حقائق وردية من وزارة الداخلية

حين قالت وزارة الداخلية امس انه اصبح لزاما علينا مخاطبة المواطنين بالحقائق التالية، كنا نعتقد انها ستعرض صور الذين تم القاء القبض عليهم من الفارين من سجني ابو غريب والتاجي، او ربما ستعرض فيلما وثائقيا عن كيفية هروب السجناء،او انها تحاول طمأنة الشعب بان الامور باتت تحت السيطرة عبر ادلة مقنعة.

واعتقد القارىء المسكين انه سيعثر على ما يطمئنه ويجعله يذهب الى عمله غير خائف على سلامته.

ولأن القارىء مسكين كما قلت مثل كاتب السطور فقد اراد معرفة ماهي هذه الحقائق.

قالت الداخلية حفظها الله من المفخخين والمخترقين:

أولاً: إن البلاد أصبحت في مواجهة حرب معلنة تشنها قوى طائفية دموية تستهدف إغراق البلاد في الفوضى وإعادة إنتاج الحرب الأهلية التي تجاوزها العراقيون بتضحياتهم ووعيهم، مما يستدعي تضامناً كاملاً بين الأجهزة الأمنية والحكومية والمؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية لمواجهة هذه الحرب الشعواء التي تأخذ طابع الإبادة الجماعية.

بالله عليكم هل هناك من جديد في هذه الفقرة، فالحرب معلنة منذ 10 سنوات وما زال اوارها مشتعلا حتى كتابة هذه السطور.

لنقرأ الحقيقة الثانية.

ثانياً: رغم التضحيات الكبيرة والجهود المخلصة التي يبذلها المتفانون في الأجهزة الأمنية، إلا أن ضخامة وسعة الاعتداءات الإرهابية تكشف عن اختراق كبير لجماعات الإرهاب للنسيج الاجتماعي ووجود حواضن بشرية ودعم تتلقاه هذه العصابات على خلفيات طائفية وسياسية، الأمر الذي يستدعي تعبئة شاملة لجهود المواطنين مع الأجهزة الأمنية، فبدون تعاون بناء ومثمر لا يمكن الحد من الاعتداءات الإرهابية بالاقتصار على جهود الأجهزة الأمنية وحدها، كون الأمن بالمفهوم المعاصر هو حصيلة تضامن وطني فعّال ومشاركة بين المجتمع والأجهزة الحكومية المعنية”.

هاهي “الداخلية” تدخل في حرب درس”الانشاء والتعبير”مقابل هذا لابد من القول ان هناك اكثر من مليون ونصف شخص في الاجهزة الامنية،وهذا العدد الضخم كاف ليجعل القاعدة تركع وتعيد حساباتها ،ثم كيف يمكن للمواطن ان يتعاون مع الاجهزة الامنية وهي مخترقة وفاسدة ولاحزم في اتخاذ أي اجراءات بصدد الفاسدين والمرتشين.

اما الحقيقة الثالثة فتقول:

إننا ندعو ونهيب بوسائل الإعلام أن تتحمل مسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية بالكف عن الترويج الإعلامي للإرهاب بدون قصد، إذ إن الإرهاب يستفيد من الصدمات التي تحدثها هجماته إعلامياً وسياسياً لاجتذاب ذوي النزعات العدوانية الطائفية وتغذية الانقسام الاجتماعي.

لو طرحت “الداخلية” الحقائق امام المواطنين بدون لف ودوران لما اضطرت بعض اجهزة الاعلام الى “الترويج” للارهاب بدون قصد، اليس كذلك يا”داخلية”؟

اما الحقيقة الرابعة والاخيرة فتقول:

إن منهج الإرهاب يعتمد على إستراتيجية تفكيك الدول بالفوضى والدمار في المجتمعات لإسقاط مفاهيم الدولة المعاصرة للعودة الى ما يسمونه دولة الخلافة والإمارات الدينية، وفي سبيل ذلك باتوا لا يتورعون عن كل أشكال الجريمة والعدوانية مما يستدعي الحذر والوعي بهذا المخطط والتماسك والتعاون مع السلطات المختصة، إننا في الوقت الذي نؤكد مسؤوليتنا القانونية والمهنية في الدفاع عن أمن الوطن والمواطن ونقدم التضحيات الجسام في سبيل شعور المواطن بالأمان، فإننا ندعو الى تفهم ظروف البلاد الحرجة وندعو القوى السياسية وممثلي الشعب الى دعم الأجهزة الأمنية وإسنادها ودعمها لإكمال الاحتياجات والنواقص الفنية والتقنية لمساعدتها في إداء واجباتها.

