‘جيش العدل’ البلوشي يحرك المياه الراكدة في الأقاليم الساخنة بايران
استهداف حرس الحدود دفع طهران للرد بعصبية وتوجيه الاتهام لجهات إقليمية ودولية بتحريك ورقة القوميات غير الفارسية في إيران.
العرب: نجاح محمد علي [نُشر في 29/10/2013، العدد: 9363، ص(3)]
لندن- عكست طريقة الرد الإيراني على مقتل أربعة عشر جنديا الجمعة الماضية على أيدي عناصر من «جيش العدل « في مدينة سروستان البلوشية السنّية الحدودية، ارتباكا واضحا لدى القوى الأمنية والفعاليات السياسية ذات الصلة بملفات الأقاليم الساخنة التي تقطنها القوميات غير الفارسية خصوصا إقليم سيستان بلوشستان جنوب شرق إيران.
وخلافا لكل الأعراف والقوانين، وحتى لما تريد إيران الترويج له من «مبادئ جديدة» في الفترة الأخيرة منذ تسلّم الرئيس حسن روحاني المحسوب على المعتدلين مقاليد الأمور في الثالث من أغسطس الماضي، قامت السلطات بإعدام 16 سجينا ممن تصفهم وسائل إعلام إيرانية بـ»الأشرار» الذين يرتبطون بشكل أو بآخر بجماعات بلوشية معارضة. وقد أعدمتهم شنقا أمام الجمهور، لتسكين خواطر أسر القتلى في الهجوم الذي استهدفهم وهم ضابطان في الجيش و12 جنديا يؤدون الخدمة الإلزامية.
«جيش العدل» أسسه العام الماضي عبدالرحیم ملازاده الذي يصدر بياناته باسم «صلاح الدین فاروقي»، وهو من مدينة راسك من توابع إقليم سيستان وبلوشستان المضطرب، وتسميه التقارير الأمنية الرسمية عبد المالك ريغي الثاني، إشارة إلى زعيم حركة «جند الله» الذي اختُطف في عملية غامضة شارك فيها سلاح الجو الايراني وتم إعدامه في حزيران 2010.
ويتألف «جيش العدل» من ثلاث كتائب تحمل أسماء ثلاثة من عناصر الجماعة الذين قتلوا في مواجهات عسكرية مع قوات النظام أو أعدموا في السجن وهم: عبدالملك ملازاده، نعمت الله توحیدي، وشیخ ضیائي. وقد نفذت هذه الجماعة عمليات عديدة استهدفت حراس الحدود بشكل خاص من واقع كونها تتخذ من المناطق الجبلية والوعرة المتاخمة لباكستان مقرا لها وأن عناصرها الذين نفذوا عملية الهجوم الأخير على حراس الحدود الإيرانيين، لجأوا إلى داخل الأراضي الباكستانية ما يجعل من تعقبهم أمرا صعبا على القوات الإيرانية.
جيش العدل
*أسسه عبدالرحیم ملازاده المعروف حركيا باسم صلاح الدین فاروقي
*تعتبره السلطات امتدادا لحركة «جند الله» التي اختطف زعيمها عبد المالك ريغي وأعدم في 2010.
*يتألف من ثلاث كتائب تنشط بالمناطق الجبلية المتاخمة لباكستان
*أعلن أن لديه عناصر تقاتل في سوريا ضد نظام الأسد
وكعادتها اتهمت السلطات الرسمية جهات إقليمية ودولية بدعم «جيش العدل» لتحريك ورقة القوميات غير الفارسية في إيران بالرغم من أن الجماعة التي تتبنى الفكر السلفي، لا تطرح بوضوح مطالب قومية ولا ترفع كما كانت حركة «جند الله» تفعل، شعارات طائفية، إلا أنها تتهم النظام الإيراني بتهميش السنّة وحرمانهم من أبسط حقوقهم.
وتشكو مدن إقليم سيستان بلوشستان الذي تقطنه أغلبية سنية من الحرمان في كل المجالات منذ زمن الشاه. وما تزال تسمى حتى في الأدبيات الرسمية الايرانية إلى الآن بالمناطق المحرومة.
وأعلن «جيش العدل» أن لديه عناصر تقاتل في سوريا إلى جانب الجماعات الإسلامية المسلحة لإسقاط نظام بشار الأسد وضد ميليشيا حزب الله وعناصر الحرس الثوري هناك.
وأوضح بيانه عن العملية الأخيرة في سروستان والهجوم على حرس الحدود أنه جاء ردا على المذبحة الإيرانية في سوريا وعلى المعاملة القاسية التي يتلقاها السنّة في إيران.
ويثير قائد «جيش العدل» مخاوف السلطات الإيرانية لأنه ينتهج أسلوب تنظيم القاعدة وهو يعتبر نفسه جزءا منه.
ويملك «جيش العدل» فوجا من الفتيان يجري إعدادهم فكريا وتدريبهم عسكريا في المدن والقرى التي يقطنها البلوش، ويجري ذلك وسط معارضة لافتة من أبرز القيادات الدينية السنية وعلى رأسها الزعيم الديني مولوي عبد الحميد اسماعيل زهي إمام جمعة زاهدان مركز الاقليم.
وندد مولوي بكل العمليات العسكرية التي استهدفت حراس الحدود، وهو يرفض في المقابل الحلول الأمنية من جانب النظام لمسألة القوميات والأقليات الدينية والمذهبية.
وكان قدم إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني مشروعا لمشاركة السنّة في الحكومة اصطدم بعقبات يضعها النافذون من جمعية الحجتية الشيعية المتشددة التي تتذرع بمواجهة السلفية والبهائية في إيران.
وأدان إمام جمعة أهل السنة في مدينة ايرانشهر الواقعة جنوب سيستان وبلوشستان بشدة العملية ووصفها بـ»الارهابية» وقال إن أذناب الاستكبار العالمي نفذوها في منطقة سراوان الحدودية.
لكن مراقبين قالوا إن مثل هذه المواقف هي لتجنب العقاب الجماعي وبطش النظام الغاضب من الهجوم، والذي تجلى في الإعدامات الفورية المذكورة. وقال الإمام كريم زائي في حديث بثته التلفزة الايرانية الرسمية «إن حراس الحدود هم حراس أموالنا وأرواحنا وأعراضنا».
وأضاف «العملية اللئيمة التي قامت بها الأيادي العميلة للاستكبار العالمي والتي أدت إلى استشهاد عدد من حرس الحدود، مدانة بشدة، ومن مسؤولية الجميع الكشف عن العناصر التي ارتكبت هذا العمل الخبيث لينالوا جزاءهم العادل جراء ما اقترفت ايديهم». وشدد زائي على «أن الإرهابيين لا مكان لهم في صفوف الشعب إطلاقا، وأن البلوش يدينون هذا الاجراء المدان بشدة».
وفي المقابل قال إمام جمعة أهل السنة في ايرانشهر وهو ينتقد الإعدامات العشوائية «إن المتوقع ان يقوم المسؤولون على وجه السرعة بالكشف عن العناصر التي قامت بهذه العملية التي أدت إلى استشهاد عدد من افضل ابناء المجتمع والذين قدموا أرواحهم من أجل أمن واستقرار هذه المنطقة، وإماطة اللثام عن حقيقة الإرهابيين الذين باعوا انفسهم للأجنبي لتتضح للجميع الصورة الحقيقية للمنافقين والمعاندين عمي البصيرة».