحيات للولاة ولقادة الجيوش حول إدارة شئونهم أما عمر بن الخطاب فقد كان يتدخل بكل كبيرة وبكل صغيرة ولا يسمح لأي قائد أو لأي والي من ولاة المسلمين أن يتصرف بأي شيء إلا بعد أن يرجع إليه في كل شيء, وإذا أردنا أن ننظر للإسلام من ناحيةٍ فكرية نجد بأن الإسلام أصلا ما هو إلا اجتهادات عمر بن الخطاب أما من ناحية عسكرية فقد كان الإسلام عبارة عن خالد بن الوليد فهو الذي انتصر على مسيلمة في معركة الحديقة وسقط الشهداء والقتلى بالآلاف المؤلفة وانتصر خالد في معركة أجنادين وفي معركة السلاسل وفي معركة اليرموك وكل الفتوحات الإسلامية تعود إليه ما عدى فتح (مصر)وكان خالد بن الوليد مرتاح جدا مع أبي بكرٍ الصديق بحيث كان يسمح لخالد بن الوليد بأن يتصرف كيفما يشاء وكيفما يرى رؤيته للحكم وللحروب.
ويقال بأنه لم يكن يحفظ ولا آية من آيات القرآن…وفي قصيدة مدح فيها أحد الأعراب خالد بن الوليد كان خالد قد أعطى الشاعر الذي مدحه مبلغا وقدره(1500) درهما من دراهم الرومان وكانت هذه هي الشعرة التي قسمت ظهر البعير بين خالد وعمر حتى استدعاه عمر بن الخطاب إلى المدينة المنورة فقدم خالد بن الوليد ومعه 80 ألف دينارٍ وحين سأله عمر:من أين لك هذا؟أليس هذا من بيت مال المسلمين؟أجابه خالد بأن له 60 ألف دينارٍ وعشرون ألفا لبيت مال المسلمين فأعاد عليه عمر نفس السؤال من أين لك هذا فأجاب خالد هي(سلب) الذين قتلتهم حيث خُضت في حياتي 40 معركةٍ رئيسية و49 معركة فرعية وكنت كلما قتلت فارسا روميا أو فارسيا أأخذ أمواله وذهبه لي وكل ما يملكه الفارس, وكنت أرسل بخمس أموال النهب والسلب والجزية لبيت مال المسلمين, لقد خشي عمر بن الخطاب على نفسه وعلى المسلمين من انتصارات خالد بن الوليد فأمره في آخر أربعة سنوات من عمره بأن يلزم بيته وبأن يتقاعد عن العمل وأجرى عليه عطاء دوريا يُقدرُ بأربعة آلاف درهم رومي,وكان سخيا كثير العطاء والكرم لم يعرف لا الادخار ولا التوفير ومات قائد الفتوحات الإسلامية على فراشه بالطاعون كما قال عن نفسه: لقد شهدت مئة زحف أو زهاء ها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء وذلك سنة 21هـ/642م.
غدر خالد بن الوليد ب(مسيلمة) في معركة الحديقة والتي تقع حاليا في جنوب الرياض وغدر بقبيلة جُذيمة وكانت الحرب بالنسبة له غدرا وانتهازا للفرص,وكان الغدر بمسيلمة بوصية من محمد(ص) نبي الرحمة الذي أمر المسلمين بقتل مسيلمة وبالغدر به إن تمكنوا منه ومن يومها أصبح الغدر شيمة القادة المسلمين وهي اليوم ركيزة ترتكز عليها بعض الأجهزة الأمنية في الدول العربية حيث يجوز لهم الغدر بالمثقفين وبالمبدعين حيث لا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة, فقد أعاد خالد بن الوليد مسألة الغدر أثناء حصاره لمدينة دمشق مع(يونان العاشق) الذي ساعد خالد بن الوليد على فتح أبواب دمشق أثناء حصاره لها وتخليص ضرار بن الأزور من الأسر الذي وقع به أثناء عملية الحصار,واقترح أو اشترط يونان العاشق على خالد بن الوليد بأن يزوجه من التي يعشقها وتعشقه ذلك أن أهل معشوقة يونان كانوا يرفضون زواجه من ابنتهم في نفس الوقت الذي اشترط فيه خالد بن الوليد على يونان العاشق بأن يدخل في الدين الإسلامي, وكانت معشوقة (يونان)على دين المسيحية وحين نجح يونان العاشق بفتح أبواب مدينة دمشق شعر القائد الروماني المسيحي بالنهاية الوشيكة فاتفق مع أبو عبيدة على تسليم مدينة دمشق والخروج منها بينما خالد بن الوليد فتحها من جهة أخرى بالغدر بأعدائه وأذعن خالد بن الوليد لرغبة أبي عبيدة عامر بن الجراح بأن يبرّ بقسمه للقائد الروماني إذا أن خالد فتح المدينة من جهةٍ أخرى بالسيف وفتحها أبو عبيدة عامر بن الجراح بالاتفاقية السلمية من جهةٍ أخرى ولكن(يونان العاشق) تضرر بهذا الشأن …وسمح خالد لهم بأن يخرجوا من دمشق بأسلحة خفيفة وبأن يتركوا وراءهم كل أموالهم ومتاعهم ولا يأخذون منها إلا ما يسدون به جوعهم لحين أن يصلوا إلى أنطاكية , وهربت أو خرجت معشوقة يونان هي وأسرتها من ضمن الذين خرجواواقترح يونان العاشق أن يضرب خالد بن الوليد عرض الحائط بالاتفاقية مع الرومان بعد ثلاثة أيام حيث الاتفاقية مدتها ثلاثة أيام ولحق خالد بن الوليد بالجيش الروماني من طريقٍ مختصر كان يونان العاشق قد دله عليها وأدركهم قبل وصولهم إلى أنطاكية وأخذ منهم معشوقة (يونان العاشق) ولكن المعشوقة غضبت غضبا شديدا على يونان حبيب قلبها بسبب دخوله في الإسلام فآثرت الانتحار فانتحرت على أن لا تتزوج من رجلٍ مسلم كسر الصليب وباع دينه بدين الدجالين كما تصورت هي هذا الموقف,وكان موقف معشوقة يونان اتراجيديا مؤلما ومحزنا وموقفا عقائديا انتصرت فيه العقيدة المسيحية على العقيدة الإسلامية في قلب المعشوقة إذ كانت تفهم طبيعة الدين الإسلامي فقد كانت تحب يونان أيام كان مسيحيا ولكنه سقط من عينها عندما أصبح مسلما أما يونان العاشق فقد مات عليها حزنا وألما وكمدا ومات مع جيوش المسلمين فيما بعد أثناء فتح مصر على ما أظن,وكل المناطق التي فتحها المسلمون لم تتقدم في المجالات الإنسانية الفكرية والثقافية حتى اليوم فمنذ ذلك التاريخ ونحن نعيش في ركود فكري.
مقال رائع
على رأي الاستاذ جهاد تعود تقاليد الغدر بالاجهزة الامنية العربية بالمواطنين المثقفين الى خالد بن الوليد
لقد احزنني هذا المقال , لانه يقول بان مدينة دمشق سقطت من اجل امرأة
كل المودة