منذ أن خلق الله الإنسان والشيطان ضدٌ له, ولكن يظن الغالبية منا بأن الإنسان قد انتصر على الشيطان, وهذا غير صحيح, فالشيطان هو الذي انتصر على الإنسان وأغواه بالقتل وبالسرقة وبالظلم وبقطع الرؤوس, الشيطان ما زال يكسب معركته وما زال محافظا على كل انتصاراته , الشيطان أقنع الإنسان بأن دينه وثقافته أفضل من دين غيره, فاستل سيفه وبدأ يدافع عن عقيدة الشيطان, ويقتل ويسبي ويحرق من أجل نشر ثقافة الشيطان وديانة الشيطان, وهذا الإنسان الذي أشاهده أمامي الآن لا أظن بأنه هو نفسه الإنسان الذي خلقه الله أول مرة , الله حين خلق الإنسان كان هذا الإنسان تختلف طباعه عن هذا الإنسان الذي نشاهده ونعاصره , هذا الإنسان الذي أمامنا غسل الشيطان عقله, أكل الشيطانُ مخه, هذا الإنسانُ غير الشيطان طبعه وقلبه ولعب في أسلوب حياته, الشيطان غير الإنسان من الداخل وانتصر عليه ثقافيا ودينيا وخلقيا, لم يكن الإنسان الذي خلقه الله يكفّر أحدا , لم يكن يهاجم أحدا , الشيطان هو الذي عصى الله أول مرة وناصب العداء للإنسان الأول, وبقي الشيطان يركض ويلهث خلف الإنسان حتى أنه في النهاية قد انتصر عليه وغيره وبدله من الداخل, لم يكن الإنسان الأول محبا للشر,الشيطان هو رأس الشر, كان الإنسانُ يدافع عن عقيدته الصحيحة لم يكن يقتل أحدا بحجة أنه مختلفٌ عنه في الدين أو في الفكر أو في العقيدة أو في المذهب أو في اللون, لم يكن الإنسان الأول يعرف التمييز العنصري ولا سياسة الفصل العنصري, هذه كلها من أدوات الشيطان التي غير الشيطانُ من خلالها الإنسان وشكل العالم كله, الله حين خلق الإنسان خلقه على صورته, ولكن الثقافة التي اخترعها الإنسانُ هي التي شوهته , كان الإنسان بريئا,كان مسالما,كان محبا للخير,كان يفعل الخير, لم يكن يغزو ويقتل ويسرق ويسبي السبايا, هذه كلها أفعال وجرائم شيطانية, كل تلك الأمور لم تكن من صنع الإنسانُ القديم,أو الإنسان الذي نقول عنه بأنه من العصر الحجري, كان إنسان العصر الحجري مسالما, ولم يكن هنالك تمايزٌ بين الذكر وبين الأنثى, كان الذكر مساويا للأُنثى وكانت الأُنثى مساوية للذكر, لم يكن في العصر الحجري إنسان غني وإنسان آخر فقير, كان القوي يطعم الضعيف.
الإنسان الذي خلقه الله أول مرة لم يكن مصابا بالأمراض النفسية الصعبة والخطيرة, لم يكن أنانيا, فالأنانية من صُنع الشيطان نفسه, هذا الإنسان الذي نراه جالسا أمامنا أمام شاشة الكمبيوتر ليس هو الإنسان الأول,الآن من المستحيل أن يكون هو نفسه الذي خلقه الله أول مرة, لم يكن الإنسان طماعا, لم يكن الإنسانُ جشعا, لم يكن الإنسانُ سيئا إلى هذا الحد كان الإنسانُ محترما جدا ويحترم غيره ولا يتدخل بغيره, هذا الإنسان دنسته الثقافة, أقصد ثقافة الشيطان, هذا الإنسان خرّبته الثقافةُ أي ثقافة الشيطان, هذا الإنسان ضيعته ثقافته وفلسفته,أي ثقافة وفلسفة الشيطان, لم يكن الإنسان البريء مثقفا بهذه الثقافة الوسخة, لم يكن الإنسان قذرا إلى هذا الحد, فمن يوم انتصر الشيطان على الإنسان أصبح الإنسان قذرا وينسب إلى الله أفعالا وأعمالا وأقوالا لم يقلها الله, وكلها من صُنع الشيطان,كلما ازداد الإنسان ثقافة وعمّقَ علاقته مع الشيطان كلما ازداد شرا, كلما ازداد الإنسانُ ثقافة ووطد ثقته بالشيطان كلما ازدادت الفوارق بينه وبين الناس, الإنسان الجاهل بالثقافة لا يشعرُ بأن هنالك إنسانا أقل منه في الرتبة وفي الفضل, الثقافة دمرت الإنسان.
