كان زمان في أحد القرى رجل أعزب يقال عنه مجنون, أنا شاهدته عدة مرات من نافذة بيته ينام طوال النهار على فراشه وهو يتقلّب ذات اليمين وذات الشمال وكان أهل الحارة يجمعون على أنه لا يتقلب ولكنه يمارس الجنس مع جنّية تعشقه , ولست أدري كيف بجنّية أو عفريته تترك اللحم الأوروبي المتعطر بأجود أنواع العطور الباريسية لتعشق رجلا مكتئبا عربيا كل شهرين يستحم مرة واحدة ويحلق ذقنه مرة واحدة!! كيف تترك العفاريت اللحم الأبيض والأشقر والأصفر!!وقيل بأنه متزوج من امرأة جِنية وله منها أولاد وبنات وهي كلما أراد أن يخطب عروس تقف بوجهه وتهدده بأنها ستحرق له وجهه إن تزوج بامرأة غيرها, ولستُ أدري كيف بجنّية تترك دنجوانات باريس وروما والسويد الذين يستحمون بأفخم أنواع العطور!! كيف مثلا تلك الجنّيّات يتركن شباب لندن وإيطاليا ليعشق واحدة منهن شابا عربيا مكتئبا وطوال النهار نائم والقذى يملئ عينيه وكل شهر أو شهرين يحلق وجهه مرة واحدة وكل شهر يا دوب يستحم أيضا مرة واحدة!! وسألت مرة أحد الدجالين من شيوخ النصب والاحتيال هذا السؤال فأجاب: نعم, الجن يعشق الأوساخ, فضحكت منه وقلت: صدقني إنك مترف بالعيش على حساب جهل الناس البسطاء, والقصة أو الموضوع الماثل أمامنا اليوم يتحدث عن امرأة يقال بأن الذي حرق وجهها جِنيٌ عشقها حتى الجنون ورفضت هي ممارسة الجنس معه فغضب منها وحرق لها وجهها.
كان يوما شديد البرد زمهريرا تتعوذُ فيه الناس بالله من شدة الصقيع والإنجماد وأرادت (لُبنى) على حسب ما أفادت به لمندوب الحوادث في المستشفى الحكومي أن تقوم بتعبئة صوبة الكاز (المدفئة) لتشعلها أمام أمها وأخواتها وأخوتها الصغار استعدادا أيضا لاستقبال أخيها المجند في سلاح الجو الذي يأتي من مكانٍ اشد بردا من مدينة ( عجلون) وبالذات (راس منيف) المهم في الأمر أنها قامت بتعبئة صوبة الكاز (المدفئة) ومن ثم عن طريق السهو رفعت يدها إلى رأسها لتحك جلدة الرأس التي شعرت بأنها تريد حكة بسبب تحسس بسيط أصابها فانسكب جزء من إبريق الكاز على شعر رأسها الطويل وصدرها الفاتن الكاعب الحسناء فدلّت رأسها للأسفل ولامس شعرها الطويل شعلة الصوبة المشتعلة والمرتفعة نارها للأعلى وحين اشتم الكاز رائحة النار وحين اشتمت النار رائحة الكاز تعانقا على رأس المسكينة وصدرها فالتهبا معا واشتعلا كما تشتعلُ النار في الهشير أي العشب المتيبس في شهر الحصاد, صرخت بأعلى ما فيها من صوت فأقبلت أمها وإخوتها لإطفائها ولكن النار شوهت جزء كبيرا من صدرها ورأسها فاجتمع الجيران والجارات من النسوة لمعرفة مصدر الصراخ وماذا يجري خلف الأبواب المغلقة على عادة الناس لتقديم المساعدة فرأوا شقيقها يحاول تهدئتها وكانت من حرارة الروح تدفعه بيديها وتقول له : ابعد عني كله منك إنت السبب, فقالت الجارة أم أحمد مستغربة: كله منك!!…..وانت السبب؟…ليش يا ولد تحرق أختك؟ شو عملت أختك؟ والله أختك اشرف من الشرف نفسه.
أقسمك معاذ بكل ما أنجبت الدول العربية من طواغيت أنه لم يحرقها, وتناقل الناس الخبر في قلب المدينة النابض بالبطالة وأصبحت (لُبنى) حديث الجارات في ساعات الصباح والمساء عندما يأتي الموظفون والعساكر من أماكن عملهم والكل يسأل: شو صار؟ إعرفتوا مين هو اللي إنمسك مع لُبنى في كوفي شوب؟..فمنهن من قلن: أن أخوها حرقها لأنه أمسك بها داخل البيت مع عشيقها, وقالت بعض النسوة من المتاجرات باللحم الرخيص: أكيد أنها فقدت بكارتها في إحدى الشقق المفروشة أو أنه أمسك بها أخوها في كوفي شوب تحتسي فيه القهوة مع غرامها القديم فقد كان لها قصة حب ليست كأي قصة وحكاية غرام ليست كأي حكاية , وقالت الجارة أم أحمد: حين أمسك بها في المنزل كانت تلتهم شفاه عشيقها كما تلتهم أنت رغيفاً من السندوتش على سريرك وحرارة الجوع مرتفعة , أما الخبر الذي صدم شيخ الجامع المجاور لمنزلهم فلم تكن تلك الروايات مقنعة بالنسبة له ذلك أنه يفهم جيدا طبيعة تربية البنت الكاعب الحسناء وأخلاقها وأخلاق آل بيت جدها وأبيها , ولكنه قدّم للناس تحليلا آخر للموضوع: قال بأن جنيا من الجن الأزرق كان يعشقها جيدا وكان بوده أن يمارس الجنس معها وحين منعته بعد أن راودها كثيرا عن نفسها أحرقها أثناء الوقت الذي تأتيها فيه دورتها الشهرية على عادة البنات والنساء فالجن والعفاريت السود والشياطين تفضل ممارسة الجنس أثناء الدورة الشهرية فكل الناس لديها تصورات عن الجن والعفاريت والشياطين أنهم يسكنون الزوايا المتسخة والقذرة وأنهم يفضلون شرب الماء من الخلاء والحمامات والمراحيض ويسكنون في أدبار الناس وفروج النساء , وحين سمعت لُبنى بهذا الخبر جُن جُنونها وصعقت صعقة سمعها كل من كان في المشفى وقالت: أنا أثناء النوم كنت اشعر بجسم ثقيل يرتمي فوق جسدي الذي تريد أمي وأبي تحنيطه وعدم تزويجي وذهبتُ إلى الشيخ وشرحت له الموضوع لكي يرقيني بآية من القرآن فقال: هذا جِنّيٌ أزرق أو عفريت أو شيطان يتلبسك ليلا يريد منك الأحمر القاني, بينما قال الفلاحون: هو ( أبو اللُبيدْ) وهو يتلبد بغير الطاهرين, أما الطبيب النفسي فقد أوعز كل تلك الحالة إلى القلق والاكتئاب والتوتر أثناء النهار.
