حوار مع دكتور أفنان القاسم: حول مشروعه عقد مؤتمر عربي عالمي

nabilaudehحاوره : نبيل عودة

للتوقيع على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل لم يكن هناك أقوى من مناحيم بيغين زعيمًا لليكود وتحت قلنسوته اليمين من أقصاه إلى أقصاه، وهذا ما يحصل اليوم مع بنيامين نتنياهو بعد استقالة موشيه يعلون وزير دفاعه، وترشيح أفيغدور ليبرمان بدله للتوقيع على معاهدة السلام بين فلسطين وإسرائيل وبين إسرائيل وكل الدول العربية كما يرتأي أفنان القاسم في مشروعه “المؤتمر العربي العالمي”، وهذه إشارة ثانية هامة وحاسمة بعد رفضه المبادرة الفرنسية التي لا تقدم ولا تؤخر شيئًا، بينما المبادرة الأفنانية تقدم حلاً لكل شيء، حلاً يرضي كل الأطراف، ويضع حدًا لكل المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى الأبد، وليس هذا كل شيء، فالإشارات الأمريكية كثيرة دعمًا للمؤتمر العربي العالمي وما يرمي إليه من أهداف تنهي حالة الحرب في المنطقة، وتؤسس لحالة سلم دائم، أولى الإشارات الخطوات الجادة لأمريكا نحو حل سلمي للمسألة السورية كما يقترحه المؤتمر على أساس لا غالب ولا مغلوب، وأخير الإشارات لا آخرها من تونس، وحزب النهضة الإسلامي يريد تبني فصل الدين عن الدولة، كما يدعو أفنان في كل مشاريعه التنويرية، كمقدمة لا بد منها وكمحفز من أهم المحفزات لكل الحركة الإسلامية في المنطقة لأجل التأسيس للعلمانية معًا وفاتيكان مكة والمدينة كما يدعو أفنان كذلك، والذي تُرشح أمريكا راشد الغنوشي لرئاسته. مع تسارع دقات الساعة في الساحات العربية والإسرائيلية والعالمية يجيء هذا الحوار المستفيض مع المفكر العربي والمواطن العالمي، وكعادته كان واقعيًا وبراغماتيًا وسحريًا في كل أجوبته، كله أمل، الإحباط لا يعرفه بعد أن تطعم ضده، وكله ثقة.

أفنان القاسم لك مكانتك الفكرية والثقافية، أديب وناقد ومفكر فلسطيني بارز، طرحت فكرة مؤتمر عربي عالمي أسوة بالمؤتمر اليهودي العالمي الذي انطلق لإقامة دولة يهودية في فلسطين. ما هي نقاط التماس بين المشروعين، وما هي نقاط التناقض؟

* إقامة دولة يهودية في فلسطين للمؤتمر اليهودي العالمي كانت الهدف الذي تأسس عليه، والمؤتمر كمؤسسة كان يتكون من منظمات يهودية في شتى أرجاء العالم، نحن لمؤتمرنا إقامة دولة فلسطينية هدف من بين أهداف ترتبط عربيًا ارتباطًا وثيقًا بالمشروع الأعظم الذي هو مشروع الحريات في العالم العربي، ومؤتمرنا كمؤسسة سيتكون من أفراد لا من منظمات، كل فرد في العالم عربيًا أم غير عربي يمكنه المساهمة في تأسيسه، فالعروبية كمفهوم غير العروبة كقومية، العروبية كالشيوعية كالليبرالية كالبوذية كالتاوية كالكونفوشيوسية كالصوفية كالوجودية كالدادائية تقوم على الكونية، فتنفي الانتماء الديني والعرقي والسياسي، نحن هنا على النقيض من الصهيونية التي تسعى لتأطير اليهود ثقافيًا ودينيًا واجتماعيًا، نفتح ذراعينا لكل البشرية حتى لليهود أنفسهم.

