«لقد اعترف بالحقيقة، وأظهر الولاء. صدر الأمر، والقلب يدق. لقد قبل الأمر. الفراشات تصيب الهدف. حالة الترقب انتهت، إحساس بالراحة»، تلك هي الكلمات التي سرد من خلالها مقاتل «داعش» الملقب بأبي عبد الله البريطاني نداءه يوم 10 مايو (أيار) على موقع التواصل «تويتر» لكل من يسعى في الغرب لأن يصبح «جهاديا». وفي رسالة مترجمة على موقع «سايت إنتليجنس غروب»، قال أبو عبد الله محذرا: «لا تترد ولا تفكر مرتين». «هي أفكار تدور في رأسك. كم سيكون عدد القتلى؟ كيف سيتصرفون؟ لكنك سرعان ما تخرج من هذه الحالة».
كان هذا هو الوجه المتوعد الكئيب لـ«الذئاب المنفردة» الذين تراهم قوات مكافحة الإرهاب الأميركية كخطر داهم على البلاد، فهم يختلفون عن غيرهم، متخبطون، ومهرة في استخدام الإنترنت، وشغوفون بتطوير أنفسهم، ومن الصعب العثور عليهم. هوياتهم المجهولة مخيفة للحد الذي جعل خبيرا في الإرهاب الشرق أوسطي يعبر عن مخاوفه بصوت عالٍ الأسبوع الماضي، على إثر جرائم القتل التي هزت مدينة تشاتانوغا بولاية تينيسي الأميركية التي نفذها يوسف عبد العزيز، قائلا إن جريمة واحدة أخرى مثل تلك التي نُفذت، كفيلة ببث الرعب بين عموم الناس من تهديدات «الذئاب المنفردة».
الرعب هو بالتحديد، وبكل تأكيد، ما يسعى مستقطبو الشباب عبر الإنترنت إلى خلقه، إلا أن المسؤولين الأميركان يقولون إن أفضل رد فعل هو هدوء وثبات الشرطة ووكالات الاستخبارات، ومرونة الناس في التعامل مع الحدث. «إنها مشكلة سوف نواجهها في المستقبل القريب»، حسب مسؤول يتعامل مع المشكلة عن كثب، وأضاف أن وضع الولايات المتحدة يعتبر أفضل من باقي مناطق العالم، إلا أن قدرتنا على تحمل الألم أقل من غيرنا.
وبعد هجمات تشاتانوغا، حذرت الإدارة الأميركية من أنه ليست هناك حلول سريعة وسهلة للمشكلة. وفي كلمة أمام هيئة المحاربين القدامى بمدينه بيتزبرغ الثلاثاء الماضي، قال أوباما: «إن تهديد الذئاب المنفردة والخلايا الصغيرة يصعب تنبؤه ومنعه»، ووعد «ببذل كل ما في وسعه في سبيل حماية البلاد»، بيد أن المسؤولين يقرون بأن أفضل الإجراءات هي أبسطها، وهي أن يلاحظ عامة الناس علامات تدل على السلوك العنيف، لكنها لا تصاب بالذعر عند حدوث الهجمات.
أظهر جيمس كومي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي»، قدرا كبيرا من الصراحة في كلمته هذا الأسبوع بمدينة سيلت ليك عند حديثه عن «الأرواح المضطربة»، التي يحاول المتطرفون حشدها عن طريق الإنترنت. «رسالتهم هي السفر لأرض الخلافة في ما يسمى بلاد العجائب. انضم إلينا هنا في العراق أو سوريا، وإذا لم يكن بمقدورك السفر، اقتل شخصا ما أينما وُجدت. اقتل أي شخص يرتدي زيا موحدا، ويفضل من يعمل بالجيش أو القضاء، المهم أن تقتل».
لم يبالغ كومي في ما قال، ففي 24 مايو غرد مقاتل من «داعش» لقب نفسه بأبو عولقي قائلا: «لا أستطيع أن أفهم إخواني في الغرب كيف يسيرون بالقرب من ضابط شرطة، من غير توجيه طعنة له!». الأسبوع الماضي، وجّه مقاتل في «داعش» يدعى سيف الله اليماني نداء للأميركان من أصل أفريقي قائلا: «أعلم أن هناك إخوة سودا يحاربون التهميش والعنصرية، ويحتاجون إلى العون، وأدعوهم لاعتناق الإسلام وإعلان البيعة».
ففي تلك التعليقات المتطرفة، تبدو الدعوة الوحشية للقتال مقترنة بأوهام مستقاة من ألعاب الفيديو. هذا ما جعل أحد خبراء مكافحة الإرهاب الأميركان مثل ميشال لايتر، المدير السابق لمركز مكافحة الإرهاب، لا يميل إلى استخدام تعبير «الذئاب المنفردة»، ويفضل استخدام تعبير «المعتدون المنفردون»، إذ إن التعبير الأخير لا يشتمل على إيحاء يضخم من قدراتهم بشكل مسرحي.
في حديثه حول ما وصفه بـ«المشكلة التي تزداد تعقيدا» وتشكل مصدر قلق للمسؤولين الأميركيين، قال كومي إن الـ«إف بي آي» لا يستطيع فك الشفرات القوية التي تعطيها شركات الاتصالات للمستخدمين. وقال إنه لم يطلب من الكونغرس هذا الشهر، فرض مزيد من المراقبة على الاتصالات، لكنه طلب مساعدة فنية من شركات الاتصالات، حتى يتسنى لهم الاطلاع على البيانات المشفرة «من أجل الحصول على المعلومات الإلكترونية لضمان أمن الولايات المتحدة». في الحقيقة، يعني هذا اللجوء إلى «أبواب خلفية» لفك التشفير، وهو الأمر الذي يجد مقاومة من أغلب الشركات.
سوف يشكل عصر «الذئاب المنفردة» اختبارا لقدرة الدولة على خلق توازن بين متطلبات الأمن والحريات المدنية، ويُأمل هذه المرة أن يتم ذلك بشكل أكثر حكمة من الإجراءات المشددة، التي اتخذت في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2011، فالمهمة هذه المرة تبدو أدق. سوف تتسبب مزيد من الهجمات في مطالب مجددة بمراقبة الاتصالات وتشديد الإجراءات الشرطية مما يخلق مزيدا من المتطرفين.
لا يستطيع أحد إنكار المهارات التكنولوجية للمتطرفين، فكل يوم تقريبا يقدم موقع «سايت إنتليجنس غروب» ترجمة لتعليقات جديدة عن كيفية فك الشفرات، والحصول على المعلومات الخاصة بمستخدمي الإنترنت، وإرسال رسائل آمنة عن طريق الإنترنت وغيرها من التقنيات، لدرجة أن أحدهم ابتدع لعبة «فلابي بيرد» التي تحاكي أسلوب «داعش».
وفي تغريدة توبيخ عبر موقع التواصل الاجتماعي، قال متطرف لقب نفسه بـ«كاكماك»: «أينما كنت وبأي وسيلة متاحة، فبمقدورك أن تتحرك. أم أنكم لا تجيدون سوى الكلام ولا تتحركون؟».
يقول مسؤول أميركي إن أنسب رد فعل لتلك السخرية، هو التزام الهدوء وتجنب الخوض في لعبة الإرهابيين.
* خدمة «واشنطن بوست»
المصدر الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :