هذا المقال يمثل حوارا دار بين مؤمن بالله بكونه خالق الكون وبين ملحد لا يؤمن بالله ، كل يعبر عن وجهة نظره بحرية ، ويتسائل الملحد ويجيبه المؤمن .
من أوجد الله ؟
الملحد : ان كان لكل موجد سبب ، وبما ان الله موجود ، فمن اوجده ؟
المؤمن : السؤال غير منطقي ، ليس لكل موجود سبب ، بل كل ما له بداية له بادئ ، الكون له بداية حسب نظرية الانفجار العظيم السائدة لحد الان ، اذا الكون له بادئ ومسبب من خارجه . الله ازلي اي لا بداية له ، ولهذا فعلّة وجوده في داخله وليست خارجة عنه . الله هو الذي خلق قانون السببية ونحن اكتشفناه ، فلا يُعقل ان يخضع الخالق لقانون من صنعه .
الله خلق الزمان والمكان فلا يصح ان نتصوره مقيدا بهما . فالله لا يحده زمان ولا مكان ، ولهذا نقول ان السؤال كان في البداية غير منطقي ، وكأنك تطلب ان نرسم دائرة مربعة ، فليست هناك دائرة مربعة الشكل ، فإن كان الله هو الخالق ، فليس الخالق ان يكون بالضرورة مخلوقا .
هل خلق الله الشر ؟
الملحد : تقولون ايها المؤمنون ان الله خلق كل شئ ، والشر شئ ، اذا فالله هو من خلق الشر !
المؤمن : كلا ، الله لم يخلق الظلام ، لأن الظلام ليس شيئا ، الظلام هو غياب النور .
الله لم يخلق البرودة ، لأن البرودة ليست شيئا بل هي غياب الحرارة ، على نفس النمط نقول الله لم يخلق الشر ، لأن الشر ليس شيئا موجودا ، بل هو غياب الخير .
الله خلق البشر احرارا ، ومع الحرية يأتي احتمال الخطأ .
لنضرب مثلا في ذلك ، هنري فورد هو اول من انتج السيارات بأعداد كبيرة ، اشتراها الناس وقاموا بقيادتها ونتج عن ذلك حوادث كثيرة ، هل يمكن ان نقول ان هنري فورد هو صانع الحوادث ؟ طبعا لا ، هكذا الحال مع الله .
لقد خلق الله الانسان حراً ولكن الانسان اساء اختيار حريته وصنع الشر . قتل َ وسرق َ ، واغتصب َ ودمّرَ ، فلماذا نلوم اللهَ على شر الانسان ؟
الله لم يخلق الزنى والقتل والسرقة ، انها شرور الانسان الذي تدفعه شهواته الغير مقيدة لأرتكاب الشر والمعاصي التي نهى الله عنها في كتبه ووصاياه لأنبياءه ورسله .
لماذا ترك الله الشر في العالم ؟
الملحد : الم يكن بمقدور الله ان يخلق عالما لم يكن فيه احتمال وقوع الشر ؟
المؤمن : طبعا كان بمقدور الله ذلك ، لقد كان امام الله اختيارات كثيرة عندما قرر ان يخلق .
اولا – كان يستطيع ان لا يخلق على الاطلاق .
ثانيا – كان يستطيع ان يخلق عالما من الروبوتات البشرية التي تعمل من دون عقل وبدون اي حرية .
ثالثا – كان بمقدوره ان يخلق مخلوقات حرة ، ومع وجود الحرية يكون هناك احتمال لوجود الخير والشر .
اختار الله الاختيار الثالث وهو منح مخلوقاته العاقلة الحرية الكاملة وقد يضن البعض ان هذا ليس احسن عالم ممكن ، لكننا لو امعنا التفكير لوجدنا ان هذا هو الطريق الافضل ، لأفضل عالم . من الخطأ ان نحكم على كتاب بعد قراءة فصل واحد منه .
الله لم يرد ان يرد ان يقضي على الشر وحرية الانسان معاً . في نهاية المطاف سوف ينقسم البشر الى فريقين ، فريق سيختار بمحض ارادته وكامل حريته طريق الله ، وفريق آخر سيختار بمحض ارادته وكامل حريته طريقاً آخر بعيدا عن الله . الفريقان سوف ينفصلان في النهاية ، فريق منهم سوف يعيش في العالم الافضل والأمثل الى الأبد . مرة أخرى نقول : لايجب ان نحكم على كتاب لمجرد قراءة الفصل الأول منه .
كيف يتفق وجود الشر مع قدرة الله ؟
ملحد : هل يتفق وجود الشر مع وجود الله الكلي القدرة ؟
العالم فيه براكين وزلازل وامراض واطفال تولد مشوهة وتموت في بطون امهاتها .
كيف يتفق هذا مع وجود الله الكلي القدرة والمحبة ؟
المؤمن :
اولا – اعتقد يا أخي الملحد ان هذا لا يقف دليلا ضد وجود الله ، لربما ان ذلك يحدث لسبب يعرفها الله ولا نعرفها نحن . فالانسان تحيط به الكثير من الاسرار التي لا يعرف تفسيرا لها . فعدم معرفتنا للاسباب لا يعني عدم وجودها . قبل كل شئ عقل الله اكبر من عقلنا بما لا يقاس ، وبالتالي فإن ادراكنا قد يقصر عن فهم الاسباب .
ثانيا- كثير من الشرور هي نتيجة طبيعية لأفعال الانسان ، امثلة على ذلك :
الدول المتقدمة تختبر اسلحتها النووية بتفجيرات تحت الأرض ، امهات تدخن وتتعاطى المخدرات اثناء الحمل ، ممارسة الانسان للجنس مع الحيوان ، الانسان يلوث الماء والهواء والبيئة عموماً بمخلفات المصانع ، الانسان سبب الاحتباس الحراري بما ينتجه من ثاني اوكسيد الكربون , الانسان وسبب تمزق طبقة الاوزون الواقي لغلاف الارض وكذلك سبب سقوط الامطار الحامضية .
انه مبدأ الهي يا صديقي ، الانسان يحصد ما يزرع .
هل يرسل الله الاشرار الى جهنم ؟
الملحد : انا اعرف انك تؤمن بإله تقول عنه كلي المحبة ، فكيف يرسل هذا الاله المحب بشراً الى جهنم ليخلدوا فيها لمجرد انهم اساؤا الاختيار لسنوات عمرهم القصير على الارض ؟
المؤمن : اخي الملحد ، الله لا يرسل احدا الى جهنم ، الاشرار يختارون جهنم ويذهبون الى اليها بمحظ ارادتهم انهم يرفضون طريق الله ويختارون طريق الشر لأنفسهم . هذا الطريق ان استمروا في السير فيه من غير توبة سينتهي بهم الى جهنم والهلاك الأبدي . الخيار للانسان .
– العمر على الارض ليس مبررا ، فلو عاش الاشرار على الارض مليون سنة ، سوف يرفضون طريق الله وطريق الاخلاق الفاضلة ، ويستقلون عنه . انه اتجاه القلب نحو الشهوات الدنيئة ، وهذا لا علاقة له بطول العمر او قصره .
الله لا يجبر احداً على ان يقضي ابديته معه رغم ارادته والا لكان الها حالماً .
الأنسان الشرير يفضل ان يذهب الى مكان سئ باختياره رغم علمه بالنهاية القاسية .
خلق الله الانسان حرا في اختياره واحترم الله هذه الحرية مع انها قد تؤدي به في كثير من الاحيان الى ما لا يرضاه الله .