وليست تركيا التي مالت كفتها الانتخابية قبل شهر من الان الى النظام الرئاسي وبقوة الى اردوغان ،في حال يختلف عن حال الدول الاوربية التي تواجه هي الاخرى الضغط من جهتين متقابلتين ايضا هما اميركا وايران ، اردوغان الذي بات رئيسها الان وراسم مسارها بعيدا ولو بالتدريج ودون صدام عن الاتاتوركية في ما يعده البعض بحق صياغة لتركيا اردوغانية متميزه ،تتمتع بحيز كبير من الاستقلالية في تعاملها مع اميركا والغرب ،ليس اقل من ذلك ما قاله وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، إن بلاده ليست مجبرة على الالتزام بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الاتحاد الأوروبي أو أي دولة أخرى ضد إيران.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك، عقده وزير الخارجية التركي مع نظيره الأذربيجاني إلمار محمدياروف، في إطار زيارته إلى العاصمة الأذرية باكو.
وأضاف جاويش أوغلو، أن تركيا تعارض العقوبات الأمريكية ضد إيران، مشيراً إلى أن تركيا تلتزم مثل كل بلد بالعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة ضد إيران، إلا أنها غير مجبرة على الالتزام بالعقوبات الأمريكية.
وذكّر جاويش أوغلو بعدم مشاركة تركيا في العقوبات السابقة التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد روسيا، وقال: «نحن لا نرى أن العقوبات المفروضة كانت صائبة، هذا موقف مبدئي نتبناه، وغير مرتبط بشروط معينة».
وفرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات جديدة على إيران، في أعقاب إعلان انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران.
وبالصدد، قال جاويش أوغلو: «الولايات المتحدة دولة حليفة لنا، لكننا نعتقد أن انسحابها من اتفاقية النووي الإيراني لم يكن عملاً صائباً .. متفقون بذلك مع الاتحاد الأوروبي».
وشدد الوزير التركي أن بلاده ستبقى محافظة على «مواقفها المبدئية (بصدد العقوبات على إيران» حتى لو قامت الولايات المتحدة بتسليمها زعيم منظمة غولن الإرهابية فتح الله غولن».
وذكر جاويش أوغلو، أن الجانب التركي نقل إلى الوفد الأمريكي الذي وصل تركيا في 20 يوليو / تموز الجاري لإجراء محادثات بشأن فرض عقوبات على إيران، المواقف التركية المتعلقة بهذا الملف، لا سيما أن تركيا تستورد احتياجاتها من الغاز الطبيعي من أذربيجان وإيران وروسيا والعراق.
والموقف التركيا هذا هو الذي اشير عبره الى ان تركيا وضعت نفسها تحت كابوسين ،الكابوس الايراني والاخر المقابل – الاميركي ،وقد اوضح وزير الخزانة الاميركي طبيعة هذا الكابوس حين رفض التعامل مع اي اعفاءات بشان العقوبات الاميركية ضد ايران وحتمية السير في ركابها من قبل دول العالم اجمع حتى يرضخ الايرانيون للطلبات الاميركية ،وكانت وسائل الاعلام الاوربية والاميركية تحدثت كثيرا عن وفد اميركي الى تركيا لاقناع تركيا بالانضمام الى الاجراءات الاميركية ضد ايران ،بعد ان اعلنت انقرة انها لن توافق على ذلك وانها غير ملزمة ( بطاعة ) اميركا وتنفيذ عقوباتها على ايران .
وبحسب تقرير تداولته مواقع الكترونية عديدة على صفحات الميديا الاجتماعية فان حضور الوفد الاميركي في قاعة اجتماعات كبيرة في أنقرة في 20 تموز/يوليو، وحيث كان الجمهور يستمع إلى مساعد وزير الخزانة
الأميركي مارشال بيلينغسليا في جلسة مغلقة، راودت أحلام اليقظة رجال الأعمال الأتراك بأنهم سيصبحون أكثر ثراء من خلال الحصول على وضع خاص بشأن إيران مثلما كان وضع الأردن في التسعينات عندما كان هناك حظر على العراق خلال عهد صدام حسين.
لكن كوابيس الدبلوماسيين الأتراك في الغرفة نفسها كانت تزداد سوءًا من خلال إدراكهم، أن
رسالة بيلينغسليا أو الأصح إنذاره كان واضحا جدا. “إذا كانت الشركات التركية ترغب في مواصلة التعامل مع الإيرانيين في تلك المجالات المحددة، (النفط أساساً) ، فيجب أن يفهموا أنهم لن يقوموا بأي أعمال في السوق الأميركية أو ضمن النظام المالي للولايات المتحدة”.
وهذه أخبار سيئة للغاية لتركيا. فالبلاد تعتمد على الواردات لتلبية جميع احتياجاتها من الطاقة تقريباً. وفي الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام، اشترت تركيا ثلث نفطها أي حوالي 3.077 مليون طن، من إيران. العقوبات الأميركية سيتم توسيعها في 4 تشرين الثاني/نوفمبر وستكون ضد جميع المؤسسات المالية المتعاملة مع البنك المركزي الإيراني والمؤسسات المالية الإيرانية الأخرى. وهذه أخبار أسوأ بالنسبة لتركيا التي يزداد اقتصادها هشاشة كل يوم. ويبلغ حجم تجارتها مع إيران حوالي 12 مليار دولار وتشترك معها في حدود طولها 600 كيلومتر.
بعض رجال الأعمال الذين كانوا يستمعون إلى بيلينغسليا فكروا أنه حسناً ، إذا كانت هناك عقوبات لممارسة الأعمال التجارية مع إيران بالدولار، عندئذ سنفعل ذلك بالذهب كما فعلنا من قبل. لكن بيلينغسليا أخبرهم أن “العقوبات على الخزانة ستنفذ بشراسة وبقوة وشمولية… ومن المؤكد أنها ستكون فكرة سيئة للغاية التفكير في أنه عندما يقوم شخص ما بالتداول مع إيران بالذهب، سيتجنب التصرفات الأميركية، إذا حدث ذلك”.
بعض رجال الأعمال الآخرين يعتقدون أن تركيا سوف تجد طريقة للإفلات من العقوبات، لأن وزير خارجيتها مولود تشاوش أوغلو قال مؤخراً إن أنقرة لن تقطع علاقاتها التجارية مع إيران بناء على طلب من دول أخرى. لذلك كان بعض رجال الأعمال يفكرون في أن بإمكان تركيا التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة للحصول على إعفاءات وفق المادة 50 من قانون الأمم المتحدة مثلما حصل مع الأردن.
لكن بيلينغسليا لم يسمح بذلك النوع من أحلام اليقظة أيضاً قائلاً: “نحن حساسون جداً بشأن التأثير الذي يمكن أن يحدث على الاقتصاد التركي. هذا هو السبب في أننا نناقش مسائل محددة للغاية جدا لمصادر قلق كلا البلدين. في هذه المرحلة، لسنا في وضع يمكننا من القول أننا نمنح التنازلات أو الإعفاءات. سيكون من السابق لأوانه مناقشة ذلك”.
لكن نظراء بيلينغسليا الأتراك يدركون جيداً أن الأمر لا يتعلق بالاقتصاد. إنهم يعرفون أن عليهم إما أن يقفوا مع الأميركيين أو الإيرانيين وأن كلا الخيارين تكاليفه باهظة بكل الوسائل ،فكلاهما كابوس لتركيا ..
إذا اختارت أنقرة الوقوف إلى جانب واشنطن، فستكون هناك فواتير يجب دفعها على المدى القصير: أسعار النفط التي تزداد بالفعل، ستكون أعلى، والعقوبات على إيران ستخلق المزيد من الضغط على الاقتصاد الهش بالفعل. الإيرانيون قد يخلقون مشاكل بالنسبة إلى حوالي 30 ألفاً من الشاحنات التركية المتجهة إلى آسيا الوسطى عبر إيران. عدد السياح الإيرانيين الذي كان 800 ألف للأشهر الأربعة الأولى من هذا العام سينخفض بشكل حاد. يمكن لإيران أيضاً معاقبة تركيا على الوقوف إلى جانب الأمريكيين عبر استخدام ورقة حزب العمال الكردستاني.
أمّا إذا قررت أنقرة أن تنحاز إلى جانب طهران، فإن العلاقات المضطربة بالفعل مع واشنطن ستزداد سوءاً ويمكن طرح فواتير لا يمكن تصورها أمام تركيا من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب التي تبدو عازمة للغاية على الحد، على الأقل، من التأثير الإيراني في الشرق الأوسط. كذلك لا يخفي ترامب أمله في أن تؤدي العقوبات إلى نزاعات إيرانية داخلية قد تؤدي في النهاية إلى تغيير النظام في طهران.
ومع ذلك، فإن أحلام اليقظة الخاصة بترامب لن تتحقق بسهولة. إيران ستقاوم بكل الوسائل. قد تزيد من عدم الاستقرار في العراق وسوريا ولبنان، وقد تستخدم البطاقة الكردية ضد تركيا. كما أن احتمال حدوث المزيد من عدم الاستقرار قد يؤدي إلى وصول المزيد من اللاجئين إلى تركيا.
الأميركيون على المدى القصير يأملون أيضا في إخراج تركيا من دائرة التعاون الروسي الإيراني في سوريا. وهذا يوفر فرصة لأنقرة للتفاوض حول قضايا أوسع مثل دعم الولايات المتحدة لحزب العمال الكردستاني، وتسليم فتح الله غولن الذي يعتبر مسؤولاً عن محاولة الانقلاب في تركيا وأكثر من ذلك. ولكن في نهاية المطاف فإن الأميركيين بعيدون جغرافياً، والإيرانيون جيران قريبون، والكوابيس يمكن أن تتحول إلى حقيقة واقعة بسهولة،وليس امامنا وسيلة للجزم ورسم صورة المستقبل او القادم لذا علينا ان ننتظر احداث اب ونوفمبر مواعيد الانذار الاميركي النهائية للمتعاملين مع ايران فقد توعد ترامب ايران بعقوبات لم يشهد لها التاريخ مثيلا وابسطها تصفير واردات ايران من النفط ،فهل ستصمد اميركا على مقرراتها ضد ايران ؟؟ وهل سيقوى الاقتصاد الايراني على مواجهة عقوبات ترامب ،وهل ستثبت تركيا على ما قاله اوغلوا بشان التجارة مع ايران ؟؟.