الحس الوطني السليم للإسلام الشعبي الوطني غير (السياسي) ينطلق من قاعدة أخلاقية سليمة عالميا، وهي ( طلب الرحمة والغفران لمن يموت)، تأسيسا على قول رفيع الحكمة (اذكروا محاسن موتاكم)، الذي قد ضعفه الشيخ الألباني رواية ونقلا وليس عقلا !!!
حيث كل الشعوب لديها تقاليد المآتم والعزاء بالموت، وليس هناك عاقل في الأرض من يفرح تأدبا واحتراما لحياة الإنسان من يعبر عن مساويء البشر غب موتهم مباشرة، حيث لابد أن يمر الوقت الضروري الذي تبرد فيها ألام الفقد لأهل الفقيد ..
لكن المفاجأة هي الحملة (الاسلاموية الأخوانية) على الراحل العظيم ( الذي هو ثاني اثنين في الثقافة العربية من يحمل جائزة عالمية (نوبل ) بعد نجيب محفوظ في الأداب ……..حيث نحن (الوطنجيون القومجيون اليسارجيون) مسحنا الأرض بشيخ الروية العربية ،من خلال اسطورة (التطبيع مع إسرائيل !!!) ، لكنا مع ذلك فنحن الشعبويون القومويون واليساريون حينها، لم نبلغ حد (القتل عقائديا ) كما فعل أخواننا (الإسلامجيون ) الذين حاولوا ذبحه وهو شيخ عجورز تجاوز الثمانين يومها، وهو يسير في الشارع لموعده الاسبوعي مع تلاميذه من كتاب ومثقفي وأدباء مصر باسم “التكفير”… لكن الله خيب ظنهم، إذ انقذه ونجاه من الهمجية البربرية للقوم الظالمين، فلم يمت الرجل إلا في أجله وليس حسب أجندة (التكفيريين) ..
كل القنوات المسماة (إسلامية ) في مصر، تستكثر على المسلمين والعرب أن يكون لديهم شخصية علمية عالمية تحوز على جوائز نوبل باسم إن إسرائيل وراءهم… وإلا فلماذا لم يحوزوها هم بعلمهم (الفقهي المشيخي) كما يتساءل أحد ابرز هؤلاء المهرجين (وجدي غنيم ) الذي يعتبر أن زويل (كافر وخائن ) لا تجوز عليهم الرحمة بل هم أحق بـ(اللعنة)، بل هو أشبه بـ(الأنعام .. الحيوانات) هذا ما يعبر عنه مفكري (الاسلام السياسي ) في مصر … في حين إن الصحافة الأمريكية تتحدث عن أهمية الرجل (الراحل زويل ) ليس كصاحب نوبل، بمثابته كيميائيا وفيزيائيا، قدم انجازات علمية كونية فحسب، بل هو واحد من أبرز تسعة ( علماء ومفكرين في أمريكا ) في هذا العصر …
هذا الرجل الذي يهاجمه الاسلام السياسي، هو الذي دافع عن الرئيس مرسي،فقال (إنه عالم ) في اختصاصه، في ذروة حملة النظام العسكري ضده بعد اعتقاله، حيث بلغ الاعلام حد التشكيك بشهادته العلمية، لكن جماعة الأخوان لا يرضون عنك حتى (تتبع ملتهم ) والراحل كان وطنيا ديموقراطيا ولم يكن أخوانيا فحلت عليه اللعنة ..
الرجل شارك مع الشباب في كل ثوراتهم الأولى والثانية يناير وحزيران، لكن جريمته وكفره واللعنة عليه لأنه لم يكن أخوانيا ،ولعل أروع تعبير فكري عن فهمه لطبيعة ثورات الربيع العربي (كعالم ومفكر) أنه من الطبيعي والمنطقي بالنسبة له كمشارك في الثورة الأولى أن يكون مشاركا في الثورة الثانية، لأنه كان يعتبر أن الثورة المصرية هي ثورة وطنية ديموقراطية مفتوحة، وليست ثورة حزبية أو سياسية ناصرية أو أخوانية أو يسارية…
….
فهو صاحب ومكتشف الصيغة الفكرية النظرية الرفيعة بأن (“ثورات الربيع العربي هي ثورات شباب ما بعد الايديولجيا” …أي ما بعد الناصرية أو الشيوعية أو الإسلامية أو العلمانية …إنها ثورات الحريات وثقافة حقوق الانسان الموازية والمعادلة لثورة الاتصالات والمعلومات الحديثة التي تخطت العقائد الدوغمائية لللإيديولجيات بيمينها ويسارها المفوت والمتخطى …
لكن وسائل الإعلام الأخوانية تتداول تكفيره وتخوينه ولعنته وشتمه لأنه لم (يتبع ملتهم الأخوانية… ) وأن أحدهم شاهده يصفق للسيسي مع الناس بعد خطاب له …هذه جريمته السياسية التي يكفر ويخون لأجلها، طبعا مع جريمته في زيارة إسرائيل وذلك قبل نوبل بسبع سنوات في كل الأحوال سنة 1991 ، بل إن الراحل نجيب محفوظ لم يزر إسرائيل الذي خون وكفر للتطبيع معها،بل ولم يزر أية دولة في العالم، خارج مصر، بما فيها أنه أرسل ابنته مكانه لا ستلام جائزة نوبل …
إن العصبويين العقائديين متصلبي الشرايين العقلية، لا يريدون للمسلمين والعرب أن ينتجوا عباقرة كونيين يفخرون بهم أمام البشرية، إلا تحت سلطتهم وإشرافهم وإدارتهم وقيادتهم …وإلا فليس هناك سوى اللعنة التي تحل على (العبقري الكوني شهيد العلم والمعرفة أحمد زويل ) الذي يمكن أن يشكل مثلا أعلى يحتذى لأجيال الشباب المسلمين والعرب في أن يكونوا أندادا مع أرقى شعوب وأمم الأرض …