مفكرة سورية حرة لا سلطان لأحد عليها……نود أن نغوص أعمق في حياتها لنتعلم بعض حكمها….
الدكتورة وفاء سلطان مرحبا بكِ في منظمة صوت العقل ..
……
1- الدكتورة وفاء سلطان ، أغلب المثقفين يعتبروكِ ” مُفكّرة و فيلسوفه ” وبعض الإيديولوجيون يعتبروكِ مُعادية للدين و للإسلام خاصة ، كيف تُعرّفين عن نفسك ؟
******
كلمة مفكرة ـ بالمعنى المتعارف عليه ـ تعجبني، ولكن حسب مفهومي الشخصي، لا أشعر حيالها بالإرتياح
الإنسان حيوان مفكر، كلنا نفكر، صغيرنا وكبيرنا، جاهلنا والمتعلم فينا، الخير منا والشرير، الحليم والأحمق
إذن، على الأقل بالنسبة لي، الكلمة لا تميزني، لا تحدد حقيقتي، ولا تقدم للآخر هويتي الفكرية
اسامة بن لادن كان مفكرا، هتلر كان مفكرا، وستالين أيضا، لكن يبقى السؤال: ماذا قدم هؤلاء “المفكرون” للبشرية؟
لذلك، وطالما تضعني كلمة “مفكرة” في خانة هؤلاء الشريرين، ولا تميزني عن غيري، لا أرتاح لها
فيلسوفة؟؟؟
،أحبها، وإن كنت لا أتقن الفلسفة بالمعني الإحترافي لها
أتمنى أن أصل يوما إلى مرتبة المعلم البوذي المستنير، بمعنى أن أصل إلى مستوى قدرته، عندما أنقل إلى قرائي ما أعرفه وما اؤمن به من أفكار
أعتبر نفسي مستنيرة فكريا وروحانيا، وإن كنت لم أصل بعد إلى المستوى الذي أنشده
كل يوم من حياتي ينقلني إلى يوم أكون فيه أكثر استنارة، وأنا سعيدة بانجازاتي
……
ما يقوله عني هؤلاء المؤدلجون ـ حرام أن تسميهم “ايدلوجيون” ـ لا يهمني، ولا يحرك ساكنا عندي
الإيدلوجي إنسان صاحب ايدلوجية واضحة، بما فيهم الإسلامي، ولكن من قصدتهم في سؤالك هم مخلوقات مؤدجلة عاطفيا وبطريقة سلبية، وأهم العواطف السلبية التي تؤدلجهم هي الغيرة والحسد، وليس للخلافات الفكرية دور هنا
أنا أختلف مع الإسلامي فكريا، وخلافاتنا واضحة جدا، ولكن هؤلاء المرضى لا يعرفون ماذا يريدون مني تحديدا، إذ ليس لديهم فكر كي يقارنوه بفكري
هم ينتقدونني لأنهم يشعرون بأن وجودي يهدد وجودهم الهش، انطلاقا من ضعف ثقتهم بقدراتهم وايمانهم الدفين بقدراتي
هم يعجزون على أن يبلوروا خلافهم معي فكريا، لأنهم رفضوني في الأصل بناءا على مشاعرهم السلبية التي لها علاقة بتكوينهم الطفولي تربويا وفكريا وروحانيا واجتماعيا، وليس لها أية علاقة بفكري وانجازاتي
الحسد والغيرة شعوران طبيعيان، لكن بعض الظروف والأنماط التربوية تفشل في تعليم الإنسان كيفية السيطرة على هذين الإحساسين السلبين
في الحالات العادية تدفع الغيرة الإنسان إلى تحسين وضعه كي يرتقي إلى مستوى وضع الشخص الذي يغار منه
أما في حالة هؤلاء المؤدلجين، تدفعهم غيرتهم إلى محاولة شدي إلى الأسفل كي يهبطوا بي إلى مستواهم
عد إلى خربشاتهم وأتحداك أن تعرف نقطة الخلاف معي، تجد تلك الخربشات مجرد لغط كلامي، يتناولني شخصيا وبطريقة بذيئة لا تقدم ولا تؤخر
استنادا إلى تلك النقطة بالذات، مهما اختلفت مع الإسلامي أحترمه أكثر مما أحترمهم، لأنني أعتبره ـ وببساطة ـ صاحب ايدلوجية، وإلى حد ما يحق له أن يدافع عن ايدلوجيته
هؤلاء المؤدلجون ـ بناءا على سؤالك ـ يعتبرونني ضد الدين عموما وضد الإسلام خصوصا، انطلاقا من خبث متعمد، وهذا بالذات ما يميزهم عن الإسلامي.
الإسلامي يعرف بأن وفاء سلطان ضد الإسلام دون غيره من الأديان، وهو صادق في معرفته تلك
أما هم فكذابون ومحتالون، أنا لست ضد الأديان، أنا ضد الإسلام تحديدا
يفترون علي، لأنهم يعرفون بأن سر نجاحي هو تحديد رسالتي ووضوح هدفي
عندما يروجون بأن وفاء سلطان ضد الأديان تضيع الطاسة ويضيع معها الهدف، وتقل أهمية الفكرة باعتبارها عامة
هذا من جهة ومن جهة أخرى، إنها محاولة فاشلة لتجييش مشاعر أصحاب الديانات الأخرى ضدي
أعلنت أكثر من مرة بأنني لست ضد الأديان وإن كنت لا اؤمن بأي دين، فكل الأديان عندي غيبيات لم تضع أجوبة لأسئلتي، ولم تستطع أن ترتقي بي روحانيا
لكنني أحترم حق أي انسان في أن يؤمن بدين، طالما يحترم حقي في أن لا اؤمن
الإسلام لا يقبل ذلك، وهذا سر موقفي منه
الدين بالنسبة لبعض الناس حاجة ملحة لا يستطيعون أن يعيشوا بدونها، وليس من حقي أن أتطفل على حقهم في تحقيق تلك الحاجة، طالمما لا يسيء تحقيقها إلى الآخرين
الإسلام يقتصر ـ في معظم تعاليمه ـ على موقف المسلم العدواني من الآخر
عندما يجيش الدين مشاعر الكراهية ضد الآخر، هو يسيء إلى أتباعه أكثر بكثير مما يسيء إلى الآخرين
ولذلك انعكست تلك التعاليم سلبا على أتباعها أكثر بكثير مما أساءت إلى “الأعداء” المفترضين
الحياة برمتها موقف، ووضع الإنسان هو نتيجة حتمية لمجمل مواقفه
يصر المعلم البوذي المستنير إلتشي لي في كتابه
Brain Wave Vibration
بأنه لا يوجد مشكلة أبدا، بل يوجد أحداث
وردة فعل الإنسان على أي حدث (أي موقفه من الحدث) هي التي تجعل منه مشكلة
موقف الإسلام العدواني من المسيحيين واليهودـ ناهيك عن أتباع الديانات الأخرى ـ لا يُخفى على أحد
هذا الموقف هو الذي كهرب العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وهو وحده المسؤول عن وضع المسلمين اليوم
اليوم، وضعت التكنولوجيا العالم كله في قرية واحدة، وصارت العلاقة المهكربة بين المسلمين والآخرين، أكثر تجسيدا ووضوحا، وبالتالي آكثر تأثيرا وسلبية
بالعودة إلى سؤالك، وبناء على ماقلت سابقا، أنا أعتبر نفسي إنسانة عقلأنية ومستنيرة، ولدي القدرة للتعبير عن نفسي وبالتالي نقل أفكاري إلى قرائي.
باختصار أعتبر نفسي امرأة مستنيرة، وليمُت المؤدجلون بغيرتهم!
**********
2- صوت الدكتورة وفاء صوت يُنادي بالحقيقة بدون تجميل أو تخفيف لها و التي تُعتبر حقيقة مُجرّدة و صادمة ، لماذا تلجئين إلى هذا الاسلوب الحاد في جميع مقالاتك ومناظراتك مع الإسلاميين ؟ و هل تعتبرين هذه الطريقة هي الأفضل لإيصال الحقيقة لمن غابت عنه ؟
…………
لقد حاول الكثيرون عبر التاريخ الإسلامي أن يصلحوا ما أفسد الإسلام، لكن لسبب أو لآخر، اتبعوا اسلوب اللف والمواربة ولذلك فشلوا ولم تنجح أية محاولة
ربما دراستي للطب قد ألزمتني باسلوب “أنت مصاب بالسرطان ونحن مضطرون للبتر”، وهو اسلوب تعلمته في أمريكا.
ربما شخصيتي التي حملت في مورثاتها الرغبة الحارقة في التمرد على الغش والكذب والنفاق
ربما، بل ومما لا شك فيه، التجارب الحياتية التي عشتها وأهمها الهجرة إلى بلد حر لعبت هي الأخرى دورها في موقفي
لا تنسى أنني امرأة، والنساء عموما أكثر قدرة على مواجهة الحقيقة بتفاصيلها، وأقل قدرة على المواربة واللف والدوران
لا يمكن أن يكون الإنسان نفسه عندما يحاول أن يصل إلى هدفه بطريقة ملتوية
وعندما لا يكون نفسه لن يُكتب له النجاح
عندما تدرك في غلالة نفسك بأنك تلف وتدور وتلعب بالألفاظ لتصل إلى هدفك بأقل الخسائر، لن تصل إليه أبدا
الطريق الذي مشت به وفاء سلطان لم يكن موجودا، أنا التي صنعته، وكل هدف يحتاج إلى طريق خاص به
فشل من سبقني لأنهم أختاروا طريقا معوجا وغير واضح
على كل حال، قد يخطر ببالك سؤال: وهل وصلت إلى هدفك؟
وجوابي عليه: مازلت في الطريق إليه، ولكن معالم الطريق تثبت لي بأنني على الخط الصحيح
قد أرحل عن هذا العالم قبل أن أصل إلى هدفي، ولكن هذا الأمر لا يخفيني لأن فكري سيتابع المسير حتى يصله
الدلائل تشير إلى أن كل كلمة أكتبها تدفعني خطوة باتجاهه
ستلد أفكاري جيلا جديدا نقيا وصالحا، تلك الحقيقة أراها واضحة كالشمس ولا أمتلك ذرة شك حيالها
أتواصل يوميا مع قرائي في كل أنحاء العالم، والمتحمسون لأفكاري أكثر مما تتصور
لا أحد يستطيع أن يقيم نجاحي سوى قرائي، حتى من يكرهني منهم
ردة فعل الجميع لما أكتب تؤكد أهمية ما أكتب، والأيام ستثبت حقيقة تلك الأهمية.
**********
3- تُتهمين دائما بالتطاول على الذات الالهية وقلتِ في إحدى المقابلات التي اجريتيها بأنك لست ملحدة وقلت أيضاً بأنك لا تؤمني بالغيبيات ، بماذا تؤمن وفاء سلطان؟
……..
لم أتطاول إلا على الإله الذي تتطاول علي، لا أكثر ولا أقل، وهذا ابسط حق من حقوقي
الإله الذي يأمر بضربي سأضربه ولو بفردة حذائي!
أنا لست ملحدة بالمفهوم التقليدي للإلحاد، ولست مؤمنة بالمفهوم التقليدي للإيمان
الكون لغز وسر، وعظمته تكمن في لغزيته وفي أسراره
حاولت الأديان ـ خصوصا تلك المسماة سماوية ـ أن تحل أسرار الكون، فقدمت لنا إلها معلبا كالسردين، ومحددا كجدول الضرب، ولذلك لم أستطع أن أتقبل أيا من آلهتها، من منطلق إيماني واحترامي للغزية الكون وعظمته التي تكمن في تلك اللغزية
اتبع الملحدون نفس اسلوب المتدينين، فحاولوا أن يبرهنوا على إلحادهم بحل لغزية الكون، وبأن لكل ظاهرة كونية سببا
عندما فعلوا ذلك جردوا الكون من عظمته، باعتبار عظمته تكمن في لغزيته، وتحولوا مع الوقت إلى شكل من أشكال الدين، بل ـ وربما ـ أكثر الأديان تعصبا
وفاء سلطان تؤمن بتلك القوة الكونية العصية على فهمنا وإدراكنا لأبعادها، وتؤمن أيضا بأنها جزء لا يتجزأ من تلك القوة
الروحانية حسب مفهومي، هي الرابطة التي تشدني إلى تلك القوة وتساعدني على أن أتوحد فيها.
لا أستطيع أن أتواصل مع تلك القوة وأستمد منها قوتي إلا عندما أدوزن نفسي كي أتناغم مع إيقاعاتها.
هي قوة خير بالمطلق، ويجب أن تكون توجهاتي خيرة بالمطلق كي أتناغم معها
تخيل نفسك تسير مع الريح، ألا تشعر عندها بأن قوة خفية تدفعك إلى الأمام وتساعدك على السير قدما
تخيل نفسك تسير عكس الريح، ألا تشعر عندها بأن قوة خفية تدفعك إلى الوراء وتعرقل سيرك
هذا هو الإله الذي تؤمن به وفاء سلطان، إنه تلك القوة الكونية الإيجابية التي لا حدود لها، فعندما تتناغم معها تدفعك بطريقة خفية إلى الأمام، وعندما تعاكسها تعرقل سيرك
كلنا مؤهلون ـ بشكل أو بآخرـ للتواصل مع تلك القوة، لكن لسنا كلنا بنفس المستوى من الوعي الذي ندرك عنده تلك المؤهلات ونستخدمها.
تلك المؤهلات لا تشترط الإيمان أو الإلحاد، بل تشترط أن تكون جزءا من تلك القوة الكونية، وأن تسعى لتبقى جزءا منها.
أسعى يوميا إلى تعزيز روحانيتي، وذلك عن طريق رفع مستوى وعي للإحساس بذلك التواصل والتفاعل معه
كل عمل أقوم به، بما فيه الكتابة، أدوزنه بناء على إيقاعات تلك القوة
أنا إنسانة سعيدة، لأن هناك قوة خفية تشدني إلى الأمام وتسهل سيري، وبالتالي لا يستنزف قواي ذلك المسير
أفضل طريقة لتعزيز ذلك التواصل هي العودة إلى رحم الطبيعة، الطبيعة العذراء التي لم تفض بكارتها بعد تكنولوجيا الإنسان وبلدوزراته وسماده وطرق مواصلاته
لقد جربت الحياة في منتجع يقع في بقعة عذراء بعيدة من كل ما يمت لمدينة اليوم بصلة
قضيت هناك اسبوعا لا أرى فيه إلا الطبيعة المجردة، دون أي تواصل مع العالم الخارجي، لا كومبيوتر ولا تلفون ولا أية وسيلة نقل، كان طعامي من حشائش الأرض وخضراوتها التي يزرعها المشرفون على المنتجع والمطهية على نار الحطب بطريقة بدائية جدا، فشعرت خلال ذلك الإسبوع بحالة من الصفاء العقلي والنفسي والروحاني لا أستطيع أن أصفها
طبعا كنا نمارس اليوغا، كتمارين تساعدنا على أن نتخلص من كل مشاعرنا السلبية، ونتحول إلى كائنات نقية نقاء الطبيعة التي تحيط بنا
أخطط اليوم للإنتقال بشكل شبه دائم للحياة في منتجع خاص بي، كي أتفرغ للتوحد مع تلك القوة، ومن ثم نقل شحناتها الإيجابية إلى قرائي من خلال كتاباتي
هذا التوحد، لو حدث، سينعكس حكما على كتاباتي المستقبلية، وستكون تلك الكتابات أكثر تركيزا على روحانية الإنسان ونقائه، بعد أن ساهمت إلى حد كبير في تحطيم أكبر برج شيطاني في تاريخ العالم
في عالمي، هذا الذي أنشده، سأرحب بالمؤمن والملحد، إذ أن رفض الآخر يتعارض مع ذلك التوحد، بشرط أن لا يتعارض الملحد والمؤمن مع توحدي!
************
4-كانت آخر مشاركة لك في الاتجاه المعاكس في 4-3-2008 وبعدها قاموا بتقديم الإعتذار رسمياً على إنكِ شتمتي الإسلام . من كان وراء عملية التشهير بكِ بقناة الجزيرة ؟
………
إعتذارهم كان عملية تشهير بإفلاسهم الأخلاقي، ولم يكن عملية تشهير بي!
عندما تضع اصبعك على جذر المشكلة، أنت لا تشتم القائمين عليها، بل ترفع مستوى الجميع لإدراك طبيعة الحل!
عندما أعلنت ـ ولأول مرة في تاريخ الإعلام العربي ـ من على منبر الجزيرة بأن الإسلام هو المشكلة، لم أشتم أحدا، ولم أستخدم كلمة نابية واحدة، لأنه لا يوجد في قاموسي تلك الكلمات!
هم يزعقون من على منابر مساجدهم “لعن الله اليهود بما فعلوا”، ولا يشعرون إطلاقا بانه يشتمون أحدا، هل هناك إسفاف فكري وأخلاقي أكثر من ذلك؟؟
هم يعتبرون استنكاري لتلك الشتائم شتيمة، إنها مهزلة!
استضافوني ثلاث مرات، في محاولات يائسة لتحطيمي أمام قرائي، فلقد كنت حتى تاريخ تلك المقابلات مجرد كاتبة محجوبة خلف ستار.
ظنوا بأن المواجهة على الشاشة أصعب بكثير من الكتابة من خلف ستار، وقد تكون تلك حقيقة، لكنهم فشلوا في تقدير إمكانياتي!
عندما ـ وللمرة الثالثة ـ تجسدت تلك الإمكانيات وبوضوح عال المستوى، انسلوا كالأفعى مكتفين باعتذار هش لا يقدم ولا يؤخر.
في عالم اليوم لا تستطيع أن تلغي إنسانا، ومتى انفلتت الكلمة من سجنها، لا أحد يستطيع حجزها مرة أخرى!
خصوصا عندما تكون تلك الكلمة إفراز لطبيعة العلاقة التي تشد صاحبها إلى كونه بلا حدود!
كلمتي هي البرق الذي يشع عندما أتوحد مع كوني، ولا يمكن لأحد أن يحجب ضوء البرق!
أنا اليوم أكثر إنتاجا وعطاءا ووضوحا مما كنت قبل ظهوري على الجزيرة.
نعم الكون يشتغل بطريقة لغزية من الصعب فهمها، وهو يشتغل لصالحك عندما تكون متناغما معه، حتى ولو تراءى لك بأن كل شيء يمشي ضدك!
لا اُخفي عنك بأن اعتذارهم قد أصابني بحالة من الإحباط في وقتها، لكنني الآن أدرك بأن الكون كان بكل ثقله يحارب يومها على جبهتي!
أما من كان وراء محاولاتهم اليائسة تلك، فلا شك إنها آلة الدعاية الإسلامية التي يقودها شيوخ الظلام وتوقدها أموال النفط!
هؤلاء الشيوخ وتلك الأموال ستنضب ـ عاجلا أم آجلا ـ وسيظل الكون منبعي الذي لا ينضب!
**********
5-في الفترة الأخيرة ومن خلال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لوحظ وجود عدد كبير من الملحدين في العالم العربي ولكن للأسف غالبية هؤلاء يدخلون بأسماء وهمية لماذا لا يُجاهر الملحد العربي بحقيقته بين محيطه ؟ وما هي نظرة وفاء سلطان للإلحاد؟
……..
أعتقد أن الإلحاد في تلك الحالة هو ردة فعل على الإسلام عموما والرديكالية الإسلامية تحديدا، أكثر مما هو فهم لإيدلوجية الإلحاد واقتناعا بها.
بالنسبة للجيل الجديد، والذي يحق لنا أن نسميه جيل الانترنت، صار الأمر ـ عندما يتعلق بتطبيق التعاليم الاسلامية ـ غير مقبول.
رضخت الأجيال السابقة لقسوة تلك التعاليم لأنها لم تكن تعرف وضعا أفضل.
أما اليوم، الشاب المسلم يعرف بالتفصيل كيف يعيش شباب العالم من حوله، ولذلك من المستحيل أن تقنعه بضرورة قبول ما يُملى عليه.