تعود “الداخلية” الى نغمة استدعاء الحذر والوعي بهذا المخطط والتماسك والتعاون مع السلطات المختصة.

كيف يمكن ذلك والمواطن لايعرف متى يموت ،هل حين يذهب الى عمله ام العودة منه ام هو نائم في بيته؟.

كان من الافضل ان تجيب “الداخلية” على السؤال العريض الكبير وهو:

كيف تم تجاهل 7 برقيات ارسلت الى الجهات الاستخبارية تنذر بخطر الهجوم على السجنين؟.

فاصل:استغرب اولاد الملحة من إقدام العراق على التعاقد مع الولايات المتحدة لشراء 50 عجلة عسكرية مخصصة للحروب النووية والكيمياوية بقيمة 900 مليون دولار. هذا اللي ناقص.

محمد الرديني (مفكر حر)؟

About محمد الرديني

في العام 1949 ولدت في البصرة وكنت الابن الثاني الذي تلاه 9 اولاد وبنات. بعد خمسة عشر سنة كانت ابنة الجيران السبب الاول في اقترافي اول خاطرة انشائية نشرتها في جريدة "البريد". اختفت ابنة الجيران ولكني مازلت اقترف الكتابة لحد الان. في العام 1969 صدرت لي بتعضيد من وزارة الاعلام العراقية مجموعة قصص تحت اسم "الشتاء يأتي جذلا"وكان علي ان اتولى توزيعها. في العام 1975 التحقت بالعمل الصحفي في مجلة "الف باء" وطيلة 5 سنوات كتبت عن كل قرى العراق تقريبا ، شمالا من "كلي علي بيك" الى السيبة احدى نواحي الفاو. في ذلك الوقت اعتقدت اني نجحت صحافيا لاني كتبت عن ناسي المعدومين وفشلت كاتبا لاني لم اكتب لنفسي شيئا. في العام 1980 التحقت بجريدة" الخليج" الاماراتية لاعمل محررا في الاخبار المحلية ثم محررا لصفحة الاطفال ومشرفا على بريد القراء ثم محررا اول في قسم التحقيقات. وخلال 20 سنة من عملي في هذه الجريدة عرفت ميدانيا كم هو مسحوق العربي حتى في وطنه وكم تمتهن كرامته كل يوم، ولكني تعلمت ايضا حرفة الصحافة وتمكنت منها الا اني لم اجد وقتا اكتب لذاتي. هاجرت الى نيوزيلندا في العام 1995 ومازلت اعيش هناك. الهجرة اطلعتني على حقائق مرعبة اولها اننا نحتاج الى عشرات السنين لكي نعيد ترتيب شخصيتنا بحيث يقبلنا الاخرون. الثانية ان المثقفين وكتاباتهم في واد والناس كلهم في واد اخر. الثالثة ان الانسان عندنا هو فارزة يمكن للكاتب ان يضعها بين السطور او لا. في السنوات الاخيرة تفرغت للكتابة الشخصية بعيدا عن الهم الصحفي، واحتفظ الان برواية مخطوطة ومجموعة قصصية ويوميات اسميتها "يوميات صحفي سائق تاكسي" ومجموعة قصص اطفال بأنتظار غودو عربي صاحب دار نشر يتولى معي طبع ماكتبت دون ان يمد يده طالبا مني العربون قبل الطبع. احلم في سنواتي المقبلة ان اتخصص في الكتابة للاطفال فهم الوحيدون الذين يقرأون.
This entry was posted in الأدب والفن, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.