لاحظت أن مشروعك أثار اهتمام المثقفين العرب، لكنه لم يثر انتباه رجال السياسة العرب؟ ونحن نعلم أن واقع الثقافة والمثقفين العرب لا يحمل أي تفاؤل أو أي تأثير على نهج السياسة في مجتمعاتهم. كيف يمكن تحقيق هذا المشروع في مجتمعات تعيش كما أرى خارج التاريخ؟

* مشروعي أثار اهتمام المثقفين العرب وغير العرب من المحيط إلى الخليج، وخاصة أحرار بلدان الخليج وأحرار السعودية الذين روجوا لأهدافه، وجعلوا منها أهدافهم في الحرية والتحرير، حرية المرأة وتحريرها قبل حرية الرجل وتحريره، لأنه المشروع البديل لعقود من القهر والحرمان، مشروع الحياة بعد كل هذا الموت الذي ينيخ بالكلكلة علينا منذ عقود طويلة، وأنا دومًا ما أحاول النهوض من الموت، وكأن الموت شرطي الميتافيزيقي، لهذا كان المؤتمر العربي العالمي وليد هذا الشرط، قدمت له بسلسلة من المقالات رافقتها سلسلة من مقالات لكتاب يجمعنا تفاح الأمل، الذي قضمناه معًا، تحت استعارة مقالاتنا التي أتت أُكُلُها، فاستجاب النظام السعودي لنا عندما أنهى أعمال هيئة الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، واستجاب النظام الحماسي لنا عندما حول الأنظار عن انتهاك القدسيات (أنا هنا أعكس كما عكست مع الهيئة) بالاهتمام بالأسرى، واستجاب النظام المصري لنا عندما أوقف تمادي بلطجيته في إشعال النار بين أقباط ومسلمين وإرهاب يصنعه، واستجاب النظام الأردني لنا عندما اهتم لأول مرة في عمره السياسي الطويل بمدينتي الصامدة معان، إلى آخره إلى آخره. الساسة العرب أرعبهم المشروع (أنا لا أتكلم عن الصحفيين السياسيين العملاء لأسيادهم في الحكم)، فتحركوا بخجل، لكنهم تحركوا، اكتفوا بإشارات صغيرة، رغم أني واضح كل الوضوح عندما قلت أكثر من مرة وفي أكثر من مكان إننا لا نريد أن نعمل انقلابات على أحد، نحن نريد أن يتركنا الحكام العرب نعمل عنهم، الله يعطيهم العافية منذ عشرات السنين وهم هنا، ونحن لن نمس امتيازاتهم، وستكون لهم قصورهم كما كانت دومًا. أثَّرَت إذن مقالاتي ومقالات المحبين للمؤتمر على نهج السياسة في مجتمعاتنا، وعن الآخرين، مثقفي الخمسة ملاليم كما يدعوهم بريشت، نحن لا نريدهم، نريد من يريدنا، ونلفظ من لا يريدنا، هم وأفكارهم يقبعون خارج التاريخ، ومعهم مجتمعاتنا كما تقول، لكن هذا لا يمنع تحقيق مؤتمرنا وأهدافه في الحرية والتقدم واللحاق بباقي الأمم، على العكس حافزنا كبير بِنيويًا، لينين ارتقى بشعوبه ومذهبه الارتقاء شعوبه التي كانت في أوضاع أوسخ من أوضاعنا، وماو تسي تونغ، ومانديلا، ومصطفى كمال أتاتورك، ومصطفى كامل باشا، الرافد الثقافي إن لم يكن تصنعه دينامية التغيير، ولا تنس أن الثقافة في عصر التكنولوجيا اليوم ليست حكرًا على أحد.

هل يملك المثقف العربي القوة الدافعة لفرض رؤيته على مجتمع ما زال يعيش أبرز مثقفيه في المهجر؟

* المثقف العربي لن يفرض أية رؤية على مجتمعاتنا، المؤتمر العربي العالمي سيفرض كل شيء على مجتمعاتنا، فهو كمشروع حياتي للتقدم والحرية يقوم على عدة برامج ثقافية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية وحُلمية، وكما كانت المنظمات اليهودية في العالم عماد المؤتمر اليهودي العالمي، سيكون المثقفون العرب وغير العرب في العالم العربي والعالم –أضيف دومًا غير العرب لكونية وإنسانية مؤتمرنا- عماد المؤتمر العربي العالمي، جَذْبُهم كل ما نحتاج إليه، وَجَذْبُهم يتوقف على النجاحات التي سيحرزها المؤتمر أولاً بأول.

