اسمه جوزيف روديارد كيبلنغ ولد عام 1865 وعاش حتى عام 1939 ينتمي الى الجاليه البريطانيه التي تعيش في الهند منذ قرون الإحتلال البريطاني للهند وهو كاتب قصه قصيره وشاعر وروائي كتب الحكايات والقصائد عن جندي بريطاني مقيم في الهند وكذلك كتب قصص الأطفال . ولد في بومبي في الحاميه البريطانيه الشرقيه في الهند ثم أعادته عائلته الى بريطانيا حين بلغ الخامسة من العمر
نشر كتاب ( حكايات الغابه ) عام 1894 ثم نشر كتاب ( كيم ) عام 1902 ونشر الكثير من القصص عام 1888 كما نشر الشعر لكنه يعتبر المبتكر لفن القصة القصيره وهو واحد من الكتّاب المشهورين في بريطانيا حاز على جائزة نوبل عام 1907 وكان أول الناطقين بالإنكليزيه ممن يحصلون على هذه الجائزه كما أنه كان أصغر الحائزين عليها , ومن عدا جائزة نوبل حصل على الكثير من الجوائز الأدبيه
بسبب موقفه المعارض لفصل الباكستان عن الهند تباينت الآراء حول فنه الأدبي واستمر الخلاف لفترة طويله خلال القرن العشرين . جورج أورويل كان يسمي كيبلنغ بسبب موقفه هذا : نبي الإمبرياليه البريطانيه , وقد أشار كيبلنغ الى الكثير من تلك الآراء عنه في كتاباته
حين أعيد مع شقيقته الى بريطانيا وكان في الخامسة من العمر ليبقيا في مدرسة داخليه مخصصه للبريطانيين العاملين في الهند كتب في مذكراته بعد حوالي 65 سنه من ذلك تكلم عن رعبهما في البعد عن العائله خصوصا ً عند الذهاب الى النوم
عام 1878 دخل كيبلنغ الى مدرسه لإعداد الأولاد للخدمة العسكريه البريطانيه وكانت مدرسة صارمه ورغم ذلك أحبها وكتب عنها في قصصه المنشوره عام 1899 غير أن تحصيله الدراسي في هذه المدرسه لم يؤهله للحصول على منحه للدخول الى جامعة أوكسفورد ومن أجل ذلك حصل له والده على عمل في لاهور / اقليم البنجاب في الباكستان حاليا واشتغل في كلية الآداب ومتحف لاهور كما عمل مساعد رئيس تحرير في صحيفة الجازيت المدنيه العسكريه . أبحر الى الهند في 20 سبتمبر 1882 فوصل الى بومبي في 18 أكتوبر وكان في السادسة عشرة من عمره , ثم انفق ما يقارب عشر سنوات من عمره في إنجاز الوظائف التي كلف بها
في العام 1883 زار مدينة شملا وهي العاصمه البريطانيه للحاميه البريطانيه في الهند وبقي فيها عدة أشهر فطلب منه العمل في كنيستها فقبل ذلك بكل سرور وأصبحت عائلته تزوره في شملا كل عام
نشر في صحيفة الجازيت 39 قصه بين عامي 1886 _ 1887 ثم بدأ النشر في صحف كلكتا وهو لم يبلغ 22 من العمر . وفي العام 1888 نشر 6 مجموعات قصصيه دفعة واحده ضمت 41 قصه تقاضى عنها 250 باون استرليني عدا راتبه الشهري المعلوم ولهذا قرر إنفاق هذا المال للبحث عن طريقه في الحياة
