يعد انقلاب بكر صدقي في العراق عام 1936 أول إنقلاب عسكري يقع في الوطن العربي وهو على أهميته لم يأخذ حقه من الدراسة والتحليل وتم تبريره بأسباب واهيه من المؤكد أنها تبتعد كثيراً عن المصداقيه
عند مقتل بكر صدقي عام 1937 تم جمع زمرته من الضباط ومحاكمتهم وصدور أحكام مختلفه بحقهم . من هؤلاء الضباط مرافق بكر صدقي النقيب ( جمال جميل ) وهو من أهل الموصل حكم عليه بالإعدام لكن الحكم لم ينفذ , وتم نقل جمال جميل للعمل في الشرطة النهريه حتى عام 1939
بموجب المعاهده العسكريه العراقيه اليمنيه الموقعه عام 1930 أرسلت الحكومه العراقيه 4 ضباط الى اليمن هم كل من : إسماعيل صفوت , محمد المحاويلي , عبد القادر كاظم , جمال جميل الذي يراد إبعاده عن العراق , وكان ذلك عام 1939 . كان واجبهم فتح الدورات لتطوير الجيش اليمني وتدريبه على إستخدام المدفعيه
بنهاية الدوره عاد الضباط الى العراق غير أن جمال جميل تخلف وبقي في اليمن . تزوج من يمنيه وأقام علاقات واسعه في أوساط الجيش والأسره الحاكمه وطبقة النخبه من الشعب . تمت ترقيته الى رتبة عقيد عام 1948 وتعرف على ( الفضيل الورتلاني ) وهو رجل جزائري , بعد تصدير الأخوانيه من نجد والحجاز الى مصر عام 1928 جاء الفضيل الورتلاني من الجزائر وتتلمذ على يد حسن البنا وذهب لنشر تنظيم الأخوان المسلمين في الجزائر منذ عام 1931 وهو اليوم في اليمن ليتصل بشيوخها وزعماء قبائلها لنشر الفكر الأخواني بينهم , وبذلك يشكل مع ( جمال جميل ) فكي كماشه مكونه من الدين والعسكر لطرد بريطانيا عن حامية عدن
عام 1948 شارك جمال جميل في انقلاب عسكري تم فيه قتل حاكم اليمن ( الأمام يحيى بن حميد الدين ) وتعيين ( الإمام عبد الله الوزير ) خلفاً له , فتم تعيين جمال جميل قائداً لقوات الأمن , لكن ( الأمام احمد بن يحيى حميد الدين ) تمكن من إسترداد عرش والده القتيل وقام بإعدام جمال جميل في ( ميدان شراره ) إسمه اليوم : ميدان التحرير
خلال حياته تعرف جمال جميل على قطاعات واسعه من الشباب كان من بينهم فتى مراهق يتيم يدعى ( على محمد عبد المغني ) فتكفله ورباه ومنحه الكثير من المال ووعده أن يجعل منه ضابطاً كبيراً . عند إعدام جمال جميل كان عبد المغني في الخامسة عشرة من عمره , واصل دراسته ودخل الى الكلية الحربيه وتخرج منها
عام 1961 إتصل عبد المغني بالسفاره المصريه في صنعاء لطلب العون فقام السفير المصري بتنظيم مقابلة له مع عبد الناصر على أن يسافر الى مصر تهريباً بواسطة قارب عبر البحر الأحمر وفي اللقاء تم الإتفاق على الأمور التنظيميه والتخطيط والتسليح ثم عاد الى اليمن
عبد الله السلال كان واحد من الضباط المشاركين في انقلاب 1948 ضد الإمام يحيى حميد الدين وكان مرمياً في السجن منذ ذلك التاريخ . أكبر خطأ وقع به ولي عهد اليمن ( محمد البدر ) أنه أطلق سراح السلال وعينه رئيساً لحرسه وهو لا يعلم بأنه واحد من تنظيم الضباط الأحرار
توفي الأمام ( أحمد بن يحيى ) فخلفه إبنه ( محمد البدر ) على العرش في 1962 , وبعد أسبوع واحد من ذلك قام عبد الله السلال رئيس حرسه بإلإنقلاب عليه والإستيلاء على الحكم , وسمح للإمام محمد البدر بالهرب من الباب الخلفي للقصر الى المملكه العربيه السعوديه لإشعال حرب ستطول حتى تخرج بريطانيا عن حامية عدن , وفي نفس هذه الأيام قتل ( على محمد عبد المغني ) مؤسس تنظيم الضباط الأحرار في اليمن في معركة مع الملكيين
يوم 30 تشرين الأول 1967 غادر البريطانيون مستعمرة عدن بنقلهم بواسطة سلاح الجو والبحر البريطانيين . البحرية البريطانية التي كان جنودها أول من دخل عدن عام 1839 كانوا هم آخر من غادر عدن بصحبة المهندس الملكي الذي يقوم بقيادتهم
إتهم العقيد عبد الله السلال عبد الناصر بأنه باعه مقابل الفوز بالدعم العربي المالي الذي ستقدمه له كل من السعودية والكويت وليبيا لترميم صدوع مصر بسبب هزيمة حرب حزيران 1967 , عندها بدأت المحاولات الإنقلابية تحيق بالسلال من كل جانب , وكانت آخرها التي وقعت في 5 تشرين الثاني 1967 أي بعد خمسة أيام من إنسحاب البريطانيين من عدن , تم تسفير عبد الله السلال الى بغداد بإعتباره ( موفد ) وفي غيابه تم إحتلال القصر الرئاسي والإطاحة به مما إضطره لطلب اللجوء في بغداد , فمنحته حكومة عبد الرحمن عارف اللجوء السياسي ومنحته داراً للسكن وراتب 500 دينار شهرياً
تسلم القاضي عبد الرحمن الإرياني حكم اليمن من الرئيس عبد الناصر , بحكم أن اليمن كانت مرتبطة لحد الآن بإتحاد ( كونفدرالي ) مع مصر وكانت حكومة ضعيفة تسودها الإنشقاقات . كما إستمرت المناوشات القتالية بينها وبين بقايا الملكيين والذي إستمر حتى عام 1970
وفاة الرئيس المصري جمال عبد الناصر يوم 28 أيلول عام 1970 كان نقطة مفصلية في تاريخ حرب اليمن فبعد حوالي شهرين من ذلك تم البت في أمر كونفدرالية الجنوب العربي التي كانت قد إستقلت عن بريطانيا منذ 30 تشرين الأول 1967
في نفس العام 1970 قامت المملكة العربية السعودية بالإعتراف بحكومة اليمن الشمالية وأوقفت دعمها للملكيين بالكامل . وفي العام 1971 إلتقى الرئيس المصري أنور السادات بالملك فيصل ليتفقا على إنهاء أي وجود لهما في اليمن مقابل أن تحل مصر إتحادها الكونفدرالي مع اليمن الشمالية . وهكذا , فبعد أن حققت جميع الأطراف مصلحة الولايات المتحدة بإخراج البريطانيين من عدن والجنوب العربي .. تخلى الجميع وبأسلوب ( جنتلمان ) عن اليمنيين تاركينهم يواجهون مصيرهم الغامض بأنفسهم