كثيرة هي علامات الاستفهام التي تستحق الطرح في قصة آدم وحواء ولكنها بدون اجوبة مقتعة للعقول التي لا ترتضي بتداول فكر موروث فقط ولا تكتفي بالاقتباس دون التدقيق ودون القناعة , ولكن اغلب شعوبنا اصبحوا لا علاقة لهم بنشوة المعرفة ومن ثم الوصول الى الحقيقة والتي هي من ارقى انواع المشاعر الأنسانية للذين لن يكتفوا بالحياة العادية التي يعيشها هؤلاء الغالبية .
كلمة بني آدم تطلق على الأنسان نسبة الى آدم ابو البشر , بغض النظر عن انها قصة تحاكي خيال انسان ذلك الزمان لكنها لا تزال قائمة الى يومنا هذا , كيف لم نسأل عن السبب في انها لم تكن بني حواء مثلا على أعتبار حواء هي التي تلد آدم وعليها يقع العبأ الأكبر, بغض النظر عن ان ما جاء في هذه القصة خيال في خيال متداولة لدينا هذه المفردة ( آدمي أو آدمية ) حتى اننا نطلقها على المرأة ايضا , وتناقلناها من اجيال لأجيال امتدت لقرون كثيرة دون التفكير والتمعن بها بسبب قمع التفكير على اساس أنه ممنوع السؤال في مفاهيم مطلقة .
كيف أنطلت قصة آدم على الأنسان لآلاف السنين وكيف أسلمنا بسهولة في أن حواء خلقت من ضلع أعوج لآدم ؟ فهل عجز الله من ان يجعله مستقيما , أم هي كانت فكرة مقصودة لأذلال المرأة واثبات دونيتها في هذه القصة ؟؟
تقول القصة بأن الله خلق آدم اولاً ومن ثم رآه بمفرده في الجنة فتذّكر ان يخلق له ونيسا فخلق حواء من ضلعه أي أن آدم هو الأصل والأساس وحواء فرع او تابع له كما ورد في القصة , فبعد ان خلق الله آدم خلق له زوجة لتؤنسه في وحدته وتشبع شهوته , بمعنى أنه القوة والعقل المفكر والأساس وهي التابعة والناقصة والأنيسة له .
تعالوا نفكر ومن ثم نسأل ونجيب بهذه الحقيقة التي اختفت على مر العصور وضاعت مع حقائق كثيرة شوهت حقيقة المرأة وجعلتها ادنى من الرجل .
لنسأل اليوم بعد ان تطورت العلوم الفسيولوجية وبعد ان تطور الطب وما رافقه من تشريح لأعضاء جسد الرجل والمرأة.
ما السبب في ان حواء اصبحت هي التي تلد آدم ؟وكيف اسلمنا بواقع لم نلمسه ولم نراه باعيننا واستندنا عليه على مر العصور ؟ ونســينا واقعنا وما نراه في ان حواء هي التي تلــد الأنسان.
ما الأسباب التي جعلت عملية الخلق تنقلب بعدها وأصبحت الحياة تولد من أوجاع المرأة ومن رحمها , وتعطي الحنان من روحها ؟ وبدلاً من هذه المعاناة اخذت الذل والأنتقاص مع بداية قصة الخرافات .
جائت فكرة حواء من ضلع آدم للأنتقاص من المرأة ولجعلها خاضعة للرجل منذ بدأ الديانات واولها اليهودية .
فما السبب في ان هذه العملية لم تستمر وانقلبت موازينها ؟ حيث جاء في قصة آدم بأن حواء خُلِقت من ضلعه , لأن انسان ذلك الزمان علمَ بفطرته بأن الرجل لا يمتلك رحماً كما هي المرأة ولهذا جاء في قصته بأن حواء خُلِقت من ضلع آدم كعملية ولادة له والتي لا تقنع الطفل لو تركناه حرا في تفكيره , لنسأل هنا عن السبب في انها خلقت من ضلع اعوج , فهل كان الله عاجزا عن خلقها من حفنة اضافية من الطين ؟ أم هي بدعة ابتدعها الرجل لأذلال المرأة وسلبها مكانتها ليسود ويهيمن عليها , وهكذا اتت الديانة المسيحية وسارت على نفس القصة ولم يجرؤ اي انسان حينها على المعارضة والتفكير بها .
