حكاية من العصور الوسطى

حين اراد (عمر…) استحصال تأشير زيارة الى المانيا قالوا له انه يحمل جواز سفر عراقي من فئة س ويجب تبديله.

قال مع نفسه ان الامر سهل فالسفارة العراقية هنا متعاونة كما قالوا.

شدّ رحاله الى عاصمة البلد المغترب فيه واسرع كالريح الى مقر السفارة العراقية وقابل موظف الاستعلامات الذي نظر اليه مليا وقال له :يمكنك الذهاب الى القنصلية لتبديل جواز سفرك.

رد عليه :ولكن القنصلية تبعد مسافة 200 كم او اكثر قليلا وكما اعتقد ان السفارة لها صلاحية اكثر من القنصلية.

غضب صاحبنا موظف الاستعلامات: هذه هي التعليمات، وبدون فلسفة رجاء، مع السلامة.

في اليوم الثاني شدّ رحاله الى القنصلية وهناك اجابه موظف الاستعلامات:

ليس لدينا صلاحية تبديل الجوازات!!.

والحل؟؟.

ليس هناك من حل سوى ذهابك الى بغداد.

بغداد؟؟ولماذا اذهب ولدينا قنصلية هنا؟.

غضب صاحبنا موظف الاستعلامات القنصلي:اذهب الى بغداد وبدون فلسفة رجاء.

في الاسبوع التالي شدّ رحاله الى بغداد وفي مديرية الجوازات دار بينه وبين الموظف المسؤول الحوار التالي.

المسؤول:اريد شهادة حياة.

عمر:ها انا امامك حي يرزق.

المسؤول:اريد البطاقة التموينية.

عمر: اعيش في الغربة منذ 30 عاما ولا املك هذه البطاقة.

المسؤول:اريد شهادة الجنسية وهوية الاحوال المدنية.

عمر:هذه كلها جاهزة.

المسؤول يتفحص الوثائق ورآه عمر وهو يبتسم كمن عثر على كنز ثمين.

المسؤول:مكان ميلادك يختلف في الوثيقتين وعليك تصحيحهما.

عمر:ولكن المكانين لايبعدان سوى بضع مئات الامتار عن بعضهما.

المسؤول: هذا موشغلي روح صحح مكان الميلاد وتعال.

عمر الله يخليك اعتقد هذه مسألة شكلية.

المسؤول:لاشكلية ولاهم يحزنون،القانون قانون يا اخينا.

عمر:القانون على راسي ولكن يجب ان تساعدني فانا جئت لك من اطراف الدينا.

المسؤول:اريد شهادة وفاة الوالد.

عمر:والدي توفى وانا في بلاد الغربة ولم اره منذ 30 عاما.

المسؤول:كلت هذا مو شغلي،عندي مراجعين واكفين وراك لاتضيع وقتي.

عمر :وانا مراجع ايضا.

المسؤول: شوف اخي ،لاتسألني عن السبب فمادمت جالسا على هذا الكرسي فمعاملتك لاتنجز ابدا.

عمر: لماذا؟

المسؤول : مو كلنا لاتسألني عن السبب،انت تعرفه كلش زين.

حين خرج الى الشارع العام رأى سربا من الطيور تحلق باتجاه المنطقة الخضراء وضحك في سره “لعلها طير من ابابيل”.

ولم يجد تفسيرا لما قاله المسؤول.

ترى لماذا قال”مادمت على هذا الكرسي لاتنجز معاملتك”.

هل تعرفون السبب؟؟.

فاصل مزور: لولا المؤتمر الصحفي الذي عقده رئيس الوزراء امس لما عرفنا ان عددا من المشتركين في صفقة “السونار” المزيف يقبعون في السجون منذ اكثر من سنتين.

وللمؤتمرات الصحفية منافع اخرى.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.