كامل النجار
قبل أن أرد على السيد عصام أود أن أعقّب على سؤال السيد أيمن في تعليقه رقم 148 الذي يقول فيه (لي فقط تعليق بسيط بخصوص البحرين. بالطبع كل ما ذكرته حضرتك صحيح لكن القرآن هنا يتكلم عن حالة خاصة وهي البحرين -دولة البحرين- حيث يوجد على الشريط الساحلي للبحرين ينابيع مياه عذبة تبع بإستمرار في مستوى اقل من مستوى مياه البحر. أي تنبع في البحر نفسه لذلك تكون المياه عند الشواطئ عذبة ويمكن الشرب منها وكلما تعمقت للداخل تزداد الملوحة تدريجياً. هذه الظاهرة قديمة جداً في البحرين ويعلمها كل العرب حتى من لم يسافر إليها ومحمد نفسه ارسل أحد صحابته للبحرين لتوصيل رسالته لكسرى كذلك لو أكملنا الآية سنجده يتكلم عن اللؤلؤ والمرجان والبحرين معروفة بإستخراج اللؤلؤ) انتهى. شكراً يا سيد أيمن على التعليق ولكن اسم البحرين اسم حديث لأنها في التاريخ القديم كان اسمها دلمون وقد كانت تحت الحكم الفارسي. أما كلمة “البحرين” فقد كان العرب يطلقونها على الجزء المعروف الآن بالقطيف في شرق المملكة العربية السعودية (تاريخ العرب ما قبل الإسلام، جواد علي). أما مسألة المياه العذبة التي تنبع في البحر المالح فليست محصورة في البحرين فقط، وبما أن الكرة الأرضية كتلة واحدة ومتصلة بعضها ببعض تحت البحار، فإن المياه الجوفية قد تنبع في قاع البحار ولكنها بسرعة تختلط مع المياه المالحة. وبخصوص اللؤلؤ والمرجان فقد كان جميع سكان الشواطيء في الأمارات العربية والكويت والبحرين وقطر والقطيف وغيرها يصطادون اللؤلؤ من البحار. ولا أعلم حسب دراستي للتاريخ الإسلامي أن محمداً قد أرسل وفداً إلى البحرين، ولكن هذا لا ينفي أنه فعل. ولكن التراث يخبرنا أن عمر بن الخطاب أرسل أبا هريرة والياً على البحرين، ثم عزله بعد أن سرق أموال بيت المال. بالنسبة للجلد والأعصاب وألم الحريق، فإن الطبقة السطحية من الجلد epidermis غنية جداً بالأعصاب، أما الطبقة الثانية وهي المعروفة ب dermis فليس بها أعصاب. وإذا احترقت الطبقة السطحية فقط فإن الألم يكون مبرحاً أثناء الحرق، وعندما يتوقف الحرق يزداد الألم أكثر لأن الهواء عندما يمر فوق تلك الأعصاب المحروقة يزيد من ذبذباتها الكهربائية فيزيد الألم، ويكون لون الجلد المحروق أحمرَ. أما إذا استمر الحرق لمدة أطول وحرق جميع الطبقة السطحية وبدأ في الطبقة التي تحتها فإن الألم في تلك المنطقة يختفي ويصبح لون الجلد أبيضاً وملمسه يصبح كجلد الحيوان المدبوغ leathery وإذا طعنت تلك المنطقة بديوس أو إبرة فإن الشخص المحروق لا يحسها. والطبقة السطحية تحترق في أقل من ثانية ثم يمتد الحرق إلى العضلات والأجزاء الداخلية ثم إلى العظام. وهذا يبين لنا مدى سطحية تفكير من كتب القرآن لأن الله سوف يكون عليه أن يغيّر جلود كل البلايين من الناس في النار كل ثانيتين أو ثلاثة، وعندما ترتفع درجة حرارة الجسم الداخلية رغم تجديد الجلود فإن الدماع يذوب ويموت الإنسان ولا يشعر بالألم فيصبح العذاب مضيعة للوقت. وكذلك فإن جميع إنزايمات الجسم تعمل في درجة حرارة الجسم العادية وهي 37 درجة مئوية وإذا ارتفعت الحارة إلى 42 درجة تتوقف الإنزايمات عن العمل ويموت الإنسان. فما فائدة تغيير الجلود والإنسان ميت لا محالة. في الماضي القريب كان الحُجاج في مكة يموتون من ضربة الشمس لأن حرارة أجسامهم كانت تصل إلى 42 درجة مئوية أو تتعداها، وما زالت هناك بعض الحالات القليلة كل عام. أما الكفار في أوربا فإنهم غير معتادين على الحرارة وعندما ترتفع درجة الحرارة في الصيف إلى 30 درجة مئوية يموت المئات منهم بسبب الحرارة. وبما أن هؤلاء الكفار البيض هم المرشحون إلى دخول جهنم (بالطبع مع كامل النجار) فإنهم سوف يموتون قبل أن يدخلوها لأن درجة الحرارة بالقرب منها سوف تفوق عشرات الدرجات المئوية. وأبدأ الآن مع السيد عصام الذي بلغت تعقيباته حوالي المئتين أو يزيد. ولنبدأ بتعليقه رقم 152 على السيدة نرمين، حين يقول لها (واضح جدا أن الأخت متخبطة, وأنا لم أطلب منها قراءة القرآن فقط. أنا طلبت منها أن تبحث عن أجوبة لأسئلتها في مكان غير هذا المكان. من يسأل عن الدين يذهب لفلاسفة الدين عزيزي وليس لخصوم الدين!! وهناك كتب من أناس فلاسفة متخصصون فيها إجابات أعتقد على أسئلة العزيزة نرمين) انتهى. السيد عصام لا يريد أن يعترف أن لكل قطعة نقدية وجهان يختلفان، فالذي يريد أن يدرس العملة عليه أن يتفحص الوجهين، وكذلك الذي يريد أن يدرس الإسلام عليه أن يتعرف على آراء المؤيدين والمعارضين بنفس القدر. والسيدة نرمين يبدو لي أنها تعرف الآراء الإسلامية معرفة عميقة لا تختلف عن معرفة رجال الدين، ولذلك هي تدخل على مواقع الملحدين حتى تتعرف على آرائهم لأن الذي يحصر نفسه في المواقع الإسلامية لن يعرف نقد الإسلام، والنقد، كما يقول ماركس، هو أساس التقدم. ولعلم السيد عصام ليس هناك فلاسفة في الدين لأن الدين والفلسفة ضدان لا يجتمعان. الفلسفة تبحث عن الحقيقة العقلية والدين ينشر الأساطير. والفلاسفة القليلون في تاريخ الإسلام مثل ابن سينا والرازي فقد اتهموهم بالكفر والزندقة وحرقوا كتب بعضهم. فإن نصيحتي للسيدة نرمين هي ألا تسمع نصيحتك. في التعليق رقم 157 يقول السيد عصام (بالنسبة لعذاب الجاحدين فالله سبحانه وتعالى غير محدود وأفضاله ونعمه علينا غير محدودة وبالتالي الجحود به جريمة غير محدودة تستحق عقابا غير محدود هو النار) انتهى. لم أسمع من قبل أن كمية العقاب تعتمد على حجم الشيء أو الشخص الذي اُرتكبت ضده الجريمة. لأن الله غير محدود يكون عذابه غير محدود، ولكن القرآن يقول لنا (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر) (الزمر 7) ويقول كذلك (ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا) (آل عمران 176). فما دام كفرنا لن يضر الله شيئاً والله غني عنا، لماذا يعذبنا إن كفرنا به، أليس هذا انتقاماً لا مبرر له، ولذلك قال عن نفسه (المنتقم الجبار)؟ ولماذا فرض الله علينا أحكاماً مثل السن بالسن والعين بالعين، وقال إذا عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. فلا بد أن نفهم من هذه الآيات أن العقاب يجب أن يكون مماثلاً للجريمة. وإذا افترضنا أن الله غير محدود وأنا كفرت به، فيجب أن يكون عقابي بطول مدة كفري به. فالإنسان يعيش في الغالب الأعم حوالي ثمانين عاماً، منها 15 أو 18 وهو طفل غير مكلف، وربما منها عشر سنوات وهو مصاب بالزاهيمر ولا يدري ما يفعل أو يقول، والقرآن نفسه يقول إن الله رد الإنسان إلى أرذل العمر كي لا يعلم من بعد علم شيئاً. فإذاً من الثمانين عاماً هناك 25 عاماً لا يُحاسب عليها الإنسان. فالإنسان الذي كفر بالله 55 عاماً يعذبه الله عذاباً أبدياً. أي عدل إلهي هذا خاصة أنه يقول لنا إن كفرنا لا يضره شيئاً. وفي نفس التعليق يقول لنا السيد عصام (بالنسبة لآية الصابئون فكلا الوجهين صحيح, ينفع أن تكون صابئين وينفع أن تكون صابئون. قواعد النحو عزيزتي ظهرت بعد نزول القرآن الكريم وتغيرت وتطورت كثيرا على مر السنين في العقود الوسطى والقرآن الكريم نفسه كان من أهم المصادر التي اعتمد عليها النحويون في صناعة قواعد النحو) انتهى. طبعاً هذا التعليل لا أساس له من الصحة إطلاقاً. فالقرآن يقول لمحمد (فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لداً) (مريم 97). ولسان محمد كان هو لسان الأعراب في البادية. ولهذا السبب كان الميسورون من أهل مكة يبعثون أولادهم إلى البادية ليتعلموا اللغة. وكل ما فعله النحويون أنهم حللوا كلام الأعراب واستخرجوا منه النحو. فالنحيويون لم يخترعوا كلاماً عربياً جديداً. والنحو لم يتطور بعد سيبويه (الذي عاش في القرن الثاني للهجرة) وأما قوله إن القرآن كان من أهم مصادر النحو، فقول غير صحيح. بل بالعكس كان المفسرون يستشهدون بالشعر الجاهلي على صحة كلمات النحو في القرآن. وابن عباس كان يقول الشعر ديوان العرب، وقال للمسلمين الأوائل: إذا التبس عليكم في القرآن شيء، ابحثوا عنه في الشعر. فكون قواعد النحو أتت بعد القرآن لا يغيّر في النحو شيئاً لأن اللغة العربية كانت موجودة قبل القرآن. ولذلك الإدعاء أن الصابئين والصابئون كلاهما صحيح إنما هو نوع من الفهلوة والبهلوانية الحديثة. وفي تعليقه رقم 161 عن مرج البحرين يلتقيان، يقول السيد عصام (والعرب قبل نزول القرآن الكريم لم يذكروا في أدبياتهم هذه الظاهرة الطبيعية الفريدة. كما أن ذهاب الرسول إلى الشام قبل نزول القرآن الكريم لا يمكن أن يكون قد عرفه على ظاهرة مرج البحرين. فأدبيات الشوام قبل نزول القرآن الكريم لا تذكر مثل هذه الظاهرة ولا المخطوطة السينائية تذكرها) انتهى. عصام يلقي الكلام على عواهنه كأنه معلم في مدرسة ابتدائية يتحدث إلى أطفال. يقول إن العرب قبل نزول القرآن لم يذكروا في أدبياتهم هذه الظاهرة. أي أدبيات يتحدث عنها قبل نزول القرآن؟ هل ترك لنا عرب ما قبل الإسلام الأميون أي أدبيات مكتوبة نرجع إليها؟ وهل عرب البادية في صحراء الحجاز كانوا يعرفون البحر حتى يتحدثوا عنه في أدبياتهم؟ أما بالنسبة للشام فقد كانت قبل الإسلام عاصمة الإمبراطورية الرومانية، وقبلها كانت الإمبراطورية اليونانية. فهل كان يهم الرومان مرج البحرين وخلق برزخ بينهما حتى يتركوا لنا أثراً في أدبياتهم عنه. الرومان كان يهمهم أن يكون البحر قريباً من تجمعاتهم حتى يستطيعوا استعمال سفنهم في التجارة وفي الحروب. أما بيزنطة اليونانية التي شغلها مثل هذا الجدل العقيم فقد انهارت تحت وطأة الرومان. محمد سافر إلى غزة وسيناء وربما وصل شرم الشيخ ورأى ملتقي خليج السويس مع خليج العقبة، حسب ما يقول بعض المؤرخين، فجاء بقصة مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان. ولم أفهم ما يقصده السيد عصام بالمخطوطات السينائية. هل يقصد المخطوطات التي أُكتشفت في كهوف البحر الميت؟ هذه المخطوطات تتحدث في أغلبها عن التوراة والإنجيل ولا دخل لها بمرج البحرين. وقد دهشت لقول الأستاذ عصام في نفس التعليق (تبديل الجلود حتى يشعر الجاحد بالعذاب دليل على أن مؤلف القرآن الكريم (وهو الله سبحانه وتعالى) يعلم أن الجلد مسئول عن الاحساس. هذا لم يكن معروفا للعرب وقتها) انتهى. يا سيد عصام الإنسان اكتشف النار قبل أكثر من 400 ألف سنة، ربما عندما ضرب البرق غابة واشتعلت بها النيران. ومن وقتها تعلم الإنسان كيف يشوي اللحم في النار، ولا بد أن عدداً كبيراً منهم حرقته النار. وعرب ما قبل الإسلام، أي قبل حوالي 1500 سنة كانوا يعرفون كل شيء عن النار وعن آلام الحريق، وكانوا يعالجون المحروق ببعض الأعشاب. وماذا عن جيرانهم الفرس الذين كانوا يعبدون النار لمعرفتهم بفوائدها وأضرارها؟ فلا تبخس الناس علمهم. وأرجو أن تخفف من توكيدك لما تقول وكأنه حقائق علمية مثبتة بينما هو ضرب من الفهلوة. وفي التعليق رقو 172 يقول السيد عصام (8. الشعوب المتقدمة تقدمت لأنها أخذت بالأسباب والقرآن الكريم وضح لنا ما هي الأسباب من طلب للعلم والعمل الجاد وقد كنا متقدمين منذ قرون عندما أخذنا بالأسباب وتأخرنا الآن بعد أن تركنا الأسباب وبسبب ظروف أخرى خارجية منها الاستعمار مثلا الذي نهب ثروات بلادنا وأهان البلاد والعباد) انتهى كلام إنشائي عائم. في أي آية وضح لنا القرآن أن الأسباب هي طلب العلم والعمل الجاد؟ وهل كان في زمن محمد أي عمل غير الغزوات والصلاة؟ حتى سيوفهم التي حاربوا بها صنعها لهم اليهود. والأعراب في زمن محمد كانوا يحتقرون الأعمال اليدوية، وما زالوا. وما أسهل أن نعلق مشاكلنا وتخلفنا على شماعة الاستعمار. أمريكا كانت مستعمرة إنكليزية، وكذلك الهند. واليابان كانت مستعمرة أمريكية، وكوريا الجنوبية كانت مستعمرة يابانية، والفلبين كانت مستعمرة هولندية ثم أمريكية. فهل منعهم تاريخهم من التقدم؟ نحن لم يمنعنا من التقدم غير ذلك الدين الصحراوي الذي يضطهد المرأة ويعيش على أمنيات الآخرة واحتقار الحياة الدنيا. والقرآن عندما قال (أعملوا فسوف يرى الله أعمالكم والمؤمنون) إنما كان يقصد الصلاة والزكاة والغزوات إذ لم يعرف العرب وقتها أي عمل آخر. وفي التعليق رقم 173 يفاجئنا السيد عصام باكتشاف جديد يفوق اكتشاف الجاذبية إذ يقول (بالنسبة للجنة عزيزي, ففي الجنة ستنتفي صفات الذكورة والأنوثة ونصبح جنسا واحدا, والحور العين والغلمان الملخدون ليسوا للجماع بل للخدمة والاقتران. أما عن القصور وأنهار العسل فلا أعلم أين المشكلة؟ تذكر عزيزي أننا من روح وجسد ومثلما والجسد يحتاج إلى غذاء مثلما الروح تحتاج إلى غذاء كذلك) انتهى. ما هذا الهراء يا عصام؟ هل سوف يفتح الله مطعماً به نادلات في منتهى الجمال وعاريات الصدور، وصبيان مخلدون ليقدموا للمؤمنين الطعام والشراب فقط؟ من أخبرك أن بنات الحور لسن للجماع؟ هل لديك اتصال بالسماء أم أخبرتك آيات القرآن بذلك؟ وإذا أخبرك القرآن بذلك نرجو أن تذكر لنا الآيات التي اعتمدت عليها. كفى حذلقةً وإفكاً على الناس. القرآن يقول (وزوجناهم بحور عين) فهل الأزواج لسن للجماع؟ وإذا لم تكن بنات الحور للجماع، قد يكون البدل هم الغلمان المخلدون الذين إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثورا. وما هو غذاء الروح في الجنة؟ المؤمن في الجنة لا يحتاج أن يعبد الله لأنه عبده في الدنيا فأدخله الله الجنة. فماذا يفعل المؤمن في الجنة بعد أن يأكل الفواكه ويشرب اللبن ويغطس في أنهار الخمر ويسكر ثم يخرج من النهر ويجد اثنين وسبعين حورية أمامه، هل يؤمهن في صلاة جماعة أم يرجع إلى المطعم في انتظار الخدمة؟ هل تفسرون القرآن بالتخمين؟ وفي التعليق رقم 174 تزيد اكتشافات السيد عصام فيقول (والشخص غير المؤمن هو من اختار عدم الإيمان بإرادته الحرة. والله سبحانه وتعالى لا يأمر المؤمن بقتل غير المؤمن بل أعطى كل شخص الحرية المطلقة في الإيمان بما يريد وفوق هذا فإن قتل أي إنسان بدون وجه قتل هو مثل قتل الناس جميعا. أما الأنبياء فلم يظهروا فقط في الشرق الأوسط بل كل المجتمعات القديمة من اليابان إلى الصين إلى الهند إلى أوروبا إلى إفريقيا إلى الأمريكتين عرفت رسلا) انتهى. أي إرادة يا سيد عصام والقرآن يقول لنا: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجا (الأنغام 125) وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ( يونس 100) من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا (الكهف 17) ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء (النحل 93) ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً (المائدة 41). فهل الإيمان هنا بالإرادة الحرة؟ وإذا لم تكف هذه الآيات لتبين لك أن الإنسان المسلم مسلوب الإرادة، استمع إلى محمد نفسه يقول (وأمرت أن أكون من المؤمنين) ( يونس 104). فمحمد نفسه أمره الله أن يكون من المؤمنين. وكذلك يقول (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد). فالقرآن مفروض عليه فرضاً. فأين الإرادة الحرة؟ أما الآية التي تقول إن قتل الإنسان كقتل الناس جميعاً فهي آية كُتبت في التوراة لبني إسرائيل، كما يقول القرآن (ومن أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا). أما في القرآن فقد كتب للمؤمنين (أقتلوهم حيث ثقفتموهم). أما قولك إن الأنبياء لم يظهروا فقط في الشرق الأوسط بل في كل المجتمعات القديمة من اليابان إلى الصين إلى الهند إلى أوربا إلى أفريقيا إلى الأمريكتين، فقول مضحك للغاية. هل يمكنك أن تذكر لنا اسم أي نبي ظهر في إفريقيا التي أهملها الله وهمشها مع أنها أصل نشوء الإنسان؟ بل زاد على التهميش أن جعل أهلها عبيداً وقال عن القصاص (العبد بالعبد والحر وبالحر والأنثى بالأنثى). فحتى في القصاص لا يساوي إله الإسلام بين البدوي والإفريقي الأسود. أما الصين واليابان فهم يدينون بالبوذية التي لا تعترف بخالق للكون. وأهل البلد أنفسهم لم يزعموا يوماً أن الله أرسل لهم نبياً. فهل أصبحت المتحدث الرسمي باسم الصينيين واليابانيين؟ لأن القرآن يقول (وأرسلنا في كل أمة رسولا) لا يعني أن تكون مؤرخاً يمتهن الخداع ويطلق تصريحات يخجل منها حتى السياسيين المعروفين بالكذب والنفاق. في تعليقه رقم 182 يُظهر لنا السيد عصام انفصام شخصية الإسلاميين، فهو يقول في كل ردوده للسيدة نرمين أن الأحاديث والسنة والتفاسير أتت متأخرة جداً عن القرآن ولا يُعتد بها، ولكنه في هذا التعقيب عن مكر الله يقول (هذا معنى المكر في الآية الكريمة من لسان العرب: قال أَهل العلم بالتأْويل: المكر من الله تعالى جزاء سُمي باسم مكر المُجازَى كما قال تعالى: وجزاء سيئة سيئة منها، فالثانية ليست بسيئة في الحقيقة ولكنها سميت سيئة لازدواج الكلام، وكذلك قوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه، فالأَول ظلم والثاني ليس بظلم ولكنه سمي باسم الذنب ليُعلم أَنه عِقاب عليه وجزاءٌ به) انتهى. فهنا يأخذ السيد عصام بأقوال أهل العلم بالتأويل، ولكن عندما يحاول الخروج عن آرائهم ويأتي لنا بتأويل من موقع أهل القرآن، يقول إن التفاسير والتأويلات القديمة لا يُعتد بها. ولنعطيك مثالأ على مراوغة السيد عصام، إقرأ تعقيبه رقم 195 (أولا ليس كل ما تعلمناه بالمدارس صحيحا. ثانيا ما يسمى بحروب الردة وردت في مصادر متأخرة جدا عن العصر المفترض أن تكون قد حدثت فيه لهذا هي غالبا أسطورة. ثالثا حتى لو حدثت حروب الردة هذه فالإسلام شئ وأفعال المسلمين شئ آخر فليس كل من قال أنا مسلم يطبق تعاليم الإسلام حقا) انتهى. فحروب الردة لأنها تثبت أن الإسلام فُرض بالسيف على عرب الجزيرة، أصبحت أسطورة لأنها وردت في مصادر متأخرة جداً. ولكن لا مانع من استعمال هذه المصادر المتأخرة إذا كانت تسمح للسيد عصام بالالتفاف حول مكر الله. والإسلاميون دائماً يقولون لنا، عندما تغلبهم الحجة، إن الإسلام شيء والمسلمون شيء آخر، فهم لا يطبقون الإسلام الصحيح. فإذا كان أبوبكر لم يطبق الإسلام الصحيح، فمن هو الذي يمكن أن يطبق الإسلام الصحيح؟ هل شيوخ الأزهر يطبقون الإسلام الصحيح، وهل ملالي قُم وطهران يطبقون الإسلام الصحيح، وهل طالبان يطبقون الإسلام الصحيح؟ وإذا كان كل هؤلاء لا يطبقون الإسلام الصحيح وينضمون إلى خليفتهم أبي بكر، فيجب أن نضع الإسلام في المتحف لأنه دين انقرض بعد محمد مباشرة ولم يطبقه خليفته وصديقه ورفيق هجرته تطبيقاً صحيحاً. في تعقيبه رقم 196 على السيدة نرمين بخصوص قرآن الشيعة، يقول (لا توجد طائفة شيعية واحدة تتعبد بهاتين السورتين. لقد قرأت هاتين السورتين وهما فعلا على وزن القرآن الكريم ولكنهما ركيكتين لغويا جدا) انتهى. سورة الحفد التي يقول عنها السيد عصام إنها ركيكة لغوياً، تقول (اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجورحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.) وأليكم هذه الآيات من القرآن (أفمن هذا الحديث تعجبون. وتضحكون ولا تبكون. وأنتم سامدون) (النجم 59-61). فهل سورة الحفد أكثر ركاكة من هذه الآيات؟ بهذا القدر أكتفي الآن، ولكن لأن السيد عصام كان قد احتكر كل التعليقات فزادت ردوده على المائتين، فربما أفرد له مقالاً آخراً. كامل النجار (مفكر حر)؟