عندما كان الأنسان يعيش على فطرته وقبل ظهور الديانات كانت المرأة مساوية تماما للرجل أن لم تكن أفضل منه , بحكم طبيعتها وقدرتها على الولادة والتي مثلت للأنسان في ذلك الزمان آلهة الأخصاب والحب والخير وكل ما هو جميل , وتفوقت عليه في ميزاتها البيولوجية التي خصتها بها الطبيعة , تساوت مع الرجل في العمل وفي الميراث والنسب والحكم والخ… من حقوق وواجبات , لكن الوضع انقلب عليها رأسا على عقب بعد ظهور اول الديانات وهو الدين اليهودي الذي ارتدى رداءا طبقيا ذكوريا سلطويا ابوياً بحجة التقديس والدين حيث اعتمد على القيم الأقتصادية والجشع وحب التملك للعبيد والنساء وصار ينسب للرجل الأطفال والنساء , وأصبحت المرأة بعد قصة آدم وحواء وما لحق بها تمثل رمزاً للأثم والخطيئة والشيطان وهي المسؤولة الأولى عن شهوة الرجل وغوايته , ادرك الرجل بفطرته بان المرأة هي المتمكنة من ولادة الحياة وهذه الأمكانية اعطتها تلك المكانة التي كانت تتمتع بها , فخلق ببساطة قصته التي صدّقها وتبعها الانسان لقرون عديدة , ولو امعنا النظر بها سنراها مثل رواية خيالية نرويها لطفل صغير ليغمض عينيه وينام , ولكنها لن تعطيه فائدة تذكر ولن تبني شخصيته على اساس قوي , بل بالعكس ستحد من تفكيره وتجعل له الحقيقة بعيدة المنال , من هنا نستطيع ان نكشف مدى سذاجة ومحدودية عقل انساننا الحاضر .
قال تعالى ( اني جاعل في الأرض خليفة) اي جعل آدم اولا خليفة الله في الأرض ومن ثم حواء فهو الأصل وهي الفرع على اعتبار أن آدم ذكرا, فكان الله يوصي آدم فقط ويحدثه (وقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ و زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا ولَا تَقْرَبَا هذه الشجرةٌ) بأعتباره يمتلك العقل والمسؤول عن زوجته !!, فلماذا تحملت حواء خطيئة قائدها وزوجها , هل لإنها الجنس التابع له ؟
وان كانت كذلك فكيف تعاقب على خطأ ارتكبه زوجها بل وتحملت العقاب الأكبر , اليس المفروض ان يعاقب من خصه الله بالعقل ؟
كيف اصبحت حواء آثمة وتحملت بمفردها خطيئة آدم واستحقت عقاب الله بسيادة زوجها عليها ؟
عوقبت حواء بجريمة لم ترتكبها فوصفوها بانها ناقصة عقل وآثمة ومن ثم عاقبوها على أخطاء الرجل الذي وصفوه بأنه صاحب العقل , لتتحمل بعدها جريمته تلك بحجبها عن الحياة تجنبا من عيونه وشهوته لها ومن ثم اعتدائاته عليها , ومكوثها في البيت مربية وخادمة له , ولا زالت حواء الى يومنا هذا تتحمل خطيئة الرجل فحجبوها عنه ومارسوا القمع عليها لأجل ان لا يخطأ الرجل , حجبوا المرأة ومنعوها من ممارسة حياتها بسبب شهوة الرجل وضعفه ,( انه الموروث الغبي الذي سارت عليه مجتمعاتنا).
يجيبنا من آمن بهذه الخرافات عن السبب في خلق الله للمرأة من ضلع اعوج , بأن هذا الضلع هو الذي يحمي القلب من اي ضربة , وحواء خلقت لهذه المهمة!!! بينما آدم خلق من تراب لأن مهنته ستكون مع التراب !!وغفل هؤلاء بالتطور التكنولوجي وبأن الزمان لم يعد كما كان ولم يبقى الرجل معتمداً على نفس العمل .
يقوولن على حواء أن تفتخر بأنها خُلقت من ضلعٍ اعوج , وعلى آدم أن لا يُحاول إصلاح ذلك الاعوجاج , وعلى حواء ان لا تنزعج من وصفها بناقصة عقل فهي رائعة بضعفها وعاطفتها وحنانها , ويبقى الوضع على ما هو عليه مهما سارت القرون ومهما تطور العالم !! .
هذه الافكار سلبت المرأة من جميع ما تملكه ومن ميزاتها التي خصتها بها الطبيعة وهي الولادة والأمومة التي اعتبرتها بعض العصور هي الآلهة .
أبداعنا بوعينا وقوتنا بأملنا بهم نهزم التخلف وننصر الأنسانيةفؤادة العراقية (مفكر حر)؟