ثورة أهل الجحيم- ج 1

 جميل صدقي الزهاوي؛ نُظِمت في تشرين الأول- أكتوبر 1929

مراجعة: رياض الحبيّب؛ تموز- يوليو 2012
https://mufakerhur.org/?author=6

خاص: موقع المُفكِّر الحُرّ

ملاحظة
وردت ملحمة الشاعر العراقي الزهاوي الواقعة أصلًـا في 435 بيتًا في عدد من المواقع الالكترونية بأخطاء منها عَروضيّة، ما دعاني إلى تعديلها وتقسيمها إلى أجزاء كي لا يملّ القرّاء الكرام من طولها. ذلك إكرامًا لشاعرنا الكبير وفيلسوفنا الخطير

* * *

أوّلًـا: في القبر

بَعْد أن مُتُّ واٌحتواني الحَفـيرُ * جاءني مُنكَرٌ وجاء نَكيرُ

مَلَكانِ اٌسطاعا الظهور ولا أدري لماذا وكيف كان الظهورُ

لهُما وجهان اٌبتنتْ فيهِما الشِّرَّةُ عُشًّا كلاهُما قمْطريرُ

ولكُلٍّ أنفٌ غليظ ٌ طويلٌ * هُوَ كالقرن بالنطاح جديرُ

وفمٌ مَهْروسٌ يضاهي فم الليث يُريني نابًا هو العنقريرُ

وبأيديهما أفاعٍ غِلاظٌ * تتلوّى مُخيفةً وتدورُ

وإليَّ العيونُ تُرسل نارًا * شرُّها من وميضها مستطيرُ

كنت في رقدةٍ بقبري إلى أنْ * أيقظاني منها وعاد الشعورُ

فبدا القبر ضيِّقا ذا وخوم * ما بهِ للهواء خَرْمٌ صغيرُ

إنّهُ تحت الأرض إلا قليلًـا * مَنزِلُ المَرْءِ ذي الطموح الأخيرُ

ألِمَنْ خابَ حفرةٌ ذاتُ ضيق * ولِمَنْ فاز روضةٌ وغديرُ

أتَيَا للسؤال فظَّينِ حيث المَيْتُ بعد استيقاظِهِ مذعورُ

عن أمور كثيرة قد أتاها * يومَ في الأرض كان حيًّا يسيرُ

نظرةٌ ثم صيحةٌ وحِوارٌ * بين أقساهما وبيني يدورُ

واقفًا لي كأنما هو نَسْرٌ * وكأنّي أمامَهُ عُصفورُ

خار عزمي ولم أكن أتظنَّى أنّ عزميْ يومًا لشيءٍ يخورُ

ولقد كنت في البداية أشحى * مثلما يشحى للخشاة الذعورُ

ثمّ أني ملكْتُ نفسيْ كأنّي * لست أخشى شيئًا وأنّي جَسورُ

مُظهِرًا أني كنتُ أحْمِلُ نفْسًا * لم يكُنْ للشكوك فيها خطورُ

غيْرَ أني صَدَعْتُ بالحق في الآخِر حتى التاثتْ عليَّ الأمورُ

في الأديب الحُرِّ النفاقُ ذميمٌ * وهْوَ ما لا يرضاهُ مِني الضَّميرُ

فألمَّتْ بيَ الرزيَّةُ حتّى * ضَجِرَتْ مِن ضجيج قبري القبورُ

¤ ¤ ¤

الحَفير: القبر. الشِّرَّة: مصدر لِشَرّ. قمطرير: شديد. أتظنّى: أظنّ. أشحى: شَحا فاهُ يَشْحوه ويَشْحاه شَحْوًا: فتَحه. خطورُ: خَطَرَ بباله وعليه يَخْطِرُ ويَخْطُرُ، بالضم؛ الأَخيرة عن ابن جني، خُطُورًا إِذا ذكَرَهُ بعد نسيان. صَدَعَ بالحق: تكلّم به جهارًا. التاثتْ؛ الإلتياث: الاختلاط والالتفاف. يقال: اٌلْتاثَتِ الخُطوبُ- لسان العرب
أمّا العنقرير فلا وجود له في القواميس العربية

About جميل صدقي الزهاوي

جميل صدقي الزهاوي : شاعر وفيلسوف عراقي كردي الأصل، وقد عرف بالزهاوي .منسوبا إلى بلدة زهاو ولد جميل الزهاوي في بغداد عام 1863م، وعين مدرسا في مدرسة السليمانية ببغداد عام 1885م، وهو شاب ثم عين عضوا في مجلس المعارف عام 1887م، ثم مديرا لمطبعة الولاية ومحررا لجريدة الزوراء عام 1890م، وبعدها عين عضوا في محكمة استئناف بغداد عام 1892م، وسافر إلى إستانبول عام 1896م، فأعجب برجالها ومفكريها، عين أستاذا للفلسفة الإسلامية في دار الفنون بإستانبول ثم عاد لبغداد، وعين أستاذا في مدرسة الحقوق، وعند تأسيس الحكومة العراقية عين عضوا في مجلس الأعيان. توفي الزهاوي عام 1936م.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.