عندما يتبنى ذلك الشاب الإلحاد يشعر بأنه انتقم من تعاليمه الاسلامية وتمرد على واقعه، وبالتالي اكتسب هويته الفكرية الخاصة به، إذا أخذنا بعين الإعتبار أن سن الشباب هو سن “البحث عن الهوية الذاتية”، ومن الصعب أن يتقبل هوية تُفرض عليه بالقوة.
لذلك، الإلحاد في تلك الحالة ردة فعل أكثر مما هو فعل مدروس وهادف!
لا يهم، المهم أنهم يتمردون وبطريقتهم، طالما لا يقف إلحادهم حجرة عثرة في طريق تعاملهم وقبولهم للآخرين.
عندما يكون الإلحاد ردة فعل لواقع مفرط في هوسه الديني، للأسف الشديد، يتحول هو نفسه إلى دين مفرط في تعصبه!
هذا ما لاحظته، ليس فقط لدى قرائي الملحدين، وإنما لدى بعض الملحدين في أمريكا أيضا.
في العشرين من الشهر الخامس الماضي حضرت المؤتمر السنوي للملحدين في أمريكا ـ لا أعرف لماذا اُدعى إليه علما بأنني لم أصرح يوما بأنني ملحدة ـ ولمست كالعادة نوعا من التعصب لدى البعض منهم، ومرد هذا التعصب ـ في أغلب الحالات ـ إلى الوضع العائلي المفرط في هوسه الديني والذي جاء منه الملحد.
أما لماذا لا يجاهر الملحد العربي باسمه وهويته، فالجواب بسيط ويتجسد في كلمة واحدة، ألا وهي “الخوف”
سيف الإسلام مازال مسلطا على الرقاب منذ أن شهره محمد، واليد التي تحمله لا تعرف الشفقة ولا تعرف المزح….
لا أملك شيئا ضد الإلحاد، و على العكس، أتواصل مع الكثيرين من الملحدين العرب، وأشد على أيديهم وأحترم حقهم في أن يكونوا أنفسهم، طالما لا يفرضون قناعاتهم على الآخرين.
مهما كان الملحد متطرفا، أجد نفسي أقرب إليه من أي متدين متطرفا كان أم معتدلا.
لا أعتقد بأن الأمر سيطول أكثر مما طال، لكي يجمع هؤلاء الملحدين شملهم ويشكلوا قوة تخفف ـ على ألاقل ـ من حدة الهووس الديني الإسلامي، إن لم تقضِ عليه.
هم يتواصلون بشكل جدي عبر الإنترنت، وأنا على تواصل دائم معهم، وأقرأ تعليقاتهم ويعجبني الكثير من أفكارهم.
*********
6 – أنتِ من أشد المدافعين عن حقوق المرأة وقد قرأنا في العديد من مقالاتك عن قصص مأساوية لنساء عربيات أين تجدين المرأة العربية الآن ؟ وماذا تحاولي أن تقدمي للمرأة الشرقية بشكل عام ؟
……..
أجدها في نفس المكان الذي تركها به محمد، مقهورة مظلومة مهمشة وخرساء!
أجدها لا تختلف في شيء عن عائشة وزينب وسوده وصفية وماريا القبطية وقرفة وعصماء بنت مروان، أو أية امرأة أخرى في حياة محمد!
لا شك أن بعض النساء العربيات قد استطعن أن يخرجن من حيز “ما ملكت” اليمين، ولكن الغيرة مازالت تقف حائلا بين تعاضد الواحدة مع الأخرى، وقد لا ألومهن!
عندما أجاز الإسلام النكاح غير المضبوط ( تضبطه فقط رغبة الرجل) دمر سلفا كل علاقة ودية يمكن أن تنشأ بين امرأة مسلمة وأخرى.
فالمرأة ـ وفي اللاوعي عندها ـ لا تستطيع أن ترى امرأة أخرى إلا كمنافسة وعدوة، طالما تستطيع أن تشاطرها فراش زوجها!
هذا هو السبب في اللاوعي، وفي حيز وعيها تشعر بالغيرة من كل امرأة دون أن تعرف السبب الحقيقي لمشاعرها تلك!
أعتقد، أن الغيرة، وعلى مدى أربعة عشر قرنا صارت جزءا من الشيفرا الوراثية للمرأة المسلمة، ليس ذلك عجبا طالما تستطيع التأثيرات البيئية على مر الزمن أن تحفر وتستقر في الشيفرا الوراثية.
منذ عدة أعوام حضرت مؤتمرا للعلمانين العرب، ألقت خلاله سيدة “محسوبة” على العلمانين كلمة، وكانت جيدة بمضمونها ولغتها.
اقتربت منها أمد يدي وأنا أقدم نفسي، فمدت يدها بقرف، وكأنها على وشك أن تقول: متوضاية، أعتذر!
لامست أصابعها أطراف اصابعي، ثم تجاهلتني واستدارت للجهة الأخرى كي تتحدث مع شخص آخر.
لو لم أكن وفاء سلطان لنخر الحدث عظمي، ولكن تفهمي لتصرفها أثار شفقتي عليها.
لم تترك مناسبة بعدها، إلا ووجهت صاروخا باتجاهي، لتفاجئ بأنني من معدن مضاد للصواريخ!
لم تكن المرأة “العلمانية” الوحيدة التي قذفتني بصواريخها، وحتى تاريخ تلك اللحظة لا أعرف سبب مواقفهن، ربما الأدلجة العاطفية المبنية على الغيرة والحسد.
يبدو أننا نحتاج إلى ألف وأربمائة سنة أخرى، كي نصلح ماخربته نظرية النكاح الإسلامية من العلاقة بين المرأة والمرأة.
أتوقع الجيل الجديد أفضل بكثير وأكثر انفتاحا، وأتمنى أن تكون أنثى اليوم أكثر وعيا وأكثر دعما لأختها الأنثى، وأقدر على الوقوف معها، فقضية أية امرأة هي قضية كل امرأة!
أما بخصوص ماقدمته وفاء سلطان لتلك المرأة فكتاباتي شاهد حي، وما جاء في تلك الكتابات من دعم للمرأة وتشجيع لها لا يمكن أن يلغيه قلب حاسد تنهشه الغيرة.
أحب المرأة لأني اُدرك معاناتها، وتعذبني تلك المعاناة…
كامراة لم أعانِ شخصيا، ولكن ـ لسوء الحظ أم لحسنه ـ لي قلب كالاسفنج يمتص آلام الجميع، وأجد نفسي معنية بتخفيف تلك الآلام وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالمرأة!
********
7-أنتِ قدوة لكثير من الشابات ما هي نصيحتك للجيل الجديد من النساء من أجل التمكن من الدفاع عن حقوقهن وحريّتهن في هذا المجتمع الذكوري؟
……..
حتى لو كان المجتمع غارق في ذكورته حتى نخاع عظمه، المرأة وحدها المعنية بتغيير واقعها.
لن يتخلى الرجل المسلم عن السلطة المطلقة التي منحه إياه الإسلام برضى وطواعية
حتى لو خفف من غلو تلك السلطة، يجب أن تكون المرأة مهيأة لأخذ موقعها والقيام بدورها.
أود أن أذكر كل شابة بما قالته رئيسة وزراء اسرائيل غولدا مائير أحد المرات: (استغرب كيف تطالب النساء بالمساواة، طالما لا يستطيع الرجل أن يحبل وينجب فهو المظلوم)
نعم، لقد حملتك الطبيعة مسؤولية تخصك أنت، ولا شك أنها زودتك بالمهارات اللازمة لإنجاز تلك المهمة بنجاح.
لذلك، إياك أن تقتنعي بخزعبلات البدو من أنك ناقصة عقل، ومن أن الرجل قوام عليك.
لم تحمل الطبيعة الرجل أية مسؤولية تخصه دون المرأة، ولذلك لا يمكن أن تحبيه بمهارات تفوق مهاراتك.
اقتصر دوره حتى عهد قريب، وفي كل المجتمعات قاطبة، على جني اللقمة، ولذلك منحته تلك المجتمعات اليد العليا.
لكن اللقمة مطلب غريزي لكل من الرجل والمرأة، ولذلك يُفترض أن يكون كل منهما مزودا بالمهارات اللازمة لجنيها، وهذا ما أثبتته المرأة اليوم.
لم يعد الرجل مسؤولا بشكل مطلق عن عائلته في عالم اليوم، ولكن ظل البدو متمسكين بنظريتهم التي أفرزتها عصابات القرن السابع، لأنهم لم يرتقوا بوعيهم بعد إلى مستوى إدارك تلك الحقيقة.
غولدا مائير توصلت إلى تلك القناعة ومارستها، ولذلك أصبحت رئيسة وزراء اسرائيل، وأصبحت اسرائيل بالتالي واحة في قلب الصحراء الإسلامية.
أنت أيضا معنية بتبني تلك القناعة، علك تستطعين أن تحولي تلك الصحراء إلى واحة كبيرة!
***********
8- يظن بعض المفكرين أن المرأة العربية هي عدوة نفسها لا تستطيع أن تعترف بأن لديها حقوق تماما كالرجل كيف تجدين المرأة العربية ؟ هل هي المسؤولة عن ضياع حقوقها أم المجتمع هو المسؤول؟
………
كأنك هنا تسألينني من أنجب الآخر البيضة أم الفرخة؟
عندما يستمر وضع ما على مدى قرون تضيع الأسباب ويختلط عباس بدباس!
في هذا السيناريو الضبابي الكل مسؤول، الرجل والمجتمع والمرأة نفسها!
قد لا تكون المرأة مسؤولة كليا عن وضعها، لكنها بالتأكيد مسؤولة ـ دون سواها ـ عن تغيير ذلك الوضع!
كل مشكلة اجتماعية مستعصية على الحل، لا بد، وأن يكون لها جذور فكرية وتربوية ونفسية متغلغة في عمق اللاوعي عند إنسان المجتمع الذي يعاني من تلك المشكلة.
وهنا تبرز التعاليم الإسلامية كجذر ضارب ومتشبث في أعماق ذلك اللاوعي.
عملية نبش ذلك الجذر ـ العقيم غير المثمر ـ وقلعه واستبداله مسؤولية ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة، وتقع في معظمها على عاتق المرأة.
باختصار، المرأة العربية ليست هي المسؤولة بالمطلق عن وضعها اليوم، ولكنها مسؤولة بالمطلق عن تغيير ذلك الوضع!
ويجب أن تكون مسلحة بالمهارات اللازمة للقيام بتلك المهمة المقدسة، وأهم تلك المهارات العلم والمعرفة والثقة بالنفس!
*********
9-من الذي يقف عائقاً امام تحقيق العلمانية في الشرق الأوسط؟ الحكام أم الشعب أم طرف آخر ” الغرب ” كما يقولون ؟
………..
الكل مسؤول!
الشعب مغيب عن الوعي، ومن صالح الحكام أن تكون الشعوب مغيبة عن الوعي، ومن صالح الغرب أن يستمر ذلك الوضع!
للغيبوبة مستويات، وأشبه الغيبوبات بالموت، هي الغيبوبة الدينية، بمعنى عندما يغرق الإنسان في هوسه الديني!
عندها تتجمد المجتمعات، وتصبح أشبه بمستنقع بشري نتن، تقتله ذيفاناته!
هذا هو الواقع اليوم في العالم الإسلامي عموما والعالم العربي خصوصا!
هناك مثل أمريكي يقول: لا تعطِ فنجانا من القهوة لسكران!
فعندما يشرب المرء حتى الثمالة، لماذا تريدني أن أصحيه من سكرته، وخصوصا عندما تقتضي مصحلتي أن يظل سكرانا!
هنا، قد يحق لنا أن ننتقد موقف الصاحي من السكران، ويحق لنا أن نعتبره موقفا لا إنسانيا، ولكن!!
أليست أولا وأخيرا هي مسؤولية السكران؟؟؟
هنا أتذكر مثلا أمريكيا آخر، قد يجيب على هذا السؤال، ذلك المثل الذي يقول: أن الله معك بقدر ما تكون مع نفسك؟
فكيف نطالب الغرب بأن يكون معنا أكثر مما نقف نحن مع أنفسنا؟؟
للغرب مصالح مع بعضه البعض كما هي مصالحه مع أية دولة أخرى سواء في الشرق الأوسط أو في الشرق الأقصى، ولكن وضع كل دولة يفرض طبيعة علاقتها مع الدول الأخرى.
الدول السكرانة ـ المهووسة دينيا ـ لا تستطيع أن تفرض ما تفرضه دولة صاحية ارتقت بنفسها فوق مستوى الهلوسة الدينية!
************
10- الدكتورة وفاء سلطان ما هي التجارب التي أثرت بكِ والتي ساهمت في تشكيل قناعاتك ؟
……..
كل تجربة في حياتي تركت بصماتها علي، من أصغرها إلى أكبرها، فالإنسان هو الناتج الكلي لتجاربه!
لا شك أن نواة الشخصية تولد مع الإنسان، ولكن تجاربه الحياتية تتراكم فوق تلك النواة الوراثية لتشكل مع الزمن مجمل كيانه.
أنا نواة وراثية، اُضيفت إليها تجاربي بمجملها.
أول تلك التجارب وأهمها، وجودي في اسرة علوية لا تؤمن بالخرافات الدينية ولا تفرضها على أبنائها.
لا شك أن المجتمع بدءا من المدرسة ومرورا بالشارع والحي وانتهاءا بمكان العمل قد لعب هو الآخر دوره، ولكن يبقى دور الأسرة الأقوى والأبقى!
صحيح أنني ولدت ونشأت في مدينة صغيرة، ولكن باعتبارها مدينة ساحلية كانت أكثر انفتاحا على العالم الخارجي من العاصمة دمشق.
كانت عائلتي باعتبارها ناتج للثقافة العلوية المنفتحة على الآخر، أقرب بعاداتها وتقاليدها إلى المجتمع الريفي الأبسط والأكثر عفوية من أي مجتمع مدني آخر!
في هذا الجو العفوي والمنفتح تفتقت مواهبي وانتعشت مشاعري وتشكلت شخصيتي!
كما أشرت سابقا لعب المجتمع المحيط بأغلبيته المهووسة دينيا دورا في كبت طاقاتي، ولكن الهجرة إلى بلد حر لاحقا أطلق العنان لما كان مكبوتا داخلي!
لعب زوجي دورا كبيرا في من أكون اليوم، فهو رجل منفتح ولد قبل عصره بقرون!
هو، كابن تيمه، متطرف في موقفه من المرأة، ولكنه الوجه الآخر للتطرف!
ابن تيمه يصر على المرأة كالكلب الأسود تفسد الصلاة، وزوجي يؤمن بأن المرأة هي الصلاة، بل هي أطهر الصلوات وأقربها إلى الله!
ابن تيمه ـ وبموقفه هذا ـ دمر المرأة، بينما زوجي ـ وبموقفه هذا ـ حملني مسؤولية أكبر من أية مسؤولية أخرى!
عندما أقنعني بأنني صلاته، بل أطهر صلواته، حملني مسؤولية أن أبقى طاهرة، وان ابقى الأقرب إلى الله!
جدتي هي الأخرى لعبت دورا مهما في طفولتي، وكانت مثلي الأعلى.
لو كتب لها قدرها أن تكون حرة ـ كما أنا اليوم ـ لكانت مارغريت تاتشر العرب، ولكنها ظلت رهينة العادات والتقاليد التي يفرضها مجتمع غارق حتى شوشة رأسه بهوسه الديني!
كانت الـ “فولتير” الذي قضى حياته في زنزانة، ولم تستطع طاقاته ان تتجاوز حدود تلك الزنزانة!
ماتت هي، وظلت طاقتها تحوم حولي، فأستمد منها طاقتي!
أنا اليوم طالبة يوغا، واليوغا تثبت لك بأن الكون عبارة عن طاقة بالمطلق.
الإنسان يموت جسديا، لكنه يبقى طاقة هائمة في الكون.
لقد تبنيت تلك القناعة، وأنا اليوم ـ بين حين وآخر ـ استجمع طاقة جدتي التي مازلت تلازمني، وأستمد منها مايلزمني كلما احتجت إلى مزيد من الطاقة!
لذلك نبعي لا ينضب، وهو نبع صاف وشفاف ومفرط في عطائه!
وجودي في أمريكا ـ وكما أشرت سابقا ـ لعب دوره في تشكيل قناعاتي.
في أمريكا ملكت الحرية الكافية لأكون نواتي الوراثية، ومنشأي العائلي، وصلاة زوجي وطاقة جدتي…
في أمريكا ملكت الحرية لأكون ذاتي بلا رتوش وبلا قيود…
في أمريكا ملكت الحرية لأكون وفاء سلطان اليوم!
*********
11-إن سمحتي لنا سندخل قليلاً في الخصوصيات. كيف قمتي بتربية بناتك ؟ نقصد ما هي المبادئ التي أنشأتي بناتك عليها دينياً و إجتماعياً ؟ و ما هي الطريقة التي تتعاملين بها معهن الآن ؟ وهل أنت راضية عن النتيجة ؟
………
سُئل مرة الشاعر المبدع نزار قباني: هل تعامل النساء في حياتك كما تعامل المرأة في قصديتك؟
فرد: من يحمل الشمس بيمينه عليه أن يُضيء بها بيته قبل أن يضيء بيوت الآخرين!
ووفاء سلطان قد أضاءت بيتها قبل أن تضيء عقول الآخرين.
قدمت للإنسانية ثلاثة ملائكة، شاب وشابتين!
لو وقعت ابنتي من على جبل ستصل الأرض واقفة على رجليها ورأسها مشرأب في السماء!
زودتهم بكل ما يحتاج إليه الإنسان كي ينجز الغاية من وجوده على سطح الأرض، هم مهذبون خلوقون وأقوياء في الوقت نفسه.
لم أربيهم بالوعظ ولكن بالإيحاء…
كنت اُدرك بأن الطفل يقلد أكثر مما يصغي، فنصبت نفسي قدوة لهم.
كنت اُدرك أيضا بأنهم لن يقموا بأي فعل مالم أقوم به أولا، ولذلك ضبطت مواقفي وأفعالي أمامهم تحت عدسة مجهر…
في أمريكا المناسبات كثيرة، وفي كل مناسبة أتلقى بطاقة من كل واحد منهم، أصاب عند قراءة تلك البطاقات بالذهول أمام قدرة الطفل على امتصاص أحداث طفولته، فدائما يذكرني أحدهم
بحدث ما وبطريقة تفاعلي مع الحدث، وكيف أثرت على حياته.
استشف من سؤالك بأنك تريدنني أن أدخل في تفاصيل تربيتي لبناتي، وليس لدي أي مانع…
زرعت لدى كل واحد ثقتها بنفسها، وبأنه لا أحد يستطيع أن يسيء إليها إلا باذنها!
علمت كل واحدة بأن جسدها وعقلها ملكا لها، وبأنه لا أحد غيرها يملك سلطة عليها، وعلمتها في الوقت نفسه أن تحترم قدسية عقلها وجسدها، ولا تسمح لأحد بأن يعبث بتلك القدسية.
عواطفها هي أيضا ملكها، ومن حقها أن تشبع تلك العواطف وتجيد ضبطها وإطلاقها بتحفظ وبلا ابتزال.
ابنتي الكبيرة تحمل ماجستر في علم النفس/اختصاص عائلة، وتحضر للدكتوراه.
متزوجة من رجل أمريكي علماني من خلفية كاثولكية، وهي سيدة بيتها، ولديها طفلة في الرابعة من عمرها وطفل على الطريق…
الصغيرة طالبة في كلية الطب ومرتبطة مع زميل لها، وهو أمريكي علماني ومن خلفية يهودية.
ابني تزوج مؤخرا من صبية سورية حلوة وخلوقة ومن عائلة مسلمة. تعرف عليها من خلال الانترنت وقابلها لأول مرة في تركيا.
عقدت قرانها ـ عقد نكاح !!! ـ على الطريقة الإسلامية حيث مثل أخي أهل العريس في سوريا، ثم جاءت إلى أمريكا وتزوجا ضمن مراسيم عرس جميل بدون أية طقوس دينية!
هي اليوم ـ وبعد عامين من وجودها في أمريكاـ أكثر علمانية من والت ويتمان…
اليوم، أمازحها بقولي: هل جلبت معك عقد النكاح؟
فتصرخ: Moooooooooooom ….Be quite :
حماية وكنة، ماذا تتوقعون؟!!!!
**********
12- كيف تصفين العلاقة بينك وبين زوجك ؟ و هل يوافقك جميع أفكارك و مبادءك ؟ ؟ هي أسئلة من باب الفضول لنعرف كيف تتعامل سيدة العقل مع من حولها .
………
الأهم من أن يوافقني على أفكاري ومبادئ، أن نكون منسجمين روحانيا.
هو شقي الروحي، نحن روحان في جسد واحد….
تعرفت عليه في سنتي الجامعية الأولى وكان ذلك ١٩٧٥، ومازلت أذوب في عينيه كلما التقت نظراتنا…
ليس لقهوة الصباح ولا للشاي بعد الظهر أي طعم مالم أشاطره نفس الفنجان…
أحبه بلا حدود، ويحبني بلا حدود، وكتاباتي ـ كما هم أولادي ـ ثمرة ذلك الحب!
عطره يفتح كل مساماتي، وهو هوائي الذي أملئ به رئتي!
عموما لا أحب الموسيقا ولست من عشاق الغناء، ولكن مازال صوته عندما يغني لصباح فخري يسحرني…
لم أختلف معه في حياتي إلا على فريد الأطرش، فهو يعشقه حتى الثمالة وأنا لا أرتاح لنحيبه!
عندما يصدح مع فريد: (ليت يا يوم مولدي كنت يوما بلا غد) تسود الدنيا في عيني وأصرخ في وجهه “حرام عليك يا زلمي…شو ذنبي لو تحقق نحيبك هدا”
سُئل زوجان معمران في أمريكا عن كيف يتحقق الزواج السعيد، فردت الزوجة ـ ودائما الزوجة أذكى ـ: الزواج السعيد يتحقق عندما يلتقي رجل محظوظ بامرأة محظوظة!
قد لا أتفق بالكامل مع جوابها، على أساس أن الزواج الناجح يعتمد كليا على الحظ، ولكن عندما استعيد تاريخي معه وكيف التقينا لابد أن أعترف بأننا محظوظان!
*******
13-متى ستعود وفاء سلطان إلى سوريا ؟ وهل أنت ممنوعة من الدخول إلى سوريا؟
……..
أنا لم أغادر سوريا كي أعود إليها..
سوريا تعيش في قلبي وفي وجداني..
سأعود ـ آملُ قريبا ـ إليها بها…
سأعود إلى سوريا المزيفة بسوريا الحقيقية..
سأعود إلى سوريا التي خربتها أحذية العسكر كي أستبدلها بسوريا التي صنعتها أقلام الأحرار…
لست ممنوعة من دخولها بقرار رسمي، ولكن الواقع الذي تعاملت به الطغمة الحاكمة مع الأحرار يجبرني أن أتريث رغم وهج الحنين..
كوني من اسرة علوية يزيد من مخاوفي، فالعلويون في قبضة السلطة، وليست السلطة في قبضتهم كما يدعي الطائفيون والعنصريون…
الأسد ـ الابن اليوم كما كان الأب في الأمس ـ عاش عقدة علويته وظن أنه يستطيع أن يتجاوز حدود تلك العقدة بسهولة، فقص أصابع المفكرين العلويين قبل أن يقص أصابع غيرهم، عله يثبت للبوطي وللقبيسيات بأنه أكثر إسلاما من ابن تيمه!
فشل مخططه وأفشل سوريا معه، فانتشرت ظاهرة الأسلمة على الطريقة البوطية بشكل رهيب ومخيف، واليوم سيفترسه المد الإسلامي بلا ملح….
لا أسف عليه، ولكن الأسف أنهم سيفترسون سوريا معه، مالم يتصدَ أحرار الوطن للطغمة الحاكمة وفي الوقت نفسه لتلك الظاهرة الإرهابية المرعبة!
آمل أن أعود إلى سوريا فأجدها دولة علمانية لا علاقة للدين بها، تتبنى قوانين تحمي كل الناس بلا تمييز..
يبدو أنه حلم أكبر من قراءات الحاضر، ولكن يحق لنا أن نحلم…
******
14-ما هي الرسالة التي تودين توجيهها إلى الجيل الصاعد بشكل عام ؟
…….
حطم الزجاجة التي حنطوك داخلها…..
واخرج كالمارد لتصنع مستقبلك بيدك…
التعليب الفكري على الطريقة الإسلامية جريمة اُرتكبت بحقك، وأنت المخول الوحيد لفتح تلك العلب….
لا تقيم إنسانا إلا من خلال إنسانيته، وحاول أن تتفهم سلوكيات البشر كي لا تخطئ فهمها، ولكي لا تحكم عليها ظلما..
تعلم كيف تغفر وكيف تسامح وكيف تتجاوز أحقادك، لأن الحقد كالأسيد يحرق الصدر الذي يخزنه أكثر من السطح الذي يُصب عليه…
حاول أن تنجح حيث فشل أباؤوك وأجدادك، كي لا تترك لأطفالك التاريخ المزيف والواقع المهين الذي تركوه لك…
اقرأ وبعقل منفتح، فالقراءة تساعدك على فهم الحياة وتساعدك على أن تعيشها بأقل الخسائر…
لا تخف، وإن خفت واجه خوفك بشجاعة وافعل ما أنت تخاف منه…
* الحياة موقف، وموقفك من كل حدث، هو الذي يحدد طبيعة الحدث ويبلور نتائجه بخيرها وشرها، وليس طبيعة الحدث… (أحب هنا أن اشاطرك قصة وردت في أحد كتب المعلم البوذي المستنير إلتشي لي، والتي ذكر فيها بأنه كان شابا فاشلا على مستوى الدراسة، ومنبوذا من عائلته ومجتمعه، وكان في مدينته يومها ( في كوريا) جسرا يقوم فوق أرتال من الزبالة التي تعفنت وانتشرت رائحتها الكريهة حتى سممت جو المدينة، دون أن يحرك أحد ساكنا.
استمد من إحباطه قوة ـ وكان عندها متنسكا في احد كهوف الجبال ـ وقرر أن ينظف المنطقة تحت الجسر من قمامتها. بدأ بنقل تلك القمامة شيئا فشيئا، إلى حفرة كبيرة كان قد حفرها في أحد السفوح بقرب كهفه، ولما انتهى طمر الحفرة وزرع فوقها كميات كبيرة من بذور القرع الأصفر، ونتيجة للسماد الموجود في القمامة، امتلأت الأرض قرعا، وتوافد عليها فقراء القرية من كل حدب وصوب)
ما أراد أن يتوصل إليه ذلك المعلم المستنير، من خلال ذكره لتلك القصة، هو أنه ـ وبموقفه الإيجابي ـ استطاع أن يتجاوز احباطه وأن يحول القمامة إلى إنتاج عاد على فقراء قريته بالخير!
لا شك أن الواقع العربي اليوم متخوم بالقمامة حتى أعلى شعرة في رأسه، ولكن عليك أنت ـ أيها الجيل الجديد ـ أن تنظف تلك القمامة وتزرع البذور علها تعود على مجتمعك بالخير!
إذا كان بامكانك أن تمشي فلا تحبو، وإن كان بامكانك أن تركض فلا تمشي، وإن كان بامكانك أن تطير فلا تركض، وإن طرت اعلم بأنه ليس للسماء حدود…
لقد ولِدت مزودا بقدرة موصولة بالقدرة الكونية، ولذلك لا حدود لتلك القدرة إن عرفت كيف تتواصل مع كونك وكيف تستخدم قدرتك…
حلق بروحك فوق مستوى المادة، وكن سيد عقلك وجسدك…
كن نفسك، لأن الحب الحقيقي هو حبك اللامشروط لنفسك….
أصل كل الشرور في العالم هو كره الذات، فالنفس كالوعاء عندما تفرط في ملأه يفيض على ما حوله، فعندما تملأها حبا تفيض حبا، وعندما تملأها كرها تفيض كرها…
تذكر: الغزو والسبي والغنائم جرائم تُرتكب بحق الغير، ولا يمكن للجريمة أن تكون شريعة!
أخيرا، سأقرأ عليك الصلاة التي نتلوها كل يوم وقبل دخولنا درس اليوغا، أملا في أن تتبنى تلك الصلاة:
أنا أعلن وأقر بأنني سيد دماغي
أنا أعلن واقر بأن دماغي يملك إمكانيات لا محدودة وقدرات إبداعية.
أنا أعلن وأقر بأن دماغي يمتلك الحق ليقبل أو يرفض أية معلومات أو معرفة تقدم له.
أنا أعلن وأقر بأن دماغي يحب البشرية كلها، ويحب الأرض
أنا أعلن وأقر بأن دماغي ينشد السلام
I declare that I am the master of my brian
I declare that me brain has infinite possibilities and creative potential,
I declare that my brain has the right to accept or refuse any information and knowledge that it is offered
I declare that my brain loves humanity and and the earth
I declare that my brain desires peace
هل بامكان الجيل الجديد أن يتصور لو تتم برمجته اليوم على أساس تلك الصلاة، بدلا من الآية التي تقول: ” أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ”، كيف سيكون حاله وحال الأجيال المقبلة بعد مائة عام؟؟؟؟
*************
15- سؤال أخير : حضرتك من الداعمين لمنظمة صوت العقل كما علمنا من مدير المنظمة الذي يُلقبكِ بسيدة العقل ، هل لنا أن نعلم تطلعاتك و نصائحك لهذا المشروع الكبير ؟
……
بودي أن استمد نصيحتي من خلال تجربتي مع موقع “الحوار المتمدن”
عاملوا كل كتابكم بمساواة وبما تفرضه أخلاق المهنة…
انشروا للجميع، ولا تحذفوا كلمة، فالقارئ هو المسطرة الوحيدة التي تقيس مستوى نجاح أي كاتب
لا تتركوا مجالا للـ “مؤدلجين” عاطفيا وبطريقة سلبية أن يسيطروا على الموقع
كونوا سعداء بنجاح أي من كتابكم لأنه في الحقيقة هو نجاحكم
اصبروا فالموقع يحتاج إلى جهد كبير ووقت كاف
الفنان الأمريكي الكوميدي بيل غاسبي يقول: لا أعرف سر النجاح، ولكنني أعرف سر الفشل، وهو أن تحاول جاهدا أن ترضي كل واحد!
إياكم أن ترضوا أحدا على حساب مبدأكم وشرف المهنة، فالنجاح الحقيقي أن يرضي الإنسان ضميره متحملا ضغوط الآخرين!
أتمنى لكم النجاح، وأتمنى مع الأيام أن تمتلكوا قناة تلفزيونية تصل إلى العالم العربي.
المفكرة د. وفاء سلطان نشكركِ على سعة صدرك ونتمى لكِ دوام الصحة ونتمنى منكِ المزيد من العطاء التنويري … ريما نعيسة قسم الحوارات بمنظمة صوت العقل.
……
ريما؟؟؟؟؟؟؟
هذا أنت؟؟؟؟
لم أعرف يا بنيتي أنك أنت من كتبت الأسئلة حتى قرأت السطر الأخير، وأنا جدا فخورة بك
ظننت أن كاتبا مخضرما وبـ “خبث” وذكاء أراد أن ينبش مالم يُنبش عندي بعد، ولكن كل الظن إثم حتى يُثبت العكس!
الكبار يتسللون إلى ما يريدون بخبث ودهاء..
والأطفال، الذين لم يتلوثوا بعد، يصلون إلى ما يبغون ببراءة وعفوية…
لا تزعلي لأنني اعتبرتك طفلة، فالإنسان يبقى طفلا مالم يتلوث…
لا تزعلي إن اعتبرتك طفلة، فعبد الوهاب وفي الستين من عمره قال: سأظل طفلا مادامت أمي حية!
ومادمتِ في نظري كواحدة من بناتي فسأظل أراك طفلة!
الحياة تفتح أبوابها لك على مصراعيها، لا تدعِ الواقع المر يقف حائلا بينك وبين دخولها من كل أبوابها.
المرأة هي سيدة هذا الكون، فتتوجي على عرشه، ولا تسمحي لمخلوق أن يحط من عظمتك.
أتمنى يا ريما أن تنجحي وبنات جيلك حيث فشلت نساء جيلي والأجيال التي سبقتنا.
تمسكي بالأمل واقرنيه بالعمل…
إن الدرب طويلة ولكن ثمرة الصبار تظهر بحلاوتها من بين الأشواك..
أحبك وأتمنى لك كل الخير
ملاحظة: بامكانكم التواصل مع الدكتورة وفاء سلطان عن طريق بريدها الإلكتروني
talk2sultana@yahoo.com
أحلى كلام من سيدة العقل والمنطق في ألإسلام … ؟
١ : أنا دائما أتساءل كغيري من الساعين عن الحق والحقيقة ، فالسؤال أقصر طريق للنقاش المفيد ، وتساءلي هنا … إذا كان ألإسلام حقا دين من عند ألله وخاتمهم ( مكملهم ) كما يقولون ، فكيف يعقل أن يخيرهم هذا ألإله بين خاتم أديانه والتي من المفترض أن تكون ( أرقاها وأسماها … وليس أحطها وأخزاها ) وبين دفع الجزية ؟
٢ : صدق من قال ( إن العقل عند البعض زينة وخزينة … وعند البعض ألأخر بطيخة ويقطينة ) ؟
٣ : وأخير أقول ( ما إرتقت أمة خرج فكرها من غار … ولاسمت مادام ملهمها مشرع للجهل والخزي والعار ) ؟