لا أدري لماذا تذكرت تلك القصة اليوم.. تذكرتها وأنا أخوض معتركا نفسيّا منذ أن استبدلت صورة بروفايلي بصورة الطفل السوري عمران..
………..
مات أبي إثر حادث سيارة وترك أمي في عزّ شبابها تصارع الحياة مع ستة أطفال.. تكللت أمي بالسواد من قمة رأسها حتى أسفل قدميها لأكثر من سبع سنوات، وذلك حدادا على ابي.. حتى قميص نومها كان اسود…. مرّة سمعتها تدردش مع جار لنا، وكان ذلك الجار ارمينيا اسمه حنّا كازيزيان.. سألها: لماذا تصرين على لبس الأسود، إن الله لا يحبه، فهو دليل على رفضك قضائه وقدره! أطرقت رأسها، ذرفت دمعة ثم قالت: وهل ترك لي غيره كي ألبس؟ فراح جارنا يقص عليها اسطورة من التراث الأرمني… تقول الاسطورة: أن امرأة فقدت ولدها الوحيد فنذرت أن تلبس الأسود حدادا عليه مدى الدهر.. بعد سنوات زارها ملاك في المنام، وقال: انظري إلى هذا الخيط (مشيرا باصبعه إلى طرف ثوبها الأسود)، لولا هذا الخيط الأبيض في ثوبك الأسود لاحترقت في نار جهنم.. تذكرت السيدة أن طرف ثوبها انخزق مرّة، ولم تجد في حوذتها سوى خيطا أبيض كي ترقع به ذلك الخزق!
…..
عندما ذبحت داعش الطفل السوري الفلسطيني على مرآى من العالم، تناولت تلك الجريمة في برنامجي الاسبوعي “حرب بلا سلاح”! وصلتني عشرات الرسائل من معارضين سوريين: يا شرموطة يا نصيرية، أنت تتعاطفين معه ليس لأنه فلسطيني بل لأنه موالِ لسيدك بشار الأسد!
طفل موال لبشار الأسد؟؟؟ هل هناك انحطاط أخلاقي أكثر من ذلك؟؟؟؟ لم يطل الأمر كثيرا حتى صُعق العالم أمام كارثة الطفل السوري عمران… فاستبدلت صورة بروفايلي بصورته… وصلتني عشرات الرسائل من موالين سوريين: يا شرموطة يا أمريكية يا متصهينة، لقد وقعت في الفخ فالصورة مبفركة.. واقترح أحد “شرفاء” الموالين أن تُسحب مني الجنسية السورية وكأن جنسيتي صدقة يتصدقون بها عليّ من أموال رامي مخلوف!
……
أسقطتني التجربتان في معترك نفسي ليس سهلا… يزعم الموالون أن الطفل عمران صورة مفبركة، وكأن الطائرات الروسية تُسقط المن والسلوى وأطباقا من الورود فوق رؤوس البشر..
هؤلاء البشر الذين هُرسوا بلا أدنى إحساس بالشفقة رجالا ونساءا وأطفالا… الموالون يهللون لها من منطلق ايمانهم بـ “هويتهم” السورية ودفاعا عنها… ومن يعبر عن مجرد ألمه هو أمريكي متصهين، ليس هذا وحسب بل شرموط! أما المعارضون وفيصل القاسم مثال حي، فحدّث بلا حرج!
(النصيريون يشربون المتة والأركيلية ويعيشون حياتهم يتفرجون على تدمير سوريا بدون أن يرف لهم جفن) أكثر من ربع مليون “نصيري” في طائفة لا تزيد عن المليونين فقدوا حياتهم بين ساطور النظام وسندان المعارضة.. يكاد لم يبقَ بيت في المناطق الساحلية إلا وفيه أم مفجوعة وأطفال أيتام.. جيل بين العشرين والأربعين اندثر، وكارثة اندثاره ستلقي غلالها السوداء على تلك الطائفة مدى الحياة.. لكن المعارضين يتمسكون بثورتهم “المسالمة”، التي لم تسرق قمحة ولم تقتل نملة!
ومن يقول حرفا لا يخدم مصالحهم هو من زبانية الأسد حتى ولو عبر عن ألمه حيال طفل ذبحته داعش، على مرآى من العالم بطريقة لا تقل وحشيّة عن ذبح بني قريظة! ليس من زبانية الأسد وحسب، بل شرموط!
………
الموالون والمعارضون ـ بمختلف طوائفهم ـ انتاج محلي وثمرة لثقافة واحدة، ثقافة: ياآيها النبي حرّض المؤمنين على القتال… كلا الطرفين وجهان لعملة واحدة! لذلك، لا أستطيع أن اخرج من معتركي النفسي مهما حاولت إلاّ بقناعة مؤلمة جدا جدا.. قناعة تؤكد لي أن تلك الحرب الجهنمية ضرورة لا بد منها! فالنار تطهر الحديد، ناهيك عن نفوس تتمجد بالقتل والدمار… ستظل تلك الحرب مشتعلة، ربما عقدا آخر آو عقدين، أو من يدري؟؟؟ ستظل مشتعلة ـ سواء على أرض الواقع أم في عقول منفذيها ـ حتى يجد هؤلاء الموالون والمعارضون، الذين “يعتزون” بهويتهم السورية،
ويعتبرون كل واحد خارجهم “شرموطا”، ستظل مستعرة حتى يجدوا خيطا أبيض يرقّعون به
ضمائرهم السوداء المهترئة….
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامببقلم طلال عبدالله الخوري
- #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامربقلم زياد الصوفي
- ** هَل سيفعلها الرئيس #ترامب … ويحرر #العراق من قبضة #نظام_الملالي **بقلم سرسبيندار السندي
- ** ما علاقة حبوب الكبتاغون … بانتصارات نعيم قاسم وحزبه **بقلم سرسبيندار السندي
- ** فوز عون وسلام … صفعة أخرى لمحور المتعة والكبتاغون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل جحيم كاليفورنيا … عقاب رباني وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- لفهم حرب #التعريفات_الجمركية التي يشنها #ترامب
أحدث التعليقات
- Saleh on شاهد كيف يحاول اغتصابها و هي تصرخ: ما عندكش اخت
- س . السندي on #زياد_الصوفي يفتح ملف #سامر_فوز لمن يهمه الامر
- س . السندي on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- تنثن on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- Hdsh b on الايمان المسيحي وصناعة النبؤات من العهد القديم!
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
مختصر الكلام … بعد التحية والسلام ؟
١: هو يا سيدتي بقى عند الاثنين ضمير حتى يترقع بخيط أبيض أو حتى أسود ؟
٢: فعلاً الأثنان وجهان لعملة قذرة وقبيحة واحدة ، فالمعارضة التي تقاتل باسم دين غزاة فتكوا بعرض أجدادهم وجداتهم وأمهاتهم ويدمرون وطنهم فمكانهم الحقيقي المقابر أو المصحات العقلية ؟
٣: فعلاً البيئة والعقيدة يورثان في أحيان كثيرة الجنيات السيئة والا لماذا كل هذا الإصرار على الدمار والخراب ؟
٤: وأخيراً …؟
مثل كثير ما كنّا نسمعه وهو { لا ينقطع حبل بين عاقل ومجنون } سلام ؟