يجب أن نعود جميعنا إلى زمن الإنسان الأول, إلى ما قبل المواجهة بين الإنسان والشيطان, أيام لم يكن هنالك دين مختلف عن دين الآخر, أيام لم يكن هنالك مقدسات دينية, يجب أن نعود كيوم ولدتنا أمهاتنا بدون ثقافة أو بدون خطايا أو ذنوب, أحيانا الثقافة ذنب يرتكبه الإنسان بحق نفسه وبحق الآخرين, حين يشعر بأن دينه أو ثقافته أفضل من ثقافة الآخرين, يجب أن نعود إلى الزمن الأول, أيام لم يكن هنالك فروقات وطبقات اجتماعية, يجب أن نعيد للإنسان شكله الأصلي الذي خلقه الله أول مرة, يجب أن يرتد الإنسان إلى فطرته الأولى التي فُُطِر عليها , يجب أن يعود الإنسانُ إلى طبيعته الأولى.
هذا الإنسان العصري دمر كل شيء من حوله, أشعل الغابات وأحرق الدماء واستنفذ الثروات الطبيعية ودمر نظامنا البيئي من حولنا, هذا الإنسان الذي يدعي الثقافة يظنُ كل الظن بأن دينه وثقافته أفضل من دين غيره وثقافة غيره, هذا الإنسان ضيع نفسه إلى الأبد, هذا الإنسان قتل أخيه الإنسان, هذا الإنسان يظن بأن الله لم يهدِ سواه على الأرض وبأنه سيدخل الجنة وغيره سيدخل النار بحجة أن ثقافته الدينية أفضل وأصح من ثقافة غيره ومن دين غيره وهذه هي معركة الشيطان مع الإنسان التي كسبها الشيطان , هذا الإنسان أقلق نفسه وأقلق الذين من حوله,وهذا ما يريده الشيطان.
أنا هنا أبحث عن الإنسان البريء الذي خلقه الله أول مرة, فأين أجدُ مثلَ هذا الإنسان الناضج فكريا؟, الله حينما خلق آدم خلقه ناضجا عقليا وهذا الإنسانُ الذي بين يدي ناقصٌ عقليا, فأعينوني في البحث وفي التفتيش عن الإنسان الذي خلقه الله أول مرة, فتشت عنه في زوايا الكتب, وفي الغابات الحرجية, هذا الإنسانُ فتشت عنه بين الغابات الإسمنتية وبين أعواد الكبريت التي أشعلها الشيطان , هذا الإنسانُ الماثلُ أمامكم حاليا من المستحيل أن يكون إنسانا عاديا, هذا شيطان, هذا شيطان, هذا عفريت, هذا جني, هذا مشعوذ, هذا خباص وأناني وفتان, هذا الإنسان لا يمكن أن نطلق عليه لقب إنسان, فهل هذا الإنسان الذي يحرق ويقطع رأس أخيه إنسان عادي؟ هل من المعقول أن يكون هو نفسه الذي خلقه الله أول مرة؟ أنا حتى هذه اللحظة مصدوم, كنت أظن بأن التطور سيأخذنا إلى الحضارة, كنت أظن أن الثورات ستنقذنا من المفسدين, وأنا الآن أبكي على زمن الإنسان الفاسد, أنا الآن أترحم على زمن الإنسان الذي كنا نقول عنه بأنه كان يعيش في العصر الجاهلي, ما هذا الذي يمثل أمامي, أمامي الآن صورة مشوهة وغير طبق الأصل عن الصورة التي خلق الله عليها آدم, أين ذهب الإنسان الأول؟ من الذي قتل الإنسان الأول, يا من يعيدنا إلى أيام زمان, أيام لم يكن هنالك لا ثقافات ولا ما يحزنون, أيام لم يكن هنالك لا رُسل ولا أنبياء, لماذا كل هذا العبث؟ من الذي غير الإنسان؟ لا بد وأنه الشيطان, نعم, الشيطان غير الإنسان ولم يعد هذا الإنسان هو نفسه الإنسان الذي خلقه الله, لقد عبث الشيطان بجينات الإنسان الأول الذي خلقه الله, الشيطان هنا انتصر على الإنسان والإنسان هذا المسكين لا يدري مطلقا بأن الشيطان قد هزمه , لقد نشر الشيطان ثقافته, وأغوى الإنسان بأن أقنعه أن دينه أفضل من دين أخيه وبأن ثقافته أفضل من ثقافة أخيه الإنسان, هذا الإنسان ضحك الشيطان عليه, الشيطان يضحك عليكم يا بشر, الشيطان نصب عليكم, الشيطان كذب عليكم وأقنعكم بأنكم ستدخلون الجنة وبأن غيركم سيدخل النار, الإنسان خسر معركته مع الشيطان والشيطان الآن كسب المعركة, الشيطان الآن يرقص طربا والإنسان الآن يرقص ألما.