عام 1889 غادر كيبلنغ الهند الى سان فرانسيسكو وهونك كونك واليابان وكتب عن رحلاته قصصاً نشرت لاحقاً في كتابه : رسائل عن السفر . وفي لندن نشرت له الصحف العديد من قصصه وعثر على دار للسكن في لندن مدة عامين ( حاليا ً هذه الدار تعرف بإسم : دار كيبلنغ ) وفي السنة التاليه نشر رواية ( الضوء الذي خبى ) ثم ( أخبار مزعجه ) ثم سافر الى جنوب افريقيا واستراليا ونيوزيلندا ثم عاد الى الهند لكنه سمع عن أخبار انتشار مرض التيفوئيد فقرر العودة الى لندن وفيها نشر مجموعته القصصيه ( حياة معوقه ) في 1891 تحدث فيها عن حياة البريطانيين في الهند
في العام 1892 وكان في 26 من العمر تزوج كيبلنغ من فتاة امريكيه في 29 من العمر وسط أجواء انفلونزا وبائيه عمّت لندن وذهبا الى رحلة شهر عسل في الولايات المتحده الأمريكيه زارا فيها عائلة العروس التي كانت حاملاً في هذا الوقت فإستقرا لفتره في الولايات المتحده وفي هذا المنزل رزقا بطفلتهما الأولى : جوزفين التي توفيت بسبب الإلتهاب الرئوي وهي في السادسة من العمر
عام 1896 ولدت ابنتهما الثانيه أليس كيبلنغ بينما كانت العلاقة بين الزوجين قد فترت وفيها الكثير من الخلافات كما كتب كيبلنغ عن ذلك في مذكراته
كان كيبلنغ يحب حياته في مدينة فيرمونت الأمريكيه ولم ينغص عليه غير الخلافات العائليه ومشاكل السياسه . فمنذ عام 1830 كانت الولايات المتحده الأمريكيه تندفع بقوه في القاره الأمريكيه اللاتينيه بتشجيع الحركات القوميه فيها من أجل تثويرها لطرد المستعمر البريطاني والإسباني والبرتغالي والفرنسي في القاره لطرد هذا المستعمر واحلال استعمار الولايات المتحده الأمريكيه عوضاً عنه وتحت مسميات الإستقلال والتحرر
بوصولنا الى عام 1890 كانت الأزمه قد اشتعلت في فنزويلا بين بريطانيا والفنزويليين وحين جاء قرار الولايات المتحده الأمريكيه بمناصرة الفنزويليين صعدت الأزمه الأمريكيه البريطانيه الى أقصاها مع تلويح باللجوء الى الحرب من كلا الطرفين المتنازعين . كبريطاني بقي كيبلنغ حائرا ً كيف يتعامل مع مشاعر العداء لبريطانيا التي تسود في الولايات المتحده وخصوصاً في صحافتها ولهذا فكر في عام 1896 الإستقرار في مكان آخر غير الولايات المتحده
مشاكل كيبلنغ العائليه كانت قد بلغت مداها ولهذا رمته عائلة زوجته في الشارع وهددته بالأذى الجسدي فسببت له المشكله الفضيحة والأذى النفسي فحزم أمتعته وعاد الى بريطانيا
في سبتمبر من نفس العام 1896 أصدر روايته الثلاثيه ( ديفون ) حين كان يسكن بيته في منطقة القنال الإنكليزي .أصبح رجلاً مشهورا ًوخلال السنوات المقبله من حياته ستبدأ الإهتمامات السياسيه بالظهور في كتاباته التي اعتبرها بعض النقاد تحيي العصرر الفكتوري والإمبرياليه البريطانيه
بداية عام 1898 سافر الى جنوب افريقيا ولسمعته ك ( شاعر الإمبراطوريه البريطانيه ) فقد استقبله معظم سياسيي المستعمره في كيب تاون ورودس الذين أعجب بهم كيبلنغ ورحب بصداقتهم . وفي الحقيقه أن الفتره مابين 1898 _ 1910 كانت حاسمه في حياة جنوب افريقيا فقد استعر فيها الصراع الأمريكي البريطاني مما ادى الى حرب البوير الثانيه 1899 _ 1902 التي ساند فيها كيبلنغ بريطانيا بكتابة الشعر والعمل كمراسل للصحف البريطانيه الصديقه وكان عمله الصحفي فيها هو البداية الصحفيه الجديده منذ انقطاعه عن الصحافه حين غادر مدينة الله آباد الهنديه قبل عشر سنوات
تنقل كيبلنغ في جنوب افريقيا يروي عنها القصص والحكايات والأشعار . وخلال هذه الفتره كان يناقش في كتاباته سعي ألمانيا لتطوير اسطولها الحربي لتقف به بوجه البحرية البريطانيه وقد نشر هذه الكتابات في كتاب ( اسطول تحت الكينونه ) أما في العام 1902 فقد اشترى كيبلنغ منزلاً في بريطانيا واستقر فيه حتى وفاته عام 1936 وكان منزلاً واسعاً حديثاً وذا حدائق واسعه أحبها كيبلنغ من اول نظره كما كتب عن ذلك في احدى رسائله
خلال فترة حزن كيبلنغ عند وفاة ابنته جوزفين كان يركز على جمع ماده تصلح للكتابه للأطفال قام بنشرها في المجموعه القصصيه للأطفال ( كيم ) عام 1902 وكانت أول مجاميعه القصصيه للأطفال وكان في أوج نشاطه الأدبي لكتابة ونشر قصص الخيال العلمي القصيره والشعر الحماسي الذي توجه بقصيدة ( أرض مولدنا ونحن نتعهد اليك ) فوصلت شعبيته الى أقصى مدياتها
عام 1907 حاز كيبلنغ على جائزة نوبل في الأدب وكان أول متحدث بالإنكليزيه يحصل عليها وأصغر كاتب يحصل عليها , وجائزة نوبل بدأ العمل بتقديمها منذ عام 1901 سعت الأكاديميه السويديه الى تقديمها له لعبقريته الفذه في السرد وتحية الى الأدب الإنكليزي الذي أنتج الكثير من الفنون الأدبيه
هكذا كانت شعبية كيبلينغ عندما دخل على خط المناكفه الأمريكيه البريطاانيه عام 1911 عندما سأله صديقه ماكس أيتكن التدخل في الانتخابات الكندية 1911 نيابة عن حزب المحافظين . وفي 7 سبتمبر 1911، نشرت صحيفة مونتريال ديلي ستار نداء من كيبلنغ في الصفحة الأولى الى جميع الكنديين ضد اتفاق المعاملة بالمثل مع الولايات المتحدة حيث قال : أن كندا تخاطر بروحها الخاصه اليوم اذا رهنت تلك الروح على اساس أي اعتبار، يجب على كندا ان توافق على المعايير التجارية والقانونية والمالية والاجتماعية والأخلاقية التي ستكون المفروضة عليها قبل وضعها اي وزن لإعتبارات الولايات المتحدة
خلال الأسبوع التالي طبع نداء كيبلنغ في كل صحيفة تصدر باللغة الإنجليزية في كندا ، ويرجع إليه الفضل في المساعدة على تحويل الرأي العام الكندي ضد الحكومة الليبرالية الكنديه التي وقعت على اتفاق المعاملة بالمثل مع حكومة الولايات المتحده وإليه يرجع سبب بقاء كندا حتى اليوم تحت الحماية البريطانيه
صحيفه بريطانيه ماسونيه نشرت بأن كيبلنغ كان قد أصبح ماسونيا ً في العام 1885 عندما كان في 21 من عمره ويعيش في لاهور . فيما بعد صرح كيبلنغ في مجلة تايم بأنه تعرف على الماسونيه عن طريق ماسوني هندوسي ثم انضم الى المحفل الماسوني عن طريق ماسوني هندي مسلم وأنه ترقى في الماسونيه ليحصل على درجة ماستر , وقد كتب كيبلنغ عن ذلك في روايته : الرجل الذي سيصبح ملكاً
