حول الإسلام السياسي

أكثر شيء يجعل مني رجلا مشمئزا من الإسلام السياسي,هو أن جميع الأحزاب الإسلامية السياسية ذات الطابع السياسي electarseوالتي تتمتع باحترام جماهيري واسع لها في كل الدول العربية نتيجة استغلال سذاجة المسلمين البسطاء,نعم, أكثر شيء يجعلني أنفر وأشمئز من تلك الأحزاب ذات الطابع السلفي, هو أن كل تلك الأحزاب تعترف بالديمقراطية حين يكون الأمر متعلقا بالانتخابات,سواء أكانت انتخابات رئاسية كما حدث في مصر وهي أكبر مثال, وأيضا كما يحدث في انتخابات البرلمان ومجالس النواب في معظم الدول العربية التي تبدأ أو تنوي دخول الديمقراطية وحل الأحكام العرفية, ولا أريد الإطالة عليكم أكثر, وأريد أن أقول ما بنفسي عن تلك الجماعات, وهي أنها تعترف بالديمقراطية وبالحياة النيابية ولكن معظمها 100% بعد أن تصل إلى مراكز صنع القرار, تضرب بالديمقراطية عرض الحائط, ولا تعترف بأي سلطة أخرى عدى سلطتها, وتبدأ بمصادرة الحريات وبالتضييق على الصحافة وحرية الرأي, وتبدا بخنق كل أشكال الحياة البرلمانية والديمقراطية, ولا تريد من أحد أن يبقى معها في السلطة, وترفض كل أشكال الحرية وتعتبرها كفرا, وتدعي أنها الوحيدة صاحبة الشرعية, وحين تصل إلى قمة هرم صناعة القرار السياسي, نجدها لا تريد من الناس أن يمارسوا الحرية السياسية, ولا تريد أن ترى غيرها يفكر أو يكتب, كما حدث ذلك في إيران بعد الإطاحة بالشاة, فالحياة السياسية كانت في إيران رائعة جدا وكان في الشارع السياسي عدة تيارات فكرية وسياسية ولكن حين وصل الإسلاميون الشيعة إلى قمة صناعة القرار قاموا بإعدام تام لكافة أشكال الحياة السياسية والديمقراطية بعد أن كانت طهران متقدمة فكريا وحضاريا مثلها مثل باريس, وكانت هي من يلقب بباريس العرب وليس بيروت, أو لنقل أنها كانت تضاهي بيروت في الحياة السياسية.

وما يحدث في الشارع العام السياسي في أغلب الدول العربية هو أن أغلبية الناس توافق على انتخاب الإسلاميين كممثلين برلمانيين, وبعد ذلك لا يعترفون بالشرعية التي أوصلتهم إلى الحكم مطلقا, فهم ينادون بنبذ كافة أشكال الحياة الديمقراطية, ونجدهم يمارسون القمع على كل الناس, ويريدون كل شيء إسلامي, بدءا من ملابس الرجل والمرأة الداخلية إلى سياسة الاقتصاد وإلى اللعب بالتشريعات ورفض كل ما يخالف العقيدة الإسلامية البدوية المتسلطة, ولا يريدون أن يروا في الشارع الإسلام أناسا أحرارا في اختياراتهم الدينية, فالديمقراطية مثلا تستطيع إيصال الإسلاميين إلى السلطة ولكن الإسلاميين يريدون قطع السلم الديمقراطي الذي أوصلهم إلى مراكز صنع القرار لكي لا يصل إلي السلطة أحد غيرهم.

إن الحياة العصرية اليوم لا يوجد فيها إسلاميون فقط لا غير, فهنالك شيوعيون وهنالك ملاحدة وهنالك مسيحيون ومن ديانات مختلفة, وهنالك تيارات إسلامية أخرى وليس تيارا واحدا, وهنالك المؤمنون بمساواة المرأة للرجل في كل الواجبات والحقوق المدنية التي نص عليها قانون الأحزاب والأحوال المدنية والشخصية, وهنالك في الشارع عاهرات وعاهرون ومثليون جنسيون يريدون العمل داخل المجتمع بنظام مدني وأن تكون لهم حقوق وواجبات, طالما أنهم يعملون تحت سلطة القانون فما اضرر في ذلك؟وكل هؤلاء لهم الحق في ممارسة حياتهم على أرض الواقع, ولو يتاح في الدول العربية فتح المجال أمام التيارات الأخرى غير الإسلامية لتبين لنا بالدليل القاطع بأن هنالك أطياف وألوان أخرى عدى اللون الإسلامي الدارج على الساحة السياسية.

إن الخطأ الفادح الذي يرتكبه الحُكام والملوك والرؤساء العرب حاليا ومستقبلا هو أنهم لم يساهموا قط في تنشيط كافة أشكال الحياة السياسية في بلدانهم ولم يكونوا ليسمحوا لأحد بالعمل السياسي إلا للإسلاميين وحدهم , فكافة أجهزة المخابرات كانت وما زالت هي التي تصنع بالإسلام السياسي وغير السياسي, وهذا أدى بالإسلاميين بأن يعملوا بكل حرية وقامت دول الخليج بتوجيه أمريكي ببناء المؤسسات الدينية الإسلامية من أجل السيطرة على قلوب وعقول الناس وهذا ما زاد من شعبية الإسلاميين أو لنقل زاد من شعبية الإسلام السياسي وأدى بالإسلام السياسي بأن يسيطر على الساحة السياسية والاجتماعية ردحا طويلا من الزمن, وكانت أمريكيا تبارك هذه الحياة وتدعو لها من أجل أن يكون المد الإسلامي بديلا عن المد اليساري أو بديلا عن المد لكافة أشكال وأنواع أحزاب اليسار بكل أطيافها وأوانها, ولا أنكر بأن أمريكيا استفادة جدا من هذا النوع وخسرت بالمقابل ولكن كانت أرباحها أكثر من خسائرها في منطقة الشرق الأوسط بأكمله, وما يحدث اليوم في سوريا دليل على أن أمريكيا تجني أرباح كافة التيارات اليمينية الدينية المتطرفة وغير المتطرفة, وهذا موضوع آخر سندخل إليه يوما ما بالتفاصيل الكاملة, وعلى أي حال ما زالت الاتجاهات الإسلامية تحاول الاستفادة من الحياة الديمقراطية وبنفس الوقت تقتل بالحياة الديمقراطية عندما تصل إلى صناعة القرار والمشاركة في السلطة, كما كاد أن يحدث في مصر لولا تدخل السيسي الشجاع وانقلابه على الإخوان بثورة مضادة وهذا العيب قلة من المسلمين السذّج يعرفونه , فلا أحد يعلم أو الكثيرون يجهلون بأن أي اتجاه إسلامي سلفي سياسي يصل إلى السلطة عن طريق الانتخابات الشرعية ومن ثم لا يسمح بالحياة السياسية الديمقراطية مطلقا والمشكلة أن الإسلام مثل الشخص الذي يقف أمام المرآة وهو يرفض أن يرى في المرآة صورة غير صورته.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

2 Responses to حول الإسلام السياسي

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … ماقل ودل ؟
    لا تقلق ياعزيزي جهاد ممن ينبح او يصيح ، فالفكر الاسلامى ومعه فكر العروبيون الشوفينيين ان اجلا او عاجلا فهو الى انقراض شاؤوا ام ابو ، لان في عالم الغد لن يصح الا الصحيح ، ولأنهم لايقوون بعد الان على الصمود امام شلالات الحقائق والمعرفة التي عرت كل خفي ومستور ومهم كل ذي فكر كسيح وقبيل ؟

  2. س . السندي says:

    خير الكلام … ماقل ودل ؟
    لا تقلق ياعزيزي جهاد ممن ينبح او يصيح ، فالفكر الاسلامى ومعه فكر العروبيون الشوفينيين ان اجلا او عاجلا فهو الى انقراض شاؤوا ام ابو ، لان في عالم الغد لن يصح الا الصحيح ، ولأنهم لايقوون بعد الان على الصمود امام شلالات الحقائق والمعرفة التي عرت كل خفي ومستور ومعهم كل ذي فكر كسيح وقبيح ؟

    عذراً للأخطاء في التعليق الاول ، رغم ان اللبيب من سياق الجملة يفهم ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.