لا بد من ملاحظة، المؤتمر الصهيوني اعتمد على حالة يهودية مميزة، مستوى ثقافي داخل مجتمعاتهم، مستوى تعليم هو الأبرز بنسبته، مفكرون وعلماء ورجال سياسة لهم مكانتهم المميزة في مجتمعاتهم أولاً وعلى مستوى العالم ثانيًا، هذه الحالة يفتقدها العرب بهذه الكثافة وهذا التميز، ألا يؤثر ذلك على التحديات التي سيطرحها هذا المؤتمر؟

* صحيح ما تقول بخصوص المؤتمر الصهيوني، من ناحية الكم ومن ناحية الكيف، هم متقدمون عنا في زمنهم، وليس في زمننا المفتوح على كل الثقافات من كل الجنسيات، جون لو كاريه الروائي البريطاني الأشهر من نار على علم اعتبر نفسه أول عروبي، حسب المفهوم الكوني الأممي الإنساني الذي أوضحته، نحن نعيش اليوم في زمن، العالم مفتوح على بعضه حضاريًا، فالحضارة التي ترتدي ثوب العولمة العسكرية وتفعل ما تفعل في بلداننا تقابلها حضارة ترتدي ثوب العولمة الإنسانية التي هي العولمة كما نصنعها نحن التواقون إلى الحرية الظامئون لماء العلم القادرون على أن نكون كالآخر الذي هو مثلنا في أحلامه وأفعاله، هذا واحد من تحديات المؤتمر، وبِنيويًا هذه التحديات من السهل تحقيقها، لأنها تتداخل ما بينها وتتداخل ما بينها وبين تحديات لأمم أخرى سبقتنا إلى تحقيق كل ما تصبو إليه. سأقول لك شيئًا هامًا: يجب أن نأتي بالظروف الملائمة إن لم تأت بمحض إرادتها، وهذا ما سيفعله المؤتمر.

كيف تلخص فكرة المشروع اليوم، من مختلف الجوانب وردود الفعل التي تراكمت منذ طرحت مشروعك؟

* المشروع عدة أفكار مترابطة: السلام في العالم يمضي بالسلام بين الدول العربية وإسرائيل، والسلام في العالم يعني اقتصاد سلمي، وتقدم سلمي، ومجتمع سلمي، وكل هذه الكلمات ليست مجانية، لأنها ترتبط بواقع دولي اقتصادي واجتماعي وسياسي لن يكون في مصلحة أحد من أسياد اللعبة في الوقت الراهن سنة 2050، يعني على بُعد رمية حجر. وأنا شخصيًا لا أظن أن أعضاء مجلس الأمن القومي الأمريكي أغبياء إلى هذه الدرجة، وكذلك لا أظن أن حكام دولة إسرائيل فقدوا بوصلتهم، لا أظن أن الحكام العرب مختلون في عقولهم، كل ما هو قائم حاليًا سيزول بحكم التطورات الاقتصادية وبالتالي موازين القوى، وخلال بضع سنين بخصوص العالم العربي بضعة أشهر لن تبقى الأمور على ما هي عليه، تفلت الأمور اليوم من أيدي المخططين لها جيوسياسيًا وجيوعسكريًا، عندنا وعندهم، في فرنسا المظاهرات يومية، والنظام يتخبط، سيسقط النظام في الانتخابات القادمة عام 2017، لكن هذا لا يعني إنقاذ النظام الرأسمالي في فرنسا وفي أوروبا وبالتالي في أمريكا، ومن يقل أمريكا يقل كذلك إسرائيل ابنتها، النظام الرأسمالي الكلبي سيتمزق حلقه من النباح، لأن هذا كل ما سيقدر عليه، النباح، وقد أفلتت الأمور من براثنه. السلام عندنا يعني استثمارات على كل مستوى، يعني الغرب في ورشتنا، وهذا ما سينقذ الغرب اليوم، وما سينقذ الغرب غدًا اعتمادًا منه علينا كقوة اقتصادية لا كقوة حميرية، وفي اعتقادي أن أمريكا وإسرائيل بدأتا تفهمان مشروعي يإشارتين أوليين قبل استقالة وزير الدفاع الإسرائيلي أرسلتاهما إليّ عندما لم يؤيد كيري المبادرة الفرنسية -مبادرة عجل بها المؤتمر إذا كان البعض يرفض سرقة فرنسا للفكرة مني- وعندما رفضها نتنياهو وبين يديه مبادرتنا السحرية، مبادرة فرنسية ترمي إلى تجميع جُثَثي لحل المسألة الفلسطينية-الإسرائيلية على شاكلة الرباعية الدراكولية أو مثل الدكتاتور الفلسطيني العجوز على صورة نظامه العجوز الذي حان الوقت لتبديله. وعربيًا كان رد الفعل السعودي أهم الردود، عندما اقترح الأمير محمد خطة للتحول، بينما هو يعرف جيدًا أن هناك لن يكون تحول فعلي في السعودية إلا عن طريق المؤتمر وما يقترحه من بدائل تبدل بشكل جذري النظام، فالنظام الحالي لا يمكن تحوله، النظام الحالي غير قابل لأي تحول لأي إصلاح. لهذا يقترح المؤتمر ما يلي: فصل الدين عن الدولة في كل الدول العربية، وهذا لا يعني على الإطلاق مهاجمة الدين، ففصل الدين عن الدولة لن يكون بفصل الدين عن المجتمع، وليحتفظ رجال الدين بكل امتيازاتهم سنؤسس لفاتيكان مكة والمدينة. النظام العلماني العربي سيؤدي بنا إلى حل كل المشاكل الوطنية الأخرى –أو حل الواحدة سيؤدي إلى تثبيت النظام العلماني لأن المسألة بِنيوية- بخصوص فلسطين الحل بإبقاء كل شيء على ما هو عليه، اعتراف متبادل، قدس موحدة وعاصمة واحدة تحت علم بلديتها، التعويض والعمل والسكن أينما أريد، المستوطنون جنسية مزدوجة. بخصوص سوريا تثبيت نظام التوريث، فحافظ بشار الأسد تحت الوصاية يعني لا غالب هناك ولا مغلوب، انتخابات ديمقراطية، واستلام المعارضة للحكم. بخصوص العراق المواطنة بدل المحاصصة ودولة كردية على الطريقة الفلسطينية. بخصوص مصر عودة العسكر إلى ثكناتهم وحكم مصر من طرف ثلاثية علمانية لثلاث سنوات تتم خلالها كتابة دستور حداثي لمصر، والتحضير لانتخابات تكون بالفعل ديمقراطية. بخصوص اليمن حرية القات كباقي الحريات، وهكذا بخصوص كل بلد عربي، لا توجد في قاموسنا كلمة مستحيل. نريد أن نجعل من الملك سلمان، وهو مرتاح في قصره، ملكًا لكل السعوديين بدلاً من ملك النفط السعودي. الإخلاص والطاعة لطاغية، لبرنامج سياسي لا إنساني، لحزب فاشي، يُفرغ الإخلاص ويُفرغ الطاعة من معناهما.