وقعت الحرب العالميه الأولى فكتب كيبلنغ الخطب والقصائد التي تمجد الدور البريطاني في تحرير بلجيكا من الإحتلال الألماني , وحين عرضت عليه الحكومة البريطانيه أن يعمل في جهاز دعايتها وافق على الفور رغم انتقاده لضعف جاهزية القوات البريطانيه لخوض الحرب
عام 1915 فقد كيبلنغ إبنه جون في الحرب العالمية الأولى وكان فتى لم يتعدى 18 من العمر وقد أثرت فيه تلك الفاجعه أكبر تأثير فنشر عام 1916 قصيدة ( ولدي جاك )
بعد الحرب، كان كيبلنغ يتشكك في النقاط 14 التي اعدتها الولايات المتحده الأمريكيه للأمم وموقفها من عصبة الأمم التي رفضت الدخول فيها لأنها تريد موقفاً أمريكيا ً أكثر فاعليه في السيطرة على العالم وكان يأمل أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الانعزالية وأن عالم ما بعد الحرب سوف يسيطر عليه تحالف الأنجلو الفرنسية الأمريكية وأن الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت سيتخلى عن الحكم لكنه صدم بأن الولايات المتحده الأمريكيه ماضية في ( لعبة سياسة الأمم ) بموت روزفلت المفاجيء عام 1919
بوصولنا الى ثلاثينات القرن العشرين كان كيبلنغ يواصل الكتابه ولكن بوتيرة أقل من السابق لأنه كان يعاني من نزيف في الأمعاء الدقيقه . في العام 1936 حصلت له حالة نزيف أدخل المستشفى على أثرها وأجريت له عملية جراحيه مات بعدها بأسبوع في 18 كانون الثاني 1936 فأحرقت جثته بناء على وصيته ووضع رماده في وعاء ودفن الى جانب رماد تشارلز ديكنز وثوماس هاردي
من قصائد روديارد كيبلنغ الرائعه قصيده عنوانها : اذا … قال فيها
إذا استطعت أن تحتفظ بعقلك
عندما يفقد كل من حولك عقولهم
و ينحون عليك باللائمة
إذا وثقت بنفسك عندما يفقد كل إنسان ثقته فيك
و لم تترك مع ذلك مجالاً للشك
إذا استطعت أن تنتظر دون أن تمل الانتظار
أو أن يعاملك الآخرون بالكذب
من دون أن تلجأ إليه
أو أن تكون موضع كراهية
و لكنك لا تدع لها مجالاً للتسرب إلى نفسك
و لا تبدو أفضل مما ينبغي
ولا تتكلم بحكمة أكثر مما يجب
إذا استطعت أن تحلم
و لا تدع للأحلام سيادة عليك
إذا استطعت أن تفكر
و لا تجعل الأفكار غايتك القصوى
إذا استطعت أن تجابه الفوز والفشل
و تتعامل مع هذين
المخاتلين … الخادعين … على حد سواء
إذا استطعت أن تكدس كل ما تملك من أرباح و تغامر بها دفعة واحدة
و تخسرها جميعاً … ثم تبدأ من جديد
من دون أن تنطق بكلمة واحدة عن خسارتك
إذا استطعت أن تعامل الناس
من غير أن تتخلى عن فضائلك
و أن تسير في ركاب الملوك
من دون أن تفقد مزاياك المعتادة
إذا عجز الأعداء … والأصدقاء … والمحبون…
عن إثارة حفيظتك … بإيذائهم إياك
إذا استطعت أن تملأ الدقيقة الغاضبة
التي لا تغفر لأحد
بما يعادل ستين ثانية من السعي ركضاً
فلك الأرض وما عليها
و أنت … فوق ذلك كله .. ستكون رجلاً … يا بُني
مواضيع ذات صلة :إذا: شعر روديارد كيبلنغ نوبل للأدب 1906