غالبية الناس يتطلعون إلى السماء لكي يرسل ألله إلى الأرض ملاكا يحق الحق ويشيع العدل وينشر العدالة بين الناس غالبية الناس يدخلون إلى المساجد والكنائس ويرفعون أيديهم إلى السماء لكي يرسل الله لهم ملائكة تحكمهم فتنشر المحبة بين الناس وتدلهم على كيفية امتلاك الحقيقة.
فإذا كان البشر يطلبوا من الله أن يرسل لهم ملائكة تنشر العدل بين الناس فلماذا إذا خلق الله الإنسان وأرسله إلى الأرض؟ لماذا لم يرح الله نفسه من البداية وأرسل إلى الأرض الملائكة بدل الإنسان؟
إن الغاية من خلق الإنسان وإرساله إلى الأرض هو لكي يعمرها الإنسان بالعلم وبالعدل, لا لكي يقتل الناسُ بعضهم البعض, أنت أيها الإنسان لا تحتاج إلى ملائكة تنزل عليك من السماء لكي تنشر لك العدل, أنت موكول بنشر هذا العدل بين الناس أنت أيها الإنسان المسئول الوحيد عن الظلم على هذه الأرض, وأنت المسئول عن العدالة, إذا وقع ظلم على هذه الأرض فإنه من عمل يديك وإذا وقع عدل على هذه الأرض فإنه أيضا من عمل يديك, هذا ما تصنعه أنت لنفسك وهذا ما تحققه أنت لنفسك والغاية من خلقك هي أعمار الأرض وملأها بالعدل وبالمحبة وبالتسامح.
هل يأت لك الله بالملائكة من عنده لكي تنشر لك العدل على الأرض؟ هل يرسل لك الله من عنده بعلماء؟ مثلما فتحت السماء بالعلم ومثلما غزوت الفضاء بالعلم كذلك حاول أن تنشر العدل على هذه الأرض بالعلم أو من عمل يديك, حينما اكتشفت الذرة لم يرسل لك الله بملاك من عنده حاملا معه المعادلة وحلها, حينما اخترعت الأدوية والعقاقير لم يرسل لك الله الملائكة لتعلمك إياها. كان كل ذلك بجهدك أنت وحدك, أنت من فتح الأرض بالمحراث والسماء بالمركبات الفضائية, كذلك حاول على الأرض أن تنشر العدل.
أنشر السلام بين الشعوب, كن ملاكا طائرا…كن أنت الملاك صاحب الجناحين الذي ينشر العدل بين الناس, مثلما لا تنتظر من الله أن ينزل عليك الذهب من السماء نجدك تسعى في الأرض وتعمل لكي تحصل على الذهب, لذلك لا تنتظر أن ينزل العدلُ عليك جملة واحدة بين الناس ليحكم ملاكٌ طاهر بين الناس المتخاصمين وبين الدول المختلفة فيما بينها على الحدود وعلى المياه وعلى توزيع الثروات, حاول أن تعطي كما قال المسيح ردائك لأخيك, وحبة القمح المقسومة إلى نصفين فإنها تشير على أن نصفها لك ونصفها الآخر لأخيك, لا تمنع عن الناس ولا حتى الحيوانات ما عندك, أعطي بسخاء لأن رب السماء أعطاك بسخاء, أنت سيد هذه الأرض وتتربع على الدرجة الأولى في سُلّم الغذاء قبل كل المخلوقات, أنت تأكل أولا ومن ثم تأكل باقي المخلوقات, فلا تمنع عن الناس حاجياتها.
الله يراهن عليك هو وملائكته بأنك في النهاية سوف تحقق العدل على هذه الأرض وسوف تنشر المحبة والسلام وتعيد الهاربين من بيوتهم إلى بيوتهم وتعيد للعصافير زقزقتها وللطيور وللأزهار رائحتها الجميلة, سوف تفتح الأرض بالعدل كما فتحتها بالعلم وبالإيمان القوي, لقد أراد الله من خلقك على هذه الأرض أن تنشر له رسالة السماء وهي رسالة المعلم الذي أراد تخليصك من آلامك وأوجاعك, الله عدل فكن أنت عادلا, الله محبة فكن محبا, ألله سلام فكن أنت مسالما لا يحذر منك الناس ويناموا وهم مطمئنين من جهتك على حالهم وأحوالهم وممتلكاتهم.
كيف ننتظر بمن يحقق لنا أحلامنا؟ كيف ندخل الكنائس والمساجد ونطلب من الله أن يرسل إلينا العدل ونحن لا يطمئن بعضنا إلى بعض!!! نقتل ونسرق ويأكلُ القويُ منا الضعيف, نفعل أشياء تستحي الحيوانات من فعلها , فالحيوانات تقتل حين تجوع والإنسان يقتل حين يشبع, فحين يجوع الإنسان ييئس من تحقق العدالة ويبدأ بنشر الظلم والجور والعدوان على الآخرين وشن حملات تطهير عرقية وحين يشبع يمارس غلوه في ل شيء وينشر ثقافة التمييز العنصري والتطهير العنصري, على حين أن الله حينما يرزقه ويملأ بطنه بالماء وبالطعام يعمل ذلك من أجل أن يكف يده عن قتل أخيه أو سرقته, ولكن للأسف فإن الإنسان كلما شبع كلما تمادى على أخيه وجاره وزوجته وأولاده ولا أحد يسلم لا من يده ولا من لسانه.