طبعًا لا بد من سؤال بصفتك مثقفًا فلسطينيًا بارزًا، وابنا لشعب النكبة، أين تقع فلسطين في إطار مشروع المؤتمر العربي العالمي؟ هل يمكن سحب صلاحيات المنظمات الفلسطينية المسيطرة اليوم على مقدرات الشعب الفلسطيني؟

* قلتُ أين موقع فلسطين في إطار مشروع المؤتمر، كيف موقع فلسطين شيء آخر: سبق وأكدت أننا لن نقوم بانقلابات على أحد، وهذا يخص فتح وحماس وباقي الفصائل، نحن نريد نقل السلطات، تحت صورة كررتها: تسليمي مفاتيح الضفة ومفاتيح غزة لأسلمها بدوري المؤتمر، القادة الفلسطينيون لن نمسهم أو نمس امتيازاتهم، سنقول لهم الله يعطيكم العافية، فشلتم بعد كل هذا السنين، والآن جاء دورنا. معهم الأزمات من كل نوع، أزمات تتطلب تغيير الطبقة الحاكمة. حكام رام الله سيذهبون بإرادة المحتل الذي أحضرهم، وحكام غزة سيذهبون بإرادتهم بعد اتفاق بين المؤتمر وبينهم. ونحن على أي حال سنحل كل التنظيمات باسم الشعب الذي لم يعد يريدهم، وسنفتح الباب واسعًا لكل الأحزاب ولكل التيارات السياسية بدون أية بطاقة دينية. سنشكل حزبنا، حزب التقدم والحرية، الذي عماده القيم لا الإيديولوجيات، حزب عصري بأتم معنى الكلمة.

هل يمكن إحداث نقلة نوعية تعيد القضية الفلسطينية إلى مقدمة الاهتمام الدولي؟

* المؤتمر سيحدث نقلة نوعية للعالم العربي كقوة حضارية، لا ينقصها أي شيء غير رفع يد التخريب عنها، وسيركز على قضية القضايا، القضية الفلسطينية، لأن كل ما يجري اليوم من مآس للتعتيم على مأساتها، ولكن ليس إلى الأبد، هذا ما يعرفه الحكام الإسرائيليون تمام المعرفة، هذا ما يعرفه الحكام الأمريكيون، هذا ما يعرفه الحكام العرب، هذا ما يعرفه كل حكام العالم، لهذا كفى عذابًا للشعبين ولباقي شعوب المنطقة، اتفاقنا سيكون في كل الأحوال غدًا، إذن لِمَ الانتظار والشمس هي الشمس التي تشرق كل يوم.

هل من دور مثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية التي اعتمدتها الجامعة العربية كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني؟

* لن يكون هناك أي دور لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد نقل السلطات إلى المؤتمر، بما في ذلك نقل كونها ممثلاً شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، فنحن لن نبدأ من الصفر، نحن سنكمل على طريقتنا المشوار، بشكل يتلاءم مع عصرنا، وبإملاء مما سيستجد على الساحتين العربية والدولية. وعلى العكس، سيكون للعرب في إسرائيل أكبر دور يلعبونه بين مواطنيهم اليهود، فهم سيكونون النموذج الأمثل للمؤتمر في كل شيء، الحقوق المتساوية، الواجبات المتساوية، الأخوة المرجوة، العدالة، الحرية، الحُلم، سيكونون الدينمو لكل شعوب المنطقة، سيضعون حدًا للذُّهان وللهواس هواس الحرب أول هواس، فيزول الحذر من الآخر بفضلهم، والكره، والعداء.

ما هو دور النظام العربي في هذا الواقع المأساوي الذي تجتازه المجتمعات العربية؟ هل من مكان لفلسطين في عالم عربي ممزق وينزل إلى الحضيض الإنساني الأسفل؟ هل بقي شيء من فلسطين في ضمير الإنسان العربي أو في ملفات الأنظمة العربية؟

* النظام العربي كما هو عليه الآن لا دور له، النظام العربي العلماني الجديد نعم سيكون له أكبر دور، سبق وقلت دور النظام الواحد يؤثر في أدوار كل الأنظمة، وأدوار كل الأنظمة تؤثر في دور النظام الواحد، هناك تداخل بِنيوي هو شرط الصعود من الحضيض الإنساني الأسفل. وكما هو مصير النظام الأوسلوي بيد إسرائيل مصير النظام العربي بيد أمريكا، إذن تبديل هذا النظام أو ذاك من أسهل الأشياء عندما يكون المؤتمر الضامن لمصالح الغرب بما فيها مصالح إسرائيل مقابل حاجاتنا الحضارية الوجودية وتحقيق رغائبنا في التحرر والتنفس، إرضاء رغائبنا الحضارية يجعل منا قوة اقتصادية قادرة على حماية أمريكا (وإسرائيل) من الانهيار عام 2050، أنا أتكلم بكلام علمي وأزن تمامًا كلامي، ولا علاقة لكلامي بالوطنية وما غيرها، فالوطنية هي الكيفية التي ننقذ فيها الوطن من الضياع، من الزوال، وأنا لهذا أول وطني. العمل يجعلنا أحرارًا! أي عمل؟ لقهر الآخر؟ أين الحرية إذن؟ الأنظمة العربية لم تبق شيئا لفلسطين ولبلدانها في ملفاتها، لهذا يجب إحراق كل الملفات، وفتح ملفات جديدة للبناء لا للهدم وللرخاء لا للنهب. وعن فلسطين في ضمير الإنسان العربي، اليوم سوريا هي فلسطين، العراق هو فلسطين، اليمن هي فلسطين، البحرين هي فلسطين، فنزويلا هي فلسطين، نيجيريا هي فلسطين، أفغانستان هي فلسطين، أيرلندا هي فلسطين، حتى في الزمن القديم كنعان هي فلسطين، لم يكن هناك أي غزو يهودي حسب علماء الآثار الإسرائيليين، كانت هناك انتفاضات للكنعانيين على حكامهم، فاليهود هم كنعانيون مثلنا، نحن وهم فلسطين، هناك تبديل الاسم فقط، يهود، عرب، فلسطين كانت في الحرب وستكون رمزًا لعذابات البشرية تحت هويات مختلفة، وفي السلم مغناة لفرح الإنسانية. لهذا تعود فلسطين بنا إلى الزمن الحديث، وتقترح على أوباما جائزة نوبل للسلام وهو في آخر فترته – ما فيش إشي متأخر- دخول التاريخ من بابه العريض.

******
تعريف: أفنان القاسم، من مواليد يافا 1944، عائلته من برقة قضاء نابلس، له أكثر من ستين عملاً بين رواية ومجموعة قصصية ومسرحية ومجموعة شعرية ودراسة أدبية أو سياسية تم نشر معظمها في عواصم العالم العربي وفي موقع الحوار المتمدن، وتُرجم منها اثنان وثلاثون كتابًا إلى الفرنسية والإنجليزية والإسبانية والروسية والعبرية و و و… دكتور دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة السوربون ودكتور حلقة ثالثة في الأدب العربي من جامعة السوربون كذلك ودكتور فخري من جامعة برلين، أستاذ متقاعد عمل في جامعة السوربون ومعهد العلوم السياسية في باريس والمدرسة المركزية الفرنسية وجامعة مراكش وجامعة الزيتونة في عمان والجامعة الأردنية، تُدَرَّس بعض أعماله في إفريقيا السوداء وفي الكيبيك وفي إسبانيا وفي فرنسا وفي وفي وفي… قام منذ عدة سنوات بمبادرة سلام حياها الرئيس الفرنسي السابق نيقولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورؤساء وزراء كندا وإسبانبا والسويد وبلدان أخرى أوروبية.

nabiloudeh@gmail.com

About نبيل عودة

نبذة عن سيرة الكاتب نبيل عودة نبيل عودة - ولدت في مدينة الناصرة (فلسطين 48) عام 1947. درست سنتين هندسة ميكانيكيات ، ثم انتقلت لدرسة الفلسفة والعلوم السياسية في معهد العلوم الاجتماعية في موسكو . أكتب وأنشر القصص منذ عام1962. عانيت من حرماني من الحصول على عمل وظيفي في التعليم مثلا، في فترة سيطرة الحكم العسكري الاسرائيلي على المجتمع العربي في اسرائيل. اضطررت للعمل في مهنة الحدادة ( الصناعات المعدنية الثقيلة) 35 سنة ، منها 30 سنة كمدير عمل ومديرا للإنتاج...وواصلت الكتابة الأدبية والفكرية، ثم النقد الأدبي والمقالة السياسية. تركت عملي اثر إصابة عمل مطلع العام 2000 ..حيث عملت نائبا لرئيس تحرير صحيفة " الاهالي "مع الشاعر، المفكر والاعلامي البارز سالم جبران (من شعراء المقاومة). وكانت تجربة صحفية مثيرة وثرية بكل المقاييس ، بالنسبة لي كانت جامعتي الاعلامية الهامة التي اثرتني فكريا وثقافيا واعلاميا واثرت لغتي الصحفية وقدراتي التعبيرية واللغوية . شاركت سالم جبران باصدار وتحرير مجلة "المستقبل" الثقافية الفكرية، منذ تشرين اول 2010 استلمت رئاسة تحرير جريدة " المساء" اليومية، أحرر الآن صحيفة يومية "عرب بوست". منشوراتي : 1- نهاية الزمن العاقر (قصص عن انتفاضة الحجارة) 1988 2-يوميات الفلسطيني الذي لم يعد تائها ( بانوراما قصصية فلسطينية ) 1990 3-حازم يعود هذا المساء - حكاية سيزيف الفلسطيني (رواية) 1994 4 – المستحيل ( رواية ) 1995 5- الملح الفاسد ( مسرحية )2001 6 – بين نقد الفكر وفكر النقد ( نقد ادبي وفكري ) 2001 7 – امرأة بالطرف الآخر ( رواية ) 2001 8- الانطلاقة ( نقد ادبي ومراجعات ثقافية )2002 9 – الشيطان الذي في نفسي ( يشمل ثلاث مجموعات قصصية ) 2002 10- نبيل عودة يروي قصص الديوك (دار انهار) كتاب الكتروني في الانترنت 11- انتفاضة – مجموعة قصص – (اتحاد كتاب الانترنت المغاربية) كتاب الكتروني في الانترنت ومئات كثيرة من الأعمال القصصية والمقالات والنقد التي لم تجمع بكتب بعد ، لأسباب تتعلق اساسا بغياب دار للنشر، تأخذ على عاتقها الطباعة والتوزيع.
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.