تكفير داعش مسألة أمن قومي

فاطمة ناعوت

أين يختفي مسوخُ داعش ولماذا عسيرٌ على رجال أمننا العثور عليهم وسط أحراش العريش وكهوف الجبال؟ ليست الصخورُ ظهيرَهم، إنما ظهيرهم بشريٌّ، بكل أسف.
هذه لحظةٌ من أعسر اللحظات التي تمرُّ بها مصرُ عبر تاريخها. ما يحدث في العريش الآن للأقباط المسيحيين على يد مسخ داعش الدميم، شيءٌ فوق قدرة العقل على استيعابه. يريد ذلك المسخُ الشيطانيّ الوغد أن يُكرّس في الذهن الجمعيّ للعالم تلك الصورة الوحشية التي لا يملك غيرها ليعلن بها عن وجوده. “نحن ندمّر الحضارة الإنسانية، وننحر العُزَّل الأبرياء، ونغتصب الأسيرات، إذن نحن موجودون.” لكن الأزهر الشريف لا يُقرُّ بكفرهم، ولا برِدّتهم وخروجهم من تحت مظلّة الإسلام! كيف ولماذا؟! لأن الأزهر لا يُكفّر كلَّ من نطق بالشهادتين؛ مهما قتل أو حرق أو اغتصب أو استلب أو سرق أو شوَّه صورةَ الله، حاشاه. إنهم يشوّهون صورة الله حين يُكبِّرونه وهم يذبحون البشر ويحرقون قلوب الثكالى ويغتصبون العذراوات. لهذا يجدُ مسوخُ داعش مَن يساندهم ويأويهم ويُخفيهم عن عيون جنود جيشنا ورجال شرطتنا، من أبناء سيناء وعائلاتها وقبائلها. كيف يساعدهم أبناءُ سيناء وعوائلها على التخفّي والاحتماء داخل أركان دورهم؟ لأنهم يرون مسوخَ داعش “مسلمين”، بقرار رسمي من الأزهر الشريف؛ صاحب الكلمة العليا، والوحيدة، في إيمان المسلمين، أو كُفرهم ورِدّتهم. ألم يحن الحينُ بعد حتى يُصدّق الأزهرُ الشريف أن في يده “وحده” الآن العصا السحرية التي تئد الإرهاب في مصر، وتدحر داعش في العالم، وتحقن دماء المسيحيين في العريش؟ فتوى واحدة مُعلنة وقاطعة وصريحة بتكفير داعش، سوف ترفع عنهم الغطاء الاحتمائي البشريّ الذي يُخفي مسوخ داعش عن عيون رجال الأمن من الجيش والشرطة في العريش، وفي سيناء وفي كل بقعة من بقاع العالم.
يا أزهرنا الشريف، اِعلمْ، إن لم تكن تعلم، أن بسطاءَ المسلمين يفهمون الحديث الشريف “انصرْ أخاك ظالما أو مظلومًا”، على نحو مغلوط ومنقوص. لأنهم في غالب الأمر لا يعرفون بقية الحديث: “بأن تأخذ فوق يديه” أو “بأن تردّه عن ظلمه”. فحين أنت أيها الأزهر الشريف، لا تريد أن تُكفّر داعش، فإنك بذلك تجعله “أخًا” لكل مسلم في سيناء، ورعيةً لكل شيخ قبيلة، وابنًا لكل امرأة في دارها. أنت، دون أن تقصد يا أزهرنا الشريف، جعلت الداعشيَّ “مسلمًا أخًا” وجبت نُصرته ظالمًا، دون قيد أو شرط، مادام هو مسلمًا، ومادام شِطرُ الحديث الشريف غائبًا عن الوعي الدارج العام لدى معظم البسطاء. وأهلنا في سيناء، ما أبسطهم!
أما تهجير الأقباط الاضطراري من دورهم في العريش إلى بور سعيد والإسماعيلية، لتأويهم الكنائس هناك، فهو أمرٌ لا يليق بدولة هائلة مثل مصر. فدور العبادة جُعلت للصلاة والتعبّد، وليس لإيواء المُهددين والمُطاردين. حماية المواطن المصري هو واجب الدولة، وحق المواطن الأصيل بموجب الدستور والقانون. فإن تعذرت الحماية ومنع الأخطار لأسباب قهرية مثل ما يحدث في العريش الآن من حرب عصابات خسيس مع مسوخ داعش الذين يختبئون في الكهوف والجبال مثل اللصوص والخفافيش، فلا بديل عن أن تُخصص القوات المسلحة والدولة المصرية فنادق محترمة، أو وحدات سكنية لائقة لأبناء العريش الأقباط، حتى تنتهي المحنة، بإذن الله، ويعودوا إلى ديارهم معززين مكرمين.
ونما إلى علمي الآن، أثناء كتابة المقال مساء السبت، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي قد كلّف وزير الإسكان، مهندس مصطفى مدبولي، بتخصيص وحدات سكنية للمُهجّرين من مسيحيي العريش، فشكرًا للقرار الواجب.
كذلك أرفعُ إلى وزير التعليم العالي رجاء أهالينا في العريش بنقل أبنائهم من جامعة سيناء إلى جامعات مصرية موازية في مدن مصر الآمنة، مثل جامعة 6 أكتوبر، خصوصًا لطلاب الكليات العملية الصعبة كالهندسة والطب. ذاك أن تأخيرهم عن محاضراتهم وسكاشنهم ومَعاملهم من شأنه أن يهدد مستقبلهم الدراسي والعملي، وهم النشء/ الثروة الذي نراهن عليه من أجل غد مصر. وقد أرسل أولياء الأمور في العريش بالفعل مطالب رسمية إلى رئيس جامعة 6 أكتوبر، ورئيس جامعة سيناء بهذا الشأن، نرجو سرعة التصديق عليه.
اللهم ارفع عن مصر الطيبة التي ذكرتها في كتبك السماوية، هذا البلاء الصعب.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

2 Responses to تكفير داعش مسألة أمن قومي

  1. Wisam says:

    الأزهر هو المشكلة ولا يمكن ان يكون الحل وداعش تفضح الاسلام لأنهم كل ما يقومون به هو من الاسلام والسنة .ولحد الان لا نعلم هل المسيحيين أهل كتاب كما يحصل في المجاملات ام المغضوب عليهم وضالين كما يعلمون في مناهجم الأزهرية وتمارسه داعش على الارض وشكرا لك

  2. س . السندي says:

    ١: بكل بساطة لو كفر من في الازهر الدواعش عليهم قبل ذالك تكفير محمد وصعاليكه لأن الاثنان إرتكبا نفس الفضائع والجرائم ، وإذا كفرو الاثنين فذاك يعني تكفير أنفسهم وهذا لا يفعله إلا الرجال الشجعان والشرفاء ، وهاتين الصفتين لا وجود لها في قواميس الازهر ؟

    ٢: ليس بغريب على من يلقب السالب والناهب والقاتل والغازي والسابي والمغتصب بأشرف خلق ألله أن يلقب قلعة الاٍرهاب الاسلامي بالأزهر الشريف وقم بالمُقدَّسة ؟

    ٣: وأخيراً …؟
    الحقيقة المرة التي على الجميع إدراكها وهى { لاسلام مع الاسلام للشعوب } اليس هذا يقوله المنطق والواقع والتاريخ ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.