مضى على تلك الحكاية أكثر من 6 ستة أشهر وما زالت الروايات والحكايات على ألسن الناس تتعدد على تعدد أمزجتهم وتنوعها, فمنهم من قال:
حرقها جدها عامدا متعمدا.
ومنهم من قال: حرقها الجِنّي (شمردوخ) بالاشتراك مع العفريت (شهبدور), ومنهم من قال: بأن أمها كتّفت يديها وجعلت خالها يحرقها عامدا متعمدا لأنهم اكتشفوا أنها ترسل على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) رسائل غرام لرجل يهودي من تل أبيب تعرفت عليه في إحدى منتديات الباحثات عن المتعة والزواج.
الناس من المستحيل أن يتركوا خبرا مثل هذا بدون تحليل أو تمحيص إنهم يريدون معرفة الحقيقة ولكنهم لا يصدقون الحقيقة نفسها.
وجاء من أقصى المدينة دجال يسعى بين الناس قائلا أنه مستعدٌ لإخراج الجنّي من جسدها عن طريق النجاسة نفسها, ويقصد بالنجاسة ماءه الذكوري الحليبي اللون, فقد تبرع لممارسة الجنس معها لكي يخرج الجِنّي الذي يسكن فرجها أو في دبرها, فمن يصدق تلك الرواية؟
جِنّي يسكن فرج امرأة أو في دُبرها, أنا بصراحة سمعتُ كثيرا عن مثل تلك الحكايات من رجال دجالين يريدوا أن يحتالوا على النساء الجميلات, فقد ذهبت سيدة ذات مرة بارعة الجمال إلى نصّاب ودجال تطلب منه رُقية شرعية لكي تتمكن من الحمل والإنجاب فقال لها الدجال: أن جنيا يسكن رحمك ويقتل الجنين وهو نطفة قبل أن تتم عملية تكوينه ولا يخرج من رحمك إلا بالنجاسة أي عن طريق ممارسة الجنس معها وقد فعل معها فعلته كما فعلها مع الكثير من النساء اللواتي لا يصدقن تقارير أطباء النسائية والتوليد ومختبرات البحث العلمي البحت, سمعت عدة روايات تقول: أن المرأة الفلانية مارست الجنس مع الشيخ الفلاني لكي يخرج من جسدها الشيطان الذي يسكن بين فخديها, وما زالت نساء متعلمات سيئات الطالع على أعلى المستويات من التعليم الأكاديمي يصدقن مثل تلك الأفعال مثلهن مثل أي جاهلة لم تتعلم لا في مدرسة ولا في جامعة أو معهد علمي يحترم صيغة البحث العلمي وأدوات التعليم ويقعن فريسة لشهوات رجال دين نصابين فيهم من الخِسة والضِعة والنذالة وسوء الطوية ما يكفي لتوزيعها على نصف سكان الكرة الأرضية, وفي النهاية: جِنّي أو عفريت يتلبس امرأة ويسكن رحمها أو في دبرها يقف حائلا بينها وبين أن يأتيها عريس, وحين عُرضت تلك التأويلات على الضحية لم تدرِ المسكينة أي الإشاعات تريد بثها بين الناس عدا الحقيقة التي لا يرغب أحد بتصديقها, فكل التأويلات والإشاعات قاسية بحقها ولا ترحم, لست أدري كيف بالجن وبالشيطان وبالعفريت يترك أفخم الفنادق في العالم ويأتي ليسكن في دُبر امرأة أو في رحم امرأة!!ومش قادر أفهم كيف بالجِن يترك رحم ملكات جمال العالم ولا يسكن في أرحامهن ليأتي ويسكن في رحم امرأة عربية تقريبا سوداء البشرة!!وكمان يعني الجِن ترك النسوان الايطاليات والفرنسيات والسويديات ولا يسكن في أرحامهن ولا يطمع بجمالهن ولا يحرقهن إذا رفضن ممارسة الجنس معه ليأتي إلى البلدان العربية ليعشق امرأة كل شهر تستحم مرة واحدة!! ولستُ أدري كيف بجن أو عفريت يترك أفخم المطاعم في العالم وشركات المياه المعدنية ليأتي إلى المراحيض ليشرب من ماءها!! لماذا لا نُشغل عقولنا؟ لماذا العقل العربي